مُنَمْنَماتٌ عَلى جُدْرانِ الْمَجالِسِ الْعَربيَّةِ 16

مُنَمْنَماتٌ عَلى جُدْرانِ الْمَجالِسِ الْعَربيَّةِ 16

د. محمد جمال صقر

[email protected]

الْمَرْأَةُ وَالْفَنّانُ

الْفَنّانُ الْحَقيقيُّ هُوَ ذلِكَ الرَّجُلُ الْعَجيبُ الَّذي تَزَوَّجَ الْفَنَّ !

فَهَلْ مِثْلُ هذَا الْإِنْسانُ يَسْتَطيعُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَيْضًا الْمَرْأَةَ !

هذا أَمْرٌ اخْتَلَفَتْ فيهِ الْآراءُ ، وَرَأْيِي الشَّخْصيُّ أَنَّ هذا مُسْتَطاعٌ ، لَوْ أَدْرَكَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ حَياتَها مَعَ هذَا الْإِنْسانِ لا يَنْبَغي أَنْ تُشابِهَ أَيَّةَ حَياةٍ أُخْرى ، وَأَنَّ حَياتَها سَتُبْذَلُ بِلا ثَمَنٍ لِرَجُلٍ بَذَلَ حَياتَه هُوَ أَيْضًا بِلا ثَمَنٍ !

نَعَمْ ، يَجِبُ أَنْ تَفْهَمَ امْرَأَةُ الْفَنّانِ أَنَّ كُلَّ حَياتِها يَنْبَغي أَنْ تُقَدَّمَ لِزَوْجِهَا الْفَنّانِ ، وَأَنَّ كُلَّ رِسالَتِها فِي الْحَياةِ أَنْ تَكْفُلَ لِزَوْجِهَا الْحَياةَ الْهَنيئَةَ الْجَميلَةَ الَّتي في كَنَفِها يُنْتِجُ وَيَخْلُقُ !

زَوْجَةُ الْفَنّانِ :

هِيَ تِلْكَ الَّتي تُعْنى بِزَوْجِها ، وَلا تُطالِبُ زَوْجَها أَنْ يُعْنى بِها !

هِيَ الَّتي تُزيلُ مَتاعِبَ زَوْجِها ، وَلا تَنْتَظِرُ مِنْ زَوْجِها أَنْ يُزيلَ مَتاعِبَها !

هِيَ الَّتي تَتَلَقّى مِنْ زَوْجِها هُمومَه ، وَلا تُخْبِرُه مُطْلَقًا بِهُمومِها !

هِيَ ذلِكَ الْمَخْلوقُ الَّذي يَعيشُ صامِتًا صابِرًا باسِمًا بِجِوارِ الْفَنّانِ طولَ الْعُمْرِ ، دونَ أَنْ يَشْعُرَ لَحْظَةً واحِدَةً بِوِقْرِ هذَا الْجِوارِ !

هِيَ الَّتي تَقِفُ إِلى جانِبِه دائِمًا ، دونَ أَنْ يَفْطِنَ إِلى أَنَّها مَوْجودَةٌ !

إِنَّ الزَّوْجَةَ الَّتي تَسْتَطيعُ أَنْ تَعيشَ مَعَ الْفَنّانِ ، هِيَ بِالِاخْتِصارِ تِلْكَ الَّتي لَها رِسالَةٌ وَعَقيدَةٌ !

هِيَ الَّتي تَسْتَحِقُّ بِصَبْرِها وَتَضْحِيَتِها ، أَنْ يَقْرِنَ التّاريخُ اسْمَها بِاسْمِه !

هِيَ الَّتي تَضَعُ في قَلْبِها هذِهِ الْكَلِمَةَ :

إِنَّما يَعيشُ الْفَنّانُ مِنْ أَجْلِ الْفَنِّ ، وَتَعيشُ هِيَ مِنْ أَجْلِ الْفَنّانِ !

لتوفيق الحكيم ،

في " تحت شمس الفكر "