حوار مع الكاتبة العراقية رحاب حسين الصائغ

حوار مع الكاتبة العراقية رحاب حسين الصائغ

عبد القادر كعبان

[email protected]

 الإنسانة رحاب حسين الصائغ امرأة عربية من أرض العراق، أسهمت ابداعدتها واشراقاتها الأدبية في إنارة طريق الإبداع في الوسط الثقافي العربي. نقف اليوم باندهاش لحالتها ،تجتمع فيها عدة مواهب ،إنها تعطي كل موهبة، في حدها حقها الكامل من الخلق والإبداع. لا تزال تخوض الفعل الأدبي بجمالية مذهلة وبإحساس إنساني عذب من خلال نصوصها الملفتة جدا

لنبدأ من البداية.. كيف تقدم رحاب حسين الصائغ نفسها للقارئ؟

من خلال نواميس الكلمة، تمثلني نصوصي والمعرفة المغموسة بالوان رسمتها على وراق ألايام، الحبلى بالألم، نحت من صخر حروفي العربية التي لا اجيد غيرها لغة، مفاهيمي وتجاربي، فكانت حلمي للخلاص من فكرة حرماني من التعليم،انسلخت من قوقعة جدران البيت، وتحولت الى دولاب يطحن الكتب وكل ما سطر فوقها من كلمات في شتى أنواع المعرفة، فأصبحت هاوية للكتابة بكل انواعها، ناغيت الورود في حديقة بيتنا، والعصافيرعلى اسلاك الكهرباء لحظات المطر من خلال شباك غرفتي، صرخت بوجه تدرج لون الغيوم، حزنت لغروب الشمس، وابتسمت لاشراق الصباح، لوحدتي وشعوري المر بها، قادني لتسطير بعض المفردات، فكان وجود لرحاب حسين الصائغ، على سطح وجه هذا الكوكب، قدمني ككاتبة للقارئ.

ما هي أهم مميزات طفولتك؟

مشحونة بتكسرات الحياة الذكورية، لم اعش طفولة عادية، كون ضباب التمييز ظاهر في التعامل العائلي، ما زالت عبارة والدتي تصاحب مفاصل حياتي الى الان( هم ابناء، انت بنت).

ماذا تعني لك القصة؟وما أقربها إليك الرواية أم القصة؟

 القصة القصيرة تحيل لربط الخيال مع الواقع لتنتج حدث، تسعدني كتابتها وتعني لي الكثير، كونها تخلق لي مجال للحكي عن عوالم مختصرة لهموم البشر، وخاصة القصة القصيرة جدا، اما الرواية تحتاج لمعرفة واسعة وخيال مشذب وخبرة في صنعة الكتابة، وصبر نافذ يدعو كتابها الى التحلي بالحلم، اجدها ليس بالشيء السهل، وكوني قليلة الصبر تتعبني الرواية، صدرت لي رواية اولى وفازت بجائزة، ولدي روايتين مخطوطتين لم تنجزا بعد

لماذا يتجه الكاتب اليوم إلى جنس الرواية بالتحديد؟

 يبدو انها مفروضة اكثر من جنس ادبي آخر، كون القارئ يبحث عنها اكثر من الشعر والقصة والمقال، لان الرواية تخلق جو اكثر ود للقارئ، وتدخله فضاأت همومه ورغباته، وتعطيه ما ينقصه، والرواية عادة تحمل للقارئ الدراما، البؤس والوجع، الجريمة والجنس، الحب وما يثير غرائزه، ودقة الوصف في تفاصيل غافل عنها احيانا الانسان في يومياته، ومن ناحية اخرى يهتم النقاد بها، ودور النشر تقبل على طبعها، ومن ثم تقيم الكاتب نفسه، كأن من لم يكتب رواية هو ليس بكاتب، لهذا يتجه اليها الكاتب كي يرسخ موقفه

رحاب حسين الصائغ ناقدة،وقاصة،و روائية، وكاتبة بإمتياز كيف توفقين بين كلّ هذه الأنواع من الكتابة عموما؟

 رحاب حسين الصائغ عرفت كشاعرة، اما النقد كان بسبب حبي وتفاعلي مع النص الذي اكتب عنه، لا بدافع من جهة ما، والقصة كتبتها رغبة في معرفة مقدرتي على تخطي جنس الشعر، الرواية شجعني على كتابتها، الشاعر وديع العبيدي، لسبع سنوات انا افكر واكتب وكتبت اكثر من ست روايات او على اساس انها رواية، تعذبت كثيرا لأني كنت افشل في كتابتها كما احب، لكني بعدها كتبت روايتي الاولى، بدموعي ولمدة سنتين كانت هي شاغلي الوحيد، وفازت بالجائزة الثالثة، طبعا التوفيق بين هذه الكتابات لا يعني انني اكتبها في آنٍ واحد، انها تاتي حسب الظرف النفسي والزماني والجو المحيط، ولكلٍ اسبابها.

