تحت راية الإسلام

(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِين)

 العنكبوت 69

الفصل الأول

المشهد الأول

 (المنظر أرض فضاء واسعة،يظلل طرفاً منها جزء من شجرة كبيرة ممتدة الأغصان ،يظهر عدد من الرجال وفي المقدمة صحابيان  يتحاوران)

الأول : أتدري يا أخا الإسلام إلى أين تسير الأمور؟ بعد الذي جرى لسفير رسول الله صلى الله  عليه وسلم خراش الخزاعي،إذ دنى أشراف مكة من قتله بعد نحر بعيره لولا أن حمته  الأحابيش .

 

الثاني : ألم تلامس مسامعك أخبار ثلاثة من رسل قريش متتابعين إليناعادوا ليعلموهم أن  الرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه قد قدموا مكة معتمرين غير مقاتلين.

 

الأ ول : بلى...ولكن ماذا كان من أمر كبراء الشرك معهم؟

الثاني : أما الأول فهو بديل بن ورقاء الخزاعي ومعه رجال من قومه،فقد قدم معسكر المسلمين وعلم من الرسول صلى الله عليه وسلم أنه جاء لزيارة البيت ومعظماً لحرمته وأنه من  صدنا عنه قاتلناه.

(المنظرفي دار الندوة بمكة)

بُديْل : (يخاطب زعماء قريش)يا قوم..إن محمداً لم يأ ت للحرب..لايريد قتالاًولاإذلالاً.

أبوسفيان: ولماذا جاء؟

بديل : إنه جاء لزيارة بيت الله ,وإني أرى أن تهادنوه ويهادنكم، وأن تخلوا بينه وبين العرب..يظهرعليهم أويظهرون عليه.

أبو سفيان: وماذا أيضاً؟!

بديل : وأنتم بعد ذلك بالخيار تدخلون فيما يدخل الناس, أو تكونوا بنجوة عن قتاله وعافية من معاداته...

الأزهر: ( مقاطعاً) ما هذا الذي جئت به يا بديل؟!

بُديْل: تلك نصيحتي إليكم خالصة لوجه الحق.

الأزهر: كفّ عن نصيحتك يا بُديْل.

الأخنس: والله إن نصيحتك هذه لسم ناقع في طيات كلام معسول.

أبو سفيان: كيف نُذِلُ نفوسنا وأعناقنا لمحمد.. يدخل علينا عنوة ؟

بديل: أنتم وشأنكم, ولسوف تعلمون عاجلاً أم آجلاً صدق نصيحتي لكم. ( يغادرهم)

(في الحديبية)

الثاني : ،وما لبثوا أن بعثوا برجلهم الثاني مكرز بن حفص ،فما عادإليهم إلا بما كان قد رجع به صاحبه،وكان النبي صلى الله عليه وسلم قال عنه عندما رآه:هذا رجل فاجر.

 

الأول : ما الذي فعلوه بعد ذلك؟

الثاني : كان سيد الأحابيش الحليس بن علقمة هو مبعوثهم الثالث فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:إن هذا من قوم يتألهون فابعثوا الهدي في وجه حتى يراه،فلما رآه

 ينساب صوبه في عرض الوادي قفل عائداً ليخبر القرشيين بعظيم ما رآه. 

المشهد الثاني

 الحليس : (في مكة ممتطياً فرسه,ينادي)

 يا معشر قريش..يا معشر قريش.

رجال من قريش يتجمعون و )

فيهم أبوسفيان والأخنس بن شريق والأزهربن عوف)

أبو سفيان :ما وراءك أيها الرجل؟

الحليس: قد رأيت محمداً ومن معه من الناس.

أبو سفيان: وما رأيت؟ أفدنا بما جئت به.

الحليس: محمد قَدم والهديُ معه.

الأزهر: وما معنى ذلك.!

الحليس: معناه.. أنه لم يأتِ لحرب, وإنما جاء قاصداً البيت.

الأخنس: وماذا بعد؟

الحليس: الهدي يملأ الوادي.. قد جاؤوا معظمين البيت المقدس.

الأخنس: إنما أنت أعرابي لا علم لك.. ولا تعرف لأي شيء جاء محمداً.

الحليس: ( ينتفض غاضباً مستنكراً ما قوبل به) يا معشر قريش, والله ما على هذا حالفناكم.. أيصد عن بيت الله من جاء معظماً له!!

( يسود صمت)

الحليس: ( يواصل كلامه) والذي نفس الحليس بيده لتُخلنَّ بين محمد وبين ما جاء له.

أبو سفيان: لن يكون ذلك.

الحليس: إن لم يكن ذلك.. لأنفرن بالأحابيش نفرة رجل واحد.

أبو سفيان: ( مستدركاً الأمر, يرفع يده مهدئاً الموقف) مهلاً.. مهلاً, هدىء نفسك يا سيد الأحابيش.. أطلب من الجميع أن ينصتوالصوت العقل.

الحليس: طلبتم مني القيام بهذه المهمة.. ثم يأتي منكم من يكذبني.. ولا يأخذ برأيي ولا يتقبل تصديق ما رأيت.. إنه لأمر عجب.!!

سفيان: رويدك..لن نخذلك, بل سنسوي الأمر بالهدوء ( يشير بيده للقوم بالانصراف) هيا ارجعوا إلى ما كنتم فيه. ( ينصرفون)

المشهد الثالث

( المنظر ثانية في الحديبية)

الثاني:أتدري يا أخي ماذا كان من أمر قريش بعدئذ؟

 الأول: ماالذي كان؟

الثاني : لقد انتابهم القلق وركبتهم الحيرة فأرسلوا عروة بن مسعود ، فكان سعيه أن يلقي

 الوهن في معسكر المسلمين بكلامه فعنفه أبو بكر وقرع يده المغيرة بن شعبة بنعل

 السيف حين أخذ يعبث بلحية الرسول صلى الله عليه وسلم .

 ثم عاد عروة إلى قريش ليعلمها بأن الرسول لم يأت يريد حرباً .

يعود المنظر إلى مكة, يظهر عروة قادماً , ثم يترجل عن جواده منادياً ))

 

عروة: يا معشر قريش.. ياقوم.. ياقوم.

( الناس يلتفون حوله)

الأزهر: ماالذي جئت به يا عروة؟

عروة: اسمعوا جيداً.. محمد لم يأت لحرب وضرب.

الأزهر: إذن ماذا؟

الأخنس: لأي شيء جاء حسبما رأيت؟

عروة: رأيت عجباً عُجاباً.

الأخنس: كيف؟ قل ما عندك.. حمتك الآلهة.

عروة: محمد وأتباعه الكثر.. جاؤوا قاصدين بيت الله وليس غير.. ومن ثم.. ( يصمت

هنيهة)

الأزهر: ( مستعجلاً إياه ) ثم ماذا؟ قل يا رعاك الله.

عروة: قد جئت كسرى في ملكه, وقيصر في ملكه، والنجاشي في ملكه، وإني والله ما رأيت ملكاً قط مثل محمد في أصحابه..

أبو سفيان: ويحك.

عروة: ولقد رأيت قوماً لا يسلمونه لشيء أبداً. فما رأيكم؟!

الأخنس: نحيل الرأي إلى أبي سفيان.

أبو سفيان: ( يطرق قليلاً، ثم يرفع هامته مخاطباً من حوله من الرجال) إني أرى أن نرسل بعض فرساننا إلى معسكرهم ليصطادوا نفراً من أتباع محمد.. علنا نجره إلى حرب..

أصوات: ( عدة أصوات ترتفع ) نعم الرأي.. رأي أبي سفيان

 

المشهد الرابع

---------------------

(الوقت ليل, رجال من قريش مسلحين يتسللون الى معسكر المسلمين, عددمن المسلمين منهم الراكب ومنهم الراجل يحيطون بالقرشيين ويأسرونهم)

(في موضع آخر.. الصحابيان قد افترشا الأرض،وعادا إلى الحديث)

الأول : وهل من شيء آخر؟

الثاني : أجل.. لم تفلح قريش من وراء إرسال خمسين من رجالها المسلحين متسللين إلى

 معسكر المسلمين ليصيبوا بعض الاتباع،عساهم ينجحون في استفزاز الرسول صلى الله عليه وسلم,(يظهر عبد الله بن سهيل قادماًمن بعيد) لكنه صلى الله عليه وسلم أفشل

محاولتهم بعدما جاء به أصحابه من أسرى قريش،فعفا عنهم وأخلى سبيلهم.

عبد الله بن سهيل: (وقد اقترب)ما وراءكما؟

الأول : خيراً إن شاء الله،هذا أخي يحدثني بما كان من أخبار لم أشهدها في الحديبية.فهل

 عندك من شيء يا عبد الله بن سهيل.؟

عبد الله بن سهيل: ما عندي غير قليل.. فإن ابن الخطاب قد تخلى عن المسير إلى مكة ليبين لقريش

 الغاية من وراء قدوم المسلمين خشية أن يبطشوا به،فإنهم قد عرفوا عداوته

 لهم.. وليس هناك من عشيرته أحدٌ يجيره ويحميه، لكن أختياره وقع على عثمان

 بن عفان فإنه أهل لذلك،فذهب عثمان في تلك المهمة الشاقة بأمر من الرسول

 صلى الله عليه وسلم فدخل مكة في جوار أحد أقاربه.

 (المنظرفي مكة, عثمان بن عفان يسير برفقة مجيره من أقاربه ، وقد بدت منهما خلفيتهما, فيلتقي بزعماء قريش)

أبو سفيان : ما خطبك يا ابن عفان؟!

عثمان : جئت أخبركم عن سبب قدومنا مكة.

أبو سفيان :وما هو؟

عثمان: إنما جئنا مع محمد قاصدين البيت.. والطواف بالكعبة.

أبو سفيان: إن كان ذلك فلا بأس.. إن شئت أن تطوف بالكعبة فلك ذلك.

عثمان: والله ما كنت لأفعل.. حتى يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أبو سفيان: ويحكم يا أتباع محمد.. قد سحركم محمد بكلامه.( يشيح بوجهه عن عثمان,ثم ينفضون )

(يظهر عثمان يجوب أنحاءً من مكة يتصل بالمستضعفين الذين عدا عليهم الكبراء, يواسيهم ويطمئنهم)

( المنظرمن جديدفي الحديبية وعبد الله يتابع حديثه )

عبد الله: ثم إن عثمان غدا

 يتصل بالمستضعفين في مكة من المسلمين ويبشرهم بالفتح وبقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم .. ففرحوا بذلك حتى سالت دموعهم،وما لبثت قريش أن اعتقلت عثمان،ومن ثم جاءتنا أخبارعن مقتل عثمان على يد أولئك...(ينظر بعيداً..ثم يقطع حديثه) من هؤلاء القادمون!!؟ (يذهب مسرعاً صوب اليمين،رهط رجال يتقدمون من الجهة الأخرى)

 

الثاني : جاءت أخبارتحدث بأن عثمان على قيد الحياة.

الأول : كأني بأول القادمين.. سهيل بن عمرو .

(وهو يشير إلى الرجال وقد هب الاثنان وقوفاً).فهو خطيب قريش ومتكلمهم.

 

المشهد الخامس

 (على باب خيمة فيها الرسول صلى الله عليه وسلم

 ونفر من الصحابة في ظل الشجرة)

عبد الله بن سهيل : يا رسول الله ذاك أبي ومعه رجال من قريش.

عبد الرحمن بن عوف: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: خلوابيني وبينهم،إنها قريش جاءت تريد

 الصلح.

عبد الله : (يبتعد قليلاً) سمعاًوطاعة.

 (يتقدم ثلاثة رجال هم سهيل بن عمرو ومكرز بن حفص وحويطب بن عبد العزى)

سهيل : (منادياً) يا محمد.

عمر بن الخطاب : (دون أن يظهر)ما وراءك ياابن عمرو.. ماذا تريد؟

سهيل : أريد محمداً.. أين هو؟

سعد بن أبي وقاص : إنه هنا.. قل ما عندك يا سهيل .

 سهيل : إني رسول قريش إلى محمد.. لأصالحه على شروط نقبلها.

سعد : يقول لك رسول الله.. إن كنت تريد خيراً فمرحباً بك.

