تلمس الماء في سوريا

التحرير: نيويورك تايمز

12/1/2014

بعد ثلاث سنوات على بدء القتال تقريبا, فإن العديد من التنبؤات الأكثر تشاؤما حول الحرب الأهلية السورية أصبحت حقيقة واقعة. الصراع لم يجتاح البلاد فقط, مؤديا إلى مقتل أكثر من 130000 شخص وإجبار أكثر من تسعة ملايين مدني للخروج من بيوتهم, ولكنه وبصورة متزايدة ينتشر في المنطقة, ويزعزع استقرار الدول المجاورة ويصبح بمثابة نقطة جذب للمقاتلين الأجانب, من بينهم بعض المقاتلين من الولايات المتحدة نفسها.

الحرب أصبحت معقدة للغاية, وهي تزيد الخصومة المريرة بين السعودية ذات الغالبية السنية والتي تعتبر بمثابة الداعم الرئيس للمتمردين السنة الذين يسعون لإسقاط الرئيس بشار الأسد وإيران الشيعية, أكبر داعمي الأسد. وليس هناك أي مؤشر على أن الولايات المتحدة أو أي قوة أخرى لديها ما يكفي من نفوذ لوضع حد للصراع. فرص نجاح مؤتمر السلام المزمع عقده في 22 يناير في سويسرا ليست كبيرة, وحتى أنه مشكوك في عقده.

أحد أهم التطورات المقلقة هو المدى الذي هيمنت فيه المجموعات الإسلامية والمجموعات المرتبطة بالقاعدة ذات التدريب والتسليح الأفضل على ساحة المعركة على حساب قوى المعارضة العلمانية والمعتدلة وذات التوجه الغربي. المعتدلون متفرقون منذ وقت طويل كما كانت الولايات المتحدة بطيئة في دعمهم بالمعدات والتدريب, وذلك بسبب مشاكل في السيطرة عمن يمكن أن يستلمها.

منذ بداية يناير, تعرضت دولة الشام والعراق المرتبطة بالقاعدة والتي تعتبرها المجموعات المسلحة الأخرى مجموعة متطرفة للهجوم من بعض أكثر حلفائها السابقين قربا, ويشمل ذلك جبهة النصرة المرتبطة هي الأخرى بالقاعدة والجبهة الإسلامية. الدولة الإسلامية أثارت غضب هذه الجماعات, حيث تهدف هذه الجماعة إلى بناء دولة الخلافة الإسلامية في سوريا والعراق, كما شنت حملة للسيطرة على المناطق التي تخضع لسيطرة المتمردين وصادرت أسلحة من المتمردين الآخرين واعتقلت مئات من السوريين وأعدمت أولئك الذين تقول أنهم انتهكوا تعاليم الشريعة.

وبحسب التقارير أجبر القتال الدولة الإسلامية على التخلي عن بعض قواعدها والبلدات التي تسيطر عليها, وسوف يكون من الجيد هروب الجماعات المرتبطة بالقاعدة من الواجهة. الولايات المتحدة علقت شحناتها من الأسلحة غير الفتاكة ( مثل المركبات والمواد الغذائية) للمعتدلين في ديسمبر بعد أن سيطرت الجبهة الإسلامية على المستودعات التي تحوي هذه المعدات. (السي آي أي تدير برنامجا سريا آخر لتسليح وتدريب المتمردين).

المسئولون في الإدارة الأمريكية يعيدون النظر الآن في استئناف تقديم المساعدات غير الفتاكة, التي تشرف عليها وزارة الخارجية, وذلك بعد أن أصبح بعض الإسلاميين يقاتلون إلى جانب الجيش السوري الحر ضد الدولة الإسلامية كما أن الجبهة الإسلامية أعادت المستودعات وبعض محتوياتها. تقديم مثل هذه المساعدات يمكن أن يقوي المعتدلين ويشجعهم على المشاركة في محادثات السلام. كما أن ذلك يمكن أن يطمئن السعوديين, الذين يريدون أن تلعب الولايات المتحدة دورا أكبر في سوريا ويخشون من أن تحركات أمريكا تجاه التعاون مع إيران, خصوصا مع تخفيف أمريكا العقوبات كجزء من اتفاق نووي مؤقت, سوف يعزز من صعود إيران كقوة إقليمية في المنطقة.

هناك خطر من أن مساعدات الولايات المتحدة يمكن أن يكون لها أثر عكسي, كما حدث في الثمانينات عندما ساهم الدعم الذي قدم للمجاهدين لمواجهة السوفييت في خلق أرضية خصبة للحركات الإرهابية بعد سنوات من ذلك. ولكن الخطر ربما يستحق المجازفة. المتطرفون السوريون يحاولون تجنيد وتدريب أمريكان وغربيين آخرين لشن هجمات في الولايات المتحدة, وفقا لما قاله مسئولون أمريكان رفيعو المستوى.

ويبقى الحل السياسي التفاوضي أفضل حل للحرب السورية, ولكن ليس هناك أي مؤشرات على ان الأسد والمتمردين جاهزون للتوصل إلى أي اتفاق. العديد من فصائل المعارضة التقت في إسبانيا الجمعة الماضية ولكنهم لم يتمكنوا حتى من التوصل إلى اتفاق بينهم فيما إذا كانوا سوف يحضروا مؤتمر السلام. كإحدى أكبر حلفاء الأسد الرئيسيين, فإن بإمكان إيران أن تذهب باتجاه إقناع العالم بجاهزيتها للعب دور دولي بناء من خلال تشجيع الأسد على التنحي جانبا لصالح حكومة انتقالية. ولكن ليس هناك أي مؤشر على ذلك, ويبدو أن إيران لن تحضر مؤتمر السلام, على افتراض أنه سوف يعقد أصلا.