مسألة شخصية

كينزا بورو أوي

ترجمة : وديع سعادة

رواية من الأدب الياباني المعاصر ، تقترب كثيراً من معاناة المؤلف الشخصية ، فبعد أن تزوج ، أنجبت زوجته عام 1963م طفلاً غير طبيعي بإعاقة ذهنية دائمة ، ففتحت مأساته الخاصة عينيه على جوانب جديدة من الحياة كانت خافية عليه ، فأبدع هذه الرواية عام 1964م ، وفيها غوص (شخصي) في عمق هذه المأساة الفردية ، بطلها مدرس (بيرد) في السابعة والعشرين من عمره (نفس عمر المؤلف أوي وقت المأساة) ، ولد له طفل مشوه به فتق دماغي ، وقرر الأطباء أنه قد يموت خلال أيام ، إذا لم تجر له عملية ! لكن بيرد يتهرب من مسؤولياته إزاء طفله ، فيرفض إجراء العملية خشية أن يعيش بصحبته معوقاً بقية عمره . وعندما ظل حياً على الرغم من عدم إجراء العملية ، تمادى الأب في غيّه ، ففكر متعاوناً مع عشيقته في التخلص منه بقتله ! وحين واجه الأب ذاته أخيراً ، هجر معشوقته وأعاد الطفل إلى المستشفى ؛ فأجريت له عملية ناجحة تبرع فيها الأب بالكثير من دمه ، وظهر أن الفتق الدماغي لم يكن سوى دمل غير خطر . لقد توقف المارق أخيراً عن الكذب على نفسه ، وكف عن الهرب ، وواجه واقعه ، فكتبت له ولأسرته النجاة!

نجد في هذه الرواية عرضاً تحليلياً شاملاً يتصاعد تدريجياً حتى يصل إلى الذروة ، يعرّي التفاصيل ، ويحلل المشاعر ، ويضيء التفاعلات . (مجلة البيان " الكويت " أدبية ـ العدد 304 ـ نوفمبر 1995م ـ من مقالة : منظومة التشوه في حياة البشر ـ حسين عيد) .

لقد هزت مأساة طفل (أوي) المعوق أعماق الكاتب هزاً شديداً ؛ ولكونه فناناً مرهف الإحساس فقد أدخلها عالمه الفني محللاً مشرحاً بمبضعة مرآة الذات ، فغاص في أغوار جوانبها ، حتى استطاع أن يستوعبها وأن يتجاوزها . وقد أبرز قيماً إنسانية من خلال تفجر عاطفة الأبوة التي غشيتها شهوات النفس ، والتهرب من المسؤولية ، بعد أن تم التوافق مع الفطرة في حب الأبناء والتضحية من أجلهم فكتب ، وكُتب للعملية الجراحية النجاح ، وكتب للأسرة النجاة ؛ فجاءت النهاية سعيدة . وهو ما يتواءم مع مفاهيم الإسلام في محبة الأبناء ، وإعلاء الانتصار على الشهوات وكان ذلك سبباً في الحفاظ على روح إنسانية هي (حياة طفل).