أمين عام الجامعة العربية... والدور العربي المفقود في سورية

ما وراء الأكمة !؟

يفاجأ السيد أحمد أبو الغيط ، وزير الخارجية المصري في زمن حسني مبارك ، والأمين العام للجامعة العربية الحالي ، الرأيَ العام بتوجيه انتقاد إلى الجامعة العربية لأنها كما يزعم تخلت عن الدور العربي في سورية . ورحلت الأزمة للأغراب من دوليين وإقليميين يتحكمون فيها .

وحسب تصريح السيد الأمين العام للجامعة العربية فإنه ( لايصح أن يبقى النظام العربي بعيدا عن التعامل مع أكبر أزمة تشهدها المنطقة في تاريخها الحديث، يقول وأعني بذلك الأزمة السورية . لا يصح أن ترحل هذه الأزمة الخطيرة إلى الأطراف الدولية والإقليمية يديرونها كيف شاؤوا..) ثم يدعو السيد الأمين العام إلى ( حل ناجع في سورية من أجل إيقاف نزيف الدم ، وبما يحفظ وحدتها وتكاملها الإقليمي ) . 

تصريح السيد أبو الغيط ، على ظاهره الإيجابي ، بالمطالبة بدور عربي فاعل في سورية، يخفي وراءه إدانة ظاهرة لقرار الجامعة العربية الذي اتخذ في عهد سلفه ، بقرار عربي ، والذي سحب الاعتراف العربي بنظام القتل والإرهاب ، نظام مجرم الحرب بشار الأسد . وجمد عضوية سورية الأسد ، في الجامعة العربية.

حين يتحدث السيد أبو الغيط ، بين يدي لقاء القمة العربية ،(عن دور عربي فاعل في سورية ) فهو لا يقصد بكل تأكيد دورا تقوم به الجامعة العربية ، يكافئ التدخل الإيراني ضد إرادة الشعب السوري بمائة ألف مقاتل شيعي كلهم يشهر سلاحا كتب عليه يا لثارات الحسين . وكلهم يشترك في ذبح السوريين وتهجيرهم من ديارهم !!

لا يتحدث السيد أبو الغيط عن دعوة لتشكيل (قوات ردع عربية ) ، تكافئ التدخل الإيراني ، وتلجم سعار القتل في نفس ملجم الحرب بشار الأسد ، وتنصر الشعب المستضعف لاستعادة حقوقه المسلوبة و المشروعة ، ولكنه يتحدث بكل تأكيد عن : إعادة الاعتراف بمجرم الحرب بشار الأسد ، لتمكينه ، ومساعدته على بسط سيطرته على الشعب السوري ، تحت عنوان حل عربي ، يشارك فيه عمليا الجنرال السيسي منذ وقت طويل بإمداد مجرم الحرب وفصيله بالسلاح والرجال ..

حين يتأمل المرء بدقة ما ألح عليه السيد أبو الغيط في تصريحه ، الذي لا يجوز أن يمر بدون تعليق ، نجده يلح على كلام مبهم حول : وقف نزيف الدم – والحفاظ على وحدة سورية – وتكاملها الإقليمي . ثلاثة مطالب عامة لم تكن في لحظة موضع خلاف عند السوريين . ولكن أبو الغيط لا يذكر شيئا عن العدل والحرية وحقوق الإنسان التي ثار من أجلها السوريون . ولا يذكر شيئا عن محاسبة مجرم الحرب الذي قتل مليون سوري ، والذي يدعو الأمين العام للجامعة العربية – مع الأسف – إلى دور فاعل في إعادة احتضانه وتمكينه ، كما يدعو إلى هدر دماء مليون سوري قتلهم هذا المجرم وداعموه ، وهو يدعو ضمنا إلى مصادرة تطلعات الشعب السوري المشروعة في العدل والحرية والعيش الكريم ..

مع الاعتزاز بالانتماء العربي ، والحرص على الدور العربي ، نطالب نحن السوريين أيضا بدور عربي فاعل ، يساند الشعب السوري في ثورته ، ويساعده على نيل حقوقه المشروعة ، ويلجم سعار القتل الأسدي والإقليمي الإيراني والدولي ..

ونؤكد أن ثورة الشعب السوري هي خطوة عملية على طريق تحويل الجامعة العربية إلى جامعة معبرة عن إرادة الشعوب العربية من محيط الأمة إلى خليجها . جامعة ينبض قلبها بقلوب ملايين العرب المتطلعين إلى العدل والحرية وليس إلى جامعة يسوسها سيسيون صغار ...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 713