محمود سامي البارودي

محمود سامي البارودي

1840 – 1904م

شاعر مصري معاصر، نشأ في القاهرة، وتخرّج في المدرسة الحربية. ولم يزل يترقى حتى رأس الوزارة قبيل الثورة العرابية. ثم نفي إلى جزيرة سيلان بتهمة الاشتراك في تلك الثورة، فلبث في منفاه سبعة عشر عاماً. وكُفَّ بصره قُبيل عودته إلى وطنه.

كان الباردوي منذ حداثته مولعاً بحفظ الشعر ونظمه، ميالاً إلى تعلُّم الأدب ودراسة مشاهير الشعراء. وهو حامل لواء النهضة الشعرية الحديثة، وله الفضل في إحياء الشعر وبعثه، وشعره يشاكل شعر الفحول السابقين: فهو جزل الألفاظ والتراكيب، فخم المعاني، متنوع الفنون، وأكثره شديد الصلة بنفسه وتجاربه.

والأبيات التالية من قصيدة قالها في المنفى، وفيها تصوير لحال مصر بعد الثورة العرابية، وحض على دفع الظلم، وهي أبيات ثائرة لا تقل عنفاً عن أشد الثورات المسلحة:

1  –  أبا  الدهر  إلا  أن  يسود  iiوضيعُه
2   –  فحتّام  نسري  في  دياجير  iiمحنةٍ
3 – إذا المرء لم يدفع يد الجَورْ إن سطت
4  – ومَنْ ذلَّ خوفَ الموت، كانت iiحياته
5  –  من  العار  أن  يرضى الفتى بمذلة
6  – وحسب الفتى مجداً، إذا طالب iiالعُلا
7   –   إذا   ولد   المولود   منا،   iiفدَرُّهُ
8   –   فإن  عاش  فالبيد  الدَّياميم  iiدارُه
9   –   ولا  بد  من  يوم  تلاعَبُ  iiبالقنا
10   –   تُدبِّرُ   أحكام   الطعان   iiكهولُه
11   –   قلوب   الرجال  المستبدة  iiأكْله
12  –  أحمَّلُ  صَدْرَ  النَّصل فيه iiسريرةً
13  –  فإما  حياةٌ  مثل  ما  تشتهي iiالعلا
 













 
ويَملِكَ      أعناق      المطالب     iiوغدُه
يضيق   بها   عن  صحبة  السيف  iiغمدُه
عليه،    فلا   يأسف   إذا   ضاع   مجده
أضرَّ      عليه     من     حِمام     iiيؤُدُّه
وفي    السيف   ما   يكفي   لأمر   iiيُعدُّه
بما     كان     أوصاه     أبوه     iiوجدُّه
دمُ    الصِّيد،   والجُردُ   العَناجيج   iiمهدُه
وإن    مات    فالطير   الأضاميم   iiلحدُه
أسود    الوغى    فيه،    وتمرح   iiجُردُه
وتملك      تصريفَ      الأعنة     مُرْدُه
وفيضُ      الدماء      المستهلة     وردُه
تُعدُّ      لأمرٍ      لا      يحاوَل     iiرَدُّه
وإما    ردىً    يشفي   من   الداء   وفْدُه
 

       

الهوامش

(2) المحنة: البلاء والفتنة.

(4) الحِمام: الموت – يؤدُّه: ينزل به ويشتد عليه.

(6) حسب: مبتدأ، حذف خبره للعلم به، والتقدير: ما يناله من رفعة. ومعنى البيت: كفى المرء عزاً وشرفاً أن يسير سيرة آبائه في طلب المعالي، وأن يطلب من المجد ما أوصاه أبوه وجده بتحصيله.

 (7) الدرّ: اللبن والغذاء – الصِّيد: ج أصيد، وهو الأسد، أو الذي يرفع رأسه كبراً – الجُرد: الخيل السباقة أو القصيرة الشَّعر، مفردها: أجرد – العناجيج: جياد الخيل – يقول: إن أطفالهم يشبون على الشجاعة وعزة النفس، وُيَعَّودون الفروسية وركوب الخيل، واقتحام الأخطار.

(8) الدّياميم: الفلوات الواسعة، مفردها: ديموم وديمومة – والأضاميم: الجماعات، ج إضمامة.

(9) تمرح: تنشط وتسرع. والضمير في "جرده" يعود على اليوم.

(10) المراد بتصريف الأعنة: تنفيذ خطط القتال. والعِنان: سير اللجام – المُرد: ج أمرد، وهو الغلام لم تنبت لحيته.

(11) الورد: النصيب من الماء – والضمير في "أكله" و "ورده" يعود على اليوم.

(12) يقول: إنه في هذا اليوم يكتم في صدر رمحه أو سيفه خطة قد أعدَّها لأمر خطير عظيم لا يستطاع رده – والسريرة: السّر والمراد هنا: الخطة المرسومة المكتومة.

(13) الوفد: مصدر بمعنى: الحضور والقدوم والورود.