خطوات عملية لإنقاذ سوريا من الأسد

خطوات عملية لإنقاذ سوريا من الأسد

العالم يشهد نظاما يكافح من أجل بقائه

ديفيد غاردنر - فايننشال تايمز

ترجمة وتحرير مسار للتقارير والدراسات - 8 أيار 2013

يبدو أن الأسد منشغل بالمبالغة في الوقت الذي تنهار فيه بلاده ونظامه من حوله. في الوقت الذي لم يتم التحقق كليا من أنه قد استخدم الأسلحة الكيميائية ضد الثوار الذين يحاولون إسقاطه، يقتنع مراقبون مطلعون – حيث أنه يسعى لمعرفة إلى أي مدى سيتركه العالم يذبح شعبه في طريقه إلى البقاء على قيد الحياة.

عندما واجه الرئيس الأسد تهديدا حقيقيا بالقوة مثل والده الميت حافظ الأسد الذي ورث منه سوريا، مال إلى التراجع. ولكن هذه المعركة لعائلة الأسد التي كافحت وفشلت في الفوز بها في هذين العامين هي معركة وجود، كان ذلك واضحا في وحشية عشيرة الأسد في تأكيدها على حقها في وراثة الحكم، وأنها إذا لم تتمكن من امتلاك هذه البلاد مستعدة لتدميرها وشعبها، وبعثرة قطعها عبر منطقة قابلة للاشتعال استمر الأسد وقتا طويلا بتهديدها.

لو استمرت الولايات المتحدة وحلفاؤها في تجاهل استخدام غاز الأعصاب السارين لكونه محدودا، سيجلب نظام الأسد المزيد من القذائف الكيميائية للمواجهة في ساحة القتال. ومن ناحية أخرى سيختار الأسد الأسلحة الكيميائية على أنها آخر وسيلة للمقاومة إذا أظهر خصومه من العرب والغرب نية للتدخل بقوة أكبر.

ليس هناك أي حل مؤكد لهذا الصراع المأساوي، ولكن لا تزال هناك خيارات. وفي الوقت الذي يبدو فيه الغرب أقرب إلى التدخل في سوريا، يظل السؤال المطروح هو: لماذا يخاطر النظام؟

تردد أوباما في التورط في حرب أخرى في الشرق الأوسط قد يكون جزءا من حسابات الأسد، وذلك إلى جانب الانقسامات في مجلس الأمن الدولي حيث تقف روسيا على وجه الخصوص مع نظام الأسد. إن بشاعة تكتيكات النظام وحتى قبل استخدام غاز الأعصاب تشير إلى درجة كبيرة من اليأس. "الحل الأمني" الذي يتبعه الأسد لا يعمل.

بعد مرور عامين، فقد الأسد السيطرة على نصف البلاد، بينما يحاول تأمين وسط دمشق، حيث تقول التقارير إن الأسد الآن يعتمد على الإيرانيين من أجل حمايته بعد تمزيق مجلس وزرائه المصغر بتفجير في يوليو الماضي.

الأسد وأعوانه استخدموا كل ترسانة الأسلحة التي في حوزتهم في هجمات متسلسلة، ولم يعودوا يفكرون كدولة ولكن كميليشيا ضخمة يجب أن تبقي الطريق من حمص إلى شمال غرب الساحل والجبل مفتوحة معقلا العلويين – الأقلية الشيعية - حيث بنوا دولتهم الأمنية.

لا يزال النظام يمتلك فرقتين من النخبة العلوية لكنه لا يثق الآن في الجيش الذي لم يعد سوى حبر على ورق. وعلى سبيل المثال، لماذا تقلي قوات جوية مسلحة بشكل جيد أن البراميل المليئة بالمتفجرات من المروحيات في مناطق الثوار؟ الجواب بسيط؛ لأنها تشك في ولاء طياريها والذين ينتمي معظمهم للأغلبية السنية.

كما يتم استبدال الجيش بشبكة وطنية محلية معظمها من العلويين الذين يتقدمون الأقليات الأخرى مثل المسيحيين المتعصبين حول صعود الإسلاميين المتطرفين من بين الأغلبية السنية، رافعين شعار "معنا " أو "ضدنا". والآن يخوض حزب الله – الحزب اللبناني شبه العسكري المتحالف مع إيران وسوريا - الحرب إلى جانب ميليشيا الأسد لفتح الطريق بين حمص والحدود اللبنانية.

إن لم يفلح شيء من ذلك، فإن النظام قد يستخدم قذائف كيميائية لترويع السكان حتى يخلوا المنطقة. وقد قال زعيم قبيلة علوية كبيرة أن القوات الموالية بالقرب من حمص لديها أسلحة كيميائية وستستخدمها.

المراوغة بشأن سوريا (من قِبل الولايات المتحدة وحلفائها) أو سياسات القوة (من قبل روسيا) يجب أن تفسح المجال الآن لهجوم من ثلاث محاور يشمل كلا المعسكرين. سياسات كليهما المفترضة والمتراجعة قد ساهمت في تغذية التطرف وزيادته: تنامي الجهاد المرتبط بالقاعدة في صفوف الثوار، والصعود الإيراني ليس فقط نيابة عن الأسد ولكن حتى في لبنان والعراق وأماكن أخرى.

الولايات المتحدة وأوروبا يحتاجان حراكا أسرع لتقديم أسلحة للتيار الرئيسي المعتدل بين الثوار – الذي لا يزال يشكل أغلبية كبيرة - لمواجهة طائرات ودروع قوات الأسد، وإقامة حكومة مؤقتة في الأراضي المحررة، وهذا سيعني تدمير سلاح الجو السوري والدفاعات الجوية، وقد يتم الدفع بالقوات الخاصة إما لتدمير أو تأمين الترسانات الكيميائية للنظام.

يجب أن يكون هناك "هجوم استخابراتي" أيضا باستخدام أساليب وظفت سابقا ضد طغاة آخرين مثل سلوبودان ميلوسيفيتش في صربيا ومعمر القذافي في ليبيا: العصا والجزرة لممارسة ألعاب فكرية مع الموالين متذبذبي العقول. إلى جانب ذلك تبقى المعارضة السورية ومؤيدوها الدوليون بحاجة إلى إيجاد ضمانات ذات مصداقية بشأن أمن الأقليات وخاصة من قبل الجهاديين السنة في صفوف الثوار.

أخيرا وليس آخراً ، يجب مواجهة روسيا دبلوماسيا. فبينما ينبغي أن تظهر أنقاض حلب أو حمص في عيوني فلاديمير بوتين مثل غروزني بعد الحرب الشيشانية الثانية، يرتفع ثمن إعادة مركزية السلطة والتحقق من الإسلاميين. استخدام الأسلحة الكيميائية من المفترض أن يكون خطا روسيا أحمر للرئيس الأمريكي والرئيس الروسي على حد سواء.

إذا  لم يتحرك مجلس الأمن حيال ذلك بسرعة فإنه عليه أن يغلق مظلته.