هل من حق الشيوعي أن يجدّد الخطاب الديني؟

عند ما أُعلن عن إقامة بعض الأكشاك في محطات المترو للرد على تساؤلات المواطنين في قضايا إسلامية، هاجت العناصر الشيوعية وأشباهها، وأعلنت الحرب على الأزهر لأنه سمح بمثل هذه ( الجريمة) التي تعيد مصر إلى الوراء، وتهز صورتها، وتصنع الفتنة الطائفية في طول البلاد وعرضها، كما استنكروا بالتبعية أن تُخصص بعض البرامج الإسلامية للرد على أسئلة المستمعين والمشاهدين!

بالطبع لن يفتح الشيوعيون وأشباههم أفواههم بكلمة؛ لو أن الكنيسة هي التي أقامت هذه الأكشاك لمساعدة النصارى في فهم دينهم. بل كانوا أول من يباركها، ويراها فرصة للتنوير، والتسامح، وزرع المحبة على أرصفة المترو، وطالبوا بالتوسع فيها لتشمل أرصفة القطارات، ومحطات الأتوبيس والميكروباص وموقف عبود والجيزة والكيت كات والطالبية وغمرة ومحرم بك...

لا يعنيني أمر الأكشاك أو غيرها من تجليات الانقلاب العسكري الدموي الفاشي، ولكن الذي يعنيني دور النخب الشيوعية وأشباهها في مشهد الحرب على الإسلام والمسلمين، والتأصيل لفكرة أن الإسلام إرهاب، وأن المسلمين إرهابيون حتى يتخلوا عن دينهم قولا وفعلا، وإيمانا وسلوكا.. 

ومن معالم التأصيل لفكرة الإرهاب الإسلامي، إصرار الشيوعيين وأشباههم على القيام بقيادة هوجة ما يسمى تجديد الخطاب الديني ( الإسلامي بالطبع لأنهم لا يستطيعون الاقتراب من غيره!). هم مثلا لا يستطيعون التطرق إلى مشكلة الطلاق في الكنيسة والإبقاء على الزواج مهما كان الطرفان أو أحدهما متضررا من استمراره، ولا يمكنهم الاقتراب من فكرة الحرمان والغفران التي تجعل جموع النصارى خاضعين لبشر مثلهم,, أو غير ذلك من قضايا يعانيها أتباع الكنيسة.

ولكن إصراهم على تجديد الإسلام دون غيره، يطرح سؤالا متعدد الصور:

هل المستنير الذي لا يفيق من الخمر، يحق له أن يجدد الإسلام؟

هل المستنيرون؛ عشاق الدخان الأزرق وسمادير الغيبوبة، يمكنهم أن ينشئوا دينا جديدا يتوافق مع الإرادة الغربية الصليبية، وحليفتها الصهيونية؟

هل السيدات الفاشلات المطلقات أكثر من مرة؛ المتحررات من كل شيء يمكنهن الإفتاء بما يجوز للمرأة والرجل وما لا يجوز في الدين الإسلامي؟

هل الذين يرون الدين عامة والإسلام خاصة أفيونا للشعوب ومخدرا لها، ومانعا دون النضال من أجل انتصار الطبقة الكادحة بالدم على الطبقة الرأسمالية المتوحشة؛ يمكن أن يضعوا قواعد إسلامية جديدة للإسلام بدلا من تحريم الربا، والاحتطاب بدلا من العيش عالة على الآخرين؟

هل يمكن أن يدلنا الذين لا يركعون لله ولا يسجدون ولا يعرفون فرائض الوضوء ولا يحفظون الفاتحة أو الصمدية، ولا يدخلون المساجد إلا لمشاهدة الجنازات أو تقديم العزاء، على منهج آخر يساعد المسلم على عبادة الله وطاعته؟

هل يدلنا السادة الشيوعيون وأشباههم ممن يتصدرون المشهد الثقافي والفكري، على وسيلة فعالة تمكننا من الحفاظ على أوطاننا ووجودنا بدلا من الجهاد في سبيل الله ؟

هل يمكن أن يصوغ الشيوعيون وأشباههم نظرية بديلة للنظرية السياسية الإسلامية، والإسلام كله سياسة؛ ليعيش المسلم حرا كريما، ويشارك في بناء وطنه دون أن تسحقه جنازير الدبابات، أو تمرغ كرامته البيادة في التراب؟