سهيل : وما جئت لغير ذلك.

سعد : تقدم.. اجلس هنا أمام رسول الله (يشير له بيده)

 سهيل : (يجلس ويتوجه بالكلام حيث رسول الله) يا محمد قد كنت واحداً منا.. أما اليوم

 فأنت في قوم ونحن في قوم .

 سعد : يقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل ما عندك.

 سهيل : (يبدأ حديثاً مطولاً) إنك قد نزلت ها هنا بمن معك من الناس وإن قريشاً قد

 أرسلتني في أن ترجع عنها في عامنا هذا.. لا تدخل مكة هذا العام .. كيلا تتحدث

 العرب أن محمداً دخل مكة عنوة وقد جئتك بالصلح.

سعد : يقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف

 به.

 سهيل : والله لا تتحدت العرب أننا أخذنا ضغطة،ولكن ذلك من العام المقبل ... (سهيل

 يستمر في الكلام).

المشهد السادس

 (الصحابيان يتجاذبان أطراف الحديث من جديد )

الأول : ماذا يريد هذا الرجل.. وماذا تريد قريش من ورائه، ولم يفلح

 أسلافه من قبل في شيء، إن قريشاً لا تريد أن تدرك أننا قدمنا

 مسالمين، نبتغي تعظيم بيت الله الحرام .

الثاني : قد تدرك قريشٌ ذلك.. لكنها عنجهية الجاهلية متمكنة من

قلوب كبرائها. 

الأول : (يشير صوب الخيمة) أرى أن سهيل بن عمرو قد أطنب

في الكلام وأطال.. وإنه لمن أفذاذ مكة وخيارها، وهو

 يحسن الحديث والتفاوض. 

الثاني : لعل قريشاً اختارته لذلك، قد يكونون علموااستعدادالنبي

 صلى الله عليه وسلم لدخول مكة بالقوة بعد ما منعوه من

 دخولها سلماً.. وقد بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على

 الموت.

الأول :بايعنا على الموت في سبيل الله.. دون الفرار من الزحف

 ،وقد بايعه كل من شهد الحديبية وهم ألف وأربعمائة من

 المسلمين ،إلا واحداً صاحب البعير الأحمر ،فجميع

 المسلمين يعلمون أن من مات وليس في عنقه بيعة.. فقد

 مات وتشوب إيمانه ثلمه.

الثاني :حتى أن ابن عمر بن الخطاب قد بايعه قبل أبيه فقد أرسله

 ليحضر له فرساً كان تركها عند أحد الأنصار فوجد عبد

الله الناس يبايعون فبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم

 انطلق فأحضر الفرس لأبيه وهو يتحضر للحرب فأعلم أباه بالبيعة

 فذهب عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعه تحت

 الشجرة.

الأول :فإن أول من بايع هو أبو سنان ألأسدي،إذ نادى مناد أن

روح القدس قد نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم

 وأمر بالبيعة وقد كان قال حين بلغه مقتل عثمان:لا نبرح حتى

 نناجز القوم.

الثاني :بعد أن بايع الناس .. قال صلى الله عليه وسلم : اللهم إن

 عثمان في حاجة الله تعالى وحاجة رسوله.

 وقد قال البعض إنها بيعة عثمان..وهي بيعةالرضوان.

الأول :إذن هذا ما أفزع زعماء قريش... فأرسلوا وفدهم

 هذا للمصالحة .

 

المشهد السابع

(عند مدخل الخيمة،وفي ظلال الشجرة المورقة،ووفد قريش

 جالسون على الأرض ) 

سهيل

 :يا محمد.. هات اكتب بيننا وبينك كتاباً بما تعاقدنا

عليه .

عبد الرحمن بن عوف:يا علي بن أبي طالب،رسول الله يأمرك أن تكتب

وثيقة العهد بيننا وبين وفد قريش .

علي

 :(يتقدم ويجلس عند الباب وقد أظلته أغصان الشجرة

 وبدا طرف منه، وسعد يناوله القرطاس والمداد)

سعد

:إليك هذه.. واكتب ما يمليه عليك رسول الله.

علي

 :بماذا تأمرني يا رسول الله.(وهو يمسك بالقرطاس

والقلم)

سعد

:يقول لك رسول الله.. اكتب بسم الله الرحمن الرحيم .

سهيل

:أما الرحمن،فوالله ما أدري ما هو،ولكن أكتب باسمك

 اللهم كما كنت تكتب.

أصوات المسلمين :والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم .. لا نكتبها

 إلا بسم الله الرحمن الرحيم .

سعد

:يقول النبي.. اكتب باسمك اللهم.

علي

 :نعم .

سعد

:كذلك أكتب.. هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن

 عمرو.

سهيل

: (مقاطعاً) والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك

 عن البيت ولا قاتلناك .

سعد

: وماذا تريد أن نكتب ؟!!

سهيل

:اكتب.. محمد بن عبد الله.

سعد

:يقول النبي صلى الله عليه وسلم، .والله إني لرسول الله وإن

 كذبتموني ،يا علي اكتب محمد بن عبد الله، على أن تخلوا

 بيننا وبين البيت فنطوف فيه.

سهيل

:يكون ذلك من العام المقبل.

علي

 : (يكتب وهو يردد ما يكتب )

سهيل

:وعلى أن لا يأتيك رجل منا.. وإن كان على دينك إلا

 رددته إلينا.

أصوات المسلمين :سبحان الله.. كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلماً..

 كيف يكون ذلك ؟هذا لا يعقل.!!

 (في تلك اللحظة يظهر من بعيد رجل ممزق الثياب

،وقد بدت عليه آثار التعذيب)

الرجل

: (ينادي بأعلى صوته ) يا رسول الله.

عبد الله بن سهيل : (يلتفت إليه) إنه أخي أبو جندل.. يا للهول.. ما

 أصابك ؟!

أبو جندل  :يا رسول الله أغثني.. قد عدا عليّ القوم الكافرون.

 (يقترب من الجمع)

عبد الله بن سهيل :فاجعة حلت به.. رحماك ربي (يشيح بوجهه متألماً

 لمنظره والجميع يتجهون بأبصارهم صوب أبي جندل

 ، وقد لفهم الصمت والذهول )

المشهد الثامن

(سهيل بن عمرو.. ينهض ويتوجه بالكلام صوب خيمة الرسول صلى الله عليه وسلم )

سهيل

:يا محمد.. هذا أول من أقاضيك عليه أن ترده إلي.

سعد

:يقول لك .. أنّا لم نقض الكتاب بعد.

سهيل

:فو الله إذاً لا أصالحك على شيء أبداً.. لقد لجت

 القضية قبل أن يأتيك هذا.

سعد

:يقول لك.. أجزه لي .

سهيل

:ما أنا بمجيز وقد تم الاتفاق بيننا على شروط

 المعاهدة.

عمر

 :بلى فافعل .

سهيل

: ما أنا بفاعل .

مكرز

 :قد أجزناه لكم .

عمر بن الخطاب :أما تجيزه لرسول الله.. وقد أحسن إليك وعفا عنك إذ

 كنت بين يديه مع أسرى بدر.

سهيل

 :لا.. ورب الكعبة.

أبو جندل  :(يصرخ بأعلى صوته) يا معشر المسلمين.. أأرَد

 إلى المشركين وقد جئت مسلماً ألا ترون ما لقيت

منهم؟.

سهيل

 :(يقوم إليه،فيمسك بتلابيبه ويشده ويعنفه بعد أن

يلطمه ) أيها الخاسر.. هل صبأت عن دين أبائك

 واتبعت محمداً!ً

أبو جندل  :بل إني الفائز برضا الله الرابح باتباع رسوله.

عمر

 :(يثب ويسير بجوار أبي جندل وقد أدنى قائم سيفه

 منه، أملاً في أن يستله ويضرب به رأس أبيه،

 وسهيل ما زال يجر ابنه ويبتعد به ) اصبر يا أبا

 جندل،فإنهم المشركون وإن دم أحدهم دم قذر

 (وهو يتلمظ غيظاً)

أبو جندل  :(يخاطب أباه)ألم يئن لك أن تعلم.. أنه لا إله إلا الله

 وأن محمداً رسول الله (ثم يصرخ)يا رسول الله..يا

معشر المسلمين .

عبد الرحمن :يقول لك رسول الله.. يا أبا جندل اصبر واحتسب،فإن

 الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجاً

 ومخرجاً،إنا قد عقدنا بيننا ًوبين القوم صلحاً..

 وأعطيناهم على ذلك وأعطونا عهد الله، وإنا لا نغدر بهم .

 

سهيل

:(يخاطب صاحبيه) خذاه إلى رحلنا واقذفاه في القيد

 (يذهبون )

 (عمر يدَعهم ويعود إلى ظل الشجرة ولا يظهر إلا

 جنبه)

عبد الله بن سهيل :(على مسافة من أبيه) هداك الله يا أبي، وأخرجك من

 باطل رسفت فيه.

 (الصحابيان يمران)

الأول

 :ويل سهيل.. ما أغلظ قلبه.

الثاني

:إنه لا قلب له، أو قد صب قلبه من حجر.. فهو على

 ولده كالنار تأكل الهشيم.. فلا تذر أخضر ولا يابساً!!

الأول

 :كأني بالرحمة نزعت من صدور الكفار!!

المشهد التاسع

عمر

 :(متجهاً حيث الرسول، وعدد من الصحابة) يا أبا بكر،

 أليس برسول الله؟

صوت أبي بكر :(من الداخل) بلى .

عمر

 :أليسوا بالمشركين ؟!!

صوت أبي بكر :بلى .

عمر

 :فعلام نعطي الدنية في ديننا؟

صوت أبي بكر : يا عمر.. الزم غرزه فإني أشهد أنه رسول الله .

عمر

 :وأنا أشهد أنه رسول الله. (يتقدم إلى الأمام خطوة ) يا

 رسول الله، ألست؟ رسول الله حقاً؟

سعد

 :(يتقدم نحوه) يقول عليه الصلاة والسلام.. بلى .

عمر

 :ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟

سعد

 :يقول.. بلى.

عمر  :فلمَ نعطي الدنية في ديننا ؟!

سعد

 :قال.. إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري.. ولن

 يضيعني .

عمر :أولست كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به.؟!!

سعد  :يقول.. بلى.. أفأخبرتك أنا نأتيه العام ؟

عمر :لا.

سعد

:(يتابع).. فإنك آتيه ومطوف به .

عمر :(يتنحى جانباً، ويحدث نفسه)ويحك يا عمر، ماذا

 دهاك.. ما فعلت بنفسك.. هو أمر الله من فوق سبع

 سماوات.. وما شأنك أنت بذلك!!(يختفي)

عبد الرحمن :(يخرج وينادي)يا سهيل بن عمرو.. هلم إلينا.. رسول

 الله يدعوك لإتمام كتاب الصلح .

سهيل :(يعود، يمشي الهوينا، ثم يتبعه باقي الوفد )

علي :(يرجع إلى مقعدة الذي كان فيه سالفاً، يبدو منه ظهره

 فقط )ما تملي علي يا رسول الله؟

سعد

:يقول لك.. اكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن

 عبد الله سهيل بن عمرو.

علي

 :نعم . (يستمر في الكتابة)

سعد

 : ... على أن تضع الحرب أوزارها عشر سنين يأمن

 فيها الناس ويكف بعضهم عن بعض على أنه من

أتى محمداً من قريش بغير إذن وليه رده

 عليهم،ومن أتى قريشاً ممن مع محمد لم يردوه

 عليه، وأن بيننا عيبة(1) مكفوفة.. وأنه لا أسلال

 وأغلال(2)،وأن من أحب أن يدخل في عقد محمد

 وعهده دخل فيه.. ومن أحب أن يدخل في عقد

 قريش وعهدهم دخل فيه .

علي

 :هل من شيء بعد؟

 سعد

 :(يتابع) وأن يرجع المسلمون عن مكة من عامهم هذا،وأن

 يأتوا مكة في العام المقبل .. يدخلونها والسيوف في أغمادها

 .. يقيمون فيها ثلاثاً يطوفوا بالبيت ويعظموه،وتخلي قريش

 بينهم و بين ذلك .(يصمت)

 

علي

 :من يشهد على وثيقة الصلح؟

سعد

: ... أبو بكر وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد

 الرحمن بن عوف وعبد الله بن سهيل بن عمرو ... ومحمد

ابن مسلمة ... وأنا سعد بن أبي وقاص .

 (يتتابعون للشهادة على الصك سوى عمر)

عبد الرحمن : ( ينادي) يا عمر بن الخطاب.رسول الله يدعوك لتشهد على

 كتاب الصلح .

 ( ثم يأتي عمر ويشهد)

سهيل

 :ومنا.. مكرز بن حفص وحويطب بن عبد العزى

 (يدنوان فيشهدان) (سهيل ومن معه يذهبون)

                                                                                                                                       _________________________________________________

(1)العيبة : وعاء من جلد يكون فيه المتاع.. مكفوفة: ضرب مثالاً لوفاء القلوب بما تعاقدوا عليه.

 

(2)الأسلال:السرقة الخفية، الأغلال :الخيانة .

الفصل الثاني

 المشهدالعاشر

  (عند تله مطلة على وادي الحديبية الصحابيان يسيران , وأصوات الناس تأتي مختلطة من بطن الوادي)

عبد الرحمن بن عوف :(يتقدم، ثم ينادي) أيها الناس.. يا معشر المسلمين.. رسول

 الله يدعوكم لنحر الهدي .

  (يعاود النداء) يا معشر المسلمين.. انحروا هديكم واحلقوا

 رؤوسكم.. فقد حان وقت أوبتنا إلى يثرب.

الصحابي الأول : تلك مصيبة حلت علينا. (ضجيج ولغط من أماكن مختلفة)

الثاني :ما المصيبة يا أخي؟

الأول :أن نعود دون دخول مكة.. انظر إلى الناس كأنه على رأسهم

 الطير.

الثاني :هو أمرارتآه رسول الله.. أو قد أراه الله تعالى إياه.

الأول :نعم.. ولكن..

الثاني :ماذا؟!!

الأول : أن نسلمهم أبا جندل وقد جاء مسلماً.. مؤمناً بالله

 ورسوله، إنه لمن الفظاعة بمكان .

 

الثاني :أي نعم.. هو مثل ما تقول.. لكن ما علينا إلا اتباع الرسول. الأول :هل يعقل الناس هذا.. أما ترى أكثرهم وقع في حيص بيص!!

الثاني :أجل.. هو كما تقول.. قد غدوا متخبطين لا يلوون على شيء

 وما نفر أحد إلى هديه ينحره.. ولا إلى شعره يقصه.

  (يرجع إلى الوراء وينظر بعيداً ) تعال انظر.

الأول :ما هنالك.. إنه رسول الله ينحر هديه.

الثاني :علينا أن نقتدي به صلى الله عليه وسلم.. ونفعل مثلما يفعل.

الأول :وهل سيحلق رأسه الشريف؟

الثاني :وما أظن غير ذلك .

عبد الرحمن :(يعتلي الأكمة مرة أخرى) أيها المسلمون .. أيها المؤمنون

 أرأيتم إلى رسول الله ينححرهديه ويحلق رأسه،عليناجميعاً

 اتباع الرسول .. إنه أمر الله من السماء .(يهبط ويرجع)

الأول :ها قد أخذ الناس بالذبح.

الثاني :هيا بنا.. نسرع لنؤدي ما وجب علينا.

 (يذهبان مسرعين)

المشهد الحادي عشر

(بعد أيام، عند باب المسجد النبوي في المدينة، الوقت نهار، في ساحة المسجد رجال يجيئون ويغدون ، الصحابيان يظهران )

الأول :ها قد هدأ كل شيء إثر عودتنا إلى المدينة.

الثاني :قد تغدو الأيام رتيبة.. وقد يكون غير ذلك.. كل شيء بأمر الله.

الأول :أرأيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ونحن عائدون من

الحديبية.. قد نزل عليه الوحي .

الثاني :سمعت أنه نزل عليه.. فيض من كلام الله.

  (يظهر عبد الرحمن بن عوف وبجانبه عمر بن الخطاب

 وهو يغطي عليه.. يسيران باتجاه حرم المسجد )

الأول :ذاك عمر مع عبد الرحمن بن عوف قادمان .

الثاني :ما الأمر.. ؟

عبد الرحمن :في طريق العودة من الحديبية..نزل على رسول الله الروح

 الأمين.. بقول من الله عز وجل.. إنه يريد أن يسمعك ما

نزل.

عمر :على السمع والطاعة يا رسول الله، (كأنه يخاطب نفسه) إني

 لأصوم وأصلي وأدعو ربي ليغفر لي عما كان مني في ذلك

 اليوم . (يدخلان المسجد وينقطع الكلام )

الأول :إنهما يجلسان عند رسول الله.. لننظر ما سوف يكون .

  (صوت ندي يصدح بآيات من سورة الفتح والجميع يقعدون

 لسماع ما يتلى )

بسم الله الرحمن الرحيم

(( إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً، ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطاً مستقيماً، وينصرك الله نصراً عزيزاً، هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليماً حكيماً، ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويُكَّفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزاً عظيماً، (فاصل زمني بسيط ) ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السَوْء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيراً .)) (ينقطع الصوت )

الأول :لا إله إلا إله محمد رسول الله.. والله إنه لقول الحق من عند

 الواحد الأحد .

 (يعود الصوت يرتفع بالتلاوة)

((لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً، ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزاً حكيماً. ))

 (ينخفض الصوت قليلاً ثم يعلو)

((وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدي الناس عنكم ولتكون آية للمؤمنين ويهديكم صراطاً مستقيماً. )) (ينقطع)

الأول : (ينهض ويتبعه الآخر) سبحان الله ما أعجل ابن أدم.. لو تجملّ

 المرء بالصبر ما ضاع وما أضاع !!

الثاني :قد خلق الإنسان عجولاً، ها قد غدا الأمر واضحاً جلياً.

 (تعود التلاوة فيقعدان)

((لقد صدَقَ الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلنَّ المسجد الحرام ‘إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحاً قريباً ))

(يخفت الصوت وينقطع)

الأول :(يقفز واقفاً ويتبعه الثاني) الله أكبر.. الله أكبر.

الثاني :إنها للبشرى والله.. قد جاء البشير بالخير، وما وراء عمل

 النبي صلى الله عليه وسلم إلا الحكمة والخير.(يدخلان

 المسجد)

المشهد الثاني عشر

(على باب المسجد وقد مضى وقت آخر.. يدخل رجل هو أبو بصير بدت عليه آثار تعذيب، قد أنهكته وعثاء السفر، أشعث أغبر)

الأول :يا إلهي.. من ذاك الرجل.. وما أصابه (يتقدم نحوه) من أنت

 أيها الرجل ؟!!

أبو بصير :أنا عتبة بن أسيد بن جارية الثقفي الملقب بأبي بصير .(ينطرح  أرضاً من التعب )

الأول :ما الذي حل بك ؟

أبو بصير : (بصوت متهدج) لقد عذبوني في مكة وأهانوني وسجنوني .

الأول :(يذهب) ويل لهم.. أما يخافون الله يوماً.

  (يعود بوعاء ماء، يسقيه ويغسل له وجهه ورأسه)

أبو بصير :الحمد لله.. الحمد لله.. لكني بعون الله استطعت أن أهرب من

 جحيمهم.. فوصلت مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

الأول :(يأخذه بيده) قم معي.. هلم أقبل على النبي.

أبو بصير :(ينهض ثم يمشي وهو يجر نفسه جراً من الإعياء)

عبد الرحمن بن عوف :(من الداخل) ما خطبك يا هذا؟

الأول :إنه أبو بصير، قدم من مكة مسلماً.

عبد الرحمن :النبي يأمرنا أن نستضيفه.. نأويه ونحسن مسواه.

الأول :هلم معي يا أخي نذهب إلى الدار.

أبو بصير :أجل.. ولكن بعد ما أسلم على حبيبي وقرة عيني .

الأول :إذن.. إلى رسول الله أولاً.

أبو بصير :جزاك الله خيراً. (يتقدمان)

المشهد الثالث عشر

(في أحد طرقات المدينة المؤدية إلى المسجد، رجلان من قريش بسلاحهما، يلتقيان بالصحابي )

الصحابي الثاني :ما خطبكما أيها الرجلان؟ومن أنتما؟

جحيش :أنا جحيش بن جابر.. ومعي مولى للأزهر بن عوف والأخنس

بن شريق،قاصدان إلى نبيكم .

الثاني :وما تبغيان؟

جحيش :في جعبتي كتاب له من مكة.

الثاني :(يسير)اتبعاني.. وممن الكتاب؟

جحيش :من سيديّ هذا المولى .

الثاني :على أن تكونا قدتما لخير.. لا شر .

جحيش :(لا يجيب بشيء ويدخلون ساحة المسجد)

الثاني :هذا مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.. قفا هنا كي

 أستأذن لكما، (يقترب من مكان النبي ثم يتكلم )يا رسول الله

 هذان رجلان من مكة ومعهما كتاب من الأزهر بن عوف

والأخنس بن شريق .

عبد الرحمن :ائت بالكتاب.

الرجلان :(قبل أن يسلما الكتاب يصيحان )يا محمد.. رد هذا إلينا.. أرسل

 أبا بصير معنا بالعهد الذي جعلت بيننا.

الثاني :(يعود إليهما)هات الكتاب (يأخذه ويدخل)

جحيش :(للمولى) أراهم حافين بنبيهم .

عبد الرحمن : تقدما هنا أيها الرجلان.(يقتربان من مكان النبي والصحابة)

الثاني :ماذا يا ابن عوف؟

عبد الرحمن :رسول الله يأمرنا أن نستدعي أبا بصير حالاً..قد جدوا في طلبه.

الثاني : سأذهب وآتي به (يخرج مسرعاً)

المشهد الرابع عشر

(أبو بصير والصحابيان يتقدمان إلى عند النبي، ومبعوثا قريش في مكانهما،أبو بصير يبدو في هيئة أحسن من السابق)

الثاني : ها هو أبو بصير.. قد جاء.

أبو بصير :لبيك يا رسول الله .

الأول :(للرجلين) ما خطبكما، لأي غرض أنتما هنا؟

 جحيش :جئنا نسترد أبا بصير.. الفار من سجنة.

الأول :ويلكم.. أتظلون غارقين في الباطل ؟!

عبد الرحمن :(يخاطب أبا بصير) يا أبا بصير.. يقول لك النبي إن هؤلاء

 القوم قد صالحونا على ما قد علمت،وإنّا لا نغدر بهم. فالحق

 بقومك.

أبو بصير :يا رسول الله، أتردني إلى المشركين يفتنوني في ديني؟!!

عبد الرحمن :يا أبا بصير اصبر واحتسب، إن الله جاعل لك ولمن معك من

المستضعفين من المؤمنين فرجاً ومخرجا.ً

صوت عمر :بل يصرون على الحنث العظيم.. ذرهم في طغيانهم يعمهون،

 لك الله يا أبا بصير.

أبو بصير :السلام عليك يا رسول الله.. سلام الله عليكم يا إخوتي في الله..  وداعاً.. سنلتقي إن شاء الله.. إن لم يكن هنا.. فهناك عند

 الواحد القهار . (يستدير ويسير)

الصحابيان :رافقتك العناية الإلهية يا أخانا.

أبو بصير :سلمت أمري لله.. سوف أذهب من حيث أتيت .

جحيش :(جحيش والمولى يمسكا بيديه.. فينفضهما بعيداً عنه)تعال

 معنا..

أبو بصير :إليكما عني.. إني عائد بمحض إرادتي .

(عبدالرحمن والصحابيان يسيرون خلفه حتى مدخل المسجد الخارجي وقد بدا عليهم الحزن والأسى..، ويدعون له)

عبد الرحمن :برعاية الله وحفظه.

الصحابيان :كان الله في عونك.. حماك الله من كيد الغادرين .

المشهد الخامس عشر

(في ذي الحليفة،على مقربة من المدينة،في بستان أظلته واحة نخيل، الثلاثة يدخلون..أبو بصير وحارساه)

جحيش :لنتناول طعاماً.. ثم نُقيل هنا قليلاً.

المولى :ليكن ذلك.

