أثر غرس عقيدة التوحيد في تربية الأبناء وتحبيب القيام بمقتضياتها

تأتي أهمية هذا البحث في غرس العقيدة الصحيحة في الطفل وتنشئته على الاعتقاد الصحيح،فالعقيدة الصحيحة هي مفترق طرق في مسيرة البشر في الحياة الدنيا وعليه تبنى تصرفاتهم وأعمالهم وهي الفارق في مآلهم في الحياة الآخرة، لذلك غرس المعتقدات الصحيحة والقيم والعادات في نفس الطفل يصعب بل ربما يستعصي تغيرها، وقد يبقى أثرها ملازما للفرد طوال حياته .

لعل من أجلِّ مستلزمات تربية الأبناء غرس عقيدة التوحيد في قلوبهم . والتركيز على محبة الله تعالى ورسوله، بطريقة لا تنفرهم ولا تثقل عليهم، والأبناء يعتبرون الآباء والأمهات والإخوة الكبار قدوة لهم من حيث لا يشعرون،. وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم . ( كُلُّكُمْ راعٍ، وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، الإمامُ راعٍ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ راعٍ في أهْلِهِ وهومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمَرْأَةُ راعِيَةٌ في بَيْتِ زَوْجِها ومَسْئُولَةٌ عن رَعِيَّتِها، والخادِمُ راعٍ في مالِ سَيِّدِهِ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ قالَ: - وحَسِبْتُ أنْ قدْ قالَ - والرَّجُلُ راعٍ في مالِ أبِيهِ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، وكُلُّكُمْ راعٍ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ) متفق عليه

وتشمل هذه المسؤولية غرس البذرة الأولى للعقيدة الصحيحة في عقول الأطفال، ثم تدعيمها بمحبة الله ورسوله، ثم ربط الموجودات حولهم بقدرة الله عز وجل وعظمته، فهذا هو السبيل الأول لتنشئة الطفل وتربيته على عقيدة التوحيد بتسلسل التعليم وغرس الدين حسب مراحل عمر الطفل مع تعزيز كل مرحلة وعدم الفصل بين مرحلة وأخرى

لا يستوعب الأطفال حقيقة العقيدة منذ الطفولة وإنما يفهمونها بشكل سطحي لكنهم وبالوقت ذاته يخزّنون المعلومات في عقولهم ويستخدمونا مع مرور الوقت وحسب حاجتهم، لذلك وجب على الوالدين والأسرة والمربيين غرس البذرة الأولى للعقيدة الصحيحة في عقول الأطفال منذ الصغر،فإن كبر الأطفال بنفوس لا تحمل العقيدة الصحيحة والرّاسخة فإنهم لن يستطيعوا مواجهة الأفكار الدخيلة والمعادية لدينهم ،كما أشار العلاّمة ابن القيّم رحمه الله حيث قال:( فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه، وتركه سدا فقد أساء غاية الإساءة وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من الآباء وإهمالهم وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه فأضاعوهم صغارا فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كبارا) (الجوزية، 1988) وهذا يقتضي أن نختار للطفل العقيدة الصحيحة وما يلائم عقله ويسهل عليه إدراكه وتقبّله بالأدلة الصحيحة فيشبّ على العقائد الصحيحة فيكون له منها ذخرا عند بلوغه، فتحول بينه وبين جموح فكره والتردّي في مهاوي الضلال. ومن هنا نطرح الأسئلة التالية :

 ما العقيدة الصحيحة الواجب غرسها في الطفل؟

 ما العمر المناسب للبدء بتنشئة الطفل على الاعتقاد الصحيح؟

 ما دور الوالدين والأسرة في غرس العقيدة الصحيحة ؟

 ما دور المربين والمعلمين في الإرشاد والتوجيه التربوي الصحيح؟

 ما نوع الوسائل التعليمية المستخدمة لتعليم الأطفال وتوجيههم؟

مصطلحات البحث:

