زهير سالم في حوار حصري

زهير سالم*

[email protected]

صلاح حسنين

زهير سالم  مدير مركز الشرق العربي بلندن يكشف أطراف الصراع في سوريا في حوار حصري:

ـ هناك تناقض صارخ بين الموقفين المصري والسعودي من الثورة السورية.

ـ تخفيض أسعار البترول بطريقة متعمدة يأتي ضمن شبكة معقدة من العلاقات الدولية.

ـ هناك قضايا أكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة, مثل المفاوضات حول الملف النووي الإيراني.

ـ حتى الآن عَجَزَ بشار عن إسقاط أو احتواء الثورة، وعجزه مستمر ومتمادٍ.

ـ الحرب الآن على الأرض السورية مع إيران وعصاباتها من لبنان والعراق واليمن وأفغانستان.

ـ نحن نعتقد أن ظهور داعش كان لعبة مخابراتية معقدة.

ـ لقد تصرف الروس في سوريا بغباء, وانحازوا منذ الأيام الأولى مطلقًا لبشار القاتل.

ـ المجتمع الدولي كله بمن يسمون أنفسهم أصدقاء الشعب السوري يريدون لهذه الحرب أن تستمر.

ثورات شعوبنا في العالم العربي حالة جدلية ماضية يجب ألا نستعجل وألا نيأس وألا نتعب.

وإلى نص الحوار:

مفكرة الإسلام : إلى أي مدى سيؤثر دعم القاهرة للحل السياسي والرافض لدور القوى الإسلامية في أي حل مستقبلي للأزمة السورية؟ وهل ترى تناقضًا بين موقف القاهرة وموقف السعودية؟

نبدأ من الشطر الثاني للسؤال، نعم هناك تناقض صارخ بين الموقفين المصري والسعودي من الثورة السورية وربما من بشار الأسد و"حزب الله" وإيران .

السيسي يحاول أن يقفز عن هذا الخلاف ويبطنه، والمؤسسة الأمنية السياسية تلعب دورها, فمن المعروف أن السيسي ضد الربيع العربي وضد إرادة الشعوب وضد الحرية والكرامة في كل مكان.

وقد ذكر هذا صراحة في خطابه في دافوس حين اعتبر الجماهير التي خرجت في باريس في تأييد شارلي إيبدو في عدوانها على الرسول الكريم هي امتداد للجماهير التي خرجت لتأييده في مصر، وحين ذكر (الإرهاب الذي يضرب في مصر) قرن به ما سماه الإرهاب الذي يضرب في سوريا.

مفكرة الإسلام : هل ستساهم عملية تخفيض أسعار النفط في الضغط لعزل الأسد والوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية؟

منذ القديم كان للحرب أدواتها الاقتصادية, وتخفيض أسعار البترول بطريقة متعمدة يأتي ضمن شبكة معقدة من العلاقات الدولية.

بمعنى أن دول الخليج تشارك فيها وليست هي وحدها صاحبة قرارها, كما لا أرى أن هذه الحرب معلنة من أجل سوريا أو الأسد.

هناك قضايا أكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة, مثل: المفاوضات حول الملف النووي الإيراني, وإعلان الرئيس الروسي بوتين الناتو عدوًّا في العقيدة القتالية للجيش الروسي منذ أكثر من شهر تقريبًا, ولو كانوا يريدون حقًّا نصرة الشعب السوري لكان هناك طرق أقل كلفة وأخف مؤنة.

مفكرة الإسلام : بعد أربع سنوات على اندلاع الثورة السورية؛ كيف ترى قدرة الشعب على عزل بشار الأسد؟ وهل من إمكانية لذلك الآن؟

بعض الناس ينظر إلى الأمور بطريقة معكوسة فيقول: حتى الآن لم تستطع الثورة السورية إسقاط بشار, والأصل أن يقال: حتى الآن عجز بشار عن إسقاط أو احتواء الثورة، وعجزه مستمر ومتمادٍ.

