الشاعر الإنجليزي بيرسي بيش شلي .. حياته وشعره وفكره

*1811 _ طرده من جامعة أكسفورد ، وهربه مع هارييت وستبروك . 

*1818 _ مغادرته إنجلترا إلى إيطاليا دون رجعة . 

*1819 _ السنة العظيمة التي أنتج فيها الأعمال الأدبية الآتية : قصيدة "بروميثيوس طليقا " ، 

وقصيدة " أغنية إلى الريح الغربية " ، وبعض أجود قصائده الغنائية . 

*1820 _ استقراره في بيزا وضاحيتها ؛ " دائرة بيزا " . 

كان شلي ملحدا متطرفا ، وغير ملتزم بالتقاليد الكنسية المسيحية طول حياته رغم انحداره من أسرة محافظة جدا ، فأجداده كانوا من طبقة الذوات في مقاطعة سسكس منذ مطلع القرن السابع عشر ،وصنع جده بيش شلي من نفسه أغنى رجل في بلدة هورشام التابعة لسسكس ، وأما والده تيموثي شلي فكان عضو ابرلمانيا صلبا ومحافظا في آرائه . وكان بيرسي شلي نفسه بسبيله ليصبح بارونا ، وأرسلته أسرته ليدرس في إيتون وأكسفورد لتأهيله لهذه المنزلة الرفيعة . كان نحيل البنية ، غريب الأطوار ، عديم البراعة في الألعاب الرياضية والعراك مع الآخرين ما عرضه للضرب دون رحمة من جانب الفتية الأكبر منه سنا والأقوى منه بدنا . ورأى حتى في ذلك الزمن المبكر من حياته في سفاسف طغيان المعلمين وزملاء الدراسة مثالا على وحشية الإنسان ضد أخيه الإنسان ، ومن ثم رأيناه ينذر كل حياته لمحاربة جميع ألوان الظلم والاضطهاد . ويصف تجاربه المريرة بسببهما في تصديره لكتابه " ثورة الإسلام " قائلا : " ... ومن ثم قلت : " سأكون حكيما وعادلا وحرا ودمثا متى توافرت في تلك القوى . سئمت رؤية تواصل طغيان الأنانيين والأقوياء دون أن يزجرهم أو يردعهم أحد  ، هنالك حبست عبراتي ، وسكن فؤادي ، وأحسست الدماثة والسيطرة على النفس " . وفي جامعة أكسفورد ، في خريف 1810 ، كان توماس جفرسون هُج هو الصديق الوثيق لشلي فيها ، وقاسمه حبه للفلسفة واحتقاره للتمسك بأهداب الدين ، وتضافر الاثنان في كتابة منشور عنوانه " الحاجة إلى الإلحاد " زعما فيه أنه ليس في الإمكان البرهان على وجود الله _ تعالى _ على أسس تجريبية . ورفض شلي التبرؤ من المنشور أمام السلطات المسئولة ، فطردته من الجامعة طردا نهائيا باتا الأمر الذي صدمه صدمة عنيفة ، وأحزنه حزنا عارما لإنهاء حياته الجامعية التي لم تلبث سوى ستة أشهر ، وأحدث طرده شرخا بينه وبين والده اتسع مع السنين . 

ورحل شلي إلى لندن  حيث دفعته حماسته إلى اختبار إصراره على تحقيق العدالة الاجتماعية إلى تبني قضية هارييت وستبروك ، الصبية المليحة الودود ، ابنة أحد مالكي الحانات الأغنياء الذي كتب شلي إلى صديقه هج أنه ، الأب ، " اضطهدها بأسلوب خالص الرعب حين حاول إجبارها على الذهاب إلى المدرسة " ، وكانت هارييت استغاثت بحمايته . وتابع قائلا في رسالته : " إن الوفاء لها والإعجاب بها يوجبان علي حبها إلى الأبد " .  