جحيش :آتنا بالزاد الذي معك.

المولى :(يخرج شيئاً من جعبته )هاك الزاد.

جحيش :اذهب وائتنا ببعض التمر (يذهب).. والماء أيضاً.

المولى :(عن بعد)في الحال.

جحيش :(يجلس ويفتح زوادته) هذا طعام لا بأس به.. كيف تراه يا

 عتبه.

أبو بصير :(يشيح بوجهه)

جحيش :أتأكل معنا..

أبو بصير :لا.

جحيش :ولمَ لا؟

أبو بصير :هو زاد لكما.

المولى :(يعود بالتمر والماء) هذا ما طلبت.

أبو بصير :آخذ الماء فقط (يتناول إناء الماء ويقعد أرضاً فيأخذ منه قليلاً

)بسم الله...(بعد أن يشرب) الحمدلله.

جحيش :(وصاحبه يبدآن تناول الطعام وقد افترشا الأرض )

المولى :كل معنا يا هذا.

أبو بصير :لا أريد(متجهماً)

جحيش :(في سخرية)ما الذي تريده أيها الثقفي.؟! لا تريد الطعام.. ولا

 تريد الماء.

المولى :لا.. بل أخذالماء(يقهقهان)

جحيش :(يتابع، ويتابع أخذ الطعام في نهم ) عله يريد الرجوع إلى

 سجنه في مكة.(يقهقه مرة أخرى)

المولى :قد يكون .

جحيش :السجن أحب إليه من ملئ أمعائه.(يتابعان سخريتهما )

المولى :لو دخلها وأحشاؤه فارغة أصوب له .

 جحيش :أولى له.. نعم.. إن الأسياد في مكة ينتظرونه.(يقهقه ثانية)

المولى :(يهب واقفاً) سأذهب لبعض حاجتي .(يذهب)

 جحيش :لا تغب كثيراً . (وبعد قليل يترك الزاد ثم يلتفت إلى أبي بصير)  .. ما عندك؟

أبو بصير :(يظل في صمته)

جحيش :أنا عندي شي.. تذكرت (يخرج سيفه من قرابه،يمر عليه بيده

ماسحاً إياه )إنه سيفي.. أتراه؟

أبو بصير :(تتعلق عيناه بالسيف) إني أرى مثلما ترى.

جحيش :(يعود إلى سخريته) هذا السيف.. لأ ضربن به..

أبو بصير :ماذا تريد أن تضرب به؟

جحيش :لأضربن به الأوس والخزرج.

أبو بصير :كل الأوس والخزرج أم بعضهم .(يجاريه في سخريته)

جحيش :جميعهم.. من صغيرهم إلى كبيرهم.. وأظل أضرب فيهم حتى

 يهبط الليل ويظلم عليهم .

أبو بصير :بمفردك أم معك قومك؟

جحيش :بمفردي..ووحدي.. وعيناك هاتين تبصران ما أفعل.. فإن سيفي

 قاطع بتار.

أبو بصير :أرى سيفك هذا جيداً.

جحيش :نعم.. واللات.. إنه لجيد.. لقد جربت فيه وجربت (مزهواً)

أبو بصير :أرني أنظر إليه..

جحيش :خذ انظر إليه..لتكن على يقين مما أقول (يعطيه السيف)

أبو بصير :(يمر عليه بيده.. ويجيل بناظريه ) يبدو لي مثلما قلت .(ينهض

 واقفاً)

جحيش :إلى أين يا هذا؟ (ينهض)

أبو بصير :وسيكون أجود.. وهو يقطع رأسك .(يناوله ضربة بالسيف في

عنقه.. ثم يتلوه بضربات أخرى )

جحيش :(تصدر عنه أصوات هلع.. ثم يهمد على الأرض )

أبو بصير :(يبتعد عنه قليلاً ) إلى جهنم وبئس المهاد.. أيها الكافر.

المولى :(يأتي مسرعاً فيرى صاحبه على الأرض مقطعاً فيتسمر في

 مكانه )ما هذا؟!! ويلي .(ثم ينظر إلى أبي بصير والسيف في

 يده ينقط دماً فيصيبه الهلع )

أبو بصير :أتحب أن تلحق بصاحبك ؟

المولى :لا.. لا.. أرجوك اعف عنى .(يولي الأدبار فزعاً)

أبو بصير :(يتقدم إلى المقتول وينزع عنه أدواته ويسلبه ما عنده) جنيت  على نفسك أيها الخاسر.. فخسرت الدنيا والآخرة.

المشهد السادس عشر

( في المدينة.. المولى يدخل ساحة المسجد مهرولاً وهو يلهث فزعاً،يلقاه نفر من الصحابة )

الصحابي الأول:ما لك يا هذا.. لم رجعت؟!!

المولى :أ.. أ.. أقول .. إن.. إن أبا بصير قتل.. قتل صاحبي.. جحيشاً

الأول :أفعلاً.. قتله!

سعد :يقول النبي صلى الله عليه وسلم: لقد رأى هذا ذعرا.ً

المولى :أي نعم.. إني.. أ.. أصدقكم... القول .

الأول :وكيف قتله؟

المولى :قتله،ب... بسيفه.

الثاني :ولمَ أبق عليك أنت ؟

المولى :إني.. أستنجد بكم، قتل والله صاحبي.. وإني لمقتول .

عبد الله بن سهيل:(يخاطب الأصحاب) صدقت نبوءة الرسول.. والله..

الثاني :وكيف؟

عبد الله بن سهيل:ألم يقل لأبي بصير.. حين رده.. اصبر واحتسب يا أبا بصير..

إن الله جاعل لك ولمن معك من المؤمنين فرجاً ومخرجا .ً

الأول :صدقت.. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .

عبد الله :نعم.. وإني أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل لإخواننا من

 المسلمين فرجاً ومخرجاً مما هم فيه .

المولى :وأنا.. ماذا أفعل؟ إني لجأت إليكم.... أشكو أبا بصير.

الأول :تشكوه لنا.. يكفيك أنك نجوت بنفسك .

الثاني :وعلى نفسها جنت براقش .

المشهد السابع عشر

(الجمع على باب المسجد.. وإذا بأبي بصير قادم ومعه سلب جحيش والسيف بيده تعلوه آثار الدماء وعيناه تلمع شرراً )

 

أبو بصير :السلام عليكم ورحمة الله وبركاته (يضع ما بحوزته أرضاً)

الأصحاب :وعليكم السلام.. ورحمه الله وبركاته (يتجمعون حوله)

عبد الله :حمداً لله على سلامتك .. يا أبا بصير .

سعد :مرحباً بك أبا بصير.. ها قد عدت سالماً غانماً .(يدنو منه)

أبو بصير :مرحباً بكم جميعاً.. أهلي. أحبتي وإخواني .

عبد الله :سلمت يداك أبا بصير.. فعلت وأحسنت .

سعد :نعّما فعلت.. نصرك الله على عدوك .

الأول :أمر حدث.. سيفقد كبراء مكة وسادتها صوابهم .

الثاني :ما لهم من صواب ولا رشد.. ولو كان ذلك لانصاعوا لما نزل

من الحق ودخلوا في دين الله .

الأول :أجل.. لنبذوا الشرك.. وخلصوا من عبادة أصنام لا تضر ولا

 تنفع .

سعد :تقدم إلى رسول الله ليرى رأيه.

أبو بصير :(يدنو من مكان النبي) السلام عليك يا رسول الله .

عبد الرحمن :يقول.. وعليك السلام .

أبو بصير :يا نبي الله.. قد أوفى الله ذمتك.. قد رددتني إليهم ثم أنجاني الله  منهم.. ها أنا بين يديك.. ضمني إليك يا رسول الله.

 (قال الأخيرة بلهجة الأمل والرجاء)

عبد الرحمن :يقول لك.. لا.

أبو بصير :(تخفت أنفاسه.. يرجع خطوة للوراء مطرقاً..ثم يعود نحو النبي)

 يا رسول الله.. اعطني رجالاً أفتح لك مكة .

سعد :قال لنا النبي.. ويل أمة مسعر حرب لو كان معه رجال..

أبو بصير : يا رسول الله.. هذا سلب العدو المشرك.. خمسه يا رسول الله .

سعد :يقول لك رسول الله.. يا أبا بصير.. إذا خمسته لم أف بالذي

 عاهدتهم عليه، لكن شأنك بسلب صاحبك .

أبو بصير :جزاك الله عنا خيراً يا رسول الله .

سعد : ... اذهب حيث شئت يا أبا بصير.

أبو بصير :إني الساعة حر طليق.. كل الأرض لي موطن.

المولى :وما أفعل أنا.. أما تردوه إلينا . (ما زال الرعب مسيطراًعليه)

عبد الله :لك شأنك يا هذا.. اذهب بنفسك.. إياك ثم إياك أن يلقاك أبو

 بصير.. فلا تلومن إلا نفسك .(ليزيده هلهاً)

سعد :أيها المولى.. لقد وفينا العهد.. إذ رددنا أبا بصير إليكم، أما الآن  فالأمر بينكم وبينه.. أبلغ قومك ذلك.. قد رأيت بأم عينيك أننا لم  نستقبله ولن نؤويه عندنا .

المولى :سأذهب (يتراجع إلى الوراء ثم يخرج)

عبد الله :(متجهاً إلى أبي بصير) ماذا ستفعل ؟

أبو بصير :سأنظر في الأمر.. إن أرض الله واسعة.

عبد الله :لقد أجازك رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ولم ينكر عليك ما  فعلت.

أبو بصير :عليك الصلاة والسلام يا حبيبي يا رسول الله.

الجميع :(يرددون الصلاة على النبي )

أبو بصير :(يتقدم نحو النبي ) وداعاً يا رسول الله.. سنلتقي إن شاء الله..  إن لم يكن في الدنيا.. فهناك في جنات عرضها السماوات

 والأرض .

  (يرجع خطوات إلى الوراء) السلام عليك يا رسول الله.

سعد :.. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

عبد الله :هل أنت ذاهب ؟

أبو بصير :نعم (يجتمع عليه الصحابة)

عبد الله :ولكن.. إلى أين ؟

أبو بصير :حيث يشاء لي الله.. كم يوجد هنامن المؤمنين المطهدين الذين  جاؤوا من مكة. .؟

الصحابي الأول :هنالك عدد.. لا أعرف كم هم .

الثاني :أظنهم خمسة.

أبو بصير :أريدهم معي.. خذوني إليهم .(يحمل السلب ويتهيأ للمسير)

عبد الله :وهو كذلك.. هيا بنا إليهم.. إنهم في دار أحد الأنصار.

عبد الرحمن :قبل أن تذهبوا.. إن زاد أبا بصير ومن معه وكل ما يلزمهم.. هو  عليّ .

الصحابة :جزاك الله خيراً يا ابن عوف .

أبو بصير :وداعاً.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  (يخرج وبرفقته عبد الله والصحابيان والأنظار تودعه )

المشهد الثامن عشر

 (في بيت الأنصاري، عبد الله بن سهيل والصحابيان وأبو بصير )

عبد الله :الآن.. ما تريد أن تفعل ؟

أبو بصير :سآخذ أصحابي وأذهب بهم .

عبد الله :إلى أي مكان تكون وجهتك ؟

الأول :سأدعو الرجال إلى هنا (يدخل إلى جوف البيت)

أبو بصير :لم أحدد بعد الوجهة .

عبد الله :أفكرت بشيء تعمله.. كيف ستتصرفون.. كيف ستعيشون في

 العراء.. من أين تأكلون؟

أبو بصير :سأعترض قوافل قريش .

الثاني :قد تعدوا عليكم قريشاً .

أبو بصير : أرجو ذلك .

الثاني :هل تتمنى لقاء العدو ؟

أبو بصير :لا.. بل إن فعلوا ذلك.. لأعلمنهم كيف يرتّدون خائبين عن

 ظلمهم وعدوانهم .

عبد الله :ثقتك كبيرة يا أبا بصير .

أبو بصير :ثقتي بالله أولاً.. أدعوْه أن يعينني.. لأحول نهار المشركين إلى

ليل أسود .

الأول :(يتقدم وخلفه الرجال)تقدموا يا إخوتي..هذا صاحبكم أبو بصير.

الرجال الخمسة : السلام عليكم ورحمة الله .

