قراءة جديدة بالعربية الفصحى لنقش النمارة

سعد الدين ابوالحَب

قراءة جديدة بالعربية الفصحى لنقش النمارة

سعد الدين ابوالحَب

دراسة جديدة للباحث العراقي الامريكي سعد الدين ابوالحب في نيويورك تصحح قراءة المستشرقين للحروف النبطية

لنقشي النمارة وام الجمال الاول وتقدم عبر الادلة الملموسة ترجمة حرفية جديدة وقراءة عربية فصحى واضحة ومتماسكة لغويا لكلا النقشين، بما يدلل بشكل قاطع على استخدام العربية الفصحى لقرون طويلة قبل الاسلام. وقد بينت قراءة الباحث الجديدة لنص نقش النمارة المحفوظ اليوم في متحف اللوفر بباريس ان حجر النمارة لم يكن شاخص قبر الملك امرؤ القيس بن عمرو (امرؤ القيس البدأ) ولم يتحدث عنه او عن انجازاته، وان الفقرة الاولى ل?ذا النص كانت مجرد جملة افتتاحية للقسم بروح ?ذا الملك قبل الدخول في تفاصيل فقرة الموضوع الاساسي للنقش والتي اعلنت ال?زيمة المريرة لقبائل مذحج اليمنية المعروفة في معركة طاحنة قرب نجران في بدايات القرن الرابع الميلادي.  وقد نشرت دراسة الباحث في احدى فصول كتابه بالانكليزية عن تأريخ اللغة والكتابة العربية الصادر نهاية عام 2011 بمساعدة من جامعة مدينة نيويورك وعنوان الكتاب:

DeArabizing Arabia: Tracing Western Scholarship on the History of the Arabs and Arabic Language and Script

وهذا رابط الترجمة العربية للفصل على الشبكة العالمية:

 http://arabetics.com/public/html/DeArabizing_Arabia/DeArabizing_Arabia_Chapter_3_Arabic.htm

ترجمة الباحث بالعربية الحديثة مع شرح مختصر بين الاقواس

تَيا (قَسماً يا؛ يا؛ أو تي بمعنى هذه للتنبيه) نَفسُ (روحُ) امرؤ القيس بن عَمْرو، مَلِكُ العَرَبِ كُلُّها، ذو أسَد التاج (كُنية)، ومَلِكُ الأسَديين (بنو أسد، نَجْدْ) ونَزارٍ (بنو نَزار، الحجاز) وملُوكَهُمو. هَرَّبَ (هزّم) مِذْحِج (قبيلة يمنية، اسم المفعول به) عكْدي (اسم علم، الفاعل)، وجاء (اي عكْدي) يزُجُّها (يُقاتلها بضراوة) في رُتِجِ (شِعاب؛ طُرُقْ ضَيّقة) نَجران، مدينة شِمرْ (الملك شِمرْ يَرعشْ)، مَلِكُ مَعَدٍ (بنو مَعَدْ في اليمن)، وبَيّنَ (مَيّزَ بَيْنَ، اي لم يكن عشوائيا بتعامله) بنيها (ابناءها، اي ابناء مذحج) الشعوب (افخاذ قبيلة مِذْحج)، ووكَّلَهُنَّ (وَضَعَهُنَّ تحت حماية) فُرْسانُ الروم، فَلمْ يبلغْ مَلِكٌ (لم يبلغ حتى مَلِكٌ) مَبلَغَه (ما بَلَغَهُ عكدي). عكْدي هَلَكَ (مات؛ قُتِلَ) سَنَة 223 (من تقويم بصرى، الموافق 328م)، يَومْ 7 بكسلولْ (كانون الأول)، يالِسَعْدِ (يالسعادةِ) ذو (الذي) وَلَدَه (أَنْجَبَهْ).

