صحيفة عبرية: بعد تطبيع دول “الفساد” مع “الأبرتهايد”.. هل بقي للفلسطينيين أمل؟

 هآرتس 13/12/2020

من السهل إلغاء قيمة الاتفاقات التي وقعت عليها إسرائيل مع الأربع دول عربية، ومن السهل أكثر بيان انعدام أخلاقيتها. لم يكن لإسرائيل حرب مع هذه الدول، وإن هذه الاتفاقات استهدفت تحقيق مصالح الولايات المتحدة (اتفاقيات السلاح معها) ولأن إسرائيل، صديقتهن الجديدة، عدوة أعدائهن- إيران. من المؤلم والمثير للغضب اختيار إخوة الفلسطينيين التخلي عنهم وتركهم يواجهون مصيرهم؛ إن تهرب إسرائيل من حل مشكلتهم، والتي هي أيضاً مشكلتها الكبرى التي ترسم صورتها، هي أكثر إثارة للغضب. هذه ليست اتفاقات سلام ولا حتى اتفاقات تطبيع: ليس هنالك شيء طبيعي في علاقات دول استبدادية مع دولة أبرتهايد.

وبعد أن قلنا هذا وكنا على حق، ليس بالإمكان قبول اكفهرار الوجه والعبوس الذي أبداه الإسرائيليون في أعقاب هذه الاتفاقات، فقط لأن نتنياهو وترامب هما اللذان حققاها. هل كان على نتنياهو أن يقول “لا” للأربعة أنظمة الفاسدة هذه، التي أرادت التوقيع على اتفاقات مع إسرائيل؟

القول بأن الاتفاقات تخدم مصالحهن، هل يضعف مفعول هذه الاتفاقات أم يعززها؟ هل يحق لإسرائيل أن تتورع ولا توقع على اتفاق يسمح للمغرب بضم الصحراء الغربية، في حين أنها ترسخ احتلالاً وحشياً أطول عمراً منه؟ يجب أن نضع كل شيء جانباً وننهي الاحتلال أولاً. ولكن هذا لم يحدث طوال 53 عاماً، ولن يحدث حتى بعد 53 عاماً. لم تنوِ إسرائيل في يوم من الأيام تحرير الفلسطينيين من قبضتها الحديدية، أما خيانة الدول العربية لهم فليس أمراً جديداً؛ فالمغرب الآن يغرس في ظهرهم سكيناً، وليس للمرة الأولى. ومع ذلك، هنالك بصيص أمل في هذه الاتفاقات، وحتى لو لم يكن فيها ما يبشر بفجر يوم جديد فربما ستساعد على خلق واقع جديد، أفضل قليلاً.

ترامب ونتنياهو ليسا رجلَي سلام أو ضمير، وبالتأكيد ليسا من مؤسسي العدالة، ولكن ليس بالإمكان تجاهل أن ترامب مسؤول عن السلام الإسرائيلي – العربي، بين قوسين أو بدونهما، أكثر من سابقه الحاصل على جائزة نوبل للسلام، باراك أوباما. كما أنه ليس بالإمكان تجاهل حقيقة أن نتنياهو فتح أمام الإسرائيليين أبواب الدول العربية أكثر من كل سابقيه معاً – بمن فيهم الحاصلون على جوائز نوبل للسلام. اتفاقات السلام الجديدة لا تستحق جائزة، لأنه لم يكن على نتنياهو بذل أي جهد حين وقع عليها. لدى رؤيتنا أضرار هذه الاتفاقيات العديدة، يمكننا –بصعوبة- أن نبارك لترامب ونتنياهو. ولكن الاستقامة تقتضي القول: أعطوا ما لقيصر لقيصر. لقد صنعا سلاماً وليس حرباً.

إن أنظمة كل أعداء إسرائيل متعفنة، ونظام إسرائيل أيضاً بعيد ليس نقياً، ولكن هل بسبب ذلك لم تكونوا لتوقعوا على اتفاق سلام مع إيران؟ هل كانت مصر ديموقراطية يوماً ما؟ أو المملكة الأردنية؟ السلطة الفلسطينية… هل هي ديموقراطية؟ وإسرائيل أيضاً ليست ديموقراطية، ولهذا يعتبر هذا السؤال من نافل القول. إذا كانت نوعية النظام في الدولة شرطاً أساسياً لإقامة علاقات معها، فبالإمكان التنازل عن نصف العالم وأكثر.

بواقي الآمال: قد يؤدي انقضاض الإسرائيليين وهجومهم نحو الدول العربية إلى تغيير في وعيهم. بعد سنوات من غسل الدماغ، حين قالوا إن كل الفلسطينيين مخربون وماكثون غير شرعيين، وغاسلو سيارات، وعمال بناء، أو نوادل يقدمون الحمص والشيبس والسلطة، وأن العرب الجيدين هم العرب الأموات، وأنهم يريدون رمينا في البحر – فجأة يواجَهون بدبي… يا للهول! ليس هذا هو ما أخبرونا به عن العرب. “بيتار القدس”، من بين كل الفرق يمتلكها يهود وعرب، والرحلات الجوية المباشرة إلى المغرب ستذكر اليهود الذين جاءوا من المغرب بالتفاخر بأصلهم حتى في إسرائيل. هم يهود- عرب، وهذا أمر مدهش.

بعد ذلك، يأتي وقت الاختبار… هل ستشن إسرائيل، ثانيةً، هجوماً بربرياً على غزة، أو على لبنان، وهي تعرف أن لديها ما ستخسره؟ لقد فشلت الولايات المتحدة وأوروبا، ولم تضعا حداً للاحتلال. ربما ينجح العرب في هذا الأمر يوماً ما دون حرب.

وسوم: العدد 907