الرغيف الهارب !

كانت عجوز تصنع رغيفا ممزوجا بالتوابل ، ورأت قبل أن تجف عجينته أن تجعله في صورة رجل صنعت له من الزبيب عينين وأنفا وابتسامة كبيرة ، وأزرة لثوبه ، ثم دسته في الفرن ، وبعد دقيقة سمعت نقرا على باب الفرن من الداخل ، ففتحته ، وهالها حين اندفع الرغيف خارجا في قفزة واحدة ! فأرادت أن تمسك به إلا أنه انفلت منها هاتفا : اجرِ ، اجرِ بأقصى سرعتك !

فتعقبته في الحديقة التي كان يعمل فيها زوجها ، فألقى الزوج مِسحاته جانبا ، وأراد أن يمسك بالرغيف الرجل ، فهتف : اجرِ ، اجرِ بأقصى سرعتك ! لن تمسكني ، أنا الرغيف الرجل المتبل .

وصار في الطريق ، فلقي بقرة ، فنادته إلا أنه هتف من فوق كتفه : هربت من عجوز ، ومن شيخ ، اجرِ ، اجرِ بأقصى سرعتك ! لن تمسكيني ، أنا الرغيف الرجل المتبل .

فتعقبته البقرة خلف العجوزين ، ولقي حصانا ، فصاح به : قف ! أريد أن آكلك .

فرد : هربت من عجوز وشيخ وبقرة . اجرِ ، اجرِ بأقصى سرعتك ! لن تمسكني ، أنا الرغيف الرجل المتبل .

وتابع جريه ، ولقي فلاحين عائدين من جمع الحشيش الجاف ، فحدقوا فيه ، فهتف : اجرِ ، اجرِ بأقصى سرعتك ! لن تمسكوني ، أنا الرغيف المتبل .

لكنهم انضموا إلى جمع متعقبيه : العجوز والشيخ والبقرة والحصان . وتابع جريه ، ولقي ثعلبا ، فقال : اجرِ ، اجرِ بأقصى سرعتك ! لن تمسكني ، أنا الرغيف الرجل المتبل .

فقال له الثعلب الخبيث : أنا لا أريد أن أمسكك .

وتوقف بعد أن جاوز الثعلب أمام نهر رحب عميق ، ورأى الثعلب العجوز والشيخ والبقرة والحصان والفلاحين الذين كانوا يتعقبون الرغيف الرجل المتبل ، فقال له : اركب فوق ظهري لأجتاز بك النهر !

فركب ، فسبح به ، ولما وصل منتصف النهر حيث يعمق ماؤه قال له : اركب فوق رأسي أيها الرغيف الرجل المتبل حتى لا تبتل !

فركب فوق رأسه قائما ، ولسرعة تدفق التيار قال له : اركب فوق خطمي حتى لا تغرق ! 

فانزلق إلى خطمه . وبعد أن وصلا الضفة الأخرى سالمين آمنين فغر الثعلب فمه فجأة ، والتهم الرغيف الرجل المتبل اللذيذ ، ولم يسمع له أحد بعد لك حِسا .

*عن موقع " قصص من شتى البلدان " الفرنسي .

وسوم: العدد 695