حوار مع الروائية المصرية سهى زكي

"بالحب وحده تستطيع ان ترى مستقبل أحبائك"

عبد القادر كعبان

[email protected]

* سهى.. أولا من أنت، وثانياً لماذا ولمن وعمّن تكتبين..؟

- أنا سهى زكى قاصة وروائية مصرية ، أم لبنت جميلة اسمها نهى ابنة  الراحل الأديب الشاب محمد حسين بكر ،و أكتب القصة القصيرة والرواية واهتم بقراءة البشر ومصاحبتهم والكتابة منهم وعنهم .

* متى بدأت علاقتك مع الأدب؟

- بدأت علاقتى بالأدب منذ طفولتى ، حيث أن أبى الكاتب والمؤرخ الفنى زكى مصطفى ، كان يمتلك مكتبة كبيرة ، وكنت انا الطفلة الوحيدة له من اربعة اطفال لديه ، اهتمتت بمكتبته وفتحت كتبها فى سن صغيرة جدا ، جعلتنى اتعرف على كبار الكتاب دون ان اعرف وقتذاك انهم كبار ، ومن حسن الصدف اننى تعرفت الى الكثير منهم بعدما دخلت الوسط الثقافى .

* ماذا تعني لك القصة؟ و ما أقربها إليك القصة أم الرواية؟

- القصة القصيرة ساحرة ، وهى الملجأ الأمن لى من وحدتى وهمومى ، تمثل لى طاقة نور وأمل ، بها أحل مشاكلى ، واخرج طاقات الغضب ، وبها أرى وأحلل الكون الصغير من حولى ، وربما استطعت معها الخروج الى الكون الاكبر

أما الرواية فهى تفاصيل الحياة التى تشكل بها روح الابداع والقصة القصيرة هى الأقرب الى ، ولكن الرواية هى عشيق أمارس معه حب الحياة ، ولذلك هى ليست قريبة الى هذا الحد ، إذ ان العشاق نادرون فى عالمنا .

* ما هي أهم الركائز و المبادئ الأساسية للقصة القصيرة؟

- هذا سؤال يصعب على إجابته ، إذ أنه يحتاج لشخص متخصص ربما فى تقنيات القصة القصيرة ، واضف الى ذلك اننى من أحتاج دائما لمن يقييمنى ، فأنا لا أجرؤ على التحدث عن مبادىء وركائز .

* من أين تستمدين شخوص أعمالك القصصية أو الروائية؟

- أستمد شخوص اعمالى من الواقع ، لأننى أرى فى الواقع ما هو أغرب من الخيال ولا يصدقه عقل بشر ، فحكايات الناس هى أيات تمشى على الأرض ، وعبر وأمثلة ، وانا مؤمنة أننا الأزمنة تتعاقب والأمكنة تتغير ولكن البشر يتكررون بأفعالهم وأفكارهم ومعتقداتهم وربما سيرهم ، وفى كل حكاية ما يلفت نظر مبدع ما عن الآخر ، فالواقع أبو الخيال وأبنه فى نفس الوقت .

* المشهد الأدبي اليوم يشهد موجة كتابة القصص القصيرة جدا، فهل تستحق (ق ق ج ) أن تـُكتب  بعفوية أو  بتخطيط مسبق؟

- القصة القصيرة عموما لا تكتب بتخطيط مسبق ، وكذلك القصة القصيرة جدا ، هى ومضات الروح والعقل والقلب ، يجبرك على ان تمسك القلم وتكتبها ، وربما تكون غير محدد لشكلها ولكن الفكرة تخرج بالشكل التى تريده فى النهاية ، فربما فكرت فى جملة واحدة تكون نتيجتها رواية وربما فكرت فى فكرة كبيرة تخرج فى شكل جملة واحدة او ق ق ج.

* هل في رأيك أن كتابة القصة هي بداية لكتابة رواية؟

- ليس دائما بالمناسبة ، فهناك كتاب بدأوا كروائيين ، وأن كنت أظن أنه ما من كاتب روائى لم يبدأ قصة قصيرة ، وعلى وجه الدقة ما من كاتب لم يعتقد فى بداية الامر انه شاعر اصلا .

* هل هناك قارئ بالمعنى الحقيقي لما يكتب وينشر ؟

- لا يوجد قارىء ملاكى لما يكتب وينشر ، فالتلقى والذائقة الخاصة بالقارىء نسبية تماما ، كل الناس تقرأ ولكن ماذا تقرأ هذا هو الفارق ، فلكل نوع كتابة قارئه ، لذلك ارى ان هناك قارىء حقيقى لكل ما يكتب وينشر ، ولكن اذا كنا بصدد تقييم نوع الكتابة والقراءة ، فهنا يطول الكلام .

* كيف تنظرين إلى عملية النقد الأدبي كأديبة في الوقت الحاضر؟

- نحن نعانى من ندرة فى النقاد ، ونحتاج بشدة لأن يكون هناك نقاد ليسوا كتابا ، فأن هذا ينقذ الأديب من التمييز او الشللية ، كما نحتاج لنقاد على وعى بقيمة وأهمية النقد بالنسبة للأدباء ، وان يكون الناقد أمينا بحيث يقرأ ويتكلم عن كل ما يصل له من كتب قدر الإمكان ، لا يميز كاتب يعرفه عن آخر لا يعرفه

* و أنت ما حظك في النقد؟  هل أنصفك النقد؟

- أنا للأسف لم ينصفنى النقد حتى الآن ، بل أنصفني القارىء فى الحقيقة ، فأنا استمد طاقتى الإبداعية من خلال من يقرؤن لى ، بل وكتب عن كتابتى مفكرين ليسوا فى الواقع ممن ينتمون للنقاد ، الأستاذ احمد سعيد والدكتورة هويدا صالح والأستاذ سيد الوكيل ، والكاتب محمد رفيع والأديب الكبير محمد جبريل والأديب الكبير أيضا مكاوى سعيد ، كما تحيز لكتابتى أيضا وناقش كل اعمالى الأديب الكبير علاء الاسوانى و هم ناس يحبون الكتابة عن ما يقرؤونه ويحبونه ، ولكنهم ليسوا نقادا بالمعنى التقليدى.

