مع سعيد لحدو

عضو الأمانة العامة للمجلس الوطني السوري

سعيد لحدو لـ "عنكاوا كوم":

المصلحة الحقيقة لشعبنا هي مع أطياف الشعب السوري،

وليس مع زمرة بات مصيرها معروفاً"

عنكاوا كوم – هولندا – خاص

تاريخ العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في سوريا لم تظهر إلا التفهم والتعاون والمشاركة

هل للحوار أصلاً وجود في قاموس النظام السوري إلإ مع معارضة معلبة ومسبقة الصنع من قبله؟

لماذا تستعجل أمريكا الحلّ إذا كان ثمن الانتظار هو سقوط عدة آلاف أخرى من الشهداء في سوريا،  طالما لن يكون بينهم مواطن أمريكي واحد؟

التقى موقع "عنكاوا كوم" بعضو الأمانة للمجلس الوطني  السوري المعارض سعيد لحدو وهو ممثل عن كتلة المنظمة الآثورية الديمقراطية، وذلك للتعرف على أهم المستجدات على الساحة السورية  بخصوص المجلس الوطني السوري ودعوات توحيد المعارضة، وعن حظة المبعوث الاممي والعربي كوفي أنان وغيرها من المواضيع.

وسعيد لحدو كاتب وشاعر وسياسي سوري، من مواليد سوريا  1956،  مجاز في التاريخ من جامعة بيروت العربية، قيادي في المنظمة الآثورية الديمقراطية، عضو في الأمانة المؤقتة لإعلان دمشق في الخارج كممثل للمنظمة الآثورية الديمقراطية، له: كتاب (التيه ومسالك الحكمة- مدخل إلى حوار كردي آشوري) طبع عام 1998، ديوان شعر (ترانيم في ذاكرة كلكامش) وكتاب (الأحياء هم الخاسرون- انتحاري أم شهيد) وهما قيد الطبع، بالإضافة إلى عشرات المقالات التحليلية .

نص اللقاء :

1.     كعضو في الامانة العامة للمجلس الوطني السوري، وإلى أين يتجه هذا المجلس برأيك ؟

بعد انطلاق الثورة الشعبية في 15 آذار 2011،  يعتبر المجلس الوطني السوري أهم خطوة لاجتماع قوى المعارضة السورية في إطار واحد للتعبير السياسي الناضج عن تطلعات وطموحات هذه الثورة في الحرية والديمقراطية والعدالة وبناء دولة المواطنة عوضاً عن دولة الفرد والعائلة. وبعد قرابة الثمانية أشهر من تأسيس هذا المجلس حقق بعض الانجازات الهامة ومن أبرزها الاعتراف الدولي الواسع في مؤتمري تونس واستانبول كممثل شرعي للشعب السوري وثورته ضد الظلم والطغيان والديكتاتورية. وإن شابت مسيرته بعض النواقص. فهو لم يكن فعالاً بالمستوى الذي كان ينتظره الشعب السوري منه.  وكذلك لم يتمكن حتى الآن من ضم كل أطياف المعارضة تحت مظلته، وإن ضم معظمها، لكنه مازال يسعى وبكل دأب لتحقيق ذلك.

2.     هل لك أن تضعنا في أجواء العملية الانتخابية الخاصة برئاسة المجلس الوطني السوري؟

