شيء يحز في النفس
شيء يحز في النفس
إلى الوطنيين في ليبيا
صلاح الدين
الغزال - بنيغازي/ليبيامنذ زمن طويل قررت الابتعاد عن المقالة بسبب ما جلبته لي من متاعب.. واليوم أجد نفسي مرغما لخوض غمارها.. إن تجربتي في مسابقة أمير الشعراء التي أقيمت في الإمارات وما لاقيته فيها على أيدي نقاد غير ضليعين وعلى رأسهم د. صلاح فضل الذي أساء التصرف معي.. هذه التجربة الجارحة هي التي دفعتني إلى العودة للمقالة من جديد.. لقد عانيت في تلك التجربة الأمرين ورأيت خلف الكواليس ما لم أكن أتوقعه.. حتى أننا نحن الشعراء المشتركون في المسابقة كنا نستطيع أن نخمن نتائج كل حلقة قبل المباشرة في عرضها.. ولا أريد الخوض في تلك التجربة القاسية التي خضت غمارها وحيدا وبمجهود ذاتي.. أحسست وقتها باليتم وبأنني مواطن بلا وطن.. ولكن ثقتي بنفسي لم تتزعزع فكنت أحس بأنني دولة وحدي وجئت لأواجه دولا عربية مكتظة بالبشر.. وكم حزّ في نفسي عدم فتح باب التصويت لي حيث أن كل الدول قامت بفتح التصويت لأبنائها سوى ليبيا وكان الشعراء المشاركون متعجبين من ذلك.. منذ ذلك الوقت وأنا لم أستطع أن أنسى سوء التصرف الذي قام به د. صلاح فضل رغم أنني أفحمته أمام الجمهور ومن شدة إدراكه لخطئه لم يستطع أن ينبس ببنت شفا واحتج بأنه كان يمزح وكان ذلك على الهواء مباشرة.. وبعد انتهاء المسابقة صرح أعضاء اللجنة ومن بينهم د. صلاح فضل للشعراء المشاركين بأنهم كانوا يفعلون ما يطلبونه منهم.. وقد صرح أحدهم لي شخصيا بذلك فكانت صدمتي كبيرة جدا فقلت له أو ترضى بذلك.. فطأطأ الناقد رأسه وغادر والخزي في إثره.. لقد كانت صدمتي كبيرة حتى أنني ندمت على المشاركة.. فأنا أدرك أن الساسة باعوا الأمة ولكن باعوها بثمن غالٍ.. وأدرك أن رجال الدين خانوا الأمانة لأن الآخرة تبدو في نظرهم ليست ذات قيمة أما أن يبيع الأدباء الضمير بمليون درهم فهذا ثمن هزيل جداً فوالله إنها لكارثة وبخاصة أن الجمهور ليس سهلا.. إنه يمتلك ذائقة عالية لا يمكن أن تهتز.
لقد كانت تلك التجربة قاسية جدا.. ولم يبدد عني الأسى والحزن خلالها سوى بعض الأصدقاء بأقلامهم وكذلك الملحق الثقافي الليبي بأبوظبي الأستاذ (عبد الحكيم معتوق) الذي كان موجودا طوال فترة المنافسة معي وفرغ نفسه لي بالكامل.. كما قام بمفاتحة سعادة محمد بن خلف المزروعي (مدير عام هيئة أبوظبي للثقافة) حول ما جرى معي من قبل د. صلاح فضل وطالبهم بالاعتذار لي رسميا.. وبلغني أن برنامج أمير الشعراء قام بإعداد لجنة عليا للنظر في رأي لجنة التحكيم الذين يتوسطهم د. صلاح فضل.. فتوصلت اللجنة العليا إلى أن رأي د. صلاح فضل وزمرته كان خاطئا ومن تم قررت هيئة الثقافة الاعتذار لي رسميا على المسرح.. وفي الحلقة الأخيرة تحاورت مع السيد المزروعي عما حدث لي على أرضهم فكان مستاء مما حدث وقال لي بالحرف الواحد وكان متأثرا جدا: "ما عاش اللي يهينك في أبوظبي".. ووعدني بأنه سيتم الاعتذار لي على الهواء مباشرة ولكن وللأسف فدول المغرب العربي رخيصة جدا فقد ذهب الاعتذار أدراج الرياح.. ثم شاء القدر أن يرجع الشعراء المشاركون إلى أوطانهم ويتم استقبال بعضهم في المطارات من قبل أكبر شخصيات الدولة من وزراء ومحافظي مدن ومسؤولين كبار ويتم تكريمهم.. حتى أن إحدى الدول قام الرئيس بنفسه بتكريم شاعر بلده.. ناهيك عن الحملات الكبيرة التي قامت بها دولهم لمناصرة ابنهم البار الذي سافر ليمثلهم في تلك المسابقة.. مرت تلك التجربة بسلام ورجعت بلا كرامة فقد أهدرت كرامتي وأهنت لدى دولة الإمارات التي عودتنا دائما على احترام ضيوفها وعلى يد ناقد اقتنته شركة "بروميديا" بحر مالها.. وتوقعت أن بلدي ستقدم احتجاجا لما فعل بأحد أبنائها ولكنني فوجئت بأبناء بلدي الحبيب ليبيا يقومون بتكريم د. صلاح فضل.. وذلك بدعوته إلى معرض طرابلس للكتاب رغم علمهم بما فعله معي.. ثم كانت الطامة الكبرى حينما قام مجلس الثقافة العام بدعوة د. صلاح فضل إلى القيام بندوات عن إصداراته لهذا العام ومنحه أموالنا وهو رجل طالما أكل الغلة ولعن الملة.. وفي الختام رجائي الخاص والخاص جدا بأن لا يسمح لأمثال هؤلاء بملء خزائنهم من أموالنا.. فأموالنا طاهرة وهي رزق حلال فلا تدعوها تدخل جسوما نجسة جبلت على أكل الحرام.

