من الذي يحاصرنا

إياد إبراهيم القرا

إياد إبراهيم القرا

[email protected] 

سؤال غريب عجيب في زمن العروبة التائهة، طرح نفسه بقوة بعد دماء الأبرياء ورسل الإنسانية من أحبابنا الأتراك وغيرهم من الأحرار الذين جاءوا لفك الحصار عن غزة، ليصدم الجميع مرة أخرى بعد صدموا بمشاهد المجزرة المروعة التي ارتكبها العدو الصهيوني ضد رسل الإنسانية على متن أسطول الحرية.

رسالة الشهداء كانت واضحة وصريحة نريد أن نصل غزة لفك الحصار عن مواطنيها الأبرياء بعد أربع سنوات عجاف من الحصار والقتل والتجويع، وكافة أشكال الإرهاب المنظم ضد الشعب الفلسطيني، ورغم المجزرة فان الرسالة وصلت وأكثر مما توقع العدو والصديق.

تبع المجزرة العديد من الإدانات والتنديدات والتصريحات والدعوات والإعلانات التي تدعو لفك الحصار عن قطاع غزة، تقدمها خطوات مصرية بفتح معبر رفح بشكل مفاجئ ومبهم، أربك الجميع، وتعتبر خطوة مصرية ذكية استباقية  تحمل وجهين الأول أن يفك الحصار ويسجل لمصر أنها أول من بادر لفك الحصار وإذا تواصل الحصار تكون قد امتصت الغضب الشعبي العالمي تجاه الحصار وإغلاق معبر رفح، وبعد فترة وجيزة تعيد إغلاق المعبر تحت داعي أن المعبر فتح للحالات الإنسانية.

فقد دعت مصر وجامعه الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي وروسيا والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة بفك الحصار، واختتم بقول وزيرة الخارجية الأمريكية كلينتون بقولها "الوضع في غزة غير مقبول ولا يمكن أن يستمر" رد نتنياهو رئيس وزراء العدو الصهيوني بكل صلف وعنجهية "أن حصار غزة سيتواصل" ولا يصغي لكافة النداءات والمواقف الدولية، فيما سعت بعض المصادر الصهيونية لتسريب معلومات هنا وهناك حول صيغ مختلفة للتخفيف من الحصار، تحت ذرائع عدة.

إذاً نحن أمام خلط للمواقف والمفاهيم فيما يتعلق بالحصار، فإذا كانت كل هذه الدعوات لرفح الحصار وخاصة ما يتعلق بحركة المسافرين عبر معبر رفح، والبضائع مع الكيان الصهيوني، فمن إذا يفرض الحصار على قطاع غزة، ومن يتحمل وزر استشهاد مئات المواطنين المرضى وعشرات الشباب في عمر الزهور اختناقا تحت التراب بحثا عن مصدر رزق وتخفيفاً من الحصار داخل الأنفاق على الحدود الفلسطينية المصرية، ومن المسئول عن تجويع مليون ونصف فلسطيني على مدار أربع سنوات، ومن المسئول عن قتل 1400 مواطن فلسطيني على يد الاحتلال الصهيوني خلال حرب غزة والكوارث الإنسانية المتتالية وقطع أرزاق الآلاف من المواطنين في غزة وحرمانهم من السفر، وحرمان الآلاف من الطلاب من الالتحاق بجامعتهم في الخارج، وصولا إلى حرمان تلاميذ من المدارس من أقلام الكتابة والقائمة تطول.

إن جريمة الأسطول لها ما بعدها، وأن المعادلة بدأت تتغير وأن التصريحات التي تصدر عن الأطراف المتعددة حول حصار غزة هي تحصيل حاصل، تود تستبق كسر الحصار، فدماء شهداء الحرية ثمنها غال ليس اقله فك الحصار عن غزة، وإن من يحاصرنا نعرفه جيداً بعد أن اكتوينا بناره لما يزيد عن أربع سنوات تخللتها حرب مجرمة صمت علها الشقيق والأخ والصديق، وشارك فيها الأعداء، ولن ننسى ظلمهم وعدوانهم.

إن من يشارك في حصار غزة سواء مشاركة مباشرة أو غير مباشرة علانية أو صمتاً هم السلطة في رام الله التي استخدمت الحصار أداة لابتزاز المواطنين والحكومة في غزة،ووصف رئيسها سفن كسر الحصار باللعبة السخيفة، وتشارك الدول العربية في حصار غزة بشكل مباشر ويتهرب بعضها من تحمل المسؤولية، ودول أوروبا التي تشارك بصمتها، وروسيا بعجزها، والولايات المتحدة بظلمها ودعمها للكيان الصهيوني، وإن كان المحاصر الحقيقي والفعلي هو الاحتلال الصهيوني بشكل مباشر، مستمتعاً بدعم المذكورين سابقاً.

في المقابل يجب أن نعلن عن قائمة الشرف التي تعمل على رفع حصار بأشكال متعددة وفي كافة المحافل الدولية يتقدمها جمهورية تركيا التي قدمت الدم الوفير والدعم الشعبي والرسمي لفك الحصار ورئيس وزرائها الشجاع رجب طيب أردوغان وكل تركي حر، ومثلهم كل الأحرار من المؤسسات الشعبية والمدنية والأهلية التي شاركت في فك الحصار من خلال قوافل شريان الحياة وأسطول الحرية ومنظمة غزة الحرة، وكافة من خرجوا في بقاع الأرض رفضا للمجزرة الصهيونية ومطالبين برفع الحصار على غزة، شعارهم واحد آن الأوان لرفع الحصار.