النظام الداخلي للمجلس ينص على أن تكون رئاسة المجلس تداولية مدتها ثلاثة أشهر قابلة للتجديد. وفي اجتماع الأمانة العامة بتاريخ 13 و 14 أيار في روما كان لابد من اختيار رئيس المجلس باعتبار فترة الرئيس كانت ستنتهي في 15 من هذا الشهر. والاختيار يكون عادة بالإجماع وحين لايكون هناك إجماع على شخص الرئيس بين مكونات المجلس، يجري طرح الأمر للتصويت بوجود أكثر من مرشح. وقد كانت بعض المكونات داخل المجلس مثل إعلان دمشق والمنظمة الآثورية الديمقراطية تدافع عن فكرة تجسيد دور المؤسسة بدلاً من دور الشخص كمؤشر للاتجاه نحو تفعيل دولة المؤسسات في سوريا المستقبل، وبالتالي كانت مع التغيير. في حين وجدت مكونات أخرى أنه من الأفضل عدم إجراء تغيير في رئاسة المجلس في المرحلة الحالية لضرورة استمرار التواصل مع القوى الدولية الذي بدأته القيادة الحالية. لهذا فقد تم ترشيح الأستاذ جورج صبرا إلى جانب الدكتور برهان غليون وجرت عملية انتخاب ديمقراطية داخل الأمانة العامة للمجلس وبكل شفافية وفاز بنتيجة الانتخاب الدكتور برهان بـ 21 صوتاً مقابل 11 صوتاً لجورج صبرا. وقد قبل الجميع النتيجة بكل روح ديمقراطية وأبدى جميع الأطراف استعدادهم التام للتعاون مع الفائز بما فيهم الأستاذ جورج صبرا. ومن حيث المبدأ وبغض النظر عن الشخص الفائز أو الخاسر بهذه الانتخابات فإن ذلك عبر عن تكريس مبدأ الانتخاب في اختيار القيادات وهو ماكنا نسعى إليه جميعاً وهو أحد أهم أهداف الثورة السورية.

3.     كيف تقيم أداء أبناء شعبنا في المعارضة السورية؟

هناك بتقديري فهم خاطئ بين أبناء شعبنا عامة لدور المعارضة السورية في بناء سوريا المستقبل ناتج عن تخوف قد لايكون في محله من سيطرة المتشددين الإسلاميين على المجتمع واضطهاد المكونات الأخرى غير الإسلامية. ويستشهدون بذلك على ماجرى في العراق ومصر من تفجيرات واستهداف للمسيحيين. ولكن الواقع السوري شيء مختلف. وتاريخ العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في سوريا لم يظهر إلا التفهم والتعاون والمشاركة على كل صعيد. والإعلان الواضح والصريح الذي أصدرته جماعة الإخوان المسلمين مؤخراً في استانبول خير دليل على وضع هذه العلاقة التشاركية بين كل أبناء الوطن على اختلاف أديانهم في موقعها الصحيح. ولكن ما يثير الريبة والشك في هذه العلاقة هو ما مارسه ويمارسه النظام طوال حكمه المديد في زرع بذور الفتنة والترهيب بين فئات الشعب السوري وتقريب وتمييز فئة على حساب أخرى مما يخلق نوعاً من الكراهية والحقد ورغبة في الانتقام لدى البعض ممن تنطلي عليهم هذه اللعبة الخبيثة من النظام نفسه ليتمكن من الاستفراد بكل فئة على حده.

من هذا المنطلق أرادت المنظمة أن تكون منذ البداية مشاركة أساسية في صنع القرار مع المعارضة الوطنية ووضع أسس بناء المستقبل الواعد معاً بعد إزاحة الديكتاتورية. وهذه المشاركة الفعالة هي أهم ضمانة لشعبنا ومستقبله ومستقبل الوطن الذي نعيش جميعاً تحت ظلاله. وبخاصة بعد أن نصت وثائق المجلس والأسس التي قام عليها بالاعتراف الدستوري بحقوق شعبنا الآشوري السرياني القومية فكان للمنظمة أن سمت ممثليها في الهيئة العامة للمجلس الوطني وأمانته العامة والمكتب التنفيذي بعد أن كانت إحدى الكتل السياسية المؤسسة لهذا المجلس. ويقوم ممثلوها اليوم بفعالية ملحوظة بكل نشاطات المجلس وجهوده من أجل إنجاح الثورة وتحقيق أهدافها في دولة مدنية ديمقراطية تعددية.

4.     ماهي الاسباب التي دعت المجلس الوطني للاعتذار عن دعوة الجامعة العربية لمؤتمر توحيد المعارضة؟

لأنه لم يتم التقيد بالأسس والمبادئ التي تم الاتفاق عليها بين ممثلي المجلس وأمين عام الجامعة العربية. وهذا كان لابد أن يقود إلى فشل ذريع للمؤتمر سيتم تحميل المجلس نتيجته. فلم يكن هناك قوائم بأسماء المدعوين ولا جدول أعمال ولا الهدف من عقده، إضافة إلى استشفاف نية في القفز مباشرة إلى النقطة السادسة في خطة أنان للمباشرة في حوار مع النظام قبل أن يتم تحقيق النقاط الخمس الأولى. وهذا مخالف للخطة بالطبع. لهذه الأسباب طلب المجلس من الجامعة العربية تأجيل هذا المؤتمر ريثما يتم الإعداد الجيد له لضمان نجاحه.