الجميع : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

عبد الله :(إلى الصحابيين) أرى أن يذهب أحدنا ليحضر المتاع الذي تقدم به عبد الرحمن بن عوف أثابه الله.

الأول :إني أتكفل به (يخرج)

أبو بصير :هيا يا رجال هيئوا أنفسكم لنرحل عن المدينة.. لا مقام لنا هنا .

الرجال :أين يكون مقامنا .؟!!

أبو بصير :في أرض الله الواسعة.. سنفترش الأرض ونلتحف السماء

 ونأكل مما يهيئه لنا الرحمن من رزق.. فهل أنتم قادرون على  ذلك؟

الرجال :(يتحدث بعضهم مع بعض متشاورين)

  (بعد قليل، يجيب أحدهم) نعم.. نحن معك.

أبو بصير : وتعاهدون الله على ذلك ؟

الرجال :نعم.. ونعاهدك بعد الله.. وهذه أيدينا نمدها لك.. (يمدون أيديهم

 نحوأبي بصير)

 

أبو بصير :(يصافحهم على التوالي) لنسير إلى الهدف المنشود.

الرجال :نحن معك .

عبد الله :انتظروا قليلاً.. حتى يأتي صاحبنا بمتاعكم .

أبو بصير :إنّا منتظرون .

عبد الله :أتعلمني بالاتجاه .؟

أبو بصير :سأقصد ساحل البحر.. ومعي الرجال الأشداء .(يشير إليهم مادحاً  ومقوياً عزيمتهم)

عبد الله :كان الله معكم .

الثاني :ونصركم على عدوه وعدوكم .

الفصل الثالث

المشهد التاسع عشر

(على ساحل البحر الأحمر، يظهر أبو بصير متقدماً أصحابه وهم يحملون أمتعتهم، وأبو بصير متوشحاً سيفه) 

أبو بصير :أيها الرجال.. أتدرون في أي الأرض نحن ؟

رجل 1 :لا .

رجل 2 :لا ندري.. سوى أننا بقرب هذا البحر.

أبو بصير :ضعوا متاعكم هنا.. وسأقول لكم .

رجل 2 :ماذا ؟

أبو بصير :لنأخذ قسطاً من الراحة .

رجل 1 :وهل من راحة بعد اليوم يا أبا بصير !!

أبو بصير :أنزلواما تحملون عن كواهلكم .

(أبو بصير يفترش الرمال والرجال يأخذون بوضع ما معهم على الأرض)

رجل 3 :لنقعد بعد مسير.. البحر أما منا والنخيل وراءنا .

 (يجلسون على التوالي)

أبو بصير :سأقول لكم الحق.. والحق أقول أنه لا راحة لمؤمن الإ بلقاءربه.

رجل 1 :أجل.. أجل .

رجل 2 :سلم فوك أبا بصير.

رجل 4 :أصبت أيها الأمير.

أبو بصير :أنا لست الإ أحدكم .

رجل 3 :قد أمَرْنّاك منذ الساعة الأولى .

رجل 5 :فإذا كنتم ثلاثة فأمروا أحدكم .

أبو بصير :قبلت ذلك منكم.. وسأكون في خدمتكم وخدمة دين الله ما

استطعت إلى ذلك سبيلاً .

الجميع :وإنا على ذلك لماضون.. بعون الله.. بعونه وتوفيقه .

أبو بصير : نحن الآن بأرض تسمى بذي المروة.. علينا أن نجدَّ في طلب

 مبيت آمن نأوي إليه .

الرجال :الرأي فيما ترى .

أبو بصير :لا يجوز أن نبقى في فضاء مكشوف .

رجل 1 :مُرنا.. بما ترى وما تشير علينا .

أبو بصير :هاتوا الزاد.. لنتناول غداءنا.. لكن اقتصدوا فالزاد قليل..

والمسير طويل.. ولا ندري ما وراء الأيام .

أبو بصير :الزاد الحقيقي والذي لا ينفد.. هو إيماننا بالله .

الرجال :(يرددون) لا إله إلا الله محمد رسول الله .

أبو بصير :وبعد أن نقوي أجسادنا بما يسره الله لنا من رزق.. علينا أن

 ننزل الماء كي نتوضأ ونستعد لأداء الصلاة.. وندع واحداً منا

 عند المتاع حارساً .

الرجال :(يصيخون السمع إلى الأمير )

أبو بصير :لا ندري إن كان أحد من عيون قريش خلفنا . (ينهض، يضع

 يده،فوق حاجبيه وينظر إلى بعيد، ثم يلتفت يمينة ويسرة

 ويجيل ناظريه في الارجاء)

رجل 1 :هل ترى من شيء ؟

أبو بصير :مطلقاً، هيااقعد بجواري .

 ( يتحلقون حول المائدة )

أبو بصير : بسم الله.. اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وقنا عذاب النار.

 (يبدأ بأخذ الطعام والآخرون يتبعونه)

الرجال :بسم الله.. بسم الله .

المشهد العشرون

(عند واحة نخيل وقد أظلتهم بعضها، تبدو بجانب الواحة هضبة

 جبلية، والرجال قد وضعوا أمتعتهم جانباً)

أبو بصير :أيها الرجال.. ما ترون في هذه الأرض .؟

بعض الرجال:لا نرى إلا ما ترى .

أبو بصير :إني أرى خيراً.. فما رأيكم.. أشيروا عليّ .

رجل 1 :الرأي رأيك.. والمشورة بإشارتك .

أبو بصير :لا يكون الأمر هكذا.. إلا بالمشاركة، أما إني والله لأرى في

 جوار الواحة أمر حسن.. فهناك بئر يسيل منه الماء .

رجل 2 :نعم الرأي يا أبا بصير .

أبو بصير :وذاك المرتفع.. لنا فيه مآرب.. قد نجد في بطنه مأوى وعلى

 ظهره مرتع .

رجل 2 :نعمّا رأيت أيضاً .

رجل 4 :(يظهر قادماً ) السلام عليكم .

الجميع :وعليكم السلام ورحمته الله وبركاته .

أبو بصير :ما وراءك من أخبار ؟

رجل 4 :قد استقصيت ما استطعت من معلومات، عن أرض وطأنها .

أبو بصير :فما وجدت.. وما عندك من علوم عنها ؟

رجل 4 :إننا نحن الآن في دوحة العيص من أرض تدعى بذي المروة

كما سلف وقلت .

أبو بصير :نعم.. هل من شيء غير ما قلت ؟

رجل 4 :أي والله.. وتلك الطريق التي تراها.. إن هي طريق قوافل تجارة  قريش إلى بلاد الشام .

أبو بصير :رحم الله أبويك.. إنه بيت القصيد.. قد وجدنا هنا بغيتنا .(يرتقي  صخرة على مقربة منه، ويلقي نظرة نحو الطريق الذي أشار

إليه صاحبه والجميع في صمت وترقب)

أبو بصير :(يرجع نحو الرجال تغمره الغبطة).. وجدنا ضالتنا .

رجل 1 :وما نصنع الآن ؟

أبو بصير :أمامنا مهمات ليست قليلة .

رجل 1 :وما هي ؟

أبو بصير : بداية.. نريد رجلاً متطوعاً يرجع إلى مكة .

الجميع :مكة.. ماذا (في استنكار وتعجب)؟ !!

أبو بصير :نعم.. يقصد مكة ليحمل خبرنا إلى المستضعفين فيها.. عسى أن  يلحقوا بنا .

الرجال :مُرْ أحدنا أيها الأمير.. كلنا لها .

أبو بصير :لا بل.. أريد متطوعاً من تلقاء نفسه .

الرجال :(يرددون واحداً تلو الأخر )أنا.. بل أنا.. أنا لها.. إني لها فدا...

رجل 3 :بل أنا أرجو أن تؤثرني برحلة مكة وإخوتي فيها يلقون الأذى  والعذاب .

أبو بصير :يكون ذلك لك.. عليك الاحتراس والانتباه جيداً واحذر أن تقع في  يد علوج الكفر بمكة.. فلن يرحموك، أريد أن يعرف أبو جندل  بأمرنا.. لعل الله يجعل له النجاة والمسير إلينا بقافلة من الذين

آمنوا بالله ورسوله .

رجل 3 :سأفعل.. وأبذل جهدي ما استطعت .

أبو بصير :تهيأ.. واحمل معك ما يلزمك في الطريق .

رجل 3 :نعم .

أبو بصير :هيا بنا أيها الرجال.. إلى تلك الناحية.. علنا نجد فيها مأوى .

 (يشير نحو الهضبة، ويسيرون نحوها)

المشهد الحادي والعشرون

(عند منحدر من هضبة العيص يقف الرجل الأول مسنداً ظهره إلى شجيرة، ويمسك بيده عصى طويلة، بعد هنيهة ينفض رأسه ويتقدم

 مسرعاً كمن استيقظ من حلم)

رجل 1 :(يتقدم في المنحدر أكثر فأكثر ثم ينادى)ياأبابصير..أبا بصير.

أبو بصير :(بعد قليل يخرج من بطن الهضبة) ما هناك ؟ ما الأمر ؟

رجل 1 :أبصر عن بعد الركبان .

أبو بصير :(وهو يصعد إليه) وما هيتها ؟

رجل 1 :بعض بعير.. أظنها بحملها .

أبو بصير :ناد الرجال.. وهيا إليها (يهبطان الأرض المنبسطة)

رجل 1 :في الحال .

أبو بصير :عساها تكون لقريش .

رجل 1 :(وقد اختفى في كهف أسفل المرتفع)لا أظن غير ذلك .

أبو بصير :(وهو يسير باتجاه الطريق) قد جاءت.. (ثم يلتفت وراءه وقد

 خرج أصحابه من خلفه ) هيا يا إخوتي.. كونوا على أهبة

 الاستعداد، فإن تأكدنا أنها عير قريش.. فلا ندعها تفلت منا.

 (يهرولون)

المشهد الثاني والعشرون

(عدد من الجمال المحملة تسير، أبو بصير وأصحابه من خلفه يقتربون منها، حارس من أمام القافلة وحارس من خلفها )

أبو بصير :يا أخا العرب .

الحارس :من هناك ؟

أبو بصير :لمن العير ؟

الحارس :من أنت ؟

أبو بصير :أنا أبو بصير.. أسمعت بي ؟

الحارس :(يضع يده على مقبض سيفه، وقد شد انتباهه )

أبو بصير :دع عنك هذا.. ما قلت لي لمن القافلة.. أليست لقريش ؟ قد

 استعملوك عليها .

الحارس :وما تبغي أنت منّا .؟!!

أبو بصير :أريدك أن تدع الإبل.. وترجع عنها ومعك صاحبك إلى سادتك

 في مكة .

الحارس :إليك عنّا.. إنك تهرف .

أبو بصير :إني أنصحك.. وقد أعذر من أنذر.. ارجع وانج بنفسك .

الحارس :من أنتم.. ؟ .. ألستم ممن تبع محمداً؟! أتريدون سرقة القافلة ؟

أبو بصير :نحن من أمنا بالله ورسوله.. ونحن لا نسرق إنما نسترد بعض  ما تركه المسلمون في مكة وسرقه سادتكم الأشراف،قلت لكما  هيا أرجعا إليهم وقولا لهم قد أخذ الحمال والجمال أبو بصير..  هو من قتل صاحبكم جحيشاً بسيفه .

الحارسان :(يرتعدان خوفاً) ماذا.. وما تقصد ؟

أبو بصير :أقصد ما سمعتما .

الحارس :إنه بيننا عهد .

أبو بصير :نحن خارج العهد.. العهد بين أسيادك وبين رسول الله وقد

 أحلونا من ذلك.. وها نحن ارتحلنا عن يثرب وهجرنا مكة

 ومن فيها .

الحارس الثاني :لا نقدر.. سيعاقبوننا .

أبو بصير :العقاب خير لك من الموت .

الحارس الثاني :(يشهر سيفه) بل الموت لك .

أبو بصير :قد دنت ساعتك (يشير بسيفه لأصحابه بعد أن استله.. بالتقدم

ودنا من عدوه ) إليهم .