وكان أن هرب معها إلى إدنبرج ، وتزوجها فيها مع قناعته أن الزواج مؤسسة اجتماعية ظالمة ومنحطة ، وكان حينئذ في الثامنة عشرة ، وهي في السادسة عشرة . وطفق الاثنان يتنقلان من موضع إلى موضع قلقين مضطربين ، معتمدين في حياتهما على معاش زهيد تدفعه لهما أسرتاهما في مضض وفتور . ورحلا في فبراير 1812 إلى دبلن بصحبة إليزا أخت هارييت لتوزيع  " خطاب شلي إلى الشعب الآيرلندي " وللإسهام في مواجهة مشكلة  الكاثوليك ، ولتحسين حال المضطهدين الذين يعانون لأواء الفقر المدقع .  

وعاد إلى لندن ، وهناك صار حواريا للفيلسوف الاجتماعي المتطرف وليم جودوين مصنف كتاب " تحقيق خاص بالعدالة السياسية " . وفي 1813 طبع سرا أول عمل هام له : " الملكة ماب " ، وهو قصيدة استشرافية مطولة في صورة رحلة خيالية لروح خيالية في الفضاء . وتكشف الجنية ماب لهذه الروح من خلال الرؤى الماضي الأليم ، والحاضر المرعب ، والغد المثالي . وإذ تعلن ماب أنه " ما من إله ! " نراها تستنكر المؤسسة الدينية ، وتصنف الأخلاق الحميدة باعثة للشرور في المجتمع ! وتتنبأ معتمدة على " الإلهة الضرورة " بأفول كل المؤسسات الاجتماعية ، ورجعة الإنسان إلى حالته الفطرية الأصلية من الصلاح  والسعادة . وبعد أن انفصل عن هارييت ، أحب في الربيع التالي الحسناء ماري وولستون كرافت جودوين . وكان انفصاله عن هارييت تطبيقا لقناعته بأن الحياة المشتركة دون حب سوء خلق ! وهرب مع ماري إلى فرنسا مصطحبين معهما أختها غير الشقيقة كلير كليرمونت . ثم دعا هارييت للعيش معهما بصفتها أختا له وفقا لمضيه  في إيمانه بالحب الشامل الذي لا يستثني أحدا . وأحنق هربه مع ماري حتى أباها علما بأن آراءه النظرية عن الزواج لا تقل تحررا عن آراء شلي الذي كان تعهد ، رغم وقوعه في ضوائق مالية عسيرة ، بسداد ديون جودوين الكثيرة جدا . 

وحين رجع إلى لندن ألفى الرأي العام وأكثر أصدقائه يرونه فاسقا أخلاقيا عُتُلاً وليس ملحدا وثوريا فحسب .ولما قتلت هارييت نفسها غرقا بعد عامين في نوبة قنوط عصفت بها ؛ رفضت المحاكم وصايته على طفليهما . وأتبع هذه الأحداث بزواجه من ماري جودوين والذهاب إلى إيطاليا ليلفي نفسه فيها زنيما غريبا ومزدرى ومنكرا من الناس الذين سخر قواه وحياته لإرفاههم وإسعادهم . واستأنف في إيطاليا حياته القلقة المضطربة مترحلا من مدينة إلى مدينة ، ومن بيت إلى بيت . وكان عادة سقيم البدن . ودر عليه موت جده في 1818 دخلا كبيرا إلا أنه أهدر أكثره  في إنفاقه العطوف ، ولكن المبذر على وليم جودوين ولي هانت وسواهما من الفقراء المعاويز ، والمحالين على المعاش حتى إنه كان دائم الإفلاس ، ومعرضا لمضايقات دائنيه . وعقب تسعة أشهر من وصوله إلى إيطاليا ، أي في 1818 _  19 18 توفي طفلاه المحبوبان من زوجته ماري ؛ كلارا ووليم ، فقذفت تلك المأساة ماري في حالة من فتور الشعور والاستغراق الذاتي حطمت ما كان بينها وبين زوجها من انسجام ووئام ، ولم تشفها منها تمام الشفاء ولادتها طفلا جديدا هو بيرسي فلورنس . 

وفي ظل تلك الملابسات الُمقنطة ، وحال تقف  أحيانا على شفا القنوط ، وإضافة إلى علم شلي أنه في أشد الاحتياج إلى جمهور يتلقى أدبه ؛ كتب أعظم أعماله ، فأكمل في 1819 رائعته " بروميثيوس طليقا " ، وكتب مأساة بديعة هي " السنسي " ، إلى جانب عدد من القصائد الغنائية ، وقصيدتي  هجاء هما " قناع الملكية " ، و " بطرس بل الثالث " ، ومقالة سياسية ثاقبة هي " وجهة نظر فلسفية في الإصلاح " ، وتضم مؤلفاته في العامين اللاحقين " دفاع  عن الشعر " ، و " إيبيبسيشيديون " ، وهي رؤيا للحب بصفته اتحادا يتجاوز الحدود الحسية ، ويعرفه العنوان بأنه " روحي الخارجية " ، وقصيدة " أدونيس " مرثيته النبيلة للشاعر كيتس ، وقصيدة " هيلاس " ، وهذه مسرحية غنائية أوحتها إليه الحرب اليونانية للتحرر من سيطرة الأتراك ، وعبر فيها مجددا عن رؤيته لعصر ذهبي جديد للبشرية . وهذه الكتابات ، على نقيض " الملكة ماب التي كتبها مبكرا ، كلها ثمرة عقل اتسع ، وطهرته التجربة المأساوية ، وعمقه التأمل الفلسفي الذي لا يتوقف ، وأثراه مخزون حصاد من القراءة  التي واصلها مثلما قال صديقه هج : " في وقتها وفي غير وقتها ، على المكتب ، وفي السرير ، وخاصة خلال  النزه " حتى بات واحدا من أوسع الشعراء معرفة .   وتلاحقت بهجته بالاكتشافات العلمية ، والتأمل في الإنسان والكون إلا أن حماسته المبكرة ضد الإرهاب الكاثوليكي ، ولنظريات متفائلي  القرن الثامن عشر ؛ حل محلها انشغاله الكلي بالمأساة اليونانية ، وبقصيدة ميلتون المطولة " الفردوس المفقود " ، وبالإنجيل دون أن يتخلى عن آماله في مستقبل الألفية السعيدة . وعلق في عنقه سلسلة ذهبية تحمل شعار" زمن الخير آتٍ " ، وبات في هذه الفترة من حياته يعزو شرور المجتمع الحالي إلى إخفاقات الإنسان الأخلاقية الفردية الخاصة به ، وأرسى أسس إمكانية الإصلاح الاجتماعي الجذري على قاعدة إصلاح طبيعة الفرد الأخلاقية من خلال تحرير قوى الحب في نفسه . ومع حقيقة أنه غالبا ما نظر إلى شلي بصفته مذهبيا ساذجا إلا أنه في الحق امتلك ذكاء معقدا ذا قدرة راقية في التساؤل المستقصي لكنه الأشياء . ولم يتوقف عند حالة عقلية ثابتة . وكل كتابته لا تقدم حلولا نهائية للقضايا والمشكلات ، بل مراحل في استكشاف متصل لتلك الحلول .  

وتدل قصائد شلي الناضجة كذلك على تأثير دراسته المكثفة لأفلاطون والأفلاطونيين المحدثين ،فهو منذ  طفولته المبكرة عاش في عالمين . الأول عالم تجربته اليومية ؛ عالم المقاساة والظلم والشدة الذي رآه عالما خاليا من التسامح . والعالم الثاني كان عالما متخيلا من العدالة المطلقة والخير والحب . ولا ريب في أن الأفلاطونية كانت ملائمة ومنسجمة مع عقلية مثل عقلية شلي ؛ لأنها ، الأفلاطونية ، ترى الكون منقسما بين السيطرة القديمة والغامضة للتجربة الحسية وبين معيارية عالم المثال الكامل الخالد خارج حدود الزمان والمكان ( الزمكان ) الذي هو مكان كل الحق والجمال والخير الذي لا يمثل فيه عالم الحس إلا انعكاسا بعيدا ووهميا .   

وعدلت الدراسات الحديثة   لما قرأه شلي ولمقالاته الفلسفية وشعره تعديلا موسعا من التفسيرات المبكرة لشخصيته  بصفته مثاليا أفلاطونيا ، وإن في اضطراب ما ، فهو كان تلميذا وثيق الصلة بالتراث الإنجليزي الشامل الذي يحصر المعرفة السليمة في ما تقدمه التجربة الحسية المباشرة ، واستشعر صلة خاصة في هذا التراث مع الشك المسرف لديفيد هيوم ؛ إذ إنه كتب في زمن مبكر من حياته في ملاحظة عن " الملكة ماب " يقول : " كل ما لنا حق في استنتاجه من جهلنا بأي حدث هو أننا لا نعرفه ، ونصل بعد ذلك حالا إلى تخلي الكلمات عنا ، وما الغرابة عندئذ إذا شعرنا بضعف البصر عن النظر إلى غور الهوة المظلمة لضآلة معرفتنا ؟! " . وحقا كان شلي مثالي النزعة ، ولكن مثاليته ، مثلما بين سي . إي . بيولس في كتابه " الحقيقة العميقة .. دراسة في شك شلي " ، مثالية متميزة ، تتمسك مدفوعة بالحذر ، بالأفكار التي يصورها الخيال الذي يتجاوز التجربة الحسية ، وتأبى في ذات الوقت أن يكون لهذه الأفكار صفات خاصة بها خارج نطاق التجربة الحسية .  

وعلى هذا يرفض في عناد ، على سبيل المثل ، توكيد بقاء الحياة الواعية والذات الشخصية بعد الموت . ما نعرفه هو أن هذه الحياة تنتهي بالموت ، أما ما يحدث بعد ذلك ، مثلما قال في " بروميثيوس طليقا " ، فمهما تخيلناه فلن يعلمه سوى الموتى الذين  انبتت صلتنا بهم . ويُنظَرعادة إلى قصيدته " ترنيمة إلى الجمال العقلي " بصفتها مثلا محوريا على أفلاطونيته . 

والواقع أن القصيدة ترفض رفضا قويا التوكيدات عن الفطرة والأسباب المتحكمة فيها ، وغايات  

هذه " القوة الغيبية " التي زعمتها المذاهب الفلسفية أو الدين الجازم في أحكامه . ويقدم شلي مفهوم قوة أخرى ، هي القوة الشاملة التي تتحكم في الأمر كله ، وفي الطريقة التي تحدث بها الأشياء فعلا .إنها  قوة الشبه بنهر آفر  في " الجبل الأبيض " ، إنها " الليل الكبير " و المثال الذي لا صورة  له في قصيدة " بروميثيوس طليقا " . ولكن هذا المفهوم يقدم عنده بصفته لا سبيل إلى بلوغه بالعقل العارف ، وبصفته لا مباليا تماما بأهداف البشر ، ومن ثم ، ومع قدرته على الصيرورة خيرا عظيما ، فهو في الوقت عينه  قادر بذات الدرجة على تحطيم كل ما نراه عظيم القيمة في الحياة . ويرى شلي الناضج أن الأمل في انتصار الخير في الألفية السعيدة ليس مضمون التحقق من الناحية العقلية ، وكل ما في أمره أنه فضيلة جوهرية وقيمة خلقية . والأمل الذي لا سبيل إلى إلغائه في تحرير الحياة تحريرا تاما بالحب والخيال لا يضمنان لنا بلوغه  ، ولكن يبقيان الباب مفتوحا إلى هذه الإمكانية ، ويحرران قدرات الإنسان التخيلية والإبداعية التي هي الوسيلة الوحيدة الفعالة لبلوغه . ويجب أن نتعلق  بالأمل ، فنقيضه اليأس ليس مضمون الصلاحية ، بالإبقاء على ملابسات اليأس التي يتخلى أمامها العقل عن تطلعاته !  

