محكمة الأبرياء

مسرحية شعرية عن البوسنة والهرسك

د. غازي طليمات

صدر هذا الكتاب في طبعته الأولى عن دار البشير في عمان / الأردن، 1416هـ/1996م، وفي طبعة خاصة عن مكتبة العبيكان بالرياض 1426هـ/2005م.

ولعل هذا العمل الأدبي الإبداعي من الأعمال النادرة التي كتبت عن "البوسنة والهرسك" وجاء في إصدارات رابطة الأدب الإسلامي العالمية برقم (12) مع ديوان البوسنة والهرسك برقم (6). ليدل على اهتمام الرابطة بالأدب الذي يعبر عن وجدان الأمة تجاه قضاياها المصيرية.

أقام د. غازي طليمات مسرحيته الشعرية على فكرة لافتة لنظرة القارئ ومثيرة لتساؤلاته (محكمة الأبرياء)، إذ المحاكم تقام عادة للمتهمين، فيدانون بجرائمهم، أو يبرؤون منها، أما أن تقام للأبرياء فذلك مدعاة لقدر كبير من الدهشة.

تبدأ الأحداث التمهيدية للمحكمة بمرور كهل رث الثياب ليقرأ لوحة كبيرة كتب عليها (محكمة الأبرياء)، وفي جانب المنصة منبر كتب عليه (منبر الضمير) فيثير ذلك دهشته.

وينضم إلى الكهل شاب تاجر وضابط يحمل على صدره أوسمة كثيرة، وكهل آخر مهيب نعرف أنه قاضٍ.

ويختار الرجال الأربعة للمحكمة موضوعاً يحاكمون على أساسه، فتتفق كلمتهم على (البوسنة والهرسك)؛ لأنهم لم يشاركوا في هذه الحرب ولم يرتكبوا أية جريمة!!

وتبدأ محاكمة الرجال الأربعة: بالقاضي أولاً، ثم الضابط، ثم التاجر، ثم يأتي دور الرجل الكهل الرث الثياب رابعاً. بينما كان هو الأول الذي دخل قاعة المحكمة العجيبة (محكمة الأبرياء) ونتعرف على الشخصيات الأربعة من خلال حوار الحاكم معهم.

في نهاية الفصل الأول من المحكمة يسدل الستار وقد هز الحاكم ضمائر الرجال الأربعة الذين كانوا يظنون ألا علاقة لهم بقضية الحرب والسلام في البوسنة والهرسك، وهم وإن لم يقتنعوا تماماً أنهم مدانون بتقصيرهم في مساعدة إخوانهم في الإسلام فإنهم صاروا على يقين بأنهم ليسوا أبرياء!!

يأتي الفصل الثاني من المسرحية الذي يمتد من (ص 73 – 110) ليحكي لنا الأبرياء الأربعة المتهمون عن مكنون ضمائرهم بعد الرجوع إلى أنفسهم في الزمن الفاصل بين الجزء الأول من المسرحية والجزء الثاني.

يدعو الحاكم كلاً منهم إلى أن يقف على منبر الضمير ويقول الحق دون تزوير.

وهكذا يتناوب الرجال الأربعة الوقوف على المنبر، ليسجلوا اعترفاتهم بالتقصير.

يخلو الحاكم مع الضمير لتداول الحكم النهائي في القضية، ثم يعود ويبدأ بنطق الحكم وسط همهمات الرجال واعتراضاتهم لينزل أخيراً من منصة الحكم فيفتح قفص الاتهام ويضع نفسه مع الرجال الأربعة.

تعد المسرحية بصياغتها الشعرية الرائعة عملاً أدبياً من عيون الأدب الإسلامي المعاصر. وهي من بعد لا تعدم أن يقول فيها قائل قولاً يقترح فيه تغيير لفظة، أو إدخال شيء من التعديل في تقسيم الفصل الأول والثاني من المسرحية إلى مشاهد يسهل على القارئ تفهم الأحداث، واستيعاب الأفكار من خلال الوقوف في نهاية كل مشهد، والاستعداد لرؤية مشهد جديد، فإن السير في فصل واحد يستمر سبعين صفحة يعتمد فيه تطور الحدث وتصعيده على النمو الفكري أمر متعب.