  (أبو بصير يبارزه فيرديه قتيلاً.. والرجال يهاجمون الحارس

 الآخر بعصيهم، فيطيرون سيفه من يده ثم يجهزون عليه،

 ويضمون إليهم السيفين بداية،وبعض العير تنفر راكضة،

 وبعضها تثبت في مكانها)

أبو بصير :عليكم بالعير.. لا تدعوها تفلت.. إنها طلائع المغانم .

المشهد الثالث والعشرون

(في البيت العتيق، جمع من القرشيين متجمعين حول المولى العائد

 من المدينة )

الأخنس :(معنفاً المولى) تبا لك.. كيف حدث ذلك ؟!!

المولى :(مرتجاً) لا أدري.. ذ .. ذهبت لحاجتي.. فلما.. لما عدت..

 وجدت صاحبي.. على.. الأرض مضرجاً بالدماء.. و.. ومقطفاً..  وسيفه في يد عدوه.. ينقط .. د.. دماً .

الأخنس :تعساً لكما من رجلين .

المولى :عذراً سيدي .. أنا.. أنا لا دخل لي.. لا أعرف.. كيف.. كان

 الحدث.

سهيل بن عمرو:دعك منه.. إن هو إلا عبد .

أبو سفيان :صاحبكم الذي أرسلتموه.. يستحق ما حل به، فلا تأسوا عليه .

سهيل :(يتراجع للخلف حتى يلصق ظهره بالكعبة )

  يا معشر قريش.. يا رجال .

الأخنس :صه.. سهيل يناشدكم .

سهيل :والله.. والله لا أؤخر ظهري عن الكعبة حتى يودي هذا الرجل

الاخنس :من تقصد ؟

سهيل :الذي فعل ما فعل بصاحبكم العامري .

الاخنس :تعني.. عتبة الثقفي .

سهيل :نعم.. من لنا برجل يأتينا بخبره.

أبو سفيان :والله ! إن هذا لهو السفه .

الاخنس :أبا سفيان.. ما تقول؟ !!

أبو سفيان :إنه منتهى السفه.. تفكير باطل.. والله لا يودي به .

سهيل :أنا باق هنا.. على حالي.. حتى ينمو لي خبره .

أبو سفيان :والله لا يودي.. لا يودى به.. لو كان أحد يقدر على أبي بصير

لقدر عليه من أرسلنا لجلبه.( يخاطب سهيلاًمن وراء ظهره) ابق هكذا إلى أن تموت.

(يغادر المكان متشائماً مسرعاً)

المشهد الرابع والعشرون

موهب :(يقول للحاضرين شعراً عن سهيل )

  أتاني عن سهيل ذرء قول فأيقظني وما بي من رقاد

  فإن تكن العتاب تريد مني فعاتبني فما بك من يعادي

 أتوعدني وعبد مناف حولي بمخزوم ألهفا من تعادي

  فإن تفخر قناتي لا تجدني ضعيف العود في الكرب الشداد

  أسامي الأكرمين أيا بقومي إذا وطئ الضعيف بهم أرادي

 هم منعوا الظواهر غير شك إلى حيث البواطن فالعوادي

بكل طمرة وبكل نهد  سواهم قد طوين من الطرادي

 لهم بالخيف قد علمت معد رواق المجد رفع العماد

إبن الزبيعرى:هه (يتقدم مقابلاً موهباً، ثم يخاطبه قائلاً)

  وأمسى موهب كحمار سوء أجاز ببلدة فيها ينادي

فإن العبد مثلك لا يناوي سهيلاً ضل سعيك من تعادي

  فاقصر يابن قين السوء عنه وعد عن المقالة في البلاد

  ولا تذكر عتاب أبي يزيد فهيهات البحور من الثماد

موهب :ويلك، الحمار إلا أنت (يتهيج الجمع وينقسم إلى صفين)

إبن الزبيعرى:ونفسك أدرى بما بك .

الأخنس :(يفصل بين الفريقين ) كفى.. كفاكم.. أخلع ظهرك يا سهيل

 فولداك قد تبعا محمداً.. عبثاً ما تفعل.. هيا انفضوا جميعاً، أما

 رأيتم كبير قريش قد انهزم عنكم. (يتفرقون)

المشهد الخامس والعشرون

(رجل3 يلتقي أحد المستضعفين في جانب من مكة والوقت ليل)

رجل 3 :أهلاً أخي .

المستضعف :أهلاً بك .

رجل 3 :(بصوت خافت )أما أتتكم أخبار أبي بصير ؟

المستضعف :(يلتفت يمنة ويسرة) اخفض صوتك كيلا يسمعك أحد .

رجل 3 :ويحهم (بصوت أخفض)

المستضعف :(هامساً)قد سمعنا عما حدث في ذي الحليفة.. والناس هنا وقعوا  في حيص بيص .

رجل 3 :لم ينكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي بصير ما

 فعل.. بل أجازه.. وأطلقه حيث شاء.. دون أن يقعد في المدينة.

المستضعف :وأين ذهب ؟

رجل 3 :خرج يضرب في الأرض.. ونحن معه وعددنا خمسة .

المستضعف :أما استقر على بر .؟

رجل 3 :بلى.. نحن الآن في العيص قرب البحر وعلى طريق قوافل

 قريش.. وقد جعلنا من أبي بصير أميراً علينا .

المستضعف :وما ينوي أن يفعل ؟

رجل 3 :أبو بصير يدعو المؤمنين في مكة كي يلحقوا به .

المستضعف :(مستبشراً) أنجد عندكم ملجأً يقينا عنجهية زعماء الشرك هنا

رجل 3 :بإذن الله وعونه .

المستضعف :وافرحتاه .

رجل 3 :والآن اذهب لتُخبر أبا جندل بالأمر.. فقد خصه أبو بصير

 بالكلام والسلام، أما أنا فسوف

أنتظركم في الوادي كي نخرج معاً.

المستضعف :سأفعل حالاً .

 المشهد السادس والعشرون

(عند الغسق، المستضعف يطرق بخفة على نافذة بيت )

أبو جندل :من يدق؟(يظهر من خلال النافذة )

المستضعف :أبو جندل (هامساً)السلام عليكم .

أبو جندل :وعليكم سلام الله ورحمته وبركاته.. ما خطبك ؟!

المستضعف :أتانا رسول من أبي بصير.. يقرؤك السلام.. ويدعوك إليه

 وجميع المؤمنين في مكة .

أبو جندل :وأين يكون ؟!

المستضعف :في ناحية من ذي المروة تسمى العيص.. (يلتفت هنا وهناك

 يراقب الطريق )

أبو جندل :وما دأبه ؟!

المستضعف :يقيم في طريق قوافل قريش ومعه بعض الناجين من جحيم

 قريش .

أبو جندل :حياهم الله وبارك فيك.. لا تطل المكوث هنا اذهب..وقد أتبعكم  إن استطعت,تسربوا في الوديان.

المستضعف :سنلتقي هناك إن شاءالله..السلام عليكم.( يذهب مسرعا)

أبو جندل :وعليكم السلام.. (يخاطب نفسه) سأسعى إلى ذلك عندما تهبط  ظلمة الليل.. فأبي مصدوم بما فعل ضعيفنا بقويهم.. وزعيم مكة  مصعوق بالحدث .

 (بعد هنيهة ) رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي: إن الله

 جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجاً ومخرجاً.. عسى أن  يكون الفرج قد جاء .

المشهد السابع والعشرون

(في مغارة بالعيص، أبو بصير ورجل3 والمستضعف )

رجل 3 :ها عدنا.. ومعنا عدد لا بأس به من الرجال .

أبو بصير :حمداً لله على سلامتكم جميعاً، مرحباً بك أخي.

المستضعف :مرحباً بك .

أبو بصير :كيف خلفتم من ورائكم ؟

المستضعف :المؤمنون في مكة يتسربون واحداً تلو الأخر .

أبو بصير :(يلتفت إلى رجل3) وأبو جندل .

رجل 3 :حسب قول أخينا ..(يشير إلى الذي بجواره) سيأتي أمله بالله

 كبير.. أن يتحقق وعد رسول صلى الله عليه وسلم .

أبو بصير : لقد صدق رسول صلى الله عليه وسلم.. هانحن ننتقل من فرج  إلى نصر.. بالأمس قنصنا آخريْن من كفار قريش.. والحبل على  الجرار.. الله يرسل لنا رزقنا.

رجل 3 :إنه بشائرالفتح الذي وعد الله رسوله .

أبو بصير : نعم.. هل أطعمتم ؟

رجل 3 :نعم .

رجل 1 :(يدخل) السلام عليكم .

الجميع : وعليكم السلام ورحمته وبركاته .

أبو بصير : عليكم أن تنحروا لإطعام إخواننا القادمون .

رجل 1 :سيكون ذلك، جاءتنا الأخبار أن قافلة لقريش تقترب .

أبو بصير :وكيف هي ؟

رجل 1 :عليها حراسة .

أبو بصير :إذن..أعدوا العدة.. واستعدوا .

  (ينهض وينهض من هم بجواره)

المشهد الثامن والعشرون

(أبو بصير والرجال يعترضون قافلة قريش في السهل )

أبو بصير :أيها العير توقفي .

رئيس القافلة :من أنتم وماذا تبغون ؟

أبو بصير :نحن الذين عذبتهم قريش واضهدتهم .

رئيس القافلة :إليكم عنا.. نتابع مسيرنا .

أبو بصير :لا والله.. بل تذرون الإبل بأحمالها.. وترجعون إلى قومكم .

رئيس القافلة :واللات لا نفعل .

أبو بصير :لن تنفعكم اللات ولا العزى ولا مناةالثالثةالأخرى.

رئيس القافلة :بل ماذا !! (ينهز راحلته ليتابع المسير )

أبو بصير :بل توقف قليلاً.. خيرٌ لك ولمن معك.. إنما ينفعكم جميعاً الله

 الواحد القهار الذي لا إله إلا هو .

رئيس القافلة :ما هذا.. كيف تقطعون طريقنا !!

أبو بصير :أن تؤمنوا بالله وتشهدوا بوحدانيته وأن تشهدواأن محمداً

 رسوله .

رئيس القافلة :لا هذا ولا ذاك.. قد كنتم فينا ضعافاً أذلاء..

أبو بصير :لئن اتبعتم هدى الله فأنتم إخواننافي الدين..أنتم منا ونحن

 منكم.. وإن أبيتم واستكبرتم فأنتم العدو .

رئيس القافلة :دعونا وتجارتنا (يتابع المسير وأبو بصير ومن معه يتبعونهم

ويستوقفونهم )

أبو بصير :لا تجارة لقريش بعد اليوم.. ولا شوكة لزعماء الشرك

 والوثنية، سأكسرها بسيفي هذا. (يضع يده على المقبض)

رئيس القافلة :ويلكم.. من قطاع طرق (يشهر سيفه)

أبو بصير :بل ويلكم.. من معا ندين.. لا تخافون الله.. شدوا عليهم أيها

 الرجال .(تدور المعركة بين الطرفين، وأبو بصير يناجز رئيس

القافلة فيرديه قتيلاً، ثم يفر رفاقه بعضهم بجراحه وبعضهم

 بلباسه خالين الوفاض، مخلفين وراءهم الإبل والبضاعة )

المشهد التاسع والعشرون

(عند السفح أبو بصير وأبو جندل يقعدان يتجاذبان أطراف الحديث, وقد بدا من خلفهما عدد من الرجال منهم من يعمل في طهي الطعام ومنهم من يمارس الرياضة ومنهم من يتدرب على القتال، وهناك إبل وخيل وأمتعة )

أبو بصير :الحمد لله الذي أنقذك من مشركي مكة.

أبو جندل :الحمد لله وحده.. كم بلغ عدد المسلمين القادمين من مكة ؟

أبو بصير : عددكم سبعون رجلاً .

أبو جندل :اللهم زد وبارك .

أبو بصير :وقد أخذ بعض أبناء القبائل العربية يتوافدون علينا .

أبو جندل :علَّ ذلك بفضل معاهدة الحديبية .

أبو بصير :نعم.. هو ذاك.. أيضاً فإن خزاعة دخلت في حلف النبي صلى الله  عليه وسلم .

أبو جندل :وهذا مما ساهم في رفع راية الإسلام وانكسار الشرك .

