أصدقاء إد ميليباند, أصدقاء الأسد

أندرو جيليغان

الجارديان

في اجتماع لتحالف أوقفوا الحرب في البرلمان يوم الأربعاء, احتفل أنصار المجموعة في مجلس العموم بدورهم الرئيس في التصويت الذي أبقى بريطانيا خارج الموضوع السوري.

وقالت النائبةعن حزب العمال ديان أبوت "إن مئات السوريين على قيد الحياة الآن لأننا أوقفنا الهجوم الأسبوع الماضي".

وهاجم بيتر هين الوزير السابق موقف الحكومة البريطانية الداعي إلى تغيير النظام.

وكان هين كتب قبل ذلك بيوم بأن "الخلل الرئيس في موقف الحكومة هو النظر إلى سوريا على أنها معركة ما بين دكتاتور بربري وشعب مقموع".

بطبيعة الحال لم يوقف النواب الحرب. ولكنهم قرروا في واقع الأمر بأنها يجب أن تستمر دون أي رقابة إلى ما لا نهاية. ولكن دور أوقفوا الحرب من خلال القرار الذي اتخذ  كان حقا كافيا. لقد كان موقف زعيم العمال إد ميليباند في اللحظة الأخيرة هو ما صنع الفارق – وأوقفوا الحرب ومناصروها قاموا ببعض الدفع في هذا الاتجاه.

وكانت السيدة أبوت هددت بالاستقالة ما لم يشدد ميليباند من موقفه.

وكما أوضح السيد هين فإن ميليباند "طرح في البداية التعاون مع الحكومة ولكن حتى نواب المقاعد الأولى والخلفية في حزب العمال كانوا غير مستعدين للموافقة على ما ذهب إليه رئيس الوزراء.

ربما كان الأمر بنفس الأهمية إذا علمنا أن أربعة من أكبر ممولي السيد ميليباند هم اعضاء رئيسيون في أوقفوا الحرب وهم: اتحاد عمال الاتصالات الذي يرأس السياسيات فيه السيد ستيف بيل وهو امين صندوق أوقفوا الحرب, ويونيسون و اتحاد تي أس أس أي و يونايت الذي يرأسهم أندرو موراي وهو نائب رئيس أوقفوا الحرب والرئيس السابق.

هذه هي النقطة التي بدأت بها الأمور تثير الاهتمام. بالطبع, أولئك الذين عارضوا العمل العسكري الشهر الماضي يمثلون طيفا سياسيا واسعا من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. الغالبية العظمى, بما فيهم العديد من أعضاء أوقفوا الحرب, قاموا بذلك لدوافع محترمة تماما.

ولكن في قلب أوقفوا الحرب هناك العديد من المجموعات المشكوك في أمرها. حيث تبين أن الحملة نفسها والعديد من حلفاء السيد ميليباند الجدد مرتبطين بشكل وثيق مع هيئات تدعم دكتاتورية الأسد بصورة صريحة وتعارض أي تحرك بغض النظر عن ماهيته ضد النظام, حتى بعد الهجوم الكيماوي الذي أدى إلى مقتل المئات في 21 أغسطس.

نائب رئيس أوقفوا الحرب كمال ماجد, وهو شيوعي مخضرم وأحد مؤسسي جمعية ستالين التي أنشئت عام 1991 "للدفاع عن ستالين وإنجازاته ورفض الحملات الدعائية الرأسمالية والرجعية والانتهازية والتروتسكية الموجهة ضده". 

متحدثا في مؤتمر الحزب الشيوعي الجديد العام الماضي, وصف السيد ماجد عائلة الأسد بأنهم حكام "لهم تاريخ طويل من مقاومة الإمبريالية, ويجب أن يدعموا لأن هزيمتهم سوف تمهد الطريق لنظام موال للغرب والولايات المتحدة". 

الانتفاضة ضد الأسد, كما قال, هي جزء من "خطة إمبريالية لاستبدال الحكومة السورية بدولة دمية على غرار ليبيا, سوف تكون خاضعة للأمريكان والصهاينة". السيد موراي نائب رئيس أوقفوا الحرب ورئيس يونايت هو عضو آخر في هذه المجموعة وهو عضو في الحزب البريطاني الشيوعي, الذي يرأسه روبرت غريفثز الذي عارض قبل أسبوع فقط "تغيير التوازن العسكري ضد نظام الرئيس الأسد على الأرض لأن ذلك سوف يؤدي إلى إزالة أحد منتقدي سياسة الولايات المتحدة الخارجية والاحتلال غير الشرعي للأراضي السورية واللبنانية و الفلسطينية".

الأمين العام الدولي للحزب جون فوسترطالب "باحترام سيادة واستقلال سوريا و إنهاء تسليح وتمويل المجموعات الإرهابية". وهو الوصف الذي يطلقه النظام على معارضيه. وعادة ما يتبع الحزب الشيوعي البريطاني لأوقفوا الحرب.

العديد من قيادات أوقفوا الحرب من بينهم كايت هدسون وكارول تيرنر لديهم أو كان لديهم علاقات مع مجموعة العمل الاشتراكي, وهي عبارة عن مجموعة تروتسكية صغيرة يتم تشيجع مؤيديها على إخفاء علاقتهم معها. أحد مساعدي السيد ميليباند المقربين وهو سايمون فليتشر المسئول عن الاتصال مع النقابات هو أحد أعضاء العمل الاشتراكي السابقين.

