الإرهاب اليهودي والتقديس الغربي لإسرائيل!

أدانت الولايات المتحدة الأمريكية مقتل فلسطيني على يد مستوطنين ووصفت الحادث بالإرهاب وذلك بعد إلقاء الشرطة الإسرائيلية القبض على شخصين على علاقة بحادثة وقعت قرب قرية برقة شرق رام الله يوم الجمعة الماضي.

حصلت الجريمة حين كانت مجموعة مستوطنين تلقي الحجارة وتضرم النار في سيارات وعندما تصدى أهل القرية لعصابة المهاجمين أطلق مستوطنان منها النار فقتلا شابا فلسطينيا في التاسعة عشرة من عمره يدعى قصي جمال معطان وجرحا آخرين.

بدوره، قام رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي رونين بار، في مقابلة صحافية معه أمس، باستخدام تعبير «الإرهاب اليهودي» مضيفا أنه وضع تحذيرات من تنامي هذا الإرهاب على مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ومعتبرا أن هذا الإرهاب اليهودي يؤجج «الإرهاب الفلسطيني» الذي تستفيد منه، حسب رأيه، حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي».

استُخدم المصطلح أيضا من قبل بيني غانتس، عضو الكنيست، ورئيس حزب «المعسكر الرسمي» حيث قال: «يتطوّر أمامنا إرهاب قومي يهودي خطير ـ حرق المنازل والسيارات وإطلاق النار والعديد من حوادث أخذ القانون باليد» معتبرا أن الحدث الذي جرى في برقة ينضم إلى سلسلة أحداث تشغل قوات الأمن «بمطاردة الإسرائيليين بدلا من حمايتهم».

تتحفظ حكومة نتنياهو على المقارنات بين عنف المستوطنين وما تسميه إسرائيل «إرهاب الفلسطينيين».

يسمح للمستوطنين بامتلاك وحمل الأسلحة، ويحرّض وزراؤهم العنصريون، صراحة، على مهاجمة الفلسطينيين، بل ويشجعون أفراد تلك العصابات على قتل من تشتبه به من الفلسطينيين؛ وهذا العنف شرعي في عرف الحكومة، أما مدافعة من احتلت بلادهم، عن عائلاتهم وأطفالهم، وبيوتهم، وأراضيهم، وممتلكاتهم، فيدخل في باب الإرهاب.

في ظل اختلال القوى المادية والإعلامية الهائل ضمن الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، تشكّل أي مبادرة من طرف المحتلّين، ورعاتهم الدوليين، للاعتراف بأي شكل من أشكال هذا الاختلال، عبر توصيف ما يفعله المستوطنون بمصطلح الإرهاب، أمرا مفيدا، كونه يفيد في زحزحة الهيمنة الرمزيّة لهذا المصطلح، الذي اشتغلت آلات الإعلام الدولية، لعقود، على تلبيسه للفلسطينيين وحدهم، ثم تعميمه، لاحقا، على العرب والمسلمين، بأشكال عديدة، مع التجاهل المتعمّد، والتعاطف الضمنيّ، مع الممارسات الإجرامية ضد الفلسطينيين.

أشارت منظمة العفو الدولية في تقريرها السنوي المنشور لهذا العام إلى الطرق التي يستخدمها الغرب، في الولايات المتحدة وحكومات أوروبا، بممارسة «الازدواجية في المواقف» فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان في العالم، وبرفض مواجهة ممارسات الدولة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، التي وصفتها «أمنستي» بدولة تمييز عنصري «أبارتايد» غير أنه بدلا من مطالبة الحكومات الغربية لإسرائيل بوقف هذا التمييز العنصري فإنها تهاجم من يكشفون هذا التمييز.

إحدى المفارقات الغربية التي اكتشفها مقال على موقع mag.972 اليساري في هذا الموضوع، أن فرع منظمة العفو في ألمانيا، يقوم عمليا، بما تقوم به حكومات الغرب، حيث أنه يتجاهل الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الفلسطينيين، فيما تركز تصريحات الفرع المذكور، المنشورة على موقع «إكس» (تويتر) على إيران وروسيا وتركيا وأفغانستان.

تكشف المفارقة الآنفة تجذّر السرديّة الإسرائيلية وقداستها في ألمانيا، وهو أمر له أسبابه المعلومة، وهو أمر، حين نقارنه بما يكتب ويقال في الصحافة الإسرائيلية نفسها، يبدو تقديسا مبالغا فيه، بشكل يجعل النخب السياسية والثقافية الألمانية، وكثيرا من النخب الغربية، أكثر تواطؤا مع العنصرية الإسرائيلية من الإسرائيليين أنفسهم.

وسوم: العدد 1044