واقترب شلي من وجدان رضا نفسه أكثر من أي وقت في سني بلوغه ، وذلك حين استقر في 1820 نهائيا مع أسرته في بيزا ؛ إذ انعقدت حولهم دائرة  من الأصدقاء هي " دائرة بيزا " الخاصة به ، والتي ضمت لبعض الوقت الشاعر لورد بايرون ، والشاب المغامر      إدوارد تريلوني إلا أن خيرة محبي شلي كان إدوارد ويليامز الملازم المتقاعد من جيش شركة الهند الشرقية ، وزوجته جين المحامية العامة التي أحبها شلي وخصها ببعض أحسن قصائده الغنائية ورسائله النثرية . وجاءت نهاية شلي بغتة ، وبطريقة توقعها مبكرا في المقطع الأخير الممتع من قصيدته " أدونيس " التي شبه فيها روحه بسفينة تسوقها عاصفة عاتية نحو ظلمة مجهولة لتلحق بروح أدونيس الخيالية . ففي الثامن من يوليو 1822 ، كان يبحر مع إدوارد ويليامز في زورقهما المكشوف "دون جوان " من ليجورن إلى مسكنهما الصيفي قرب ليرتشي عند خليج سبيزيا . وثارت عاصفة شديدة جرفت الزورق . وأحرق جثماناهما حين  جرفتهما الأمواج إلى الشاطىء بعد أيام . ودفن رماد شلي في مقبرة البروتستانت بروما جوار قبري الشاعر الإنجليزي جون كيتس ووليم شلي ابن الشاعر الصغير . وخلف قصيدته " انتصار الحياة " ناقصة ؛ تلك القصيدة التي مثلت بقدرتها السردية القوية ، ووضوح بنائها الفني ، وأسلوبها المركز ؛ انطلاقة جديدة له ، وكانت واعدة في رأي قراء كثيرين بأن تكون أحسن قصائده . 

وكتب الشاعر بايرون الذي كان  يعلي من قيمة الأخلاق إلى جون موريه عند موت شلي " أخطأتم جميعا خطأ وحشيا في حق شلي الذي كان ، ودون استثناء ، أحسن الناس الذين عرفتهم وأقلهم أنانية ، ولم أعرف أحدا ليس وحشا مقارنة به " . وأساس مأساة حياة شلي القصيرة أنه جلب على نفسه وعلى الذين أحبوه المصائب والمكابد ؛ لأنه حاول أن يحيا في العالم حسب أفكاره التي حددت ما يجب أن يكون عليه هذا العالم  مثلما اعترف هو نفسه حين كتب إلى ماري قبل سنة من موته " الخير أكثر تأثيرا من الشر ، والحب كان أضر بي من الكره " . ويرى كثير من النقاد في العقود التي تلت عشرينات القرن العشرين ( إذا استثنينا تبجيل  الشاعر وليم بتلر ييتس له ، وأنه سيد الشعر الذي يجب أن يعجبوا به ) أن شلي بشعره بين الصفات التي لا يجب أن يتصف الشعر بها ، وهي ألا يكون ملاذا مفضلا لنماذج الفجاجة العقلية والعاطفية ، والصنعة الرديئة ، والأوصاف غير المحسوسة ، والصور المتنافرة  . إلا أن هجوم أولئك النقاد عليه حرك عددا من المدافعين المقتدرين عنه  الذين أدت قراءتهم الوثيقة لقصائده إلى تزايد اقتناعهم بصحة رأي الشاعر وردز ورث فيه حين يقول :" شلي واحد من خيرة فنانينا ؛ أقصد في الصنعة الأسلوبية " . والواقع أن توسيع شلي لمنابع الشعر العروضية والصوتية لا نظير له مُحْدثا في تاريخ الأدب الإنجليزي . وإضافة إلى هذا ،تكشف قصائده الناجحة عن امتداد صوتي مذهل بدءا من النظام الصوتي المهيمن في ثورة قصيدة " أغنية إلى الريح الغربية " ،وعبورا بهدوء الأنغام وجلالها في " بروميثيوس طليقا " ، والاقتراب السهل مما يمكن التعبير عنه في تجسيد التحول الشكلي في  " آسيا  " ، وفي الخاتمة الرؤيوية لقصيدة "أدونيس " لشاعر ، والمثير للدهشة ، في شاعر احتاج تقريبا حاجة كاملة إلى جمهور قارىء ، واللطف المؤكد ، والتحكم القوي في نغم شاعر من شعراء العالم ولغته ، وكل هذا جلي في  كتابات شلي في كل زمن نضوجه ، ولكنه أكثر جلاء وقوة في القصائد الغنائية العظيمة والرسائل الشعرية التي نظمها في آخر سني حياته .  

*عن " مقتطفات نورتون المختارة من الأدب الإنجليزي " . 

وسوم: العدد 901