هل القصة القصيرة التي تكتبها رحاب حسين الصائغ بمقدورها أن تحاكي الواقع صدقاً وأمانة وأن تتطرق إلى حلول ناجعة لواقع مرير باتت تعيشه الشعوب العربية اليوم؟

 كل كتاب القصة القصيرة جدا، يكتبها كتابها وهمهم الاول هو البحث عن الخروج من ازمة الواقع، فهو واقع مخدش من كل النواحي، فكريا اخلاقيا تربويا اسريا اجتماعيا سياسيا اقتصاديا، نعم ما تقدمه نصوصي القصصية، هو دافعي الاول ان يكون ضمن الواقع، مثلا قصتي (ثبوت الزويا) والتي فازت بالمرتبة الثالثة في مسابقة نازك الملائكة لهذا العام، تحمل محاكاتها لواقع يعيش ازمة ووضع مرير جدا.

 ثبوت الزوايا/ قصص قصيرة جداً/ رحاب حسين الصائغ

 ( 1 ) 

من سطح البيت يشاهد المدرسة، حفر تمثال من الصمت في راسهِ، والمحتل في بلده يقتل كل أحلامه الضئيلة التي تسير بسرعة الف ميل للوراء.. 

( 2 ) 

عشق زهرة يانعة أذبلتها الذكريات، يوم امعنت النظر في صولجان والدها، لم تبتسم لحبيبها حقول الحياة، فذهب للبحر وتلاشى في عمق موجه..

( 3 ) 

كان من اتباع هتلر، نزع الفرح من عناصر جسده حين زين مظهره من الخارج بدبابيس الخاكي، كشاب يتأمل المجد..

( 4 ) 

غصن شجرة مقطوع، تأمل السنين من حوله، انتبه لنفسه بعد ان شاخ العصفور ولم يحط على جزء منه

( 5 ) 

في ليلة رأس السنة الجديدة؛ اضاع قبعته، لذلك لم تصمد الافكار في راسه كلما دخل عام جديد.

قاصة من العراق.)). 

حدثينا عن أولى مجموعة قصصية؟ عن ظروف نشرها؟

 حين قدمت اول نصوصي القصصية لقاص كي يقول رايه بها، صدمني بعد قراءتها بقوله: اياك اياك ان تكتبي القصة؟!، ما لك وكتابة القصة يكفيك الشعر، بكيت بحرقة، صدمني بشكل مؤلم، اما زوجي قال لي: لا يضريك طنين الذباب، اكتبي ولا تهتمي لقول احد، فكنت اكتب واركن ما اكتبه في صندوق خاص، الى ان اصبح لدي اكثر من 50 قصة قصيرة طبعها زوجي لي على آلة طباعة عادية ونسخ منها 100 نسخة، ارسلت منها للشاعر وديع العبيدي، فطلب مني ان يطبعها لي وعلى نفقة مجلة ضفاف وبالفعل وصلتني نسختان فقط في عام 2001، عنوانها ( عين ثالثة تبكي) اولى مجاميعي القصصية، والان لدي اربع مجاميع في القصة القصيرة جدا.

هل كنت تتوقعين فوز روايتك "عادت منحرفة" بجائزة إحسان عبد القدوس؟ و ما تأثير هذه الجائزة على مشوارك الأدبي؟

 نعم توقعت وبالمرتبة الاولى، والذي حزَّ في نفسي لم احصل على نسخة منها، اما مدى تاثيرها على مشواري الادبي، عززت داخلي شيء جميل عن مكانياتي في الكتابة، ولكني اجد القصة القصيرة افضل جنس ادبي يقدمني ككاتبة.

ما مدى إقترابك من الأدب الجزائري؟

 اذكر الروائية فضيلة الفاروق، اسمها ملتصق في ذاكرتي، ولم تاخذ حقها من النقد، وهناك كاتبة جزائرية اخرى يصدح اسمها،( احلام مستغانمي) وهي التي تمثل الابداع النسوي في الجزائر، وهذا اجحاف بحق المراة الروائية الجزائرية، كون هناك روائيات مبدعات، مثل الروائية ياسمينة صالح وغيرها

ما رأيك كناقدة في الإبداع النسائي الجزائري ؟

 اذا لم نعرف عن المراة الروائية الجزائرية كثيرا كيف سنقدر الابداع النسوي في الجزائر.

هل أنصف النقد نصوصك القصصية و الروائية؟

 ليس كما يجب وهذه مشكلة كثير من كاتبات الوطن العربي المراة لم ولن تنصف مهما حاولت الوصول، كون كما المجتمع ذكوري وتسلطي، الوسط الادبي ايضا ذكوري وتسلطي.

هل تشعرين بالرّضا على مسيرتك الأدبية المتنوعة الأجناس؟

 ولما لا وليس الوحيدة من تنوعت كتاباتها، نحن قبل ان نكون كتاب كوننا نعيش في عالم مختل وعشوائي، فنعتبر كلنا تجريبيون، وكهاوية في مجال الكتابة، وخاصة انني احمل قلم حر لا يقبل التسلط من قبل اي جهة، وانا لا احمل اي شهادة غير الابتدائية، ولكني مع هذا لي قرائي، والنت هو مركز تحولي وتجوالي، وكتاباتي اخذت طريقها الى اكثر من مكان وترجمت لاكثر من لغة، اين الخلل في عدم الرضا، لي دوانين من الشعر واربع مجاميع قصصية، ورواية، ثلاث كتب في مجال النقد، وكتاب في المقال، وانشر في النت والمجلات والجرائد، وتوجه لي دعوات من جهات ثقافية للمشاركة في مهرجانت ادبية وثقافية، رسخ اسمي ككاتبة في اكثر من 10 كتب، حزتعل عدد من الجوائز، وقيمت كتاباتي من قبل جهات كثيرة، واهم شيء انه لدي قرائي اللذين يتابعوني بدقة

حدثينا عن رحاب الشاعرة؟

 انثى اثبتت لمن حولها انها قادرة على العطاء، بدأً من البيت الامور العائلية، تعلمت كل فنون الحياة واكتسبتها بخبرتي والتجارب القاسية، باخلاص وصمت قدمت لمن حولي، المراة في المجتمع الشرقي هي جندي مجهول دائما، ومهمش حقه، جاهدت عن بحث معاني اخرى للحياة فكان الحرف والكلمة، هي الثغرة الجميلة التي دخلت منها الى عالم المعرفة والتزود لامتلاك زمام الامور في حياتي، مثل بوذا ولدت في قصر ولكني عشت حياة التزهد وفضلت الجهاد وباخلاص مع نفسي، قاسيت الكثير ولكني لم اتنازل عن ما احسه من حقي، ولن اتنازل لآخر نفس

رحاب المبدعة كيف تتفاعل مع العالم الإفتراضي أو الإنترنت؟

النت هو الحرية التي تتطلبها المراة في مجتمعنا الشرقي، والنت يقود لمستقبل اخر، يفرض نفسه بوجوده القيم، قدم لي مساحة واسعة للوصول الى مكنون نفسي من خلال الكتابة، واقول لولا انت لما عرف احد رحاب حسين الصائغ، كون عالمنا العربي تسوده المصالح وعشوائية التداول المطلوب في حياة اي كاتب، من خلاله يكون مجال لان تعبر وتكتب دون واسطة وسيط او سلطة متجبر مغرور، فالمراة من خلال النت تملك كل النوافذ ان اصح القول كي تطير مع السرب وترضي غرورها، ودائما الجيد والجديد يفرض نفسه.

هل أنت مع حوار الحضارات أم حوار الثقافات في ظل الثورات العربية؟

لكي نصل فكرة حوار الحضارات علينا ان نعتمد اساسيات الاعتقاد والتفكير،ويكون الحوار الاجتماعي متجسد التوحيد الاجتماعي/ العيش والاخلاق/ في زماننا نحتاج للترغيب وليس للترهيب، والعالم العقل وما اوجده من علم وتطور ووسائل اعلام واتصال، وتدمير ، وكشف كثير من الحقائق، لا بد من وجود توازن يعمل على تقارب، يخلق شعورا صادقا لتنمية العلاقات بين الشعوب، حينها لا فرق بين عجمي وعربي واسود وابيض، إلاًّ بما اوتية من اجتهاد يخدم البشرية، هذا ما مطلوب في كل الحوارات حضارية ام ثقافية ام ثورية،

ما جديدك؟

كتاب جديد اقوم بجمعه وطبعه، عنوانه ( قال المعلم: اكتب.)، واكتب في خامس مجموعة قصصية قصيرة جدا لي

كلمة أخيرة للقارئ؟

شكرا على هذا الحوار الجميل، معك عزيزي عبد القادر كعبان الموقر