أما آن اﻷوان لتحديد أولويات وثوابت الأمن القومي العربي؟

أما آن اﻷوان

لتحديد أولويات وثوابت الأمن القومي العربي؟

د. بسام ضويحي

كتب المحلل والباحث السياسي د.محمـد أبو رمان  مقالا مهما في "العربي الجديد" في 6 أبريل الجاري تحت عنوان :الأردن "عالقاً"... الرياض، طهران وواشنطن .. يشرح فيه موقف الأردن من التحالفات الإقليمية الجديدة  (http://goo.gl/IsS5Ja )

يقول الكاتب: ماذا يعني ذلك للأردن؟ .. بكلمة واحدة هو انهيار للعقيدة الاستراتيجية التي عمل "مطبخ القرار" الأردني مع دولة الإمارات على تكريسها، بعد الانقلاب العسكري في مصر، وقبلتها القيادة السعودية السابقة، وتقوم على اعتبار الخطر الإخواني- التركي- القطري بمثابة التهديد الأول والتحدي الرئيس الداخلي، بالتزاوج مع الخطر الإرهابي المتمثل بتنظيم داعش في العراق وسورية، مع تراجع الاهتمام بالتمدد الإيراني إلى المرتبة الثانية. وقد نجم عن هذه الاستراتيجية العربية، من المعسكر المحافظ، اعتبار حركات الإسلام السياسي كافة إرهابية، التحول في الموقف من الصراع الدائر في سورية بوصف داعش هي الخطر الأكبر، وليس النظام السوري أو الإيراني، واندماج الدول العربية بقوة في الحملة الأمريكية العسكرية ضد تنظيم داعش والحرب على الإرهاب، واعتبار ذلك أولوية عربية.

وأنا بدوري أثمّن هذا التوصيف الواعي والهادف.

وأضيف التالي: أن هناك ارتباكا في السياسة الخارجية والداخلية العربية والإسلامية, ورؤية متناقضة في تحديد اﻷولويات والثوابت واﻷهداف. ومن هنا فلابد من تحديد الرؤية واﻷولويات والثوابت للوصول للهدف اﻷساسي واﻷولي بالنسبة للأمن القومي العربي.  

وأبدأ الحديث في هذه النقطة بالتنويه إلي أن داعش وأخواتها هي صنيعة  أمريكية غربية فارسية (ايرانية), وافدة على معتقداتنا وقيمنا وتراثنا, ساهم في صناعتها نفر من أبناء جلدتنا وأهلنا في ظروف غير طبيعية عميت فيها الرؤية الوطنية الصحيحة آملا أن يكون  قد أدرك الجميع فداحة المصيبة والخطر بل الخطأ الذي ارتكبه البعض بحق شعوبهم وبحق أمتنا وعقيدتنا.  

وأعود للتأكيد على أن داعش هي شماعة للفرس وﻷمريكا والصهاينة وﻷعداء العرب والمسلمين ﻹستباحة الأمة وتشويه وإحباط  كل مشروع نهضوي عربي ومسلم.  قادة الغرب يقولون: دمروا اﻹسلام وأبيدوا أهله.. وإﻻ كيف يستقيم إيجاد الغطاء السياسي واﻹعلامي واللوجستي لـ"فيلق القدس" الفارسي والمصنف من الغرب أنه إرهابي (لدي تحفظات على  تصنيفات أمريكا والغرب المسيسة) ومن معه من المرتزقة كنظام بشار والمليشيات العراقية الشيعية التي تبناها بداية رئيس وزراء العراق السابق نوري المالكي, وعلى سبيل الذكر مليشيات أبو الفضل العباس, وفيلق بدر, وكتائب حالش, وعصائب أهل الحق, وكلها منظمات شيعية عراقية وإيرانية, وحزب نصر الله المسمى بحزب الله, و المصنف أمريكيا وأوربيا أنه إرهابي, والحوثيين واﻷفغان الشيعة الفاطميين الهزارة .. كل هؤﻻء  يجتازون الحدود ويسقطون  العواصم العربية, واحدة تلو اﻷخرى على مرأى ومسمع من كل هؤﻻء المشاركين وﻻ أقول المتآمرين؟ وكم سمعنا من الفضائيات ووسائل اﻹعلام التي تشن علينا حربا نفسية ممنهجة، وهي تقوم بتسويق ما يعلنه ويصرح به أئمة الفرس اﻹيرانيين, سواء كانوا قادة عسكريين أمثال الجنرال حسين همداني أحد قادة الحرس الثوري وقائد سابق لـ "فيلق محمـد رسول الله "(نقلا من العربية نت في 6 مايو 2014): "أن بشار اﻷسد يقاتل نيابة عن إيران، وأن ايران تقاتل اليوم في سورية دفاعاً عن مصلحة ثورتها"، وكشف أن ما يقارب 130 ألف مقاتل من قوات الباسيج المدربة تستعد للذهاب الى سورية.

