من المواقف الخالدة مع المأمون

من المواقف الخالدة مع المأمون

 

صالح البوريني/الأردن

قال الشيباني : حدثنا محمد بن زكريا عن عباس بن الفضل الهاشمي عن قحطبة بن حميد قال :  إني لواقف على رأس المأمون يوما وقد جلس للمظالم ،  فكان آخر من تقدم إليه وقد هم بالقيام امرأة عليها هيئة السفر وعليها ثياب رثة فوقفت بين يديه فقالت :  السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ،  فنظر المأمون إلى يحيى بن أكثم فقال لها يحيى :  وعليك السلام يا أمة الله .. تكلمي في حاجتك :  فقالت :

يا خير منتصف يهدى له الرشد           ويا إماما به قد أشرق البلـد

تشكو إليك عميد القوم أرملــة          عدى عليها فلم يترك لها سبد

وابتز مني ضياعي بعد منعتهـا           ظلما وفرق مني الأهل والولد

فأطرق المأمون حينا ثم رفع رأسه وهو يقول :

في دون ما قلت زال الصبر والجلد  عنــي ، وقرح مني القلب والكبد

هذا أذان صلاة العصر فانصرفي  وأحضري الخصم في اليوم الذي أعد

والمجلس السبت إن يقضى الجلوس لنا ننصفك منه ، وإلا المجلس الأحد

قال فلما كان يوم الأحد جلس ، فكان أول من تقدم إليه تلك المرأة ، قالت :  السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته . فقال وعليك السلام أين الخصم ؟ فقالت : الواقف على رأسك يا أمير المؤمنين ، وأومـأت إلى العباس ابنه ، فقال : يا أحمد بن خالد خذ بيده فأجلسه معها مجلس الخصوم ،  فجعل كلامها يعلو كلام العباس ، فقال لها أحمد بن خالد :  يا أمة الله إنك بين يدي أمير المؤمنين ، وإنك تكلمين الأمير فاخفضي من صوتك .  فقال المأمون :  دعها يا أحمد فإن الحق أنطقها وأخرسه ،  ثم قضى لها برد ضيعتها إليها ،  وظلم العباس بظلمه لها ، وأمر بالكتاب لها إلى العامل الذي ببلدها أن يوفر لها ضيعتها ويحسن معاونتها وأمر لها بنفقة .