د. رضوان زيادة لـ"الشرق": الأسد لن يقبل بحل سياسي إلا بضربات متتالية (1-2)

د. رضوان زيادة المدير التنفيذي للمركز السوري للدراسات لـ"الشرق":1-2

عدم وجود إستراتيجية محددة لما بعد الضربة أحد أسباب فشلها

النظام السوري لا يزال يمتلك أطناناً من الأسلحة الكيميائية 

واشنطن أبلغت موسكو بالمواقع المستهدفة.. والنظام سارع بإخلائها 

عدد ضحايا الضربة الأمريكية دليل على هزالتها وضعفها

العملية الأمريكية كانت أقل تأثيراً من برميل متفجر يلقيه النظام على المدنيين

الرئيس الأمريكي أراد لفت الانتباه بالضربة بعيدًا عن تحقيقات مولر

معلومات استخبارية دقيقة لدى واشنطن عن مواقع الأسلحة الكيميائية

فشل الضربة في ردع النظام شجعه على الاستعداد لمهاجمة إدلب

القمة العربية خيَّبت آمال الشعوب العربية عامةً والسوريين خاصةً

 كشف الدكتور رضوان زيادة، المدير التنفيذي للمركز السوري للدراسات، عن امتلاك النظام السوري لأطنان من الأسلحة الكيميائية، مؤكدًا أن الضربات المتتالية كما حدث في البوسنة والهرسك ستجبر النظام السوري على قبول الحل السياسي، والجلوس لطاولة التفاوض. 

وأكد في الجزء الأول من حواره مع "الشرق" أن النظام اعتبر محدودية العملية ضوءاً أخضر لشن مزيد من العمليات، موضحًا أن هدف العملية إجبار الدول الداعمة للأسد على مشاركة واشنطن في حل الأزمة. 

وشدد على أن العملية فشلت في التخلص من الأسلحة الكيميائية، كاشفًا أن واشنطن أبلغت موسكو بالمواقع المستهدفة؛ مما جعل النظام يسارع بإخلائها فورًا.

https://www.al-sharq.com/uploads/2018/04/17/article_cover/8da8359db37f164649d2c95b000e57902ef35296.jpg

وإلى نص الحوار..

* دكتور رضوان كيف تقيِّمون الضربة الأمريكية البريطانية الفرنسية المشتركة على سوريا، وهل حققت أهدافها؟

حسب التقارير الأمريكية، فإن نتائج الضربة 3 جرحى فقط، رغم استخدام 125 صاروخ توماهوك في عدة أهداف، وبالتالي هذا العدد مقارنة بعدد المستهدفين، يدل على مدى هزال وضعف الضربة.

فلو قارنا بين برميل متفجر واحد يستخدمه النظام، ويقتل به 70 مواطنا، وما فعلته الضربة نكتشف بكل بساطة أنها ضربة فاشلة ولم تحقق أهدافها، بل إنها لم تستطع التخلص من الأسلحة الكيميائية التي يحتفظ بها النظام بالأطنان، رغم أن واشنطن تمتلك معلومات استخبارية دقيقة عن مواقع تخزين النظام للأسلحة الكيميائية، وأماكن إنتاجها.

فشل الضربة:

*برأيك، ما الذي جعل الضربة تفشل في تحقيق أهدافها؟

 فشل الضربة في تحقيق أهدافها يعود لسببين، الأول: عدم وجود إستراتيجية محددة لما بعد الضربة، وبالتالي لم تصل الرسالة بضرورة قبول نظام الأسد بالحل السياسي بشكل واضح. السبب الثاني، أن الرسالة من الضربة لم تصل إلى روسيا أيضا، رغم أن موسكو حاولت أن تضخم من حجم الضربة قبل شنها، بل واعتبرتها ستقود العالم إلى حرب عالمية ثالثة، لكن بعدها مباشرة واصلت دعمها للنظام، وعادت مرة أخرى في قصف المدنيين وقتلهم بكل الوسائل، فيما اعتبرها النظام، من جانبه، ضوءاً أخضر، لشن المزيد من العمليات، حيث قام مباشرة باستهداف ريف حماة، وربما تكون هجماته القادمة في إدلب، خاصة أنه لم يرتدع بعد هذه الضربة، بل ولم يرتدع من الضربة السابقة في مطار الشعيرات. 

رسالة أقوى:

*ما الإجراء الذي يمكن أن يردع النظام؟

أعتقد أن أي ضربات متتالية على مواقع النظام يمكن أن ترسل رسالة أقوى إلى النظام وتجبره على الجلوس على طاولة المفاوضات والقبول بحل سياسي وفقا لاتفاق جنيف، كما فعلت الولايات المتحدة والدول الأوروبية في حرب البوسنة والهرسك، عندما وجهت ضرباتها للنظام الصربي عام 1995 على مدار 78 يومًا، مما أجبر سلوبودان ميلوشيفيتش للجلوس على مائدة المفاوضات، والقبول بحل سياسي، وبالتالي إذا ما طبق هذا السيناريو على نظام الأسد فسيرتدع ويقبل بالحل السياسي فورًا، ودون ذلك لن يقدم الأسد أية تنازلات.