وأمثال مهدي طائب وهو من الكهنة الدينيين، حيث نقلت عنه "العربية" في 15 فبراير 2013 م: ( إن سورية هي المحافظة 35 من جمهورية ايران وهي أهم من اﻷهواز وإذا خسرناها فسنخسر طهران), أو سياسيين أمثال علي يونسي أحد فقهاء حزب الدعوة ورئيس السلطة القضائية ومستشار الرئيس اﻹيراني حسن روحاني حيث يقول إن بغداد (عاصمة للإمبراطورية الفارسية) وكذلك تصريحات محمد كريم عابدي عضو اللجنة البرلمانية لشئون اﻷمن القومي والسياسة الخارجية الذي يقول: (أن بإمكان ايران احتلال السعودية بكل يسر، لو أرادت ذلك) فتراهم  يهددون ويتوعدون ويتبجحون ليل نهار بإسقاط واحتلال العاصمة الرابعة صنعاء، وقد قال مندوب مدينة طهران في البرلمان اﻹيراني علي رضا زاكاني، المقرب من المرشد اﻹيراني علي خامئني : ( إن  ثلاث عواصم عربية أصبحت بيد إيران، وتابعة للثورة اﻹسلامية، وإن صنعاء أصبحت العاصمة الرابعة التي باتت في طريقها للالتحاق بالثورة اﻹيرانية) ولم يمض يوم على تصريحات الرجل حتى التحقت صنعاء بشقيقاتها الثلاث.

وﻻ يخجل وﻻيستحي المسؤلون اﻹيرانيون أن يقولوت إن اﻹمارات العربية جزء من إيران وإنهم خلال عام سيحتفلون باحتلال مكة المكرمة،ﻹتمام اﻹمبراطورية الفارسية على انقاض أهل السنة ، ويتم كل هذا بمباركة أمريكية وصهيونية وتواطؤ أوروبي وعالمي وعجز عربي مشين. يتم  هذا التطهير العرقي والذبح ﻷهلنا في العراق وسوريا واليمن وفي مخيمات الفلسطينيين كما هو حادث في مخيم اليرموك وغيره، بقصد تهجير من يبقى حيا من الفلسطينيين وأهل الشام وإبعادهم عن أكناف بيت المقدس. أليس هذا ما يريده الكيان الصهيوني؟.

إن الذي يحاك ويدبر ويبث عبر وسائل الإعلام الموجهة من حرب نفسية واعلامية مدروسة، لتهيئة الرأي العام العربي والعالمي بقبول مشروع امبراطورية وﻻية الفقيه على أشلاء أهلنا وشعبنا ودمار بلادنا, تفوح منه رائحة القتل والدمار والتطهير العرقي البغيض في بلاد العرب والمسلمين السنة .

 أعتقد أنه آن اﻷوان لعودة العقل والرشد وتشكيل المحور السني القوي بعيداً عن اﻷنانيات؛ فاﻷمة أمام انعطاف تاريخي وحضاري ولا يجوز التلكؤ والتقاعس عن التحرك بمسؤولية عالية، وبمشروع حضاري شامل ومكافئ للمشروع الفارسي الصفوي، إن لم يتفوق عليه.

فإلى دعم عاصفة الحزم والانخراط عن إيمان وتصميم دون تردد ﻹيجاد الكيان العربي المسلم القوي المعتز بعقيدته وحضارته والمؤمن بضرورة التعايش مع الشعوب اﻷخرى ولكن من موقع الند للند وليس التبع أو الذنب، عندها وعندها فقط  ستحترمه أمريكا والغرب وقوى العالم اﻷخرى وتتحاور معه كشريك حقيقي وفعال ﻹرساء قواعد الحرية والعدل والبناء .

مدير مركز أمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية