الفلسطيني الذي يحارب الصهاينة لايستشير الخائن لفلسطين

مادفعني لكتابة هذه الأسطر:

سمعت البارحة للسّعودي حسين العولقي وهو يطلب من المسلمين الدعاء ضدّ الفلسطينيين الذين حاربوا الصهاينة، ويستنكر عليهم لأنّهم لم يستشيروا شيوخ المملكة السّعودية. وعليه أقول:

استشار سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم المحاربين من المهاجرين، والمحاربين أصحاب الأرض من الأنصار:

الدارس لغزوة بدر باعتبارها أوّل المعارك الكبرى وقد سبقتها من قبل سرايا كانت تكبر مع الوقت من حيث العدد، والتّكرار، ومن كلا الطرفين يلاحظ أنّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم أصرّ، وبقوّة على طلب رأيأسيادنا الصحابة، رحمة الله، ورضوان الله عليهم جميعا.

تدخل المهاجرون وأبدوا تأييدهم المطلق، ودون تردّد لقائدهم الأعلى سيّدنا رسول الله صلى الله عليهم وسلّم في خوض الحرب، وهم يعلمون أنّهم قلّة في العدد، والعدّة.

لكن رغم إبداء موقفهم العلني، والسّريع لخوض الحرب إلاّ أنّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم لم يتوقّف عند أسيادنا المهاجرين، وظلّ يردّد طلبه ليسمعه جيّدا أسيادنا الأنصار. حتّى قال  الأنصاري سيّدنا معاذ بن جبل: "كأنّك تريدنا يارسول الله. فقال: أجل. فقال: قد أمنا بك، وصدقناك، وأعطيناك عهودنا فامض لما أمرك الله. فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لنخوضنه معك، وما نكره أن تكون تلقى العدو بنا غدا. إنا لصبر عند الحرب صدق عند اللقاء، ولعل الله يريك منا ماتقرّ به عينك فسر على بركة الله[1]".

لماذا أصرّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم على موقف أسيادنا الصحابة من الأنصار؟

أصرّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم على موقف أسيادنا الصحابة من الأنصارلأنّهم أصحاب الأرض، وهم أحق من غيرهم بالاستشارة، وقول رأيهم، وتحديد موقفهم. ثمّ إنّ بينهم وبين سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم عهود بحمايته، وحان وقت تنفيذها، وتجسيدها وقد أعلنت قريش الحرب على سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. وكانوا بحقّ في مستوى العهد الذي قطعوه للقائد الأعلى سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ولم يخيّبوا ظنه، ووضعوا تحت تصرفه أنفسهم الزّكية الطّاهرة بعدما وضعوا من قبل تحت تصرّفهم المدينة، ومن فيها، وبما فيها.

استشار سيّدنا الأمير عبد القادر في محاربة الخونة، وأعوان الاستدمار الفرنسي:

مايجب ذكره في هذا المقام أنّ سيّدنا الأمير عبد القادر لم يستشر أحدا في محاربة الاستدمار الفرنسي. فالمحتلّ المغتصب لايسشار في محاربته.

استشار سيّدنا الأمير عبد القادر العلماء في محاربة الخونة الذين حاربوه، ووقفوا إلى جنب المحتلّ المغتصب ضدّ الجزائر، وضدّه[2].

قد قلت -وما زلت- كان باستطاعة سيّدنا الأمير عبد القادر أن يقاتل الخونة دون الرجوع إلى العلماء، والفقهاء وهو العالم الفقيه[3].

العلماء الذين استشارهم سيّدنا الأمير عبد القادر من المناهضين لكلّ محتلّ مغتصب، ولذلك وافقوه جميعا في حربه ضدّ الاستدمار الفرنسي، والخونة من عبيد الاستدمار الفرنسي.

لاتستشر خائن لمحاربة العدو، وكلّ صهيوني:

استشار سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم المحاربين من أسيادنا المهاجرين، والأنصار. والمحارب أدرى بالحرب من القاعد. واستشار أصحاب الأرض من أسيادنا الأنصار وهم من المحاربين، ولم يستشر القاعدين، ولا أجنبي لخوض الحرب.

لايمكن بحال لإخواننا الفلسطينيين وهم تحت الاحتلال الصهيوني أن يستشيروا من يرى في الصهاينة المحتلين أخا، وصديقا. ومن يفتح لهم طريقا بريا ليطعمهم، ويسقيهم. ولا يستشيرون من امتهن وظيفة "وغلّقت الأبواب" في وجه إخوانهم الذين يعانون الجوع، والإبادة، والرّدم، والرّجم وقد حرموا الدواء، والهواء، والغداء.

الأحد 21 رمضان 1445هـ، الموافق لـ 31 مارس 2024

الشرفة – الشلف – الجزائر

 

[1] الشيخ محمّد الحضري بك: "نور اليقين في سيرة سيد المرسلين"، المكتبة التجارية الكبرى، مصر، دون الطبعة، ولا سنة الطبع، ولا عدد الطبع، صفحة 110، من 311 صفحة.

[2] لمحمد بن الأمير عبد القادر "تحفة الزّائر في مآثر الأمير عبد القادر وأخبار الجزائر" ، الجزء الأول، دار الوعي، رويبة، الجزائر، عني به الأستاذ داوود بخاري والأستاذ رابح قادري، الطببعة الثانية، 1436 هـ - 2015، من 613 صفحة.

[3] مقالنا بعنوان: الأمير عبد القادر.. بطولة وشجاعة - معمر حبار

وسوم: العدد 1075