مع سفير والوزير السابق، عبد العزيز رحابي

سفير والوزير السابق، عبد العزيز رحابي

لــ"كل شيء عن الجزائر"

"نقوم بمحاكمة سيئة للدبلوماسية الجزائرية"

كيف تفسرون تحفظ الجزائر بخصوص مطلب رحيل بشار الأسد؟

يبدو لي أن الجزائر اتخذت هذا الموقف، على اعتبار أن الدول الخليجية، التي تعد حاليا ضمن الفاعلين الناشئين في المجال الدبلوماسي، تطبق أجندة القوى الغربية الكبرى، وتعتبر دعوة الجامعة العربية سابقة في تاريخ هذه المنظمة، وبلادنا ليست مستعدة بعد لقبول مثل هذه الطفرة.

يجب علينا الأخذ بعين الاعتبار أن العالم يتغير، وأن بلادنا، التي لم تحز بعد على مكان لها في الخريطة الجديدة للعلاقات الدولية، لا يمكن لها أن تسير عكس هذا الاتجاه.

ألا يتشابه هذا الموقف الذي تبنته الجزائر بذلك الذي اتخذته في ملف القذافي؟

سواء في قضية القذافي أو ملفات أخرى، في رأيي أن الجزائر ارتكبت خطأين اثنين في التقدير، الخطأ الأول عندما اعتقدت أن القادة يمكنهم البقاء في السلطة بفضل جيش قوي، أما الخطأ الثاني يكمن في عدم احتساب وقياس تطورات الآراء الحقيقية والتطلعات الداعية للتغيير.

ومن بين أهم العناصر الحقيقية التي ساعدت في نجاح الثورات في العالم العربي، نجد الرئاسة مدى الحياة وخلافتها من المحيط العائلي، غياب رقابة شعبية على الثروة العمومية والحصانة المطلقة الممنوحة للحكام.

في حالة سقوط نظام دمشق، هل ستضطر الجزائر، في رأيكم، مرة أخرى، لتغيير موقفها؟

السقوط أمر لا مفر منه، وموقف روسيا لن يتأخر في التغير، لأنه إذا كان هذا البلد قد اتخذ هذا الموقف من أجل إعادة التموقع في الساحة الدولية، فإنه يبقى عمل براغماتي ويدافع عن مصالح دولة عظمى.

إن النظام السوري يقترف نفس الخطأ الذي ارتكبه، صدام حسين الذي ظن آنذاك أن حلفائه الروس، سيتدخلون ويدعمونه عسكريا، في حربه ضد التحالف الغربي.

والشيء الذي يبدو لي مؤسفا في موقفنا نحو الثورات في كل من تونس، ليبيا، مصر وسوريا، هو أننا نعطي الانطباع للرأي العام في هذه البلدان على أننا ندعم قادتهم ضدهم.

وكيف تفسرون هذه التحولات والانتكاسات المتكررة؟

في الحقيقة، ليس هناك تحولات وهذه هي المشكلة، لدينا مشاكل خطيرة في التكيف وهذا لا يتعلق فقط بالسياسة الخارجية، بل هي مسألة الحكم بصفة عامة في البلاد، وينبغي على الجزائر أن تعتبر أن مبادئها هي فقط تلك التي تستجيب لمصالحها وأن تجعلها أساس إستراتجيتها في السياسة الخارجية، وإلا فإننا لن نخرج من تركة سنوات السبعينات.

على الرغم من الانتقادات، خاصة من طرف الأحزاب، لا تزال دبلوماسيتنا صماء ...

نحن نقوم بمحاكمة سيئة للدبلوماسية الجزائرية، التي تعد واحدة من بين العناصر الفاعلة في السياسة الخارجية. إن الذين فشلوا في الحقيقة في أداء واجبهم في توعية الجزائريين والتضامن مع الشعوب العربية، هي الأحزاب السياسية، الفاعلين في المجتمع المدني والنخب، كونهم لم يدركوا أنهم أيضا فاعلين في العلاقات الدولية، في الوقت الذي نجدهم منقسمين في اتجاهين، إما الدعم في حالة ما كانوا في السلطة أو الانتقاد في حال ما كانوا في صفوف المعارضة، وهم لا يملكون علاقات دولية وبالتالي لا يساهمون في العمل الدبلوماسي، وهو نفس الشيء بالنسبة للمنظمات الاجتماعية والمهنية مثل النقابات والمحامين.