القرار النهائي

مصطفى محمد الطحان

الرد على الدكتور عائض القرني بسبب قراره النهائي

بقلم: مصطفى محمد الطحان

[email protected]

إلى الأخ عائض القرني المحترم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قرأت قصيدتك التي سميتها (القرار الأخير).. والتي قررت فيها اعتزال العمل الدعوي.. وأنا لا أعرفك من قبل.. وإن كنت سمعت باسمك..

أقول لك: إن هذا القرار الأخير ليس لك.. ولا تملكه حتى تتخذه.. فالقرار لله سبحانه وتعالى الذي أمر دعاته فقال:

)ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة(. فإذا كان الرجوع للحق فضيلة.. فسارع لذلك.

مع خالص التحية، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

للدكتور عائض القرني

يـا  أرضَ بـالقرن ما زلنا محبينا لا البعدُ ينسي ولا الأعذارُ iiتثنينا
فـسـائـلـي الغيمَ كم أسقى معاطفَنا وسائلي البرقَ كم أحيا iiمغانينا
لـي  فـيـكِ يـا دوحةَ الأمجادِ ملحمةٌ محفورةٌ في كتابٍ من iiليالينا
يـوم  الـصبا كقميصِ الخزِ ألبسُه والروضُ اخضرُ مملوءٌ iiرياحينا
والـرملُ  لوحي وأقلامي غصونُ ندا والربعُ يمطرهُ القمريْ iiتلاحينا
يـا  ارضَ بـالـقرن لو فتشتِ في خَلَدي وجدتِ فيه أخاديدًا وتأبينا
جـرحٌ من الحبِ يا بالقرن ما اندملتْ أطرافُهُ باتَ يُقصينـا iiويُدنينا
قد زرتُ بعدكِ يا بالقرن كلَّ حمى وطرتُ في الجو حتى جئتُ برلينا
فـمـا رضيتُ سواكم في الهوى بدلاً لأنني عاشقٌ دنيـاك iiوالـدينا
رأيـتُ بـاريسَ في جلبابِ راهبةٍ شمطاءَ قد بلغتْ في العمرِ سبعينا
وأنـتِ  في ريَعَان العمرِ زاهيةٌ في ميعةِ الحسن إشراقاً iiوتكــوينا
أتـيـتُ واشنطنًا لا طاب مربعُها رأيتُ ساحتَها في الضيقِ iiسجِّينـا
فـلا  نـسيمَ كأرضي إذ يُصبِّحنا ولا ندى الطلِ في الوادي يمسِّيـنا
ارضُ  الـسنابلِ لا ارضَ القنابلِ يا سِحْرَ الوجودِ ويا حرزَ iiالمحبينا
يـا  روضـةً طـالـما هزَّتْ معاطفَها كأنهـا بتبـاشيرٍ iiتحيـينـا
وربـوةٍ كـم درجـنـا فـي ملاعبها عهدُ الطفولة يزهو من iiأمانينا
والأربـعـون  عـلى خدي مروِّعةٌ يا ليت أني أهادي سنَّ iiعشرينا
والـغـبـنُ يـكتب في أضلاعنا خطبًا مدربُ القلف يعطينا iiتمارينا
يـقـتـاتُ مـن لـحمنا غصْبًا ويجلُدنا ويستقي دَمَنا زورًا ويظمينا
وإن نـظَـمْـنـا بـيوتَ الشعرِ نمدحه يظل بالشَّعَر المفتولِ iiيلوينا
إذا  اقـتـرحـنـا عـلى أيامنا طلبًا ذقنا المنايا التي تطوي iiأمانينا
آهٍ عـلـى قـهوةٍ سمراءَ نشربُها في غرفةٍ من ضميمِ الطيِن iiتؤوينا
سِـجـادُهـا بـحـصيرِ النخلِ ننسجه وريشُها بنقي الصوفِ يدفينا
بـعـنـا الـهـمـومَ بـدنـيانا صيارفةً لسنا جباةً وما كنا iiمرابينا
لـم نـدّخِـرْ قـوتَـنـا بـخلاً ليومِ غدٍ لكل يومٍ طعامٌ سوف iiيأتينا
ونـمـلأُ الـضـيـفَ ترحابًا لننسيَهُ ما غابَ من أهله عنه ويُنسينا
أمـام غـرفـتِـنـا يجري الغديرُ على صوتِ الحمامِ بأبياتٍ iiيُغنينا
قـلـوبُ  أصحابِنا طُهْرٌ وسيرتُهم مثلُ الزلالِ الذي في القيظِ يروينا
أيـامَ لا كـدلـكٍ يـعـوي بـحارتنا ولا البواري تدوّي في iiنوادينا
والـيـومَ  أمـوالُـنـا بـاتـتْ تـؤرقُنا همًا وأولادُنا بالغمِّ iiتؤذينا
إذا رفـعـنـا بـآيـاتٍ عـقـيـرتَنا قالوا: غلوٌ وهذا خالفَ iiالدينا