هل يمكن أن يتجاوز الشيوعيون وأشباههم أفكار سلامة موسى وشبلي شميل وأنطون الجميل التي تحتقر الإسلام وتزدري المسلمين، وتتعصب للتوراة والإنجيل واللغة اللاتينية وما تفرع عنها؟

هل يتخلص التجديد الشيوعي من التزييف والتدليس والتضليل فيما ينسبه إلى رفاعة الطهطاوي ومحمد عبده وطه حسين وأمثالهم، ويقدم صورة حقيقية لأفكارهم وآرائهم بالنقل الصحيح، والاقتباس الصادق؟

هل هناك أمل أن يتخلص الشيوعيون وأشباهم من الكذب الفاجر؛ وهم يتناولون الأحداث المعاصرة التي يراها الناس بأم أعينهم، فلا يزعمون مثلا أن السادات تحالف مع الإسلاميين، وأن مبارك كان سمنا على عسل في علاقته بهم، مما يعني أنهم كانوا يدخلون سجونه لسنوات طوال برغبتهم ومزاجهم؟ وأنه كان يعدمهم ويقتلهم تعبيرا عن غرام جارف بينهما؟

هل يقنعنا السادة الشيوعيون وأشباهم أن التركيز على قضايا الحجاب والنقاب والمرأة والميراث وزواج المسلمة من صليبي أهم من قضايا الحرية العامة وإنفاذ إرادة الشعب، وتوفير الغذاء والدواء والسلاح محليا بدلا من شرائها بالربا الفادح والقروض المذلة، وإقامة الحكم المدني بدلا من الحكم العسكري( الإسلام لا يعرف الحكم الديني بالمفهوم الكهنوتي!)؟؟

هل يفسّر الشيوعيون وأشباههم سبب إلحاحهم على الفرز الطائفي، وإشعال النار في المجتمع المسلم، لأن الأقلية الطائفية ابتليت بقيادة متعصبة ضد الإسلام موالية للغرب الصليبي، وتريد أن تزرع مصر كنائس وأديرة وبيوت خدمة، بدلا من بناء المستوصفات والمستشفيات والمدارس وملاجئ الأيتام والمشردين من الأطفال؟

هل يخبروننا لماذا صنعوا مناحة لأن بضعة أفراد من النصارى أقاموا الصلاة في الشارع، فهاجموا المحافظ الانقلابي ورئيس الحكومة الانقلابية، وتناسوا المآسي التي يعيشها المصريون بدءا من بطاقة التموين وغلاء الأسعار حتى قتلى حوادث المرور التي تزداد كل يوم، فضلا عن توقف المصانع وانهيار الزراعة والسياحة والتصدير؛ وبلاش مياه النيل التي تضيع أمام أعين العالم وتنذر بالشرب من مياه المجاري؟

هل يشرح لنا الشيوعيون وأشباههم لماذا يصر وزير الثقافة الشيوعي على إقامة معارض للكتاب في الكنائس، ولا يقيم أيا منها في المساجد؟

هل يصدقنا الشيوعيون وأشباههم القول إنهم جادون في حديثهم عن التدين الشكلي أو الإسلام الشكلي الذي تحدث عنه علماء الأمة وفي مقدمتهم الشيخ محمد الغزالي رحمه الله قبل عدة عقود، لأن إسلام الشيوعيين وأشباهم حقيقي وصادق وعميق؟

هل يصدقنا الشيوعيون وأشباههم القول إن الفساد الذي استشرى في المجتمع سببه الحكم العسكري أو الإسلام المغشوش أو ثقافة الحظيرة اليسارية؟

هل يخبرنا السادة الشيوعيون وأشباههم أن خطابهم بريء من الحديث عن العلاقات الجنسية والنصف الأسفل من الإنسان وأنه لا يكفر أحدا أو يصفه بالمتأسلم، وأن كتب اليساريين ورواياتهم وأشعارهم وفعاليتهم الثقافية خالية من الجنس والتكفير والعلاقات المتحررة والإسلام الشكلي، ومكتظة بالإيمان المادي والإسلام الحقيقي؟

لا أعتقد أننا نتوقع إجابة صادقة على هذه الأسئلة، لأن فتات السلطة يتناثر بكثرة في أماكن كثيرة.

الله مولانا. اللهم فرج كرب المظلومين. اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم.

وسوم: العدد 738