أبو بصير :كذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أرسل السرايا في  كل الاتجاهات تحارب التجمعات الوثنية التي كانت تتربص

 بالمسلمين في عهد قريش .

أبو جندل :ها قد انفرط عقدهم ودال باطلهم، وقد تحررت القبائل من سطوة  قريش عليها .

أبو بصير :وسنستمر هنا في ضرب تجارة قريش ومالها..حتى تنحني

 رقاب سادتها.. وتنثني عن عنجهيتها.

أبو جندل :الفتح قادم بإذن الله وقوة منه تعالى .

أبوبصير :أخي أبا جندل.. إليك منذ اليوم أن تصلي بالناس .

  فذلك لك .

أبو جندل :على السمع والطاعة .

أبو بصير :هيا بنا.. نقوم بجولة نتفقد الناس . (ينهضان ويبتعدان)

أبو جندل : نعم. هيا .

الفصل الرابع

المشهد الثلاثون

(على حصون خيبر، تصدح أصوات بالنشيد)

 خيبر.. خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود .

 خيبر.. خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود .

 خيبر.. خيبر يا يهود جيش محمد سوف يسود .

( في أرض فضاء يسير الجيش الإسلامي، يترافق مع هذه التحركات.. صوت رخيم ينحدر من وراء ذلك يتلو كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم )

الصوت :((اللهم رب السموات وما أظللّن، ورب الأرضيين وما أقللّن،

 ورب الشياطين وما أضللّن، ورب الرياح وما أذَريَن، فإنا

 نسألك خير هذه القرية وخير أهلها وخير ما فيها، ونعوذ بك

 من شرها وشر ما فيها. .أقدموا بسم الله )) .

  (الجيش يتقدم، ثم يحطون رحالهم على مقربة من خيبر،

  أفراد من المسلمين يجيئون وآخرون يغدون، الصحابيان

 يظهران)

الأول :صلى الله عليك يا نبي الله، قد قطعت الطريق على غطفان كيلا  تمد يهود بالعون .

الثاني :ها نحن نطل على حصون خيبر وقد دجى الليل، وإليها إلتجأ

 بنو النظير بعد إجلائهم عن المدينة إلا قليل منهم ذهبوا إلى

 الشمال، وذلك بعد خرقهم للميثاق وخيانتهم الرسول ومحاولة  اغتياله .

الأول :أي.. نعم .

الثاني :وقد نزل فيهم قول الله تعالى ((هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ

  أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا

  أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا

  وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي

  الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ وَلَوْلَا أَن كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ

  الْجَلَاء لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ,ذَلِكَ بأنهم

  شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ))

الأول :صدق الله وصدق رسوله .

الثاني :إلا أن زعماءهم لم يركنوا إزاء هزيمتهم فسرعان ما تدارسوا

الأمر فقرروا أن أسباب هزائم أعداء الإسلام هو قتالهم

 المسلمين كل على انفراد، إذن خير أسلوب للصمود في وجه

 المسلمين هو الانقضاض عليهم من جميع القوى الوثنية

واليهودية، فأرسلوا إلى قريش وغطفان وسائر القبائل

 ليجمعونها للهجوم على المدينة في معركة الأحزاب .

الأول :ويوم الأحزاب نقض يهود قريظة عهدهم وغدروا بالمسلمين

 بوسوسة من زعيم بني النضير، فكان مصيرهم أسوء مصير.

الثاني :وهذا ما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يزمع الأمر

سريعا لضرب أكبر تجمع يهودي في خيبر .

الأول :ومن قبل كنا تخلصنا من كتلة يهودية أخرى. وهم بنو قينقاع .

المشهد الحادي والثلاثون

(خيوط الفجر تنساب من وراء الأفق،جيش الرسول صلى الله عليه وسلم يأخذ بالتحرك نحو خيبر بعد أداء الصلاة، الصحابيان من جديد أثناء المسير )

الثاني :كان مبيتنا بهذه الأرض بأمر من رسول الله صلى الله عليه

 وسلم.، حتى الفجر .

الأول :وعندما لم نسمع أذاناً يأتي من تلك الديار وبعد صلاة الفجر..

 ركب عليه الصلاة والسلام.. وأتانا أمره بالتقدم .

الثاني :نحن الآن على مقربة من حصون خيبر (يرفع يديه داعياً)

 اللهم انصرنا على يهود.. فقد عاثوا في الأرض فساداً.

الأول :(يتابع) يا رب.. نصرك المؤزر .

  (على مقربة من الحصون، عمال خيبر غادين بمساحيهم

 وقففهم ميممين صوب المزارع، وهم يسيرون زرافات

 ووحدانا.. ثم بعد قليل ينتبه بعضهم للجيش )

يهودي :يا معشر يهود . (منادياً في هلع )

يهودي آخر :ويلك ما لك !!

يهودي : يا معشر يهود.. هذا محمد والخميس .

يهودي آخر :محمد والخميس.. ماذا !!؟

يهودي :هذا محمد جاء يقود كتائبه الخمس .

يهودي آخر :فلنرجع إلى حصوننا .

يهودي :(ينادي مره أخرى) يا أيها العمال.. احذروا.. إنه محمد يقود

 رجاله نحو خيبر.. ارجعوا إلى الحصون.. فروا منه .

  (عمال يهود يقفلون إلى حصونهم هاربين)

الصحابي الأول:يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :الله أكبر خربت خيبر، إنا

إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين.

الثاني :ستخرب بإذن الله.. وتعمر بالإسلام والمسلمين .

المشهد الثاني والثلاثون

(قرب حصن السلالم ينتشر المسلمون، اليهود محاصرون داخل الحصن، يخرج من داخل الحصن يهودي بكامل سلاحه، هو مرحب وأخذ يرتجز )

مرحب :قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب

أطعن أحياناً وحيناً أضرب إذا الليوث أقبلت تخرب

 إن حماي للحمى لا يقرب

الصحابي الأول:(في صف المسلمين) لعن الله كل متكبر تأخذه العزة بالإثم .

مرحب :(يتقدم ويتبختر) من يبارز، من يناجز؟

كعب بن مالك:(يتقدم خطوات ليرد عليه)

  قد علمت خيبر أني كعب  مفرج الغمر جرئ صلب

  إذ شبت الحرب تلتها الحرب  معي حسام كالعقيق غضب

 نطؤكم حتى يذل الصعب  نعطي الجزاء أو يفيء التهب

بكف ماض ليس فيه عتب

الصحابي الأول:يقول رسول الله: من لهذا؟

محمد بن مسلمة :(يتجه نحو الرسول) أنا له يا رسول الله، أنا والله الموتور

 الثائر.. بالأمس قتل أخي في غدر من يهود .

الصحابي الثاني :نعم.. قد ألقيت رحى من فوق الحصن على محمود بن مسلمة

فأردته .

الصحابي الأول:(يخاطب ابن مسلمة) يقول لك رسول الله قم إليه .

الصحابي الثاني :رسول الله يدعو لك بالنصر.. اللهم أعنه عليه .

محمد بن مسلمة :(يسرع مهرولاً نحو مرحب رافعاً سيفه) إني قاتلك بإذن الله .

مرحب :بل أنت المقتول .(يبدآن بالمناجزة)

محمد بن مسلمة :خسئت وخسأ قومك. (يدخلان في صراع مرير، ثم تحجز

 بينهما شجرة قديمة ملساء ضعيفة الساق يدوران حولها وقد  تقطعت أفنانها من الضربات، ويحمل اليهودي على محمد

 فيتقي ضربة سيفه بالدرقة، ثم يحمل ابن مسلمة على

 مرحب فيقع في الشجرة فيضربه محمد بسيفه ضربات فيقتله)  خذها أيها الخاسر .

الصحابيان :الله أكبر.. الله أكبر .(ويكبر المسلمون)

المشهد الثالث والثلاثون

(الأسوار عليها بعض من اليهود، يخرج ياسر من بطن الحصن والسيف في يده وفي عينيه شرر الانتقام لأخيه مرحب )

ياسر اليهودي:أنا ياسر.. أخو مرحب، سأنتقم لدمك يا أخي .

الزبير :(يخرج من الصف ) أنا له يا رسول الله .

الصحابي الأول: رسول الله يأذن بذلك .

صفية بنت عبد المطلب: ( يسمع صوتها) يقتل إبني يا رسول الله؟

الصحابي الأول: يقول لك رسول الله: بل ابنك يقتل اليهودي إن شاء الله .

 (يلتقيان في مبارزة شديدة)

الصحابيان :اللهم أشدد أزر الزبير.. اللهم أنصره على عدوك .(الجميع في

ترقب )

الزبير :(يضربه الضربة القاضية فيقتله بها ) إلى جهنم يا عدو الله .

المسلمون :(يكبرون) الله أكبر.. الله أكبر .(واليهود من فوق الأسوار

 يولون مذعورين )

الصحابي الثاني :إنها أخر حصون خيبر تنهار.. النصر قادم بإذن الله.

الصحابي الأول:والخير جارٍ على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

المشهد الرابع والثلاثون

(أبو بصير وأبو جندل عند السفح، وقد انتشر الرجال في السفح وفوق الهضبة، والإبل والخيل وغنائم كثيرة في السهل والمغارة)

أبو بصير :ترى.. ما أخبار المسلمين؟

أبو جندل :أخبار خير بحمد الله.

أبو بصير :وهل من جديد؟

أبو جندل :نعم (يتجه نحو الناس وينادي) أيها الرجال .

الرجال :(يأتي نفر منهم ) السلام عليكم .

الاثنان معاً :وعليكم السلام ورحمةالله وبركاته .

أبو جندل :ما أخر الأخبار عندكم؟

رجل 1 :قد سقطت حصون خيبر وصارت في يد رسول الله صلى الله

 عليه وسلم .

رجل 3 :ودانت تلك الأرض للإسلام .

رجل 1 :ما خرج مع رسول الله إلى خيبر غير ألف وأربعمائة من

الرجال، وما من أحد منهم خرج في طلب مغنم أو مكسب

رجل 3 :جل غايتهم الجهاد في سبيل الله .

رجل 2 :ما إن سمع بخبر خيبر يهود فدك حتى استسلموا وصالحوا

 رسول الله صلى الله عليه وسلم .

أبو بصير :معنى ذلك.. تحطم قوة اليهود.. وبذلك ينهار معسكر الشرك

 وقد صار عدد الرجال هنا قرابة ثلاثمائة، كلهم فدائيون

 باعوا أنفسهم لله.. وهذا ما يضعف موقف قريش وقد بادت

 قوافلها على أيدينا وأيدي المؤمنين .

أبو جندل :الله.. الله .

أبو بصير :الله معنا.. والله ناصرنا.

أبو جندل :(يتقدم ثم يدور ويجول وهو يردد) أبلغ قريشاً عن أبي جندل أنا  بذي المروة فالساحل في معشر تخفق إيمانهم بالبيض فيها

 والقنا الذابل يأبون أن نبقى لهم رفقة من بعد إسلامهم الواصل  أو يجعل الله لهم مخرجاً والحق يغلب الباطل فيسلم المرء

 بإسلامه أو يقتل المرء ولم يأتل .

المشهد الخامس والثلاثون

(ذات المنظر.. رجال أبي بصير يقودون رهطاً من أسرى قريش إلى حيث أبي بصير وأبي جندل )

رجل 1 :أبا بصير.. هؤلاء أسرى من قريش قادمون من الشام يقودون  قافلة في تجارة لهم .

أبو بصير :وي.. من الرجل!!؟ (الجميع يتوقفون على مقربة من القائدين)

أبو جندل :إنه أبو العاص بن الربيع .

أبو بصير :.. ..العاص بن الربيع!!

أبو جندل :نعم.. كان صاهر رسول الله.

أبو بصير :ما دهاك يا هذا.. ما جاء بك؟

أبو العاص :نعم.. إني أنا ما قال .

أبو بصير :قد وقعت في أيدي رجال أشداء.. أشداء على من حاربوا رسول  الله.. رحماء بينهم .

أبو العاص :هذا ما كان من الأمر.. تجارة قريش أتيت بها من الشام..

 وهؤلاء الذين معي.. الشأن شأنكم.. والحكم بأيديكم .