وإن  هـمـسـنـا بـحـبٍّ في مجالِسنا قالوا: يدبر أعمالاً iiلتردينا
وإن  لـبـسـنـا بـشـوتًا عرَّضوا سفهًا بأننا نزدهي فيها iiمرائينا
وإن تـقـشَّـف مـنـا صـادقٌ ورِعٌ قالوا: يخادِعُنا عمْدًا iiويغوينا
إذا  صـمـتنا اقضَّ الصمتُ مضجعَهم وإن نطقنا شربنا كأسَنا iiطينا
إذا أجـبْـنـا عـلـى الجوالِ أمطَرَنا بالسبِّ مَنْ كان نغليه iiويغلينا
وإن أبـيـنـا أتـتنا من رسائله مثل السعيرِ على الرمضاء iiتشوينا
قـلـنـا  لـهـم هـذه الأشـياءُ حلَّلَها أبو حنيفة بل سُقنا البراهينا
قـالـوا: خـرقتَ لنا الإجماعَ في شُبَهٍ مِن رأيِك الفجِّ بالنكراءِ iiتأتينا
وإن  ضـحـكـنـا أضـافونا بسخرية صفراءَ تملؤنا غبنًا iiوتذوينا
وإن بـكـيـنـا لـظـلوا شامتين بنا كأنهم وحدَهُم صاروا iiموازينا
تـفـردوا  بـخـطـايانا وأشغلَهُم عن ذكرِ سُوئِهُمُ المُرْدي iiمساوينا
ويـفـرحـون إذا زل الـنـعـال بنا ويهزؤون بمن يروي iiمعالينا
ولا يـرون سـوى أغـلاطِـنـا أبدًا فنقدُهُمْ صارَ في أهوائهم iiدينا
وشـتْـمُـهُمْ  هو محضُ النصحِ عندهمُ وردُّنا هو زورٌ من iiمغاوينا
لـحـومُـهُـم عـندنا مسمومةٌ أبدًا ولحمُنا صارَ تحت النقدِ iiسردينا
فـنـحـن  عـنـد الـحداثيين قافلةٌ من الخوارج نقفو النهجَ iiتالينا
أمـا  الـغـلاةُ فـإنـا عـنـد شيخهمو لسنا ثقاتٍ وما كنا iiموامينا
ونـحـن  فـي شـرعِـهِ خُـنَّا عقيدتَنا من بائعين مبادينا iiوشارينا
حـتـى  الـسـيـاسي مرتابٌ ولو حلفتْ لنا ملائكةٌ جاءوا iiمزكينا
كـم  مـولَـعٍ بـخـلافي لو أقولُ له هذا النهارُ لقالَ الليلُ iiيضوينا
إذا طـلـبـنـا جـلـيـسًا لا يوافقُنا واديه ليس على قربٍ iiبوادينا
فـتـاجـرٌ لاهـثٌ ألـهـتْهُ ثروتُه عبدَ الدراهمِ قد عادى iiالمساكينا
وجـاهـلٌ كـافـرٌ بالحرفِ ما بصُرَت عيناه سِفْرًا وما أمَّ iiالدواوينا
ومـعْـجَـبٌ  صَـلِـفٌ زاهٍ بمنصبه تواضعٌ منه فضلاً أن iiيماشينا
فـالآن حـلَّ لـنـا هـجـرُ الجميعِ وفي لزومِ منزِلِنا غُنْمٌ iiيواسينا
نـصـاحـبُ الكُتُبَ الصفراءَ نلْثِمُها نشكو لها صخَبَ الدنيا iiفتشكينا
تـضـمُّـنا  من لهيبِ الهجرِ تمطِرُنا بالحبِّ تُضحِكُنا طورًا iiوتُبْكينا
مـا  فـي الـخـيامِ أخو وجدٍ نطارِحُه حديثَ نجدٍ ولا خلٌ iiيصافينا
فـالـزمْ فـديتُك بيتًا أنتَ تسكُنُه واصمتْ فكلُّ البرايا أصبحوا iiعينا
شـكـرًا لـكـم أيها الأعداءُ فابتهجوا صارت عداوتُكُم تينًا iiوزيتونا
عـلَّـمـتـمـونا  طِلابَ المجدِ فانطلقتْ بنا المطامحُ تهدينا iiوتعلينا
جـزاكـم  اللهُ خـيرًا إذْ بكم صلحت أخطاؤنا واستَفَقْنا من iiمعاصينا
دلَـلْـتُـمـونـا  عـلـى زلاتِنا كرمًا وغيرُكُم بِسُكارِ المدحِ iiيُعمينا
فـسـامِـحـونـا إذا سالتْ مدامعُنا من لذعِ أسياطِكُم كنتم iiمصيبينا
تـجـاوزوا عـن زفيرٍ من جوانِحنا حلمًا على زفراتٍ في iiحواشينا
ثـنـاءُ  أحـبـابِـنـا قـد عاقَ همتَنا ولومُ حسادِنا أذكى iiمواضينا
مـاذا  لـقـيـنا من الدنيا وعشرتِها عشاقُها نحنُ وهي الدهرَ iiتقلينا
عـلـى مـصـائـبـهـا ناحتْ مواجعُنا ومن نكائدِها ذابتْ iiمآقينا
تـغـتـالُـنـا بـدواهـيـها وتنحرُنا صارتْ مخالبُها فينا iiسكاكينا
والآن فـي الـبـيـتِ لا خِـلٌّ نُسَرُّ به إلا الكتابُ يناجينا iiويشجينا