* لكن ما هي الدوافع التي جعلت واشنطن تقدم على توجيه هذه الضربة رغم أنها لا تريد إسقاط النظام ولا التخلص من الكيماوي؟

في تقديري، أن الولايات المتحدة لديها دوافع رئيسية من خلال هذه الضربة تتمثل في التخلص من الأسلحة الكيميائية، لأنها تعتبر هذه الأسلحة خطًّا أحمر في الحروب النظامية والأهلية، خاصة أن الولايات المتحدة تعد الجهة المناط بها تنفيذ الاتفاقية الدولية بحظر استخدام الأسلحة الكيميائية.

الدافع الثاني: إرسال رسالة إلى الأطراف الداعمة للنظام، وتحديدًا روسيا وإيران، بأنه لا حل للأزمة السورية دون مشاركة الطرف الأمريكي، خاصة أن بوتين يصر على أن يكون الحل بعيدًا عن المنظمات الدولية والدول الغربية مهما كان الثمن والتكلفة.

*البعض اعتبر ضعف الضربة وعدم استهداف إسقاط الأسد ناتجاً عن خلاف حدث داخل الإدارة الأمريكية.. هل تتفق مع ذلك الرأي؟

*أتصور أن النقاش داخل الإدارة الأمريكية كان حول، هل تكون ضربة واحدة أو عدة ضربات؟ لان إدارة ترامب لم تكن تهدف لإسقاط الأسد، فمستشار الأمن القومي جون بولتون كان يريدها ضربة واسعة، بما في ذلك مواقع للنظام داخل دمشق، ومقرات للحرس الجمهوري والمليشيات الإيرانية، في حين أن وزير الدفاع أرادها ضربة محددة تشمل المواقع الموجود بها الأسلحة الكيميائية، أما الطرف الأوروبي المشارك في العملية، فكان يؤيد وجهة نظر جيمس ماتيس، وهذا ما حدث بالفعل، حيث تم إبلاغ الطرف الروسي بالإسراع في إخلاء المواقع المستهدفة.

اجتياح إدلب:

* كون الضربة لم تؤثر في النظام.. هل تتوقع أن تتوسع عمليات النظام لتشمل إدلب بعد أن انتهى من إبادة الغوطة؟

بكل تأكيد، والنظام أعلن عن ذلك مباشرة بعد الضربة، التي احتفل بانتهائها وصور للعالم أنه انتصر، كما أن علي أكبر ولايتي مستشار خامئني، الذي ذهب إلى الغوطة واحتفل بما حققته المليشيات الإيرانية هناك، قال: إن الوجهة الثانية هي إدلب، وهذا يؤكد أن الضربة الأمريكية في حقيقتها عبارة عن حفظ ماء وجه الرئيس ترامب، رغم أنه رفع سقف توقعات الشعوب من خلال تغريداته على تويتر، وهو ما جعل الجميع يتوقعون ضربة قوية ومؤثرة وفاعلة، خاصة أن ترامب هدد بوتين شخصيًا، وهي سابقة لم تحدث من قبل، لكن للأسف خابت توقعات السوريين.

تحقيقات مولر:

*لكن لماذا تعمد ترامب رفع سقف التوقعات ثم جاءت الضربة مخيبة للآمال؟

هذا يعود إلى خلفية الرئيس الأمريكي عن الصراع في سوريا، وهذا ما جعل القرار لم يحصل على إجماع، كما أن أولويات ترامب الداخلية توضح أنه غير راغب في التورط في حرب طويلة المدى في سوريا، والأمر بالنسبة له مجرد تغيير عناوين الإعلام الأمريكي من الفضائح التي تلاحقه، خاصة فيما يتعلق بتحقيقات مولر، التي أخذت منعطفًا خطيرًا قبل الضربة، حيث تزامنت العملية مع اقتحام مكتب التحقيقات الفيدرالي لمكتب محامي ترامب، الأمر الذي أزعج الأخير بشكل كبير، مما جعله يسارع بالضربة المحدودة حتى يلفت الانتباه بعيدًا عن هذا الأمر.. ولا ننسى أنه قبل أيام أعلن رغبته في سحب القوات الأمريكية من سوريا.

*رغم محدودية الضربة .. هل تتوقع أن تجبر النظام على القبول بالتفاوض مرة أخرى؟

*أستبعد ذلك بشكل كبير، طالما أنها ضربة محدودة، وليست متتالية .. وبالتالي أعتقد أن النظام لم يعبأ بهذه الضربة، بل على العكس فقد احتفل بها واعتبرها نصرًا له.

القمة العربية:

* كيف تقيِّم موقف القمة العربية للأزمة السورية ولاستخدام النظام للكيماوي؟

في الحقيقة، إن القمة العربية جاءت مخيبة لآمال الشعوب العربية عامة والسوريين خاصة.

فعلى الرغم أن الضربة الأمريكية كانت محدودة جدًا، إلا أنها في حقيقة الأمر عبرت عن رفض أمريكي لما يجري في سوريا، خاصة استخدام الكيماوي، لكن للأسف وجدنا جميع ردَّات الفعل العربية مخجلة، ولا ترقى لمستوى المسؤولية، أمام جرائم إنسانية بشعة يرتكبها النظام بكل حماقة.

وسوم: العدد 768