صحيفة عبرية: هل هناك انتصار لحماس أكبر من هذا؟

في حروبها ضد حماس، لم تضع إسرائيل أهدافاً أيديولوجية – استراتيجية. فقد اكتفت بـ “إعادة الهدوء إلى ما كان عليه”. ورغم الضربات القاسية، سيكون الأمر على هذا النحو أيضاً. وبسبب إملاءات حماس، يغلق الحرم أمام اليهود (لكن ليس أمام المشاغبين العرب الذين يتصرفون فيه وكأنه ملك لهم) منذ يوم القدس. و الشيء نفسه ينطبق على منع سكن اليهود في حي “شمعون الصدّيق”. تدعي حماس وبحق أنها حققت هدفها، وهو الحفاظ على السيادة العربية للحرم وشرقي القدس. هي وحدها دون أي من حراس القدس “الرسميين” مثل السلطة الفلسطينية والأردن والسعودية والمغرب. هل هناك إنجاز استراتيجي أو سياسي أو معنوي أكبر من ذلك؟

تدعي حماس أيضاً، وبحق مرة أخرى، بانتصارات أخرى. فقد أشعلت الجمهور الفلسطيني في أرجاء فلسطين والعالم، وطلبت منه -كما لم نعهد ذلك منذ العام 1949- الخروج ومحاربة معاناة شعبها المقموع. النتيجة هي أن المحتل الصهيوني وجد نفسه عاجزاً أمام أبطال عكا واللد والرملة والنقب والجليل ووادي عارة. الشرارة التي انتظرها الفلسطينيون في الـ 73 سنة الأخيرة لن تخبو مرة أخرى. ولا يقل عن ذلك أهمية، أن عمقت حماس الشرخ في أوساط اليهود وزادت حدة الأزمة السياسية وجعلت الكثير من اليهود الذين يحتلون مواقع نفوذ في السياسة والاقتصاد والأمن ويخدمون في الدولة، بشكل خاص في وسائل الإعلام، يتماهون معها.

بفضل حماس فقط، ولعار الدول العربية والسلطة الفلسطينية، فلسطين تشتعل. واليهود في حرج وينكرون كما هي العادة، الإنجاز التاريخي للمقاومة العربية. بعضهم، وهذا ليس أمراً مفاجئاً، يحملون أنفسهم التهمة، وأصابهم الخوف والذعر في اللد والرملة، وأزالوا المازوزة عن أبواب البيوت، ويقوم الجيش بمنع الجنود غير الموجودين في الجبهة من ارتداء الزي الرسمي وحمل السلاح، وهناك سيارات عسكرية حظر عليها السفر في وادي عارة وفي شارع 443، والبدو يرشقون السيارات الإسرائيلية بالحجارة في شوارع جنوب فلسطين ومنعوا بشكل مؤقت دخول الطيارين إلى قاعدة “نفتيم”.

بدأت حماس الحرب بهدف تحرير “الأماكن الإسلامية المقدسة” من أيدي المحتل اليهودي، ويجب هزيمته وتشكيل صورة انتصار. مع ذلك، يجب على الدولة اليهودية التأكيد على أنها ستحافظ على حرية العبادة لليهود والمسلمين والمسيحيين في الحرم وفي أي مكان على أرض إسرائيل. بهذا فقط ستعيد لنفسها السيادة في عاصمتها.

كما قلنا، إسرائيل لم تحدد أهدافاً استراتيجية للمعركة. الواجب الأول على المستوى السياسي، هو إزالة جميع العقبات التي فرضت على اليهود في عاصمتهم؛ أي يجب السماح بحرية العبادة لليهود في الحرم وتعزيز الحضور في الأحياء التي تقع داخل الأسوار، خصوصاً في الأحياء الواقعة وراءها، مثل “جفعات همتوس” وجبل أبو غنيم. عندما يتبين لحماس أن إطلاق الصواريخ وتحريض “عرب إسرائيل” يبعدها عن هدفها الرئيسي (السيطرة على الأماكن المقدسة) فحينئذ ستتعلم الدرس. وإذا لم نتصرف بهذا الشكل، فستستمر في السيطرة على عاصمتنا، وستستمر أعمال الفوضى في شوارع البلاد على شاكلة اللد وعكا. وحتى لو وضع الجيش الإسرائيلي يده على محمد الضيف ويحيى السنوار فهذا سيكون شهادة انتصار كاذبة.

وسوم: العدد 930