أبو بصير :(يأخذ بيد أبي جندل ثم يبتعد به قليلاً ويحدثه بصوت خافت) ما  ترى في أمر هذا الرجل.؟

أبو جندل :أراه أمراً محيراً.. ما نفعل به ومن برفقته؟

أبو بصير :لئن قتلناه فإنه أمر جلل.. وإن تركناه كذلك أمر خطير أن ندع  رجال قريش وقوافلها تنعم بسلام .

أبو جندل :لا.. لا يكون ذلك إن عفونا عنه لما كان عليه من مصاهرة

 رسول الله، فإن أكرمناه، فتلك منزله لنبينا .

أبو بصير :فليكن ذلك (يقتربان من الجمع) يا أبا العاص سنخلي سبيلك

 وتذهب وحدك .

أبو جندل :ونتحفظ على أصحابك والقافلة .

أبو العاص :ألابعثتم أيضا من كانوا معي .

أبو جندل :لا يكون ذلك.. انطلق بمفردك.

 (يستدير ويذهب)

المشهد السادس والثلاثون

(على باب المسجد النبوي يقف أبو العاص ويأتي عبد الله بن سهيل فيلتقي به )

عبد الله :ابن الربيع.. ما خطبك؟.. عساك أن تكون قدمت المدينة مسلماً .

أبو العاص :رجال أبي بصير...

عبد الله :ماذا عنهم؟

أبو العاص :قد أسروا رجالي وأخذوا القافلة.

عبد الله :وتركوك أنت.. أُحمد الله الواحد الأحد.

أبو العاص :وقد استجرت بزينب.. فوعدتني أن تكلم أباها في الأمر.

عبد الله :لو أنك اتبعت الحق الذي جاء به لحفظت عليك أهلك، وما

 خسرت تجارتك.

أبو العاص :ذاك ما كان.. وهذا ما جئت له .

عبد الله :اسمع.. إن رسول الله يصعد المنبر.. سوف يخطب في الناس..  ادن معي (يدنوان ويلتقيان بالصحابي الأول)

الصحابي الأول:يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:إنا صاهرنا أناساً..

 وصاهرنا أبا العاص فنعم الصهر وجدناه، وإنه أقبل من الشام  في أصحاب له من قريش فأخذهم أبو جندل وأبو بصير وأخذوا  ما كان معهم ولم يقتلوا منهم أحداً، وإن زينب بنت رسول الله

سألتني أن أجيره.. فهل أنتم مجيرون أبا العاص وأصحابه.

الناس :نعم.. نعم .

عبد الله :ها قد أُجرت يا أبا العاص .

الصحابي الأول:مبارك عليك .

أبو العاص :(يتهلل وجهه) بل بورك نبيكم وبوركتم .

المشهد السابع والثلاثون

(عند السفح.. وأبو جندل يؤم الناس لصلاة الظهر)

أبو جندل :السلام عليكم ورحمة الله.. السلام عليكم ورحمة الله .

 (يسلم عن يمينه وعن يساره، وبعد الفراغ من الصلاة يأخذ

 بالتسبيح والاستغفار، وكذلك المصلون)

رجل 4 : السلام عليكم (يقترب منه ويجلس إلى جواره)

أبو جندل :وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. ما وراءك ؟

رجل 4 :أخبار من يثرب .

أبو جندل :وما هنالك؟

رجل 4 :أبو العاص...

أبو جندل :ما به؟!!

رجل 4 :ذهب إلى رسول الله واستجار به فأجاره.

أبو جندل :أجاره وهو على شركه؟

رجل 4 :نعم .

أبو جندل :ولم يرسل لنا رسول الله شيئاً بشأن أصحاب ابن الربيع .

رجل 4 :كلا لم يرسل .

أبو جندل :(يطرق هنيهة، ثم يرفع رأسه متكلماً ) علينا أن نفهم شيئاً مما  فعله رسول الله .

رجل 4 :وما هو؟

أبو جندل :واجبنا أن نقتدي به عليه الصلاة والسلام .

رجل 4 :هو أسوتنا دائماً.. ولكن ما علينا الآن ؟

أبو جندل :لنطلق الأسرى.. ونرد إليهم بضاعتهم .

رجل 4 :هذا ما تراه.؟!!

أبو جندل :وهو ما سوف يراه سواي إن عرض عليه الأمر.. اسعواإلى

ذلك في الحال .

رجل 4 :ليكن ذلك. (ينهضان)

المشهد الثامن والثلاثون

(جمع من قريش، ابن الربيع يقبل عليهم)

                      أبو العاص:

يامعشرقريش,هذه بضاعتكم ردت إليكم .

  (الجميع يلوذون بالصمت)

أبو العاص :وأولئك الرجال الذين معي.. كذلك عادوا سالمين .

الأخنس :وكيف نجوتم من تلك العصابات المنتشرة في الطريق . 

أبو العاص :هذا قدرنا ، وحسبكم أموالكم .

أبو سفيان :وما تفسيره.. ولم ينج أحد قلبك وقع في أيديهم!!

أبو العاص :إنما ذلك بفضل الله وبسعي زينب بنت محمد بن عبد الله .

الأخنس :وي (ثم يخاطب سهيل بن عمرو) أما تقول شيئاً يا سهيل .

سهيل :(لا يجيب)

أبو العاص :أمن شيء آخر؟ إني ذاهب .

أبو سفيان والاخنس:إلى أين يا ابن الربيع؟!!

أبو العاص :(يستدير ذاهباً) إني ذاهب إلى ربي فلسوف يهدين .

أبو سفيان :(يضرب كفاً بكف) ما هذا؟!

الأخنس :قد جن الرجل .

أبو سفيان :بل نحن أصابنا جنون.. وفقدنا صوابنا .

الأخنس :ممّ؟

أبو سفيان :مما يحدث.. أما ترون إلى محمدٍ سقطت في يده حصون يهود

ودانت له البوادي والقفار.. وتلك الشرذمة من المارقين أقضت  مضاجعنا وأرّقت منامنا وأدمت قلوبنا.

سهيل :(ينغص وجهه ويلوذ بالصمت )

الأخنس :ما أنتم فاعلون؟

أبو سفيان :أما تتكلم يا سهيل.. وأنت من أبرم الصلح مع محمد.

سهيل :لا أقول شيئاً.

أبو سفيان :بل قل.. وأنا أقول أرسلوا إلى محمد ليلغي الشرط الذي

 اشترطه عليه ياسهيل.. عله يدعو هؤلاء إليه، ويكف عنا

 بلاءهم .(ينطلق مسرعاً)

الأخنس :ما ترى يا سهيل ؟

سهيل :ذلك هو الرأي .

المشهد التاسع والثلاثون

(في المدينة على باب المسجد، نفر من الصحابة يلتقون بأبي العاص)

الصحابي الأول:ابن الربيع هنا مرة أخرى.. عسى أن يكون قدومك لخير .

أبو العاص :نعم.. لخير إن شاء الله.

الصحابي الثاني :الخيرة فيما أختاره الله .

أبو العاص :خذوني إلى رسول الله .

الصحابي الثاني :تعال.. إلى داخل المسجد.. فإن رسول الله لا يرد من أقبل عليه .

الصحابي الأول:ومن أقبل عليه أقبل على الله كيوم ولدته أمه. (يتقدمون نحو

النبي، أبو العاص يجثوا على ركبتيه)

أبو العاص : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله .

الصحابي الأول:قم يا أخا الإسلام.. وسلم على رسول الله..

أبو العاص :(ينهض ويقبل على النبي)السلام عليك يا رسول الله.. بأبي أنت  وأمي .

الصحابي الثاني :(يخاطب الجمع من الصحابة )رسول الله صلى الله عليه وسلم..

يستقبل أبا العاص أحسن استقبال.. ويسر لإسلامه أياما

 سرور، فيضمه إليه ومن ثم يرد عليه زوجه السابقة زينب.

  (المسلمون في بهجة وسرور.. يمر وقت وهم على تلك الحال،

يدخل مبعوث من قريش وبحوزته كتاب يأخذه منه الصحابي

 ويتصفحه )

الصحابي الأول:يا رسول الله هذا كتاب قريش من سهيل بن عمرو وسواه من  سادة مكة.. يسألونك إلغاء شرطهم من وثيقة المعاهدة.. بشأن  رد من جاءك من مكة مسلماً .

الصحابي الثاني : رسول الله يقبل ذلك منهم (القرشي ينطلق خارجاً)

المشهد الأربعون

(أمام هضبة العيص يقف أبو جندل وجمع من الرجال.. يقبل الصحابي عليهم ومعه كتاب )

الصحابي :السلام عليكم ورحمة الله .

أبو جندل والرجال:وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

أبو جندل :هات ما عندك .

الصحابي :كتاب من رسول الله صلى الله عليه وسلم.. إليكم .

أبو جندل :(يأخذ الكتاب متلهفاً ويقرأ فيه، متمتماً، ثم يرفع رأسه ويخاطب  الصحابي ) الطيب لا يأتي إلا بطيب .

الصحابي :جزاك الله خيراً هذا من فضلك وطيب خلقك .

أبو جندل :بارك الله بك.. (يخاطب رجاله) أكرموا أخاكم فقد جاءكم بكتاب

 من رسول الله يدعوكم فيه بالقدوم عليه .

الرجال :(يكبرون مستبشرين ) الله أكبر.. الله أكبر.. لا إله إلا الله محمد  رسول الله .

أبو جندل :سأزف البشرى إلى أبي بصير، أبرأه الله.

 (يختفي داخل الهضبة)

أبو جندل :(في باطن الهضبة، وأبو بصير على فراشة يصارع المرض) أبو بصير.. أبو بصير.. قد جاءنا كتاب من رسول الله.. إنه نصر من الله .

أبو بصير :(يرفع يديه متثاقلاً ) ربي العلي الأكبر.. ربي الواحد الأحد.. من  ينصر الله فسوف يُنصر.. إنما النصر... من الله وحده .

أبو جندل :في الكتاب يدعونا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقدوم عليه  وعودة جميع الناس هنا إلى يثرب، لقد بطل سحر زعماء

 الشرك في مكة فأحنوا رؤوسهم صاغرين .

أبو بصير :أروني كتاب رسول الله .

أبو جندل :(يناوله الكتاب ) إليك به .

أبو بصير :(يأخذ الكتاب فيقبله تكراراً ثم يضعه على صدره ويتكلم

 بصعوبة )أشهد أن لا إله... إلا الله... وأشهد أن محمداً..

 رسول .. الله، أشهد.. أن ...لا إله إلا.. الله... وأشهد.... أن..

 محمداً... رسول... الله..(يشهق ثم يسلم روحه)

أبو جندل :(يستدير ويخطو ببطء،وقد زرفت عيناه الدموع، ثم يتجلد

قائلاً) رحمك الله أبا بصير.. إلى جنات الخلد يا أبا بصير.

 (والرجال الذين معه يزرفون دموعاً صامته، ويتمتمون داعين له)

الخاتمة

(في الساحة الممتدة، الرجال يشدون أمتعتهم على رحالهم ، وأبو جندل يمشي الهوينا ويجيل ناظريه في تلك البقاع مودعاً إياها )

صوت الحادي :أيتها الأرض الطيبة المعطاءة.. سنرحل عنك وقد حملتنا

 وأويتينا وما نؤت بنا ولا ضقت ذرعاً.. سنرحل عنك وفي

  قلوبنا لك حب لا يضاهى.. وذكريات لا تنسى.. وقد أودعناك

  أخاً عزيزا على قلوبنا..ً كريماً على رؤوسنا.. كان قائداً فذاً..

  شجاعاً مقداماً مضحياً.. فدا الإسلام بروحه ودمه .

  سنذهب غير آسفين.. حيث أننا على الحبيب المصطفى قادمون،  وشطر طيبة ميممون.. وإلى ديار الذين آووا ونصرو ساعون ..  فسلام لك وعلى من فيك، والنصر قادم.. النصر قادم .. والفتح

 بإذن الله قريب.

 ( تنسّل خيوط الفجر الفضية، ويداعب الأفق الشفق الوردي،

 وينساب الصوت الندي الرخيم)

بسم الله الرحمن الرحيم

إذا جاء نصر الله والفتح ,ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً,فسبح بحمدربك واستغفره إنه كان توباً .

تمت بحمد الله 

وسوم: العدد 696