مع الإعلامي محمود خليل مدير عام إذاعة القرآن الكريم بالقاهرة

الإعلامي محمود خليل

مدير عام إذاعة القرآن الكريم بالقاهرة

بدر محمد بدر

[email protected]

في حوار مفتوح:

·  لدينا خطة لتطوير الإذاعة إلكترونيا، وقريبا نبدأ البث بلغات أجنبية لدول إسلامية

·  إذاعة القرآن الكريم تحتل المرتبة الأولى على الدوام في استفتاءات الرأى والاستماع

·  في صيف عام 96 قام صفوت الشريف بحذف 14 برنامجا من إذاعة القرآن بحجة أنها تدخل في الشئون السياسية والاقتصادية للبلد

·  للأسف لا تزال الميزانية السنوية لإذاعة القرآن أقل من تكلفة حلقتين لمسلسل تليفزيوني

تأسست إذاعة القرآن الكريم في مصر في عام 1964، بينما كان الرئيس عبد الناصر يقوم بحرب لا هوادة فيها ضد جماعة الإخوان المسلمين، وعلى مدى ما يقرب من نصف قرن، هي عمر الإذاعة الآن، تعرضت للكثير والكثير من الضغوط والتضييق والتهميش، ولكنها حافظت على الحد الأدنى من رسالتها، والآن يكشف الدكتور محمