ثورة... أبناء البلد

عبد الرحيم عبد الرحمن منصور

عبد الرحيم عبد الرحمن منصور

الزمان : زمن الثورة السورية المباركة

المكان : منزل في أحد الأحياء الدمشقية

الأشخاص :  اسرة شامية ( أب وإثنين من أولاده )

المشهد الأول :

قاعة كبيرة , يجري استعراض بعض الصور الجميلة من بلادي سورية  مع اضاءة مناسبة  ثم صوت المجموعة تنشد نشيد  بلادي .. بلادي ..

تطفأ الإنارة ثم تضاء 

شاب يدخل القاعة ثم يركض من زاوية إلى زاوية خائف مذعور

سامي يدخل فجأة .. يصرخ : محمود ما بك يا محمود !!؟ لما أنت خائف مذعور ؟  ماذا حدث ؟

ياتي الأب على صوت الجلبة والصراخ : مالكم يا اولاد ؟ لما هذه الجلبة ؟ لما أنت خائف يا محمود ؟  ( يقترب منه    يلمسه ) بسم الله الرحمن الرحيم   مذا حدث يا بني !!؟

محمود : لاشيء يا أبي .. لاشيء .. ولكن .. ولكن .. في الخارج ..الدورية .. الدورية

الأب : أي دورية ؟

محمود : الجنود يا أبي ، يعتقلون الشباب والرجال دون تمييز .. يلقون القبض على كل من في الشارع

سامي : يا لطيف .. هكذا وبدون سبب؟ يا للمصيبة .. أما عرفت لماذا يعتقلون الشباب والرجال ؟

محمود : يقولون .. أنهم يأخذون الجميع للتجنيد الإجباري !!  ويلقون بهم في المدن والأرياف على جبهات القتال

الأب : اللهم اجعل العواقب سليمة ، متى سننتهي من هذه الزمرة الطائفية الحاقدة ؟  إنهم سرطان متجذر .. داء وبيل أصاب البلد وأهل البلد .. ومقدرات البلد

سامي : وهل رأوك دخلت إلى هنا ؟

محمود : لا... لا.. ولكن رأيت ابن جارنا يهرب ، وقال لي أن أختبىء بسرعة قبل أن يروني

سامي : الحمد لله لو رأوك  لاقتحموا المنزل وأخذونا جميعا   بالأمس سمعت الناس يتحدثون أنهم يعتقلون الشباب حتى سن الأربعين من على الحواجز الأمنية ... وليس من على أبواب المدارس !

الأب : يهدأ من روع ابنه .. لا بأس يا محمود  لا تخف   اهدأ .. اهدأ   يلتفت إلى سامي : أحضر له كوب يانسون يا بني

سامي : أمرك .. حالا.. يغيب قليلا ثم يعود وبيده كوب يانسون   تفضل يا محمود  اشرب .. على مهلك .. بهدوء .. صحة وعافية

جرس الهاتف يرن ( رنننن  رنننن)

الأب:  ألو .. ترتسم علامات التعجب والاستغراب على جبينه .. يرفع حاجبيه .. يفتح عينيه بدهشة   .. يفغر فاه   الصوت من الطرف الآخر : أبي .. أبي .. ساعدني يا أبي !!

 الأب:  سعاد.. ما بك يا سعاد !!؟

سعاد : لقد أخذوا مصطفى يا أبي

الأب: ومن الذي أخذه   وكيف ؟

سعاد : الجنود يا أبي.. الجنود  اعتقلوه وذهبوا به إلى  أين لا أدري    أخذوه وهو عائد من المدرسة يا أبي .. أرجوك يا أبي ماذا أفعل ؟

الأب : اهدئي يا ابنتي .. لاتخافي .. لاتخافي .. سوف آت لعندك

محمود : ماذا جرى لسعاد يا أبي ؟

سامي: هل هناك شيء .. ماذا جرى ياأبي   خبرنا !!

الأب : لا حول ولا قوة إلا بالله .. مصيبة ..