* ما قيمة الجائزة الأدبية في رأيك؟

- فى الواقع قيمة الجائزة الأدبية تمثل لى إضافة الى سيرة ذاتية أدبية فى المقام الاول وزيادة دخل يحتاج له الكاتب الذى لا يتكسب من الكتابة أمثالي ، هذا رأيى بصراحة فى قيمة الجائزة الأدبية ، ولكنها لا تعنى تقييما حقيقيا للأديب من وجهة نظرى ، وان كنت بالتأكيد أتمنى الحصول على نوبل ، ولكن نظرا لما قلت لك من قبل فأن ذائقة التلقى نسبية لدى القارىء مما يعنى ان الجوائز ليست طريقة مؤكدة للشهادة بأنني أديبة عظيمة أو ما شابه .

* كيف تعالج  سهى زكي قضية المرأة في قصصها بعيدا عن ذاتها الأنثوية؟ وهل استطاعت أن تنصفها ام لا ؟

-  المرأة ليست قضيتى ، أنا قضيتى الحقيقية المجتمع الذى يقهر فيه الرجل والمرأة على حد سواء ، بل الأكثر دهشة ربما أننى غاضبة بشدة من المرأة فى مجتمعاتنا الشرقية ، إذ أنني أجد نفسى أدافع عن شخص يرتضى الضعف والخضوع والقيام بالدور الثانى فى الحياة ، ولكننى لن أيأس من أكون أنا نفسى أداة نضال لإثبات أن المرأة ليست موجودة كدور ثانى او ثانوي فى هذا الكون ، ربما ترى النساء فى بلدى من خلالى رمزا للسيدة الحرة الناجحة التى لا تخاف من الجهر بحبها وعلاقاتها السابقة وتكون صادقة رغم أنف الكثير من الرجال الذين يحبون أن تكذب عليهم المرأة

* إعجابك و حبك لإيزابيل أيندي، هل يسمح لنا أن نقول أنك امتداد لهذه الأديبة الشيلية بأسلوب آخر؟

لا أجرؤ على أن أقول ذلك ، ولكننى أعشق أسلوب كتابتها ، ونوعية الموضوعات والقضايا التى تتطرق اليها فى روايتها ، وأحترم تحيزها الدائم لأوجاع المرأة ، وربما أتماس معها فى روحانياتها وكتابتها عن ما يشبه السحر ، فأنا مولعة بفكرة السحر جدا ، وكذلك النوستالجيا التى تكتب بها عن الماضى والتاريخ من وجهة نظرها ، لكن أن أجرؤ على القول بأننى أمتداد لها ، لا اعتقد، فأنا لى لون خاص ومختلف فى الكتابة ، ربما يكون أسوأ وربما يكون أفضل ، لكننى أحب كتابة أيزابيل جدا.

 * هل ترجمت كتاباتك إلى لغات أخرى؟

- نعم تم ترجمة قصة بعنوان "صلاة واحدة " كانت قد فازت فى مسابقة لأدب العشق أجرتها مؤسسة سفنكس للثقافة والفنون فى مصر ، وقد ترجمت للغة التشيكية والأنجليزية ، وبالطبع أتمنى أن تترجم كل أعمالى حتى يقرأها العالم كله .

* هل تؤمنين بأن جماليات الأدب يمكن أن تنسينا قبح الواقع خصوصا في ظل الثورات الشعبية الراهنة؟

- أكيد ، فأن الأدب هو ملاذ الروح ومنقذها من هذا القبح الواقع على عالمنا الحالى ، وهو أيضا وقود الثورات الشعبية الراهنة ، وهو الذى يمد الثوار بطاقة نور اذا لزم الأمر ، لذلك تجد ربما جميع الكتاب والمثقفين هم الذين يتفاعلون بشدة مع كل ما هو جديد فى عالمهم ، ينفعلون ايجابيا سواء كان هذا التفاعل على مستوى الفعل الثورى أو الكتابة الثورية .

ما هو جديدك في عالم الكتابة؟

- أنتظر بأذن الله صدور روايتى الجديدة " عتق عبيد الذاكرة " وهى رواية تلخص ما يفعله الناس الذين يقابلونك فى رحلتك حياتك منذ طفولتك الى أن تكبر وما هى الآثار الذى تنتج عن تخزينك لتصرفات واقوال وسلوكيات ربما تظل معك الى الموت ، ففى هذه الرواية ، قررت عتق عبيد الذاكرة الذين يؤرقون حياتى بلا رجعة .

* هل من كلمة أخيرة للقارئ؟

- الكلمة الأخيرة والمهمة بالنسبة الى ، كنت قد افتتحت بها كتابى "الساحرة الشريرة " وهى " بالحب وحده تستطيع ان ترى مستقبل أحبائك" فأنت عندما تحب الناس ، تتمنى لهم كل الخير ، فأن محبة الخير للناس هى دليل قوة وحياة ، وارادة ، فما أسهل ان تكره ، وتحقد وتحسد وتحارب ، ولكن ما أصعب ان تحب .