المليونير والسعادة

عبد الرحيم عبد الرحمن منصور

الاشخاص. : سعيد عبد الهادي مواطن أمريكي مسلم من

أ صل عربي

جيرمي زيك : مليونير أمريكي يملك شركة ضخمة في ولاية أوهايو....

الشهد الأول :

جيرمي في مكتبه يردّ على الهاتف

حبيبتي ليندا كيف أصبحت ؟

ليندا : بخير  أنا بخير كيف أصبحت أنت ؟

جيرمي : لست سعيدا يا ليندا  لست سعيدا الهمّ والقلق وضغوط الحياة وتفاهة العيش هذا كل ما أحسّ به

ليندا : ولم كل ذلك يا حبيبي ! هل تحسّ ألما .. صداعا هل تحتاج لشيء .. هل تشكو من شيء فأحسن الأطباء في خدمتك .. هل خسرت في البورصة الليلة الماضية ؟

جيرمي : لا ... لا .. كل هذا لا يعنيني  إني أخسر حياتي يا ليندا .. لا أعرف كيف ألملم نفسي  كيف ابدأ يومي  كيف انعش روحي. ..لا شيء أحس به سوى الضياع ... الضياع

ليندا : لا تقلق ساعدّ لك اليوم حفلة تنسيك كل همومك وأنت تعرف ماذا تعني الحفلة معي ! ! انتظرك اليوم في المنزل كالمعتاد. أوكي ؟

جيرمي : أوكي ..سآتي ..لنرى ماذا أعددت ..الى اللقاء

باب مكتبه يقرع

جيرمي : أدخل

تدخل السكرتيرة تفوح منها رائحة عطره المحبب : هذه الأوراق للإطلاع والتوقيع سيد جيرمي

جيرمي : شكرا لك ..اسعفيني بقليل من القهوة لو سمحت  أكاد انفجر.

السكرتيرة : حاضر.. تعود ومعها القهوة : تفضل سيدي

جيرمي :يتناول القهوة ثم يستدير بكرسيه الدوار باتجاه النافذة يتأمل ساحة الشركة وحديقتها وبركة المياه فيها وهو يزفر

السكرتيرة تتقدم من جيرمي تضع رؤوس أصابعها على رقبته وتدغدغه بلطف وتسأل : ما بك سيد جيرمي ؟ ما الذي يقلقك ؟

جيرمي : إنني بحاجة للشعور ببعض الراحة  إني لا أطيق هذه الحياة المملة

السكرتيرة : معقول ... معقول وأنت صاحب الجاه والنفوذ والمال ... كل أسباب السعادة بين يديك ...

جيرمي :لقد سئمت ... لقد سئمت من الرقص والشرب والعربدة مع الجميلات ...

السكرتيرة : تقرّب شفتيها من خدّه وحاجبيه : حتى أنا يا سيدي سئمت مني ؟

جيرمي : يزيح يدها عن رقبته : اتركيني قليلا  اتركيني أبحث عن روحي ....

المشهد الثاني :

جيرمي أمام النافذة ينظر إلى الأسفل يتأمل  الساحة والبركة والحديقة ثم يقول للسكرتيرة :

جيرمي : انظري ..انظري الى هؤلاء الاشخاص في الساحة وتحت الشجر كلهم.. كلهم أفضل مني ! ! انظري إلى حركاتهم وطريقة حديثهم الا تشعرين أنهم سعداء !؟

السكرتيرة : نوعا ما  كل إنسان يستطيع أن يصنع لنفسه قدرا من السعادة يظلل بها روحه ويهدئ نفسه

جيرمي : المشكلة أني لا أجد روحي ولا أتمكن من العثور عليها  فأنا وحيد .. وحيييد لا أنس بشيء ولا أجد متعة في أي شيء رغم توفر كل شيء بين يديّ

السكرتيرة : أهدأ قليلا.. وخذ نفسا عميقا بعد أن تغمض عينيك وانا واثقة أنك سوف تصل إلى شعور مريح

جيرمي : على كرسيه متجمد مثل تمثال من شمع :

انظري الى ذلك الشاب بجانب بركة السباحة

السكرتيرة : وقد بدأت تشعر بالملل  نعم إني أراه ما به !

