إلقاء القبض على... أموال الأسد

إلقاء القبض على... أموال الأسد

(قبله) من صيادي الكنوز

نشرت مجلة "نيوزويك" الاميركية في نسختها باللغة الانكليزية بتاريخ 17 آب 2012 مقالاً لمراسلها للأمن القومي ايلي لايك بعنوان "في مطاردة مليارات الأسد".. وهي مهمة تبدو على ما يكشفه المقال، "معقدة.. وطويلة الأمد". وجاء في نص المقال:

"لدى النظام السوري ما يصل إلى 25 مليار دولار مخبأة في ملاذات ضريبية في الخارج واستثمارات عبر منطقة الشرق الأوسط. والعثور على هذه الثروة يشكل صفقة عمل كبرى لنخبة من صيادي الكنوز في العصر الحديث.

فاليوم وبينما تحتدم الحرب في سوريا ويتمسك بشار الأسد بالسلطة، يتسارع سباق العثور على الثروة الهائلة – المخفاة بمعظمها للنظام السوري. ويقول الخبراء ان الأسد ومعاونيه جمعوا ما يصل الى 25 مليار دولار في استثمارات في البنوك، وفي الصناعات الحكومية وغيرها من الامتيازات، وأنهم خبأوا الاموال في ملاذات ضريبية في الخارج وفي استثمارات في مختلف أنحاء الشرق الأوسط.

ويحظى العثور على هذه الاموال اليوم باهتمام كبير من قبل صيادي الكنوز في العصر الحديث المتخصصين في استرداد ثروات الحكام المستبدين الذين سقطوا. ومهما اختلفت تسمياتهم فكانوا احيانا رجال استخبارات مالية أو خبراء محاسبة او مجموعة من المحامين والمحاسبين والجواسيس السابقين أو المحققين وحتى بعض الصحافيين المتقاعدين، فهؤلاء كلهم ينظرون إلى الاضطرابات في سوريا باعتبارها فرصة عمل.

وتتكلف بعض الشركات عدة آلاف من الدولارات للساعة الواحدة لعمل فريق من ستة إلى ثمانية محققين ينقب عن مثل هذه الفرص. والبعض الاخر ينال "رسم النجاح" او نسبة مئوية صغيرة من اجمالي الغنائم .

ستيفن بيرل، المحامي من العاصمة الاميركية واشنطن ويمثل عائلات ضحايا الإرهاب، يصف نفسه بأنه صياد ثروات ويريد أن يكون "الأول في قائمة الانتظار لمجموعة موكليه"، وهو لذلك يعد العدة للفوز بـ 413 مليون دولار لأسر مقاولين اميركيين قطع رأساهما من قبل تنظيم القاعدة في العراق في عام 2004. وفي عام 2011، اصدرت محكمة الاستئناف في مقاطعة كولومبيا حكما ضد سوريا بعد أن وجدت ان نظام الأسد قدم الدعم المادي إلى هذه الجماعة الإرهابية. وأوضح بيرل انه استأجر باحثين لتعقب اصول هذا النظام.

ويكشف إسماعيل درويش وهو مصرفي سابق عضو في المجلس الوطني السوري، ان المجلس الذي يشكل التحالف الرئيسي للجماعات المعارضة، بدأ بالفعل البحث في باريس عن الشركات التي يمكن أن تساعد في العثور على اموال النظام. وأوضح انه عقد أول اجتماع مع شركات الاستخبارات المالية في شباط الماضي. واضاف "انهم لا يريدون التحدث عن "رسم النجاح، وفي الامر الكثير من المخاطرة فهم لا يعرفون مقدار ما يمكن اقتفاء أثره ومقدار ما يمكن استرداده".

ولكن قد يكون من الذكاء بالنسبة للمحققين ان يسرعوا في التحرك قبل أن تؤول الأموال التي يسعون إلى استردادها بعيدا تماما عن المتناول. ويقول مسؤولون في المعارضة السورية وفي وزارة الخزينة الاميركية انهم رصدوا اساسا كيف ان رجال ثقة نظام الأسد بدأوا بالفعل نقل بعض الأصول إلى روسيا التي لم تتبن حكومتها العقوبات التي تطالب بتجميد مثل هذه الحسابات.

لكن وحتى في حال تحديد حجم هذه الأصول، فهذا لا يعني امكانية استردادها، كما يوضح ديفيد طفوري وهو شريك في شركة "باتون بوغز" للمحاماة في واشنطن وساعد الحكومة الليبية التي حلت مكان معمر القذافي في استعادة الاصول المالية. ففي هذه الحالة، تم تجميد مليارات الدولارات في أماكن مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة اللتين لديهما أنظمة قضائية فعالة مستقلة.

ويقول طفوري انه من الاسهل بكثير الاستيلاء على حساب في بلد يتمتع بنظام محاكم مستقلة منه في أماكن ذات نظم قانونية أقل نضجا. ويضيف انه "في بعض البلدان هناك مكون سياسي له دوره، فاذا كان وثيق الصلة بالحكومة القديمة ويفتقر الى نظام قانوني قوي، فهذا يعني وجود مشكلة."

وتفاقمت مشاكل سوريا منذ تبين ان البنية التحتية الحكومية والمالية قد انهارت أساسا. وغالبا ما يعتمد المحققون الماليون في العادة، على زملاء لهم على الأرض لنبش وثائق المحاكم والسجلات المصرفية، ولكن هذا لم يعد ممكنا في سوريا.

ويقول إد ابيل الذي عمل سابقا في مكتب التحقيقات الفدرالي ومؤسس شركة"iNameCheck" وهي شركة خاصة متخصصة في الاستخبارات المفتوحة المصدر، "كان يمكن حتى في سوريا شراء وثائق وسجلات مقابل بعض المال، بل والاستفادة من بعض السوريين للمساعدة ولكن ذلك غير ممكن بعد الآن.. فحركة التمرد مستمرة".

جول كرول معروف على نطاق واسع بكونه عراب استرداد الموجودات. هذا الرجل الذي شغل منصب المدعي العام السابق في مانهاتن وأسس لاحقا شركة "كرول أسوشييتس" الامنية، قاد في بداية الثمانينات عملية مطاردة اموال رئيس هاييتي السابق جان كلود دوفالييه (الذي جرت محاكته على سرقة أموال من خزينة البلاد أثناء حكمه في الفترة من 1971 الى 1986) والرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس.

ويقول ابنه وشريكه في العمل الاستخباراتي جيريمي "في تلك المرحلة لم يكن تعقب ثروات وأموال الدكتاتور عملية معقدة مثل ما هي عليه اليوم. ففي حالة دوفالييه على سبيل المثال، عندما وجد احد المحققين دفتر الشيكات القديم الخاص به في القصر الرئاسي، تم مباشرة الكشف عن ملايين الاصول من امواله التي كانت مجهولة المكان الى حينه. ولكن يضيف جريمي كرول أن " الأشرار اصبحوا مع مرور الزمن أكثر ذكا.