شرح مقتضب لبعض كلمات وعبارات النقش حسب قراءة ابوالحَب

تي:  وهي اما كلمة تَيا، وهذه من حروف التنبيه التي يراد بها القسم والتنبيه معا، عبراستخدام تاء القسم قبلها، ومثلها مثل يا، هيا، أيا، وآيا وجميعها حروف تنبيه لها استخداماتها الخاصة، او انها بمعني "هذه" ولكن للتبيه والقسم كما في قولنا "هذه امة العرب" قبل الدخول في موضوع اساسي منفصل. فليس هناك اي دليل قبل او بعد الاسلام لاستخدام الاقوام العرب لكلمة تي لوحدها للاشارة لاسم مؤنث، فأسماء الاشارة للمؤنث بالعربية حسب الفية ابن مالك هي ثلاث: ذي، ذه، وتا. وهذا بيت شعر الالفية واضحا:

بِذا لمُفْرَدٍ مُذكَّرٍ أَشِرْ       بِذي وذِهْ وتا على الانثى إقتَصِرْ

اما كلمات الاشارة من امثال تيك، تِلك، وتَيّا فهي جميعا مشتقة من اسم الاشارة تا ولها استخداماتها الخاصة، حسب كتاب لسان العرب لابن منظور والذي لم يشر اطلاقا لاستخدام تي كاسم اشارة رغم اسهاب وشمولية بحثه.

نفس:  وتعني هنا روح، اذ ليس هناك اي دليل على الاطلاق لاستخدام العرب (بما فيهم عرب الشمال النبطين) لهذه الكلمة، ولوحدها، بمعنى "شاهدة قبر" او "ضريح". ولم يذكر لسان العرب استخدامها بهذا المعنى اطلاقا. اما عبارة "نفس وقبر فلان" المستخدمة بكثرة على شواهد قبور شرق الجزيرة العربية فهي على الاغلب تعني "روح وقبر فلان" او ربما "نفسه (اي هذا نفسه) قبر فلان".

ذو أسد التاج:  العبارة بكاملها كنية واضحة لامرؤ القيس والذي اشتهر باستخدام العديد من الالقاب حسب مصادر مؤرخي الحضارة العربية الاسلامية. وقد وضع بعض ملوك العرب حسب هؤلاء المؤرخون تاجا كما فعل ملوك بني اسد، مثلا.

عَكدي:  اسم علم واضح بمعنى اصلي او قوي وهو مشتق من كلمة عكد وتعني اصل او عقدة اللسان، مثله مثل الاسم فوزي المشتق من كلمة فوز والاسم سعدي المشتق من كلمة سعد والاسم حسني المشتق من كلمة حسن وغيرها الكثير. وليس هناك اي دليل على الاطلاق لاستخدام هذه الكلمة كضمير بمعنى "بعد ذلك" كما ذهب المستشرقون. وهذا الاسم هو اسم فاعل بدون شك، خاصة وانه كان قد استخدم مرة اخرى في بداية جملة السطر الاخير الجديدة والمنفصلة كليا بالمعنى والموقع عن بقية النص، وذلك قبل فعل بصيغة الماضي لم يتبعه اسم فاعل او اسم مفعول به كما ينبغي في الجمل العربية.

رُتُجِ:  ومن بين معانيها أبواب او أسوار او شِعاب (جمع شُعب وهو الطريق الضيق)، الا ان استخدام حرف الجر قبل هذه الكلمة يدلل على انها جاءت بمعنى شعاب، خاصة لانها تُبعت بكلمة نجران، المنطقة الشهيرة بشعابها وطرقها الوعرة. ولو اريد بها المعنى أبواب او أسوار لتوجب علينا استخدام حرف الجر على كما في "على ابواب نجران".

بَيّنَ:  اي ميّز بين، بمعنى عامل ابناء القبيلة الخاسرة من النساء والاطفال والمسنين بشكل انساني.

الشعوب:   جمع شعب، اذ صنفت العرب كل قبيلة الى شعوب وكل شعب الى بطون.

ووكلَهُنّ:  اي وضعهم تحت حماية جهة ما وهذه الكلمة متعلقة بكلمة توكيل.

فَلمْ يبلغْ مَلِكٌ مَبلغَهُ: اي لم يستطع حتى الملوك من انجاز ما انجزه عكدي بانتصاره على قبيلة مذحج.