جيرمي : إنه يأتي كل يوم في مثل هذا الوقت  وبعد أن

يتناول وجبته  يذهب فيغسل يديه ووجهه وقدميه من ماء البركة ثم يقف فيقوم ببعض حركات غريبة وغير مفهومة  ثم يعود الى عمله سعيدا نشيطا  أتدرين إني أتمنى أن أكون مثله

السكرتيرة : لعله يجدد نشاطه بهذا العمل

جيرمي : لا...لا.... إن لهذا الفعل مغزى غير تجديد النشاط

سأعرف سرّ هذا الفعل يوما  ثم يلتفت إليها ويقول : ستقيم لنا ليندا الليلة حفلة في بيتها هل تحضرين ؟ ثم يقوم ليغادر أراك عندها الساعة السادسة ..الى اللقاء

المشهد الثالث :

العامل عبد الهادي يتوضأ من البركة كعادته ولما انتهى تفاجأ  بمالك الشركة خلفه يتأمل فعله

جيرمي :هللو ماي فريندس.  مرحبا يا صديقي

عبد الهادي : هللو سير هللو ويمدّ يده للمصافحة

جيرمي: يمدّ يده أيضا يصافح عبد الهادي ويبقى ممسكا بيده

ما اسمك يا صديقي ! !

عبد الهادي : اسمي عبد الهادي  وأعمل هنا في الشركة

جيرمي :كيفك.؟ مرتاح في شغلك ؟ مبسوط في حياتك ؟

عبد الهادي : الحمد لله  كل شيء تمام

جيرمي : ما في مشاكل. ما في صعوبات   ما في هموم ؟

عبد الهادي : لا..لا مشاكل .. لا صعوبات ... لا هموم

جيرمي :عجيب  أنا مستر جيرمي  مالك هذه الشركة وعندي  غيرها الملايين من الدولارات ومع ذلك أتمنى لو اهتدي الى طريق السعادة. لو أشعر بطعم الهناءة والسعادة ولو لنصف ساعة   ربع ساعة  وادفع نصف ما أملك .... لقد جربت كل شيء. وطرقت كل باب و و و.. ولم أصل الى شيء

عبد الهادي : كان الله في عونك سيدي

جيرمي : قل لي يا عبد الهادي لم تأتي في كل يوم في مثل هذا الوقت إلى بركة السباحة وتغسل يديك ووجهك وقدميك بمائها ثم تقوم بهذه الحركات الرياضية التي رأيتك تؤديها ؟

عبد الهادي : هذه.ليست حركات رياضية يا سيدي.. إني أصلي لربي .. أعبد ربي .. أنا مسلم أصلي كل يوم خمس مرات لربي .

جيرمي : ولم تغسل اعضاءك قبل ذلك ؟

عبد الهادي هذا اسمه وضوء حتى نصلي يجب أولا أن نتوضأ وننظف أعضاءنا .

جيرمي :  هل أنت مرتاح في حياتك وفي عبادتك ؟

عبد الهادي : آخر راحة يا سيدي وكيف لا أرتاح وأنا اناجي ربي خمس مرات في اليوم !!

أخذ جيرمي يسأل ويستفسر عن الصلاة والعبادة والإسلام ويلح بالسؤال وعبد الهادي يردّ على أسئلته ويجيبه...وقف جيرمي قلقا مفكرا وصار يحكّ ذقنه بيده ثمّ قال : وكيف أصبح مسلما يا عبد الهادي ؟

دلّه عبد الهادي على الطريق فأسلم وحسن إسلامه وعاش حياة جديدة فيها السعادة والهناءة التي كان ينشدها وأفاد المسلمين من تبرعاته عن طيب نفس وأبدى أسفه على الأموال التي كان ينفقها على العربدة والفساد......إنه الاسلام إنه دين الله ..

جيرمي : ما كنت أظن أني ساحصل على مثل هذه السعادة

ولو أنفقت عمري وكل ما أملك من أموال ونفوذ !!

وسوم: العدد 710