5.     ماهي الخطط المستقبلية التي وضعها المجلس للمرحلة المقبلة؟

هيئات المجلس في المرحلة السابقة لم تكن فعالة كما يجب. لذا كان من أهم الأولويات هي أن يتم تفعيل تلك الهيئات لتتمكن من القيام بالدور المنوط بها.كذلك وضع استراتيجية لتدعيم جبهة أصدقاء الشعب السوري وتمتين العلاقة مع الجيش الحر ودعمه. من جانب آخر أيضاً توثيق العلاقة مع الحراك في الداخل وزيادة تمثيله في المجلس بما يتناسب ودوره في الثورة. أما مايتعلق بخطة أنان فيرى المجلس ضرورة دعمها ليتم تطبيق بنودها الستة كاملة ومن ثم الانتقال إلى المرحلة الانتقالية التي لابد وأن تتضمن رحيل هذا النظام وبناء نظام ديمقراطي يكفل الانتقال السلمي للسلطة عبر نتائج صناديق الانتخاب الحر في مجتمع مدني تعددي ليس فيه تمييز ولا استئثار من أية فئة أو جماعة أو حزب أو عائلة، في دولة يكون فيها القانون سيد الجميع.

6.     كيف تنظر لمهمة المبعوث الاممي والعربي لسوريا كوفي أنان، وهل تعتقد أنه من المبكر الجزم بفشلها؟

هي فشلت حتى قبل أن تولد لسبب وحيد وهو أن النظام متمسك بالسلطة بأي ثمن ولا يريد ولا يرغب في إجراء أي تغيير حقيقي لأنه يدرك جازماً أن في ذلك نهايته المحتومة. وما يعلنه النظام من موافقات ليس إلا مناورات وألاعيب ليتجنب من خلالها ضغط دولي حقيقي لابد أن يأتي في النهاية لإرغامه على الانصياع لإرادة الشعب. ولذلك هو يعلن من جهة بأنه موافق على خطة أنان، ومن جهة أخرى يستمر في أعمال القمع والقتل حتى بحضور المراقبين الدوليين كما حصل مؤخراً في جامعة حلب. فهل هذا السلوك وممارسة القتل اليومي والاعتقالات التعسفية ينم عن رغبة في إيجاد حل في الوقت الذي تشترط خطة أنان وقف أعمال العنف وإطلاق سراح المعتقلين والسماح بالتظاهر السلمي مدخلاً إلى الحوار؟ وهل للحوار أصلاً وجود في قاموس النظام إلا مع معارضة معلبة ومسبقة الصنع من قبله ترضى بما يرمي إليها النظام من فتات اعتادت على تلقفه كإنجازات من القائد؟

7.     هناك حديث يدور حول تعاظم دور الإسلاميين في الثورة السورية، فما تعليقك عن الموضوع؟

ماذا تنتظر من مجتمع 90% من أبنائه يدينون بالإسلام؟ أليس من الطبيعي أن يكون للمسلمين دور أساسي في بناء وقيادة هذا المجتمع؟ إنه من غير الطبيعي ألا يكون الأمر كذلك. ولكن إذا كان المقصود من السؤال هو التيارات الإسلامية السياسية، فإن الجواب هو ماجاء في وثيقة العهد لسوريا المستقبل التي أعلنها الإخوان المسلمون في 25 آذار الماضي تضمّنت رؤية الحركة لقيام "دولة مدنيّة حديثة، تقوم على دستور مدنيّ.. يحمي الحقوقَ الأساسية للأفراد والجماعات.. ويضمن التمثيلَ العادل لكلّ مكوّنات المجتمع.. دولة تحترمُ المؤسّسات، وتقومُ على فصل السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية.. دولة ديمقراطية تعددية تداولية.. ذات نظام حكم جمهوريّ نيابيّ، يختار فيها الشعب من يمثله ومن يحكمه.. دولة يكون فيها الشعبُ سيدَ نفسه.. دولة مواطنة ومساواة، يتساوى فيها المواطنون جميعاً، على اختلاف أعراقهم وأديانهم ومذاهبهم واتجاهاتهم.. يحقّ لأيّ مواطنٍ فيها الوصول إلى أعلى المناصب، استناداً إلى قاعدتي الانتخاب أو الكفاءة. كما يتساوى فيها الرجالُ والنساء.. دولة تلتزم بحقوق الإنسان.. من الكرامة والمساواة، وحرية التفكير والتعبير، وحرية الاعتقاد والعبادة، وحرية الإعلام، والمشاركة السياسية، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية.. دولة العدالة وسيادة القانون، لا مكانَ فيها للأحقاد، ولا مجالَ فيها لثأر أو انتقام.. دولة تعاون وألفة ومحبة، بين أبناء الأسرة السورية الكبيرة، في ظلّ مصالحة وطنية شاملة."

