من سيبني سورية بعد سقوط النظام الأسدي؟

من سيبني سورية بعد سقوط النظام الأسدي؟

خلدون حسونة

لا شك أن الجواب الذي يخطر مباشرة إلى الذهن هو أن أبناء سورية هم من سيبنون بلدهم بعد سقوط الأسد

لقد شرد هذا النظام  داخل سورية أكثر من مليون نسمة ونصف و لا زال يسجن عشرات الألوف، وجرح وعذب مئات الآلاف....

ولم يكتفِ بقتل البشر بل حرق الشجر ودمر الحجر والمدن والقرى الثائرة...

ذُكر مؤخراً مثلا أن 55 بالمئة إلى 60 بالمئة من مباني مدينة حمص، التي تسمى عاصمة الثورة والتي قدَمث  أكثر عدد من الضحايا بالمقارنة مع المحافظات السورية، قد دُمَر,,, ومازال الدك والقصف والتدمير والهدم والنهب جاريا على مرأى من عيون العالم في أحياء مثل الخالدية والقصور وجورة الشياح بعد أن دمر السفاح وشبيحته بابا عمر ونهك أعراض كثير من نساء المدينة؛ وقد تحدثت الأمم المتحدة عن حالات اغتصاب للنساء والأطفال بل والرجال في سجون سورية... ورأينا بأم أعيينا عبر وسائل الاتصال الاجتماعي واليوتوب نساء  سوريات عاريات ينتهكن على مرأى الجميع ...وكنا نظن أن هذه الوسائل الحديثة لتي تنقل الخبر مباشرة إلى العالم أجمع سوف تلجم النظام عن ارتكاب الأفعال الهمجية وعن القتل الذي مارسه الأسد الأب في مدينة حماة في أوائل الثمانينيات، ولكن للأسف خاب ظننا فالأسد الابن وسع من دائرة العنف لتطال عدة مدن وقرى في شتى أنحاء سورية... دون أي رادع عربي أو أممي...أو أخلاقي إن بقي لهذه الكلمة من معنى.

إن سورية مجروحة معنويا و مترهلة اقتصادياً، وبناها التحتية  والفوقية في حالة انهيار... كما أن الجيش السوري منهك وتعرض إلى تضعضع كبير وفي حالة يرثى لها، وصورته في أذهان الناس صورة قميئة... وبقاء الأمر  على ما هو عليه سيؤدي إلى انهيار البلد وضعفه من جميع النواحي وصوملته وبلقنته. لا بد من إعادة بناء بيوت الناس وإعادة بناء المدن المنكوبة، وإعادة بناء الجيش ليحمي الوطن لا النظام...

ومهما كانت العزائم قوية، فسيكون من الصعب على بلد ليس غنيا بالبترول كالكويت والعراق وليبيا النهوض وإعادة الإعمار دون استعانة بالدول العربية والأجنبية ودون  مشروع تمويلي كخطة مارشال التي أعان فيها الأمريكيون بعض دول أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية...

 إن السكان المنكوبين لا يستطيعون إعادة البناء من دون دعم مادي خارجي.... خصوصا أن سورية ليس عندها شخصية غنية كاريزماتية مثل رفيق الحريري. فلا بد من تضافر الجهود.

إن الدول العربية ولا سيما الخليجية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية وقطر عليها واجبات أخلاقية تجاه الشعب السوري؛ فالشعب السوري آخر حصن عربي يدافع عن العروبة والإسلام، فبعد أن ساندت هاتان الدولتان  الثورة السورية العظيمة على الأقل إعلامياً نتمنى من زعيميهما أن يقوما بمشروع مارشال يسمى بمشروع الملك عبد الله والشيخ حمد لتمويل إعادة بناء سورية...ولا بد من إعانات الدولة المسلمة الجارة تركيا التي احتضنت اللاجئين السوريين  ولابد أيضا من مساهمة  الدول الأجنبية في إعادة البناء هذه ؟

ولا ريب أنه من غير المساعدات المالية لدول الخليج فستظل سورية في حال يرثى لها... فالخطب جَلَل!

ولا ننسى في هذا الشأن تجار دمشق وصناعيي حلب، فعليهم دين تجاه البلد وشعبه، وعليهم دفع جزء من فاتورة الإعمار: كأن يأخذ كل منهم على عاتقه إعادة إعمار عشر بنايات في هذا الحي أو بناية واحدة في حي آخر مع مراعاة الطراز المعماري الشرقي  التقليدي... مع تحسين البنى التحتية للأحياء الشعبية المنكوبة ...دون أن ننسى الإعانات العينية للعائلات الفقيرة والتي استشهد أحد أبنائها أو معيليها.

كما على المهاجرين السوريين الاستثمار بشكل ضخم في بلدهم الأم، من أجل خلق فرص عمل للعاطلين وما أكثرهم في سورية!

أ فيما نقوله في إعادة الإعمار مجرد أحلام أم أن الأيام حبلى بالمفاجاءات السارة؟

ذلك ما سيرويه التاريخ ويكشفه المستقبل.