الأثر: العلامة التي يخلفها الشيء (معجم المعاني الجامع)

الغرس: المغروس في الأرض من شجر أو نحوه (فقهية)

العقيدة: هي جملة من الأمور التي تصدّق بها النفوس وتطمئن إليها القلوب وتكون يقينا عند أصحابها لا يمازجها ريب ولا يخالطها شك (إسلام ويب، 1420 هـ 18-12-1999 م)

التوحيد: لغةً جعلُ الشيْءِ واحدا غير متعدد، وفي الاصطلاح هو الإيمان بأن الله واحد في ذاته وصفاته وأفعاله لا شريك له في ملكه وتدبيره وأنه وحده مستحق العبادة (ويكيبيديا)

معنى التربية: لتربية يمكن تعريفها بأنها تطبيقًا «لعلم أصول التدريس»، والذي يعتبر تجمعًا

للأبحاث النظرية والتطبيقية والمتعلقة بعمليتي التعليم والتعلم، والذي يتعامل مع عددًا من فروع المعرفة، مثل: علم النفس، والفلسفة، وعلوم الكمبيوتر، وعلوم اللغات، وعلم الاجتماع.(ويكيبيديا)

الأبناء: كلمة الأبناء جمع ابن وأصلها بنن أو بنو والجذر لها ثنائي وهو (بن) ويدل على الجمع المستقر المنتهي بستر ويأتي الحرف الثالث ليحدد مآل الكلمة، والمفهوم لكلمة بنو هو الإقامة ، واللزوم وكلمة الأبناء عامة تشمل النوعين الذكور والإناث، أو الذكور وحدهم أو الإناث وحدهم، ولذلك لا بُدَّ من تفصيل لتحديد النوع منهم (إسلامبولي،سامر، 2023)م

: غرس العقيدة الإسلامية في مرحلة الطفولة في ضوء القرآن الكريم . في مرحلة الطفولة وكيفية تطبيقها ، لإيضاح أهمية مرحلة الطفولة ومسؤولية الوالدين في تربية

الطفل وغرس المبادئ الصحيحة للعقيدة الإسلامية بطرق وأساليب يمكن تطبيقها بسهولة على الأطفال . هدفت الدراسة توضيح أهمية التنشئة الاجتماعية للطفل في الأسرة المسلمة التي تقوم على الصدق والأمانة والشجاعة والتدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثم حددت المنهج الذي يقوم عليه الدين الإسلامي ، ثم ذكرت بعض الوسائل التي تساعد في تنشئة الطفل نشأة صالحة .(1) .

إن تعليم العقيدة هو سنام العلوم وتنشئة الأطفال على الاعتقاد الصحيح هوحماية للأمة من الزيغ فالعقيدة هي الإيمان الجازم بالله تعالى وبما يجب له من توحيد والإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره ، وبما يفرغ عن هذه الأصول ويلحق بها مما هو من أصول الدين . (2)

لاشك أن تأسيس العقيدة السليمة منذ الصغر، أمر بالغ الأهمية في منهج التربية الإسلامية، وأمر بالغ السهولة كذلك. ولذلك اهتم الإسلام بتربية الأطفال على عقيدة التوحيد منذ نعومة أظفارهم،ومن هنا جاء استحباب التأذين في أذن المولود، وسر التأذين -والله أعلم- أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلماته المتضمنة لكبرياء الرب وعظمته، والشهادة التي أول ما يدخل بها في الإسلام، فكان ذلك كالتلقين له شعار الإسلام عند مجيئه إلى الدنيا، كما يلقن كلمة التوحيد عند خروجه منها . خروجه منها. ومن ثم يتولى المربي رعاية هذه النبتة الغضة، لئلا يفسد فطرتها خبيث المؤثرات،ولا يهمل تعليمه العقيدة الصحيحة بالحكمة والموعظة الحسنة؛ لأن العقيدة غذاء ضروري للروح

كضرورة الطعام للأجسام، والقلب وعاء تنساب إليه العقائد من غير شعور صاحبه، فإذا ترك الطفل وشأنه كان عرضة لاعتناق العقائد الباطلة والأوهام الضارة، وهذا يقتضينا أن نختار له من العقائد الصحيحة ما يلائم عقله ويسهل عليه إدراكه وتقبله، وكلما نما عقله وقوي إدراكه غذيناه بما يلائمه بالأدلة السهلة المناسبة وبذلك يشب على العقائد الصحيحة، ويكون له منها عند بلوغه ذخر يحول بينه وبين جموح الفكر والتردي في مهاوي الضلال. حيث يتولى المربي رعاية هذه النبتة الغضة، لئلا يفسد فطرتها خبيثُ المؤثرات،

ولا يهمل تعليمه العقيدة الصحيحة بالحكمة والموعظة الحسنة؛ لأن العقيدة غذاء ضروري للروح كضرورة الطعام للأجسام، والقلب وعاء تنساب إليه العقائد من غير شعور صاحبه، فإذا ترك الطفل وشأنه كان عرضة لاعتناق العقائد الباطلة والأوهام الضارة، وهذا يقتضينا أن نختار له من العقائد الصحيحة ما يلائم عقله ويسهل عليه إدراكه وتقبله، وكلما نما عقله وقوي إدراكه غذيناه بما يلائمه بالأدلة السهلة المناسبة وبذلك يشب على العقائد الصحيحة، ويكون له منها عند بلوغه ذخر يحول بينه وبين جموح الفكر والتردي في مهاوي الضلال. جوانب البناء العقدي عند الطفل المسلم .(3) .

ولنا وقفات ( نذكرها ــ إن شاء الله ــ في مقال الأسبوع القادم ) مع :

*دور الأسرة في غرس العقيدة الصحيحة.

* دور المربين والمعلمين في الإرشاد والتوجيه التربوي.

* آثار إهمال المربين في عدم غرس العقيدة الإسلامية .

وهنا نؤكد على : - منهج العقيدة الإسلامية هو المنهج الأمثل لتنشئة الطفل وتربيته على العقيدة الصحيحة عملية غرس العقيدة السليمة تبدأ منذ اللحظة الأولى التي يولد فيها الطفل حين يكون الأذان أول ما يقرع أذنه وهذا ما أثبتته نصوص المنهج الإسلامي في حثها على العناية بالطفل منذ ولادته تقع مسؤولية التربية على الوالدين أولا فلا يتحقق المبتغى من التنشئة العقدية إلاّ بتحققها في واقع الحياة ثم تجليها في كل جوانب الحياة تعد الوسائل التعليمية جزء لا يتجزأ في العملية التعليمية لتحقيق الغايات والوصول إلى الأهداف التربوية ، فكلما استخدم المعلم الوسيلة المناسبة بأسلوب مشوّق وممتع كلما ساعد على فاعلية التعليم وتقبل المتعلمين للمنهج .

إضاءة نبوية تربوية:

إن السنة النبوية مليئة بالأحاديث التي تحث على تربية الأطفال وتعليمهم... وتبين كيفية ذلك، فمن ذلك ما رواه أبو داود وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع ).ومنها قوله لطفل يعلمه آداب الطعام: (سَمِّ الله وكل بيمينك وكل مما يليك). رواه مسلم وغيره. ومنها قوله لآخر: ... (يا غلام إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك...) الحديث رواه الترمذي وغيره.

هوامش :

* أعد هذا المقال من بحث استكمالًا لمتطلبات مادة مهارات البحث التربوي ، لجامعة المعالي ــ كلية التربية

(1) دراسة داود، عبد الباري محمد(2001) م بعنوان تربية الطفل في ظل المنهج الإسلامي (2) (النهى العالمية لتعليم والتدريب . 2023م ديسمبر1) .

(3) (طريق الإسلام. 2014،يونيو 30) .

وسوم: العدد 1065