فهل بعد كل هذا الوضوح مطلوب إيضاحات إضافية؟

8.     كيف تنظر لمشاركة أبناء شعبنا في الثورة السورية، وما هو المطلوب منهم؟

حين يثور شعب بأكمله في وجه حاكم ظالم طالباً العدالة والحرية والمساواة ودولة القانون، هل من حق أي مواطن مهما كانت مبرراته ووفق أي معيار أخلاقي أو وطني أو سياسي أو ديني أو قانوني إلا أن يقف مع هكذا ثورة؟ المطلوب في هذه الحالة من الجميع وبدون أي استثناء وبعد كل هذه التضحيات التي قدمها الشعب السوري في ثورته من أجل الحرية والكرامة أن يساهموا بشكل أو بآخر بهذه الثورة، وكل بحسب ظروفه وإمكاناته. وهذا بالطبع ينطبق على أبناء شعبنا كما على الآخرين أيضاً. يجب أن ننظر إلى المستقبل وإلى شركائنا الحقيقيين في الوطن ومصلحتنا في التعايش معهم على المدى البعيد لا إلى مصالح آنية لفئة محدودة ستهرب بما غنمته عند أول فرصة تتاح لها لتترك خلفها الجموع تعاني من شنيع فعلتها حين ربطت مصيرها بمصير نظام زائل لامحالة. فالمصلحة الحقيقة لشعبنا عامة هي مع أطياف الشعب السوري كلها وليس مع زمرة بات مصيرها معروفاً ونهايتها محتومة.

9.     يقال أن الولايات المتحدة الأميركية تريد تاجيل الثورة إلى مابعد الإنتخابات الرئاسية، فما صحة هذه المقولة برأيك؟

من المعروف أن أي رئيس أمريكي، وانتخابات الرئاسة على الأبواب، لن يفضل الزج بنفسه بقوة في قضايا معقدة كالقضية السورية. وبخاصة إذا علم أن هذه القضية سيكون لها تداعيات على المستوى الإقليمي وربما العالمي، دون أن يضمن نتائج سريعة تنعكس إيجابياً على حملته الانتخابية. هذا إضافة إلى الأزمة الاقتصادية التي تمر بها أمريكا ودول الاتحاد الأوربي والتي تجهد مجتمعة في التخلص منها. في حين أن التدخل بقوة في المرحلة الحالية لاتساعد عل حل الأزمة الاقتصادية لا بل قد تزيدها تفاقماً. إضافة إلى ذلك فإن إسرائيل ليست قلقة حتى الآن من استمرار بشار الأسد في السلطة طالما أن جبهة الجولان وكذلك جنوب لبنان هادئتان. فلماذا تستعجل أمريكا الحل إذا كان ثمن الانتظار هو سقوط عدة آلاف أخرى من الشهداء في سوريا في الفترة القادمة  طالما لن يكون بينها مواطن أمريكي واحد. هذه هي حقيقة الموقف كما أراه شخصياً للأسف الشديد. لذلك ماعلى الشعب السوري سوى الاعتماد على الله وعلى نفسه. وله بذلك القول الفصل. أما المساهمات الدولية فقد تقلل من عدد الضحايا ولكنها لن تغير النتيجة.