مؤامرات هنري كيسنجر - الاسد على الأمة العربية-

أعرف عدوك : قصة هنري كيسنجر أول يهودي يقود الخارجية الأمريكية ويخترق ديكتاتوريي العرب.

الجزء 3  من 3

أعزائي القراء..

نخطيء جميعاً عندما نتكلم عنً" العلاقة بين امريكا  وسوريا". والاصح ان نقول بدلاً عن ذلك  العلاقة بين كيسنجر وحافظ اسد ، فالتفاهم بين الإثنين كان مبنياً على تشاور مستمر الغاية منه ان يبقى الاسد ضمير مستتر  بهذه العلاقة مع اظهار خلافات عميقة بين الجانبين،  بينما المقصود  من ذلك إطالة عمر هذا النظام كونه ظاهرياً يعادي الامبريالية وإسرائيل، فهذه اللغة تفيد في امتصاص ردود فعل الشارع العربي من أي تقارب عربي  مع إسرائيل ، ويبقى الأسد بنظر الشعوب بطل  صمود وتصدي.

لذلك اقول ان حرب  1973  كان لها هدفان ، الاول  يتعلق بمصر ويصب في السلام مع إسرائيل لذلك اطلق على الحرب الاسرائيلية المصرية " بحرب التحريك"، بينما هدفها الثاني يتعلق بالاسد لذلك اطلق على الحرب الاسرائيلية  السورية "بحرب  التلميع لمحي اثار خيانة  مهزلة 1967  ببيع الجولان. 

يتحدث  الكاتب البريطاني باتريك سيل والذي يعتبر مدون سيرة حافظ أسد وأحد أهم مروّجي سياساته لدى الغرب الأوروبي وأميركا، في كتابه "الأسد والصراع على الشرق الأوسط"، بصورة واضحة عن العلاقة التي توطّدت كثيراً بين كيسنجر وحافظ الأسد، إلى حدّ أنّهما أمضيا معاً في الفترة الممتدة من 29 نيسان / ابريل  إلى 29 أيار  / مايو 1974 قرابة 130 ساعة ، سجّل خلالها كيسنجر 26 حالة وصول ومغادرة إلى مطار دمشق. 

يقول باتريك واصفاً الأسد بأنه كان متشوّقاً لتعلم الكثير عن العالم، ووجد كيسنجر معلّماً خصوصياً جاهزاً".

فعندما أعطي للأسد دور تلميعي لإخفاء خيانته في عام  1967 ، كان كيسنجر يعتقد ان الأسد سيسترجع كم قرية من إسرائيل وبذلك يتم تحويله إعلامياً إلى بطل قومي ، ولكن خاب أمل كيسنجر عندما خسر الأسد في هذه الحرب عشرات القرى . فاعطى كيسنجر للأسد محاولة أخيرة تركزت  على ما سمي بحرب استنزاف وهي  عباره عن رمي قنابل مدفعية باتجاه جبل الشيخ.   

فتدخل كيسنجر حسب هذه الخطة المرسومة   لعقد  إتفاقية وقف اطلاق  نار وفصل القوات بين سوريا وإسرائيل في أيار / مايو عام 1974، والتي منحت دولة الاحتلال حدوداً  أكثر أماناً منذ ذلك الحين. كما منح الأسد باتفاق مع إسرائيل دخول جيشه إلى لبنان في حزيران/ يونيو  عام 1976، بضوء أخضر أميركي وموافقة إسرائيلية ادت بالنهاية الى طرد المقاومة الفلسطينية من شمال إسرائيل وكانت تعرف بأرض  فتح بموجب اتفاق في الجامعة العربية  عقد في القاهرة ليحتلها لاحقًا حزب الله ، بدعم من كيسنجر نفسه، الذي وصف النظام السوري في إفادة قدمها أمام لجنة من لجان الكونغرس الأميركي، في نيسان / ابريل  1976 (أي قبل شهرين من الدخول إلى لبنان)، بأنه يتميز بروح "المسؤولية" والحفاظ على "سلامة الطوائف"، معتبراً دور النظام بأنه "بنّاء".

