مصر تحل مشكلة الشرق لأوسط بشراء طائرات من كوريا – وذبح أهل غزة وصل الذروة

أدركت السلطة المصرية منذ فترة أن إعلامها ممثلا فى عشرات الصحف والقنوات الفضائية لم يعد مؤثرا فى المجال السياسى وأن معظم الجمهور المصري يعتمد فى متابعة السياسة على القنوات غير المصرية ومن وسائط التواصل الاحتماعى ومن خلال المحمول . ولذلك أطلقت عددا غير قليل من النشطاء الذين يصدرون فيديوهات على اليوتيوب تحت شعار ” تحيا مصر ” وبعضهم مسلح بإمكانيات مادية فى الإخراج والاعلانات ، وهم متخصصون فى مجالات متنوعة . وهذا جهد ذكى يعكس إدراك ضرورة عدم ترك الفضاء الالكترونى للمستقلين والمعارضين واتفقت مع بعضهم فى بعض المجالات مثلا فى تحليل الأزمة الأوكرانية .

ولكن عندما يكون الموقف الرسمى متورطا فى الخطأ يتعثر أصحاب هذه الفيديوهات فى محاولة تجميل الموقف الرسمى .

مذبحة غزة تصل الآن إلى ذروتها والعدو الصهيونى الأمريكى يريد أن يحسم الأمر فى أقصر فترة ممكنة ، كالمجرم الذى يريد قتل الضحية فى أسرع وقت ممكن وإخفاء الجثة . ولكن المشكلة أنه فى هذه الحالة أمامه 2 مليون ضحية بعد أن قتل وجرح قرابة خمس مليون فلسطينى .

والخطة الشيطانية الآن هى تهجير سكان شمال غزة وجنوب غزة فى وقت واحد وحصرهم فى الوسط . والاجهاز على الجميع بالقصف الجوى والدفعى . ومن يريد الخروج حتى وإن كان عبر اسرائيل يسمحوا له بالتهجير القسرى مع تسميته تهجير طوعى . وهم يقولون لمصر ها نحن لن نهجرهم عبر مصر . ولكننا سنريحكم منهم جميعا . ونسعى من خلال ذلك إلى دفع المقاومة المسلحة إلى تسليم السلاح والاستسلام أو إفناء كل المدنيين وهم الماء الذى يعيش فيه سمك المقاومة . أما موضوع الأسرى فإنه ليس على بال حكام تل أبيب منذ زمن ولديهم عقيدة هنيبال التى تسمح بقتل الأسرى حتى لا يكونوا نقطة ضعف للكيان اليهودى .

إن وقوف مصر معتصمة بالصمت أو بالبيانات البائسة وهى تتعرض لانتهاك نصوص كامب ديفيد التى قلتم لنا على مدار قرابة نصف قرن إنها مقدسة ، وذلك باحتلال محور صلاح الدين ومعبر رفح وإنتهاك ما يعرف بالمنطقة د فى تقييد التسليح الاسرائيلى . إن إعتصامنا بالصمت لا يقلل منه أننا حشدنا قوات فى سيناء بأكثر مما تحتمله المعاهدة . ولكنكم تجمدون هذه القوات وتحولونها إلى شهود زور على المذبحة . رغم أننى أعلم علم اليقين أن الألم يعتصر قلوب الجنود والضباط الواقفين على الحدود ولكنهم منضبطون وينتظرون الأوامر .

باستطاعتى أن أعيد نشر ما قاله متحدثون باسم النظام عسكريين متقاعدين وإعلاميين قبل شهور حيث قالوا مرارا وتكرارا إن مصر لن تتسامح على احتلال رفح أو ممر صلاح الدين أو معبر رفح . وان ذلك قد يعنى الحرب أو على الأقل إلغاء أو تجميد كامب ديفيد . ولكن لم يحدث شىء من ذلك عندما دخل الاسرائيليون ، ووضع نتنياهو ظهره على جدار معبر رفح من الناحية الفلسطينية وشرب شايا وقهوة واجتمع مع الجنود . وعندما رفع الاسرائيليون أكبر علم لهم على دبابة فى محور فيلادلفيا .

وعندما احتقرت اسرائيل اتفاقها مع مصر وقطر وأمريكا لوقف إطلاق النار ،ونكصت على عقبيها بالاتفاق مع أمريكا ، وكذلك فعلت فى اتفاق وقف إطلاق النار فى لبنان ولكن بصورة أقل مما يحدث فى غزة الآن ، عندما فعلت ذلك لم تشعر السلطة المصرية بانتهاك كرامتها . ولكنها أعربت عن زعلها مع احتفاظها بالسفارة والتطبيع واستمرار استقبال مسئولى الأمن الاسرائيليين لمواصلة المفاوضات العقيمة فهم لا يأتون إلا لتوصيل المزيد من التهديدات لحماس .

الفيديوهات الموالية للنظام لا تغفل هذه الحقائق بل تؤكد عليها . وهى تقر الآن بخطة تهجير و حشد أهل غزة من الشمال والجنوب إلى الوسط فى مساحة ضيقة لإبادتهم بسهولة أكبر وبأقل كمية من القذائف . وهى لم تخف لا هى ولا القنوات الفضائية الرسمية ولا الصحف الرسمية أن كل أشكال المساعدات الغذائية والحياتية منقطع منذ أكثر من شهر عن غزة بالخلاف مع اتفاق مع مصر . وصانعوا الفيديوهات يحللون بدقة سوء الموقف على أساس أنهم يحللون مشكلة تجرى فى أمريكا الجنوبية . وبالتالى ينتهى الفيديو دون أن يجيب على سؤال : وماذا ستفعل مصر العظيمة ؟ التى كانت تحكم قطاع غزة من عام 1948 حتى 1967 . وباعت غزة بل وباعت القدس فى عهد السادات مقابل الحصول على سيناء . فى اتفاقيات كامب ديفيد .

ولكن أحد الفيديوهات الموالية للنظام اختتم بأن مصر تراقب بدقة وتقوم بأفعال مهمة وذكية فقد قررت مؤخرا شراء طائرات تدريب من كوريا الجنوبية . ولكنه أوضح بعد ذلك أنها طائرات تدريب متطورة وتصلح للقتال وهى متطورة وقريبة من الاف 16 . مصر تتباحث لشراء 70 أو حتى 100 طائرة كورية جنوبية . ولكنه أضاف معلومة أهم أن الاتفاق يتضمن تصنيع هذه الطائرات فى مصر . وقد راجعت المواقع الاخبارية وتأكدت من دقة هذه المعلومات عدا مسألة التصنيع . ولا اعتراض أبدا على شراء أى أسلحة متطورة ولا اعتراض على تنويع مصادر السلاح . ولكن ما علاقة هذه الصفقة بوقف المذبحة المتصاعدة فى غزة والتى تستهدف الانتهاء من مهمتها خلال أسابيع قليلة مع استمرار التجويع . كل البيانات المصرية تتوعد اسرائيل إذا عبرت الحدود أو إذا هجرت الفلسطينيين إلى غزة . واسرائيل بالعند فيكم لن تعبر الحدود ، ولن تهجر الفلسطينيين عبر رفح بل ستواصل المذبحة بالقنابل والتجويع وتفتح الطريق عبر معبر إريز إلى مطار رامون الجنوبى لترحيلهم لأى بلد .

لا أريد البحث فى المدى الزمنى للصفقة الكورية : فالمباحثات بدأت فى شهر فبراير الماضى ولا نعرف هل تم الاتفاق النهائى أم لا ؟ وكم من الوقت نحتاج لنقل هذه الطائرات لمصر ؟ بل كم نحتاج من الوقت لتصنيعها . بل كم من الوقت نحتاج لكى يتدرب عليها الطيار المصرى . والمعروف أن الطيار كما قال مسئول بالقوات الجوية المصرية يتم تدريبه لمدة سنة بعد تخرجه من الكلية الطيران ، ثم ينتقل إلى التدريب على طائرة محددة من طراز محدد ويقال له هذه هى طائرتك الخاصة. قد نكون فى حاجة ل 3 إلى 6 شهور على أحسن الافتراضات ، إذا استبعدنا مسألة التصنيع على أرض مصر على أساس أن أول 70 طائرة سنأخذها جاهزة وتبقى مسألة التدريب . ولا أتصور أن مصير أهل غزة يتوقف على هذه الصفقة أو سينتظر 6 شهور . أليس العتاد الجديد الذى راكمناه على مدار أكثر من 10 سنوات كافيا بالاضافة لما كان لدينا . كما أن المعضلة الأكبر سواء حصلت على الطائرات الكورية وتدربت عليها أم لا فإن اسرائيل لن تعطيك الفرصة لأنها غير مضطرة . فهى لن تعبر الحدود . ولن تدفع الفلسطينيين بالقوة إلى معبر رفح .

الموقف أخطر من ذلك فأنتم تدوسون بالأقدام على كل ملفات الأمن القومى المصرى التى خطها يراع المصرى من أيام تحتمس الثالث ورمسيس الثانى حتى حرب أكتوبر عام 1973 . بتراجعكم عن مد أهل غزة بالأكل والشراب والدواء .. والسلاح . ثم لماذا لا تخشون الله ؟

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(39)

وسوم: العدد 1124