العمل الاشتراكي تدعم الأسد أيضا, حيث هاجم موقعها اللالكتروني الأسبوع الماضي "أولئك الموجودون في اليسار والذين كانوا يحملون رؤية خاطئة خلال العامين الماضيين حول المعركة في سوريا ويصورنها على أنها ثورة تقدمية ... وإذا نجح العمل العسكري في إسقاط الأسد, فإنه ليس الشعب السوري فقط ولكن الشرق الأوسط برمته سوف يتراجع".

في مايو, وقف على منصة أوقفوا الحرب في اجتماعها العام أحد أبرز الداعمين للأسد في لندن وهو عيسى الشاعر الذي تحدث إلى جانب نائب رئيس المجموعة الستالينية السيد ماجد. السيد الشاعر محاضر في جامعو ساوث بانك ويدير النادي الاجتماعي السوري وهي عبارة عن مجموعة داعمة للنظام, ويظهر بصورة مستمرة مع القنوات الصديقة للأسد للدفاع عن الدكتاتور. العام الماضي, وصف على قناة برس التابعة للحكومة الإيرانية الأسد بأنه "شخص يوحد البلاد. ولدى السوريين الثقة في الرئيس الأسد وهذه الثقة تعطي الرئيس الأسد القوة للاستمرار".

أحد الأفرع الرئيسة لوقف الحرب هي الحملة ضد العقوبات والتدخل العسكري في إيران, التي يرأسها عباس إديلات, وهو عضو في اللجنة التوجيهية لأوقفوا الحرب. إيران وهي أهم حليف لسوريا في المنطقة, تقدم دعما عسكريا وماليا كبيرا لنظام الأسد.

الحملة وفي حين أنها مستقلة ظاهريا عن الحكومة الإيرانية, إلا أن لديها عددا من الروابط القريبة منها. أحد أعضاء مجلسها الاستشاري وهو كافيه أفراسيابي رافق الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد في الوفد الذي توجه إلى الأمم المتحدة عام 2010.

عضو آخر من أعضاء أوقفوا الحرب وهو شامويل جواردير يمثل أصدقاء الأقصى وهي منظمة أخرى تابعة, تدفع عن حركة حماس الإرهابية وتناصر حملات لمقاطعة إسرائيل وكل شيء صهيوني.

تحت تأثير مثل هؤلاء الأفراد, شددت أوقفوا الحرب موقفها من سوريا, ولم تعارض العمل العسكري فحسب ولكن أي شكل من أشكال العقوبات ضد النظام. تصريح المجموعة ردا على تصويت مجلس العموم دعا بريطانيا إلى تطوير سياسة لسوريا قائمة على "حق السيادة الوطنية". وهذا الموقف بحد ذاته ليس بعيدا كثيرا عن تأييد حق بشار الأسد في البقاء في السلطة. ربما لأول مرة على الإطلاق, كان لجمع أوقفوا الحرب للناشطين من اليسار البريطاني تأثير كبير على قرار قومي مهم, ولا زالوا هم أنفسهم لا يصدقون ذلك. تقول ليندساي جيرمان وهي ناشطة في أوقفوا الحرب "لا تسمحوا لهم أبدا أن يقولوا أن التظاهر لم يكن مجديا, تظاهرتنا نجحت". كما باركت النصر الذي تحقق لحركة مناهضة الحرب  خصوصا في مظاهرة "أرفعوا أيديكم عن سوريا".    

العديد من الحجج التي يسوقها أصحاب الحملات المناهضة للحرب مشوشة, خصوصا بالتشابهات التي يضعونها مع العراق. ذلك الهجوم لم يكن مبررا على بلد يعيش بسلام, وتم تبريره بالكذب وتجاهل الأمم المتحدة كما وضع استقرار المنطقة على المحك. ولكن في سوريا, تم استخدام أسلحة الدمار الشامل فعليا؛ كما أن جهود الأمم المتحدة وصلت إلى نهايتها والشرق الأوسط يشهد حالة من عدم الاستقرار أصلا والكثيرون في العالم العربي يؤيدون شكلا من أشكال التدخل, وعلى الرغم من وجهات نظر السيدة أبوت التي أثرت على القرار المتعلق بسوريا فإن المئات من السوريين قتلواعلى أي حال, وفقا لمراقبين حقوقيين خلال الأيام العشرة الأخيرة التي تلت تصويت مجلس العموم, وهذه الأعداد تضاف إلى 100000 قتيل سابق.

على كل حال فإن وجهات نظر بعض ممن في اوقفوا الحرب تحمل وحشية واضحة, وإحداها هي أن الأسد على حق ويجب أن ينتصر. بعد التصويت بعشرة بأيام, اتهم وزير الدفاع فيليب هاموند ووزير اتصالات داوننغ ستريت كريغ أوليفر بغضب السيد ميليباند بتقديم "العون" للأسد. ربما لم يكن هذا ما أراده زعيم العمال برغم أن تأثيره كان كبيرا. ولكن تقديم العون للنظام كان ولا زال هو النية الحقيقية للكثير من الأصدقاء الجدد للسيد ميليباند.