قصص قصيرة جدا 11

                             (1)

                     العدل أم الذهب ؟!

سأل الإمبراطورُ أكبرُ بربالَ : ما الذي يختاره : العدل أم قطعة ذهب إن خير بينهما ؟!

رد بربال : قطعة الذهب .

فتفاجأ الإمبراطور ، وسأله غير مصدق : تفضل قطعة ذهب على العدل ؟!

فرد : نعم ، أفضلها .

ودهشت الحاشية مما بدا لها من حماقة بربال . حاول رجالها سنوات القدح في مصداقيته  أمام الإمبراطور دون أي نجاح ، وها هو الآن يؤكد بنفسه عدم مصداقيته ، وكادوا لا يصدقون حسن حظهم هذه المرة .

وتابع الإمبراطور : سأشعر بالرعب لو أن أفقر وأحط خدمي قال ما قلت ، أما أن تقوله انت فهذا ... صادم جدا ومحزن للقلب . ما كنت أدريك بهذه الحقارة .

فقال بربال هادئا : كل امرىء يطلب ما ينقصه يا صاحب المعالي ، وأنت تعلم أن العدل في بلدنا موفور لكل الناس ، وبما أنه موفور لي ، وبما أنني مفلس دائما فالطبيعي أن أختار قطعة الذهب .

فسر الإمبراطور من كلامه ، ونفحه ألف قطعة ذهبية لا قطعة واحدة .

                                     (2)

                                سبب الأهمية

كان الإمبراطور أكبر يتفحص حال القانون والنظام في البلاد ، فاشتكى أحد وزرائه الغيورين من بربال قائلا إن الإمبراطور لا يهتم إلا باقتراحات بربال ، ويغفل اقتراحات غيره من الوزراء . فأراد أكبر أن يبين للوزير مدى حكمة وحصافة بربال . وكان لحظتئذ يمر موكب زفاف ، فأمر أكبر الوزير بمعرفة العريس ، فاستجلى الوزير الأمر ، ورجع إلى الإمبراطور والزهو مرتسم على محياه . واستحضر الإمبراطور بربال ، وطلب منه ذات الطلب ، فذهب ، ولما رجع سأل الإمبراطور الوزير : ما المكان الذي يقصده العروسان ؟

فرد الوزير بأنه  طلب منه معرفة العريس فحسب . وسأل أكبر بربال ذات السؤال ، فأجاب : ذاهبان إلى مدينة الله أباد يا صاحب المعالي .

فالتفت أكبر إلى الوزير ، وسأله : عرفت الآن السبب في كون بربال أهم عندي من سواه ؟! لا يكفي أن تتم مهمة كلفت بها ، يجب أن تستعمل ذكاءك لأداء عمل إضافي فوقها .

فخجل الوزير بعد أن أدرك بالتجربة القاسية  أهمية ومعنى أن يكون الإنسان بربال .

                                  (3 )

                             إخلاص نادر

تعثر الإمبراطور أكبر بحجر كبير في حديقته ، وكان في ذلك اليوم في مزاج نفسي سيء ،

فاغتاظ مما حدث ، وأمر بالقبض على البستاني وإعدامه . وفي اليوم التالي سئل البستاني عن رغبته الأخيرة قبيل إعدامه ، فطلب مقابلة الإمبراطور ، فأجيب طلبه . ولما اقترب من العرش تنحنح بصوت مسموع ، وبصق على قدمي الإمبراطور ، فتفاجأ هذا ، وأراد معرفة علة فعلة البستاني الشنيعة الذي فعل ما فعل بنصيحة من بربال . وتقدم بربال للدفاع عنه ، فقال : يا صاحب المعالي ! ما من إنسان أخلص لك من هذا الشقي ، ودليلي أنه خشي أن يقول الناس إنك أعدمته لسبب تافه جدا ، فانعطف من طريقه لمنحك سببا وجيها لإعدامه . وأدرك الإمبراطور أنه كان على شفا اقتراف مظلمة كبرى ، فعفا عن البستاني .

*موقع " قصص قصيرة جدا " الإنجليزي .

وسوم: العدد 746