منْ أجلِ عَالَمٍ آمِنٍ

د. حامد بن أحمد الرفاعي

منْ أجلِ عَالَمٍ آمِنٍ

د. حامد بن أحمد الرفاعي

سألني زميلٌ  مسيحي كاثوليكي قائلاً:"إنَّ العَالمَ اليومَ يُعاني منْ حالةِ عَدمِ استقرارٍ وتصادمٍ في كثيرٍ منَ البُلدانِ..فما هو السبيلُ لِتحقيقِ عَالَمٍ آمِنٍ ..؟"قلتُ:لا شكَ أنَّه سؤالٌ كبيرٌ ومعقَّدٌ يضعنا أمام تحديات كبيرة..دعني من فضلك بينَ يدي الإجابةِ عنه أذكِّرُ بما يلي:البناءُ الحضاريُّ البشريُّ الإيجابيُّ يَقومُ على مُرتكزين اثنين:ثقافيٌّ وماديٌّ..المُرتكزُ الماديُّ:اكتشافُ واستثمارُ مواردِ الكونِ وخزائنه وتسخيرها لصالح حياة الإنسان وطموحاته..والمُرتكزُ الثقافيُّ:أداءٌ قيميٌّ وأخلاقيٌّ لإقامةِ بناءٍ حضاريٍّ آمن يجلُّ قدسية حياة الإنسان وحريته وكرامته ومصالحه..ويصون سلامة البيئة بشقيها المادي والاجتماعي..ويشع الأمن والسلام والاستقرار في حياةِ المُجتمعاتِ..بالتأكيد الأداءُ الأخلاقيُّ يبقى العاملَ الأساسَ والأقوى في حمايةِ الحضارةِ من العبثية والفساد والانتكاسةِ والدمارِ..وهذا أمرٌ متفقٌ عليه عند أتباع الأديان والثقافات..فالمسيحُ عليه السلامُ يَقولُ:"ما جئتُ لأبطِلَ الحقَ ولكنْ لأتَمِمَهُ"ورسولُ الهدى سيدُنا محمدٌ https://encrypted-tbn0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcRvugMMybxofI34cEtIqbIl8g1RcMKkXDAkKstvi7lLqMRnYHjXRw يُقولُ:"إنَّما بُعِثتُ لأتمِمَ مَكارمَ الأخلاقِ"وكونفوشيوس يقول:"إذا قامت الأسرة السليمة أمن العالم وسلم"وبوذا يوصي أتباعه فيقول:"لا تكذب..لا تقتل..لا تسرق..لا تزني..لا تشرب الخمر"والله سبحانه وتعالى يَقولُ:"لِكُلٍ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِى مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَات"إنَّ كُلَّ ما تَقدمَّ من نصوصٍ يُؤكِّدُ أنَّ المُرتكزَ القيميَّ والأخلاقيَّ يبقى الأهمَ والأقدرَ على صناعةِ آمال الناس وطموحاتهم وحمايةِ أمنِ المُجتمعاتِ وخيرِها..لذا فإنَّ العَالَمَ اليومَ بحاجةٍ مُلحةٍ إلى مراجعةٍ عامَّةٍ لِكُلِّ مصادرِ ووسائلِ تنشئةِ الأجيالِ وتربيتهِم وصياغةِ سلوكِهم..منْ أجلِ بلورةِ ثقافةٍ سلوكيِّةٍ إنسانية مُشتركةٍ تُؤسَسُ على ثلاثةِ مرتكزاتٍ:(احترامُ الأخوةِ الإنسانيِّةِ،وإجلالُ كرامةِ الإنسانِ،وصونُ سلامةِ البيئةِ)وذلك من أجل بناءِ أجيالٍ مسؤولةٍ في تعامُلِها معَ تحدياتِ الحياةِ:(التحـدي الأخلاقي،والتحدي الاقتصادي،والتحـدي السياسي)..ويَومَ ننجَحُ في تَحقيقِ هذاالأهداف النبيلة الكُبرى في تربية وسلوكية الأجيال البشرية..يَومَئذْ ستطِلُ المسيرة البشرية بكُلِّ تَأكيدٍ على عَالَمٍ آمِنٍ ينعم بالسلام والاستقرار والرفاهية.