محمود ـــ  سامي : مصيبة ..؟؟

الأب : لقد خطف الحنود ابن سعاد مصطفى وهو عائد من المدرسة  مع مجموعة من رفاقه

سامي : الأوغاد .. وماذا يريدون منهم ؟ إنهم طلاب في الثانوية  ماذا جنوا .. ماذا فعلوا لهم

محمود : حربهم القذرة هذه على الشعب أتت على الأخضر واليابس  ولم يبق عند الأوغاد جنود يقاتلون بهم  بعد أن شدّد الثوار وطأتهم عليهم

سامي : قتل منهم الكثير   وفرّ منهم الكثير والآن يريدون أن يدفعوا بنا إلى أتون حربهم القذرة .. دفاعا عنهم !؟ يريدون أن يقتل الأخ أخيه والجار جاره  والصديق صديقه  ومن أجل ماذا؟ من أجل بشار وزمرته الحاقدة !!

يريدون أن يقتلونا بأيدي أبنائنا !  والله عال .. هذي آخر سمعة .. هذي جريمة كبرى..!!  تسليط أبناء البلد على بعضهم

محمود : هم مجرمين لا فرق عندهم .. ألم يقتلوا الأطفال والنساء والعجزة ألم يهدموا البيوت والمساكن فوق رؤوس ساكنيها ؟  ألم يدمروا البلد ببراميل الحقد المتفجرة ،وصواريخ الموت التي دفع الشعب ثمنها للدفاع عن البلد واستر جاع الجولان السليب ، وصد العدوان الأجنبي ؟

الأب : والآن وبعد هذه السنوات العصيبة من الموت والدمار يأخذون شبابنا ويتم تجنيدهم لقتل أهلنا وأحبابنا .. إنهم يحلمون ... يحلمون أبناء سورية ليسوا هكذا !!

سامي : أبناء سورية لا يفعلون هذا الفعل ... هيهات ... هيهات أيها الملاعين .

الأب: لعنة الله عليهم ... ألم يستقدموا مليشيات شيعية من العراق وايران وأفغانستان  ليقتلونا أو يسكتونا .. وماذافعل حزب الشيطان هل فرّ ايضا .. كل هؤلاء يحاربون من أجل حماية النظام ... فهل هو بحاجة لخطف اولاد المدارس وتجنيدهم !!؟

محمود: هؤلاء المليشيات والمرتزقة الأجانب ليس لهم قضية في سورية يضحون من أجلها ،فلما يتعرضون للموت ؟ أمن أجل أسد ؟ ام من أجل زمرة نصرية منبوذة بغيضة  ؟ هم جاءوا من أجل سلب الأموال وسرقة المحلات وقد فعلوا .. فلما يتعرضون للموت في المواجهات مع الثوار ؟

سامي : صدقت .. ظنوا أن الأمر نزهه .. فرصة يجمعون فيها الأموال ثم يعودون ، فلما رأوا أن الموت يحاصرهم بأيدي الثوار في كل مكان اختلف معهم ( الدوزان ) وأيقنوا أن الأمر جد وليس لعب وهزل ، وكما تعلم ( يا روح ما بعدك روح ) و( ملعون أبو الأسد وأبو نظامو)

الأب : لهذا السبب بدأ هؤلاء يتخلون عنه ، ولما لا يتخلون عنه وقد حصلوا على مبتغاهم ؟  
محمود : ولكن هل يتركهم الثوار يذهبون محملون بالنهب والأسلاب ؟ والله لسوف يرون الموت الزؤوام على ايدي الثوار ولسوف يلعنون  (الساعة التي فكروا فيها بالقدوم إلى سوريا )    إي والله .. حسبوا الأمر نزهة .. نزهة .. هه!!؟

سامي : هذه الشام   مقبرة الغزاة ..   مقبرة المغول والتتار..  مقبرة الصليبيين ..مقبرة كل طامع وحاقد .. وأهلها فطروا على عدم الركوع إلا لله  أو يموتوا فداء لهذه الأرض الحبيبة

الجميع : كلنا فداء تهذه الأرض الحبيبة .. كلنا فداء لهذه الأرض الحبيبة

تخفت الإضاءة   نشيد بلادي .. بلادي  ثم تعود الإضاءة

 انتهى المشهد الأول

 

المشهد الثاني :

العائلة مجتمعة .. قسم من المنزل مهدّم بفعل القصف الهمجي من قبل جنود النظام .. ويبدو على الجميع إمارات الرضا والاستعداد للمقاومة حتى الرمق الأخير .

الأب  يسأل سعاد : هل سمعتم خبرا عن مصطفى ياابنتي ؟

سامي : مصطفى حماه الله وحفظه   كان بطلا وشهما  لم يبق سوى يومين عند قوات النظام ثم تسلل وانضم إلى الثوار

الأب: ما شاء الله   هذه هي الشام .. وهؤلاء أسودها

محمود : ويقولون يا ابي إنه الآن قائد فصيل مهم في المقاومة إكراما له لبطولته وشجاعته وإمعانه في ملاحقة صراصير النظام في كل اتجاه ومكان .

الأب : يظنون أنهم يحاربون أبناءنا بأيدي أبنائنا .. يظنون أنهم يستطيعون أن يجعلونا نقتل بعضنا  وهم يتفرجون !  خابوا وخسروا .. خابوا وخسروا .. ثم يلتفت إلى ابنيه محمود وسامي ويقول:

وأنتم يا شباب ماذا تفعلون هنا .. لماذا لا تنضموا للثوار ؟؟

يتبادل الشابان النظرات ثم ينفجران بالضحك ويصرخان معا : بابا ماذا تقول !!؟

 الأب بحزم : هل في طلبي شيء يدعو للضحك يا أولاد ؟

سامي : لا يا بابا  بالعكس هذا أقل ما نتوقعه منك !!

محمود : ولو .. يابابا راحت عليك   لقد سبقتك ماما

سامي: تلك الأم المقعدة  لا أدري أي قلب تحمله بين أضلاعها  !!

محمود : لقد أمرتنا وبقوة وحزم أن ننضم إلى الثوار وإلا تتبرأ منا

الأب: إي .. وانضممتم للثوار ؟

سامي : ولو .. يابابا.. هل نستطيع أن نخالف أو نتخلف .. نحن الآن تحت إمرة الثوار وطوع أمر الثورة

محمود : ومعنا سلاحنا .. ولكن الأوامر علينا أن  نخفي سلاحنا ونبقى على ما نحن عليه حتى تأتينا الأوامر الجديدة أو الإشارة بالتحرك

سامي : ألا ترانا يا أبي متحفزين .. متوثبين .. وقلقين

الأب : لاحظت ذلك  فأشفقت عليكما  بعد أن تأكدت من رغبتكما في مشاركة الثوار   بارك الله فيكما وحقق على أيديكما ظني ومطلبي  ولا تخشيا علينا يا أولاد  لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا    .. فجأة

يدخل ابن الجيران مسرعا وينادي على الأب :

يا أبا محمود    يا ابا محمود

الأب : ما وراءك يا بني ؟

ابن الجيران : طوبى لك .. وهنيئا .. أبشر   لقد رزق مصطفى الشهادة

الأم من داخل الغرفة تزغرد .. الحمد لله .. الحمد لله

سامي ومحمود :  الله اكبر .. الله اكبر هذه هي الإشارة   جاء دورنا  اسمح لنا ياابي  وسامحنا وادع لنا .. يقبلان يديه .. ويذهبان إلى الأم المقعدة ويقبلان يديها ورجليها

الأب: ينظر إليهما بفخر   وحبات الدموع تتدحرج على وجنتيه المخددتين ويقول : رافقتكما السلامة .. لا تخذلاني يا أولاد  لا تخذلاني يا أبنائي

ينطلق صوت أذان .. الله أكبر .. الله أكبر    تخفت الإضاءة

ثم يضاء المكان بشكل جيد مع النشيد الخاص بالثورة ( حماة الديار عليكم سلام ... )

النهايـــــة