يتحدث كيسنجر عمّا دار بينه وبين حافظ الأسد خلال زياراته المكوكية الكثيرة لدمشق بين عامي 1973 و1976، ففي جزء من مذكراته حمل عنوان "سنوات التجديد"، تناول فيه جلسات مفاوضات عقدها مع الأسد عام 1975، الغاية منها  اعطاء الاسد دورا ذكيا مع حنكة سياسية رغم خسارته عسكريا أمام إسرائيل حيث قال كيسنجر : "عندما تفاوضت مع الأسد ، اتبع إجراءً من ثلاث مراحل، مما عكس أساس "قوته وسلطته". أولاً كان يقابلني مع مترجمي وحدنا. الأمر الذي كان يمكّنه من التحكم فيما سيُنقل إلى مساعديه. ثم كان يستدعي مجموعة ضباط عسكريين ليستمعوا إلى نسخة مختصرة من حوارنا. وأخيراً، كانت تنضم إلينا مجموعة مدنية للاستماع لشرح أشد اختصاراً".

ماذا يعني ذلك ؟

يعني كما اشرت في أول المقال إلى ان العلاقة كانت بين الأسد و كيسنجر فقط 

حيث كان حافظ أسد حريصاً على التفاوض مع الأميركيين وحده فقط لعدم تمكن الاخرين بكشف خياناته ، وأن أدوار المستشارين المدنيين والعسكريين ، كانت ضئيلة جداً  وهنا تكمن المؤامرة الخيانية لحافظ اسد ، حيث كان  يكتفي بمعلمه كيسنجر والمترجم المحسوب على الأميركيين فقط.

بعد هذه اللقاءات المنفردة ووضع الاتفاقات  حظي كيسنجر، وفق وصفه، باستقبال حارٍ، وبشكل غير عادي، في دمشق وخلال 26 رحلة صرف فيها 130 ساعة نصفها مع الأسد والنصف الثاني قضاء ليالي ترفيهية مكرراً سهرات مصر .  كما اوردت في الجزء  الثاني  من حضوره لحفلات ومجاملات وبرامج ترفيهية . وفي احدى  سهرات كيسنجر الحمراء   في دمشق والتي حضرها وزير دفاع الأسد مصطفى طلاس "بأناقته المعروفة وابتسامته الجذابة " أمام صاحبة كيسنجر حيث جاملها واقترب منها كثيراً  ، فقال كيسنجر له مازحاً ؛ اني بدأت أخاف على صديقتي من هذا الوسيم ، فابتسم الوسيم وكافة الحضور  

انتهت المفاوضات مع إسرائيل بوساطة كيسنجر  ببقاء القوات الاسرائيلية في قواعدها كما احتلتها عام 1967 مع وجود قوات دولية وتسليمه القنيطرة مدمرة وخالية من السلاح  مع تسليمه لبنان ليتصرف به كما يشاء وبرضاء إسرائيل والتي ازالت بهذا الاتفاق الفلسطينيين  من حدودها الشمالية ليحل محلهم عصابات ايران الصامتة على تدمير غزة ، كما وعده باخبار سارة صادرة قريبا ًمن ايران ستصب في المصلحة الامريكية - الاسدية معاً .

بقي نقطة أخيرة وننهي الجزء الأخير والذي أظهر عمالة الأسد لإسرائيل بشكلٍ واضح  بإعطائه ضمانات كونه الشخص المرغوب به امريكيا ً و اسرائيلياً لحكم سوريا. اما النقطة الاخيرة ، فتتعلق بزيارة كيسنجر للمملكة العربية السعودية ، لمقابلة المرحوم الملك فيصل والذي قطع البترول عن امريكا . فكان الاجتماع الذي عقد مع الملك فيصل رحمه الله باستعطافه بإعادة ضخ البترول ، وقال مازحاً للملك فيصل ؛ جلالة الملك , طائرتي متوقفة في مطار الرياض وخزانها فارغ ، فهل امرتم جلالتكم بتزويدها بالبترول وتزويد اصدقاءك بامريكا بالبترول  لحاجتهم الماسه لهً؟. أجابه الملك فيصل : انا لايهمني استرجاع سيناء , فسيناء مسؤول عنها حكومة مصر و لايهمني استرجاع الجولان ، والجولان مسؤول عنها  حكومة سوريا ، أنا مسؤول عن استرجاع القدس واعادتها لاهلها وللشعوب العربية والإسلامية فهل لديك مايفيد باعادة الحق لاصحابه ؟.

وبعد شهر من هذه المقابلة أغتيل المرحوم الملك فيصل بمؤامرة واضحة المعالم ، رحم الله الملك فيصل ،  وازال  الغمة عن الشعب السوري  لتعود  سوريا وطنا آمناً حراً كريما  قوية بشعبها متقدمة بعلمائها منهيا حكم الاجرام  والخيانة للأبد.

والله غالب على أمره، ولكن اكثر الناس لايعلمون*

صدق الله العظيم. 

وسوم: العدد 1060