مرتكزات التربية المجتمعية العامة في حياتنا المعاصرة... ودور "العرندس" فيها

وقد يكون هذا الموضوع، من أخطر الموضوعات التي نتهرب من تحليلها، أو نلجأ إلى تجميلها!!

ولو بدأنا بتحديد أو تسمية المراكز الأساسية للتربية المجتمعية بأبعادها العامة والخاصة، فسنمر بالتأكيد

أولا على المحاضن الأهلية:

ونقصد بها الأسرة الصغيرة، والأسرة الكبيرة، والحي، والحمولة المجتمعية..وهذا المحضن مهما تشارك مع الواقع المجتمعي العام، تبقى له خصوصيته الفردية على مستوى الأسرة الصغيرة، وخصوصيته الأكثر اتساعا في دوائره الأخرى، ومهما يكن من أمر، فلن ندخل في مغامرة تحديد نسبة تأثير كل أسرة في تكوين أبنائها فهذه حسابات شديدة التعقيد..

آخذين بعين الاعتبار، أن أثر الأسرة الصغيرة أو الكبيرة، قد يكون إيجابيا وقد يكون سلبيا، وسوف تسعفنا الحياة العامة بنماذج كثيرة للأشخاص المتمردين على أسرهم، الناشزين عن رغبة أبويهم، يحصل هذا في البنين والبنات على السواء.

على مستوى مراكز التربية والتأثير المدنية، يمكن أن نعد: المدرسة بكل مراحلها، وكذا الإعلام بكل وسائله، ثم المسجد بين المنبر والعرندس حسب ارتباط مرتاديه به..

واقع ما يجعلني اليوم أتوقف عند المسجد بمنبره وعرندسه وما فيه المباشر، أو المنضم إلى وسائل الإعلام- العرندس الفضائي- لعلنا ندرك معا أثر مخرجات هذه المنابر على السلوك العام لأبناء الأمة، وطبيعة الأثر الذي تتركه، وإمكانية تعزيز الأبعاد الايجابية، وتقليص دور غيرها..

وربما من الصعب أن نطرح مثل هذا السؤال: ما هي النسبة العامة لمرتادي المساجد في عالمنا العربي في نماذج مثل سورية ومصر والعراق والجزائر ..

وينبني على هذا السؤال سؤال: ما عدد مرتادي المساجد الذي يأخذون الخطاب الذي يلقى فيها بجد وبحزم وعزم؟؟

ما هي مكونات أو مصادر الراي العام الديني في عالمنا العربي..؟؟

ما أسباب هذه الفوضى الضاربة بين أطياف المتدينيين من رواد المساجد..

ثم بين أطياف العلماء والمبشرين بالخطاب الاسلامي على المنابر والعرندسات الاسلامية..؟؟

ما هي أوليات هؤلاء الدعاة والعلماء..

أولا أولياتهم: على مستوى الفئات المستهدفة..

ثم على مستوى الأهداف التربوية والمقاصدية التي يتم التبشير بها أو التركيز عليها..

هل هناك جهة ما منظَمة أو منظِمة، تؤسس منهجيا وعمليا لكل ما يلقى هناك، أم أن الأمر فوضى، حتى ليستحق تفضيل عود الأراك على فرشاة الأسنان جهدا وجهادا..

المدخلات الأولية لتربية طفل مسلم معاصر يعيش عصره عندما يكبر، ويكون عنصرا صالحا فاعلا فيه؛ من يحددها؟ من يرتبها؟ من يعطيها أنصبتها من وقت الطفل وعقله وقلبه وخياله؟

المسلمون في كرب، وفي بلاء، وفي فوضى، وفي اضطراب، وفي شحناء..

ولكن أين عالِم أو عالَم العرندس من كل ما نحن فيه، هل مخرجاته مما يزيد حالنا بلبلة، واضطرابا أو أنه يريد لنا طريق الألفة (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) والخلاص، والارتقاء لمستوى الاستخلاف العام الذي حدثنا القرآن عنه!!

التساؤلات كثيرة!!

وطرحها في هذه الأجواء مثير للخوف!!

ومحاولة الإصلاح أو المناداة به تثير الرعب.

وقال الأحنف بن قيس الذي كان إذا غضب، غضب لغضبته أربعون ألف سيف، لسيدنا معاوية: نخاف إذا صدقنا..

يا قومنا أجيبوا داعي الله..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1046