حوار مع الدكتورة مرفت محرم (مصر)

حوار مع الدكتورة مرفت محرم (مصر)

عبد القادر كعبان

[email protected]

كيف تقدم مرفت محرم نفسها للقراء عادة؟

ـ باعتبارى مهتمة بقضايا وهموم الإنسان بوجه عام وقضايا المرأة على وجه الخصوص؛ أقدم نفسى للقارىء من خلال نصوص أدبية تعكس هذا الاهتمام؛ سواء رفل النص الأدبى فى ثوب قصيدة أو قصة أو مقال... فبعد أن عركتنى الحياة استطعت أن أعبر من خلال كتاباتى عن خبراتى وقراءتى ومشاهداتى التى تعددت وتنوعت وتعمقت؛ حتى أضحيت لا أكتب النص؛ لكن النص هو الذى يكتبنى، ويعبر عنى.

ما قصة إسمك الأدبي ًبنت الطبيعة ً؟

ـ أنا سيدة عاشقة للطبيعة والجمال بمعناه العام، وماوراء تلك الطبيعة من مكنونات وأسرار تخاطب الروح والوجدان؛ بعيداً عما يصطنعه الإنسان بتدخلاته البشرية... فالطبيعة كانت ومازالت مصدر إلهامى، من خلال تأملى فى صنعة المولى عز وجل... تبهرنى الطبيعة؛ فيالها من روعة؛ توحى لقلمى بالإلهامات؛ فيصيغها إلى كلمات؛ تعبر عن الغايات.... وقد ولد هذا الاسم الأدبى (بنت الطبيعة) عقب ميلاد كتابى (فى ظلال الحياة) والذى قام بإطلاق هذا الاسم هو الأديب صبرى رضوان؛ بعدما أبحر فى كلمات هذا الكتاب....

كيف وجدت طريقك إلى عالم الكتابة؟ وماذا وجدت فيها ؟
ـ بعد رحلة البحث العلمى وحصولى على درجتى الماجستير والدكتوراة؛ اتجهت من هذه الأبحاث الأكاديمية البحتة التى تبحث فى عالم المادة؛ إلى عالم الروح والجمال والخيال من خلال كتابات أدبية؛ شجعنى عليها زملائى فى العمل؛ فبدأت مشوارى الأدبى بإلقاء بعض الأشعار التى جمعتها فى ديوانين بعنوان (بهجة الروح) و(مصر التى ...)....  وخلال تلك الفترة انضممت إلى منتدى الإبداع الثقافى بالمنوفية؛ حيث اكتشفت تعدد قدراتى الإبداعية؛ فكتبت العديد من المقالات المقامية؛ التى جمعتها فى كتاب (فى ظلال الحياة) الذى أشرت إليه سابقاً؛ وقد ظهر فيه اهتمامى بالمبادئ الأولى التي تقوم عليها المعرفة الإنسانية؛ من أنطولوجية (مفهوم الوجود)، وكوزمولوجية (مفهوم الكون)، ونفسية، ودينية.... هذا البعد الدينى هو ما دفعنى للمضى نحو كتابة أدب إسلامى (قطرات من فيض الرسول) الذى قدم له وأشاد به العالم الجليل الدكتور نصر فريد واصل مفتى الديار المصرية الأسبق؛ وقد أصبح مرجعاً علمياً.... وقد استطعت فى هذا الكتاب أن أثبت قدرتى على الكتابة الدينية بصياغة مقامية مشوقة بعيداً عن الرتابة والتقليد الذى يبعث على الملل، وبإسلوب هو أقرب للسرد القصصى الذى أمتلك أدواته؛ وهو ما دفعنى فيما بعد لكتابة مجموعتين قصصيتين هما (مفترق طرق)، (النفق) استطعت فيهما تناول مشكلات المجتمع التى يعانى منها المواطن فى مصر خلال الفترة العصيبة.... مصطحبة القارىء للتحليق فى فضاءات هذا الفن الأدبى الراقى؛ وأن أوصل رسالتى، وأطرح أفكارى؛ وأجذب قرائى؛ بإسلوب سلس مريح، وصياغة مقامية فريدة.

هل تتذكرين أهم الكتب التي حركت فيك ملكة الكتابة في فترة التكوين؟

ـ  من أهم الكتب التى أثرت فى كتاباتى فى مرحلة البداية: (من وحى القلم) لمصطفى صادق الرافعى، و (النظرات) لمصطفى لطفى المنفلوطى، و(صندوق الدنيا) لإبراهيم عبد القادر المازنى، و(يوميات نائب فى الأرياف) لتوفيق الحكيم، و(حوار بين طفل ساذج وقط مثقف) لأحمد بهجت، و (عبقرية محمد) لعباس محمود العقاد، (العواصف) لجبران خليل جبران، (قصة حياتى) لأحمد لطفى السيد، ( مختارات الجاحظ)، (قاع المدينة) ليوسف إدريس.... إلخ

كتابة القصة  بحد ذاتها كيف تبدأ، هل تبدأ برسم الشخوص في مخيلتك وتترك لمخيلتك العنان أم القصة تكون شبه واضحة في مخليتك؟

ـ القصة ألتقطها من الواقع؛ وأمزجها بالخيال؛ وتظل تختمر فى ذهنى حتى تنضج؛ ثم تأتى مرحلة حرفية الصياغة والتعامل بحكمة ودقة مع الشخوص والأحداث.

أين تكمن حدود الفصل والوصل بين القصة القصيرة والرواية؟

ـ القصة القصيرة تتناول حادثة واحدة من حوادث الحياة (لقطة من مشهد) يقع فى زمن محدود؛ تُختصر فيه الكلمات قدر الإمكان وهو ما يطلقون عليه (التكثيف)؛ وتعتمد فى أغلب الأحيان على عنصر المفارقة؛ وتُعتبر النهاية من أهم مقوماتها؛ حيث تعتمد على عنصر المفاجأة المراوغة (غير المتوقعة أو المفتوحة على عديد من الاحتمالات).... اما الرواية فتتحدث عن فترة زمنية طويلة قد تمتد لعشرات الأعوام؛ وهو ما يسمح بالسرد التفصيلى لكون الرواية تعتمد على تركيب فنى مختلف؛ من حيث تعدد الافكار والاستدلالات والقرائن التي تخدم الفكرة الاساسية؛ بينما تكتفي القصة بتكثيف فكرة واحدة فقط كما ذكرت آنفاً....  

في ظل وجود أسماء كبيرة ولامعة في عالم القصة والرواية ما مدى الصعوبة التي يواجهها الشباب المبتدئين اليوم؟

ـ لا أعتقد أن هناك صعوبة الآن تواجه الشاب المبتدىء؛ خصوصاً إذا كان مبدعاً؛ فى ظل ما يتيحه التقدم التكنولوجى، ووسائل النشر والاتصال الأسرع والأيسر والأرخص؛ من خلال مواقع الانترنت المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعى العديدة .

في زماننا الحالي أصبحت الشبكة العنكبوتية من أكثر الوسائل التي تساعد على التواصل اجتماعيا فهل هذه الشبكة تحقق شهرة الكاتب؟

ـ إذا كانت الشبكة العنكبوتية استطاعت أن تحل للكاتب المبتدىء مشكلة من أعقد المشكلات وهى مشكلة النشر الورقى بتكاليفه وأعباءه؛ فهى تحقق للكاتب المحترف انتشاراً أوسع وشهرة أكبر؛ ويكفينى دليلاً على هذا حوارى معك اليوم؛ وما سيؤديه من شهرة أكثر وتعارف أكبر؛ من خلال نشر هذا الحوار بموقع من أهم المواقع الالكترونية، وأوسعها انتشارا على مستوى الوطن العربى

لماذا تصنف الرواية ضمن فنون المدينة؟

ـ وجهة نظرى تختلف تماماً؛ فأنا أرى أن الريف هو البيئة الأخصب للإبداع الأدبى بشكل عام أكثر من المدينة؛لطبيعته البكر التى تحرك الخيال، وتنعش الفكر والوجدان، وتكون مصدراً مهماً من مصادر الإلهام.

ماذا عن تجربتك الروائية؟

ـ لم أخض تجربة الكتابة الروائية بعد؛ ولكن عندى مشروع رواية ما زالت فى مرحلة الإعداد؛ وستظهر إلى النور فى القريب العاجل بإذن الله.

إلى أي حد استطاعت الرواية التي تكتبها المرأة العربية تحقيق تفرد عن ما يكتبه الرجل؟

ـ أنا ضد فكرة تقسيم الكتابة الأدبية بحسب الجنس (أدب نسائى وأدب رجالى!)؛ فهذه الفكرة عنصرية أرفضها بشدة؛ وأتفق مع من يصنف الأدب فنياً (أدب جيد أو غير جيد)؛ فقد تتفوق بعض الكاتبات على بعض الكتاب؛ والعكس صحيح؛ ولا يصح إطلاق الأحكام بوجه عام!

النقد في مقابل النص كيف تجدينه ؟ 

ـ النقد ضرورة لتقييم العمل وتوضيح جوانبه الإيجابية للاستزاده منها، والجوانب السلبية لتجنب الوقوع فيها؛ فالناقد مرآة الكاتب؛ الذى يرى من خلال نقده موقعه؛ ومدى تقدمه؛ أو ـ لا سمح الله ـ تعثره.

ما حظ تجربتك القصصية مع النقد؟

ـ قد كان لتشجيع النقاد لى فى أول مجموعة قصصية (مفترق طرق) أكبر الأثر فى الاستمرار وكتابة  مجموعة قصصية أخرى (النفق) خلال فترة وجيزة لاتزيد عن شهر؛ وقد استفدت من ملاحظاتهم؛ التى يهدفون منها تقدمى الدائم على درب الإبداع القصصى.  

ماذا عن الجوائز و التكريمات التي حصلت عليها؟

ـ أعتبر أن إشادات الكتاب والعلماء والنقاد والأدباء والقراء بما أكتب؛ هى الوسام الحقيقى الذى أفخر به وأعتز .... كهذه العبارة التى كتبها لى العديد من الأدباء: "إنى أتابع نبضات قلمك؛ يالها من كلمات تبعث فىَّ الحياة؛ وقعها علىَّ كفعل السحر وعلى قلمى كمدد البحر، أتنفس من خلالها الهواء، وهى تشفينى كالدواء".... تلك هى الجوائز الحقيقة التى تسعدنى فى الحياة

لمن تقرئين أكثر وخاصة من الأسماء العربية؟

ـ أقرأ للعديد من الشعراء والكتاب الذين ينشرون أعمالهم الإبداعية سواءً فى مطبوعات ورقية أو صحف، أو فى مواقع أدبية متخصصة: كديوان العرب، ودنيا الرأى، ورابطة أدباء الأمة، وموقع القصة العربية، ورابطة أدباء الشام؛ والأسماء عديدة منها على سبيل المثال لا الحصر: محسن عبد المعطي محمد عبد ربه، أمينة الزاوي، عصام أبو فرحة، نـادية بيروك، عبد الرحمن هارون، فاطمة الزهراء فلا، ومجرى هذا الحوار عبد القادر كعبان...

هل تحمل مرفت محرم إحساساً بالتفاؤل فيما يخص قدرة الأدب العربي على مواكبة حركة العصر؟

ـ نعم لو لم يكن هناك تفاؤل فلن نستطيع الاستمرار فى الكتابة؛ والأدب العربى المعاصر يستطيع أن يواكب حركة العصر ويفيدها ويستفيد منها.

المثقف والسلطة هذه العلاقة المتوترة كيف ترينها؟

ـ من حق المبدع أن تتوافر له حرية الرأى والتعبير؛ لكن فى حدود الالتزام بالقواعد الأخلاقية؛ فالحرية المطلقة تُعد فوضى....  كذلك فإن تحول السلطة إلى تسلط؛ أمر مرفوض سياسياً وثقافياً واجتماعياً؛ وضع تحت (اجتماعياً) خط كبير بطول وعرض مفهوم الرجل الشرقى؛ عن العلاقة السلطوية بين هو وهى!

هل من عمل جديد قيد الاشتغال أو قيد الطبع؟

ـ نبع الحب محمد رسول الله

ـ مجموعة شعرية

ـ رواية طويلة

هل من كلمة أخيرة للقارئ؟