الثورة معركة غير متكافئة (ماديًّا) بين قوى شعبية غالبًا ما تكون غير منظمة ولا مدربة ولا ممولة، وبين قوة مركزية مدربة وممولة وبيدها كل أدوات القتل ومؤسسات الدولة.

يقولون: إن الثورة السورية عولت على مساعدة الخارج، قد يكون هذا صحيحًا عند بعض الناس ولو فترة محدودة، ولكن هذا انتهى والشعب السوري انتصر على بشار منذ سنتين تقريبًا وحسم المعركة.

والحرب الآن على الأرض السورية مع إيران وعصاباتها من لبنان والعراق واليمن وأفغانستان ومرة أخرى (عصابات منظمة ومدربة وممولة), ومثل هذا التدخل الدولي والإقليمي لا يتم إلا بغض الطرف من القوى العالمية.

المجتمع الدولي كله بمن يسمون أنفسهم أصدقاء الشعب السوري يريدون لهذه الحرب أن تستمر وأن تطول، ويريدون للنظام أن يبقى في صورة من صوره. وهو صراع إرادات يستنزف سوريا إنسانًا ووطنًا.. وأنا أؤمن بأن الشعب السوري سينتصر بإذن الله، وعسى أن يكون ذلك قريبًا.

مفكرة الإسلام : ساهم صعود نجم التنظيمات الإسلامية في سوريا التي وصفتها دول غربية وعربية في تراجع زخم التضامن الإنساني مع الثورة السورية؛ فهل ترى أن تنظيمات مثل داعش وغيرها كان لها تأثير مساند للنظم الاستبدادية مثل الأسد؟

نحن نعتقد أن ظهور داعش كان لعبة مخابراتية معقدة, شاركت في ظهورها وتمويلها وتضخيمها قوى وسياسات دولية وإقليمية وأسدية لتكون المهرب والمخرج والذريعة.

 يجب أن أكون واضحًا، أنا أعلم أن في هذه الجماعات الكثير من أصحاب النوايا الطيبة والمضللين والذين يظنون أنهم يحسنون صنعًا.

ولكن هذه الفصائل برؤيتها ومشروعها تشكل اليوم الخطر الأول ليس على الثورة السورية فقط، بل على أمة الإسلام ومشروعه.

مفكرة الإسلام : هل ترى أن رعاية موسكو لمؤتمر الحوار بالتنسيق مع القاهرة يعد تغيرًا في الموقف الروسي؟

الروس وفي خضم صراعهم الدولي المتصاعد مع الولايات المتحدة ولاسيما بعد احتلالهم شبه جزيرة القرم يحاولون أن يضعوا بأيديهم المزيد من الأوراق.

لقد تصرف الروس في سوريا بغباء, وانحازوا منذ الأيام الأولى مطلقًا لبشار القاتل الفاسد، ودعموه بأربعة قرارات فيتو في الأمم المتحدة.

منتدى موسكو كما اتفقوا على تسميته اليوم محاولة بائسة لا يؤشر على أي تغير بالموقف الروسي, فهذا الموقف يحتاج إلى تغيير بالنوع وليس بالدرجة، مع أننا لم نلمس أي تغير بالدرجة.

مفكرة الإسلام : كان للجيش الحر دور كبير في بداية الثورة السورية، وكانت عمليات الانشقاقات والانضمام للثورة تمثل نجاحًا كبيرًا للثورة؛ فما أسباب تراجع قوته؟

الأسباب كثيرة: أولًا نقص التنظيم – غياب القيادة المركزية - غياب الرؤية الاستراتيجية العسكرية – نقص التدريب – ونقص الدعم والتمويل.

مفكرة الإسلام : ما هو الدور المستقبلي لجماعات إسلامية مثل الإخوان المسلمين في مستقبل سوريا؟ وما هم حجم وجودها على الأرض في سوريا؟

التيار الإسلامي بفصائله الكبرى وفي مقدمته الإخوان المسلمون يرتكز على قواعد شعبية كبيرة وقوية ومعلومة وغير منظمة. وإذا كانت كل الأبواب مغلقة في وجه هذا التيار دوليًّا، وإقليميًّا إلى حد كبير فإن كل الأبواب مفتوحة أمام هذا التيار شعبيًّا على الأرض السورية, بل هي سيدة الموقف هناك. ومستقبلها تصنعه هي بوعيها بحكمتها بإرادة قيادتها وكوادرها وقواعدها.

مفكرة الإسلام : هل ترون في الأفق حلًّا سياسيًّا في سوريا؟

المعركة بين السوريين قد حسمت والمعركة اليوم بين الشعب السوري والدولة الإيرانية.

الحل السياسي في سوريا مطلب استراتيجي ووطني مهم، ولكن ليس بين الثورة والنظام كما يقول الأمريكيون, والتجربة المصرية والتجربة اليمنية شاهدة, والحل السياسي يجب أن يكون بين قوى المجتمع السوري ومكوناته.

مفكرة الإسلام : كيف تقيِّم اجتماع موسكو؟ وهل ترى أنه بداية لتراجع روسي بفعل تأثر الاقتصاد الروسي بتراجع النفط؟

اجتماع موسكو ولد ميتًا, وهو لن يؤدي إلى أي شيء, هو مناورة روسية أسدية بامتياز.

مفكرة الإسلام : كيف ترى دور كل من تركيا ولبنان في رعاية اللاجئين السوريين في ظل التضييقات اللبنانية على السوريين والتعامل الطائفي بفعل تأثيرات "حزب الله" هناك؟

لا يمكن أن نقارن بين الدورين التركي واللبناني.. ونحن إذ نشكر الدور التركي ونشكر كل من صنع للاجئ سوري معروفًا وكل من قدم للثورة السورية دعمًا؛ نعذر أشقاءنا في لبنان، فلبنان منذ أكثر من عقد مستعمرة إيرانية يعبث بها "حزب الله" الأداة الإيرانية كما يريد.

مفكرة الإسلام : كيف ترى الدعم الدولي لبشار الأسد ونظامه في ظل رفض الدول الغربية ومخاوفها من سوريا ما بعد الأسد، خاصة وأن "إسرائيل" لم تعد ترى فيه خطرًا؟

هاهنا جوهر الحقيقة في حرص المجتمع الدولي على (نظام الطائفة العلوية) المتحالف استراتيجيًّا مع كل قوى الشر في العالم, وفي مقدمتها المشروعان: الصهيوني والصفوي.

ثورات شعوبنا في العالم العربي حالة جدلية ماضية يجب ألا نستعجل وألا نيأس وألا نتعب، فتحرير حلب يعني تحرير القدس، ونور الدين الشهيد أمر نجارًا من حلب بصناعة منبر الأقصى ثم ركبه صلاح الدين هناك... حلب والقدس دمشق وعكا ارتباط عضوي وثيق اسمه بلاد الشام.

مفكرة الإسلام : ما هو الدور المستقبلي لجماعات إسلامية مثل الإخوان المسلمين في مستقبل سوريا؟ وما هم حجم وجودها على الأرض في سوريا؟

التيار الإسلامي بفصائله الكبرى وفي مقدمته الإخوان المسلمون يرتكز على قواعد شعبية كبيرة وقوية ومعلومة وغير منظمة. وإذا كانت كل الأبواب مغلقة في وجه هذا التيار دوليًّا، وإقليميًّا إلى حد كبير فإن كل الأبواب مفتوحة أمام هذا التيار شعبيًّا على الأرض السورية, بل هي سيدة الموقف هناك. ومستقبلها تصنعه هي بوعيها بحكمتها بإرادة قيادتها وكوادرها وقواعدها.

تصحيح : معوّمة وليست معلومة

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية