العائد الذي ما عاد

السيد إبراهيم أحمد

السيد إبراهيم أحمد

[email protected]

صدر عن "حروف منثورة للنشر الإليكتروني مسرحية: "العائد الذي ما عاد" للكاتب السيد إبراهيم أحمد، وتقع في 58 صفحة، ويقوم العمل على شخصيات، هم: حسين: رجل في العقد الرابع من عمره، موظف سابق من مواطني السويس.

سناء            : زوجة حسين في العقد الثالث من عمرها.

فوزي           : صحفي، وصديق حسين.

إبراهيم         :  موظف وشاعر، صديق لحسين وفوزي.

الشيخ عامر    : إمام وخطيب مسجد الأربعين.

عامل نظافة   :

بعض الشباب  : مجموعة من الشباب والفتيات: (يقومون بدور الثوار، وفرقة الغناء، والمنشدون   ورقصات الذكر الأقرب للمولوية)

تتناول المسرحية الفترة الأخيرة من حياة مصر تحديدًا منذ قيام ثورة الربيع العربي في يناير 2011، يلعب الزمن دورًا هامًا فيها؛ إذ  تدور المسرحية كلها في ليلة واحدة أي هيَّ بالأحرى ليلية الإضاءة ممتدة إشارةً جلية إلى لون الفترة، يتخللها زمنًا حالاً ومستقبلاً عبر الرصيف الأيسر الذي يحتله الشباب بلافتاتهم التي تشير إلى تغير الأنظمة السياسية السريع في تلك الفترة، بينما يلعب من يحتلون الرصيف الأيمن سرد الأحداث الماضوية والتي تعد كأنها محاكمة مستمرة لما مضى ولما هو حال وآت، باعتبار تلك الأحداث التي سلفت بشخوصها وانكساراتها وهزائمها وانتصاراتها وانتفاضاتها مقدمةً وأسبابًا لتلك المرحلة الراهنة والتي تُعًد نتيجة حتمية لها.

 كما يلعب الشعر دورًا هامًا، باعتباره جزءًا لايتجزأ من الحوار ليس مدسوسًا عليه، فتارةً يأتينا عبر تظاهرة شبابية يسردون من خلالها أوشاب وخطايا عصر مبارك، وتارة يأتينا قصائد تُلقى دلالة على القهر والقمع وتكميم الأفواه؛ إذ يسجن شاعر بسبب قصيدة ألفها ثلاث سنوات، كما تأتينا استعراضًا حواريًا، وابتهالاً دينيًا بالفصحى، وأغنية فلكلورية تستدعي البيئة التي تدور فيها تلك الحكاية وهي مدينة "السويس" أشهر مدن القناة ومصر، والشعر على عاميته أقرب منه للفصحى فيما يسمى باللغة الثالثة؛ إذ لم يمارس الإغراق في اللفظة المصرية الدارجة القحة بل لعب على الشائع منها مصريًا وعربيًا.

كما لم تغب الفكاهة، والسينوجرافيا، والرمزية وأدوات الفرجة المسرحية الأخرى، فجعلتها عبارة عن ليالٍ في ليلة، وحكاياتٍ في حكاية، واستعراضًا أفقيًا ورأسيًا للتاريخين المصري والعربي؛ المصري بالفعل والعربي بالتأثر والانعكاس.

  ولعل اقتطاف هذا المشهد من تلك المسرحية ليشي تمامًا بتلك الأجواء فيها، ويعطي انطباعًا مبدئيًا عما قدمناه عنها، ويهيء القاريء لمتابعة أحدائها:

فوزي       : يا حسين .. أنا فوزي .. تعالى عايز أتكلم معاك..

حسين      :      (يخرج من جوار الجامع)..

                 وهنتكلم فيه يا فوزي يا صديقي الصدوق.. لسه هتكلمني تاني

                عن الإيجابية الخفية في الربيع العربي، وعن تلاحم قوى  

                 الشعب العامل، وعن الحلم الاشتراكي الواعد الذي يُبنى على

                 أرض مصر..

فوزي       :   لأ.. أنا ..

حسين      : (صارخًا)..لأ.. لأ إيه يا أستاذ فوزي.. يا صحفي يا كبير.. مش

                 هو ده اللي كنتم بتقولهولنا من ساعة ما عيوننا فتحت على

                 الدنيا..

فوزي      :  يا حسين .. إهدا.. لازم تعرف إننا صحافة وإعلام .. القيادة

               تقول لنا طبيعة المرحلة هتكون ثورة، نقوم ننفخ في صدوركم

               ثورة، يقولوا لنا طبيعة المرحلة حرب، نسخنكم ووالله زمان

              يا سلاحي..

حسين     : طبيعة المرحلة سلام، تقولولنا أجري سلموا، يقولولكوا طبيعة

               المرحلة انفتاح..

فوزي       : نقولكم انفتحوا..

حسين      : فتحة تفتح دماغك أنت واللي مشغلينك..

فوزي       : (يجلسان).. لسه مفيش أخبار عن ابنك أحمد..

               (يتكلم بصوت عالي مخاطبًا الشباب)..

               محدش فيكم سمع حاجة عن أحمد حسين..

الشباب    :  (يجيبونه بالرفض)..

حسين     :  متزعلش مني يا فوزي .. لما وعيت على الدنيا غنينا لعبد

               الناصر، وكنا بنسميه بابا ناصر، يدوب كملت عشر سنين

               لقيت الصهاينة هاجمين بطيرانهم فوق دماغنا...

                     (يُسمع صوت هجوم طيران)..

                واطفوا النور.. وادهنوا إزاز الشبابيك باللون الأزرق..

                      (يسود المسرح لون أزرق)..

                أجري يا جدع من هنا..ألحقوا أهربوا

                      (يجري الشباب في كل مكان)..

                ولقينا نفسنا مهاجرين، واتسرقت من طفولتنا

               عشر سنين.. وأحنا صابرين مستنيين..

فوزي      : فاكر يا حسين لما كنا بنسمع إن عبد الناصر جي السويس

              كنا بنعمل إيه؟..كنا بنجري علشان نلحق مكان عند السكة

               الحديد لجل ما نشوف الريس وهو بيشاور من القطر يرد

              تحية الجماهير، كنا بنبقى عايزين نرمي نفسنا على القطر..

               (يقف فوزي وحسين والشباب وهم يلوحون بهستيرية أمام

                محطة السكة الحديد، بينما تعرض الشاشة صورة عبد الناصر

               وهو يلوح للجماهير)..

حسين    : ساعتها قولتولنا ما تقولوش دي هزيمة لأ.. دي نكسة، وسينا

             دي إيه اللي خدوها؟.. حبة تراب وصحرا....