العصابات الصهيونية والعصابات الأسدية

موقف قوى الشر العالمي

بين العصابات الصهيونية والعصابات الأسدية!!

زهير سالم*

[email protected]

المقارنة بين العصابات الصهيونية والعصابات الطائفية الأسدية باتت تفرض نفسها على العقول والقلوب وعلى كل من يتابع المشهد الكارثي في سورية . وراح البعض يفسره خطأ ببعد أخلاقي يتميز به العدو الصهيوني على العدو الأسدي وحلفائه وداعميه في قم وبيروت ...

ودأب هؤلاء المقارنون يتحدثون ؛ عن السجون الإسرائيلية وطرائق التعامل فيها ، ويستشهدون أننا هناك لن نجد ، إلا القليل من القتل تحت التعذيب مثلا . ويتفاعل هؤلاء مع الأسير الفلسطيني السابق حين يسمعونه يوثق معاناته في سجون العصابات الصهيونية بالقول : كفاك مدحا لعدونا الأول ، يا صاحب ، فعدونا الثاني قد تجاوزه بحساب السنين الضوئية. ويمعن هؤلاء في المقارنة أكثر حين يضيفون عن تظاهر العدو الصهيوني بمحاولة تجنيب المدنيين إلى حد ما ويلات القصف ، وأن هذه العصابات في العدوان الأخير على غزة كانت تنذر سكان أي مبنى تقرر قصفه بثلاث دقائق لمغادرته على وجه السرعة ، وأن القصف يتم بأسلحة متقدمة تعرف بالغالب كيف تصيب أهدافها بينما العصابات الأسدية تقصف بلا سابق إنذار ، وبأسلحة غبية عشوائية ، أحياءً سكنية ومدارس ورياض أطفال ومساجد في أوقات الصلوات ولا أحد يعرف أين تقع ، ومن تقتل ....!!

سيطول الاسترسال في المقارنة بطرح أسئلة من نوع : كم قتلت العصابات الصهيونية من العرب والفلسطينيين منذ انطلاق مشروعها الصهيوني ، وكم قتلت العصابات الأسدية من السوريين واللبنانيين والفلسطينيين على مدى أربعة عقود ، وليس فقط بعد تحرك المؤامرة الكونية المزعومة ؟!

كم سجن واعتقل هؤلاء وهؤلاء ؟! كم شرد وهجّر هؤلاء وهؤلاء؟! وهل سيطول الاسترسال في طرح الأسئلة ، وعقد المقارنات ، التي ستصب في جملتها في مصلحة العدو الأول ، والعدو الأخطر كما تعودنا أن نسميه..!!

صحفي فرنسي همس في أذني بعد أحداث الثمانينات : لا تهدروا المزيد من الدماء ، نظام الأقلية في سورية وجد ليبقى . الأقلية + عصا السلطة ستكبح جماح الأكثرية . ( وجد ليبقى ) العبارة نفسها التي كنا نسمعها عن الكيان الصهيوني : دولة وجدت لتبقى . وجاءت أحداث الثورة الأخيرة بكل عظمة ثوارها وحجم تضحياتهم ، لتثبت صحة الهمسة التي مضى على إطلاقها قريبا من أربعة عقود . وحتى الآن يجمع ما يسمى المجتمع الدولي على بقاء ( النظام ) بمرتكزاته ، وإن أبدى بعض الاختلاف على بقاء شخص بشار الأسد .

الذي نريده من هذا المدخل في هذا المقارنة أولا نفي التميز الأخلاقي للعصابات الصهيونية على العصابات الأسدية . في رؤيتنا أن العصابات الأسدية في حقيقتها فصيل من فصائل العصابات الصهيونية ( الهاغاناة والأرغون ...) أسند إليها تنفيذ الفظائع الأبشع والأشنع ، وأخذت هذا الدور الوظيفي على مدى أربعة عقود ، خيمت فيها كما البيوت البلاستكية ، على الوجود الصهيوني وسمحت له ليشتد ...

والذي نلحظه في المقارنة العملية أن قوى الشر الدولية حرصا على مستقبل العصابات الصهيونية لجمت غرائزها الدموية . وحددت لها سقوف التوحش على جميع الأصعدة ، وأوجدت لها أدوات وظيفية تتولى نيابة عنها ارتكاب المستفظعات . وأطلقت العنان لهذه الأدوات وهي هنا العصابات الأسدية والطائفية لأنها لا تبالي بمستقبل هذه العصابات أصلا ، ولأنها تريد أن تدفع المشهد حيث هي إلى نقطة اللاعود ، بينما هي تخطط لعملية إدماج ( ما ) بالنسبة للعصابات الصهيونية ..

المقارنة الأكثر وضوحا تؤكد أن قوى الشر العالمي التي حرصت دائما على حماية التقدم العسكري للعصابات الصهيونية ، ومنحت هذه العصابات حق التفوق المنفرد في استخدام سلاح الجو ضد الدول العربية والشعب الفلسطيني ، مكنت الدول العربية من استخدام أسلحة الدفاع الجوي بشكل ما للدفاع عن وجودها وحماية سكانها . وهذا الذي سمح باستخدامه ضد العصابات الصهيونية لم يسمح باستخدامه ضد العصابات الأسدية . فرغم إيغال هذه العصابات في استخدام سلاح الجو ، والقصف فوق رؤوس المدنيين بالأسلحة المحرمة بلا حدود ولا ضابط ، فقد قررت قوى الشر العالمي أن تطلق يد هذه العصابات بلا ضابط ، فلا هي لجمتها بقرار دولي يفرض حظرا جويا ، ولا هي سمحت للشعب السوري بالدفاع عن نفسه ، ولو بصاروخ مضاد محمول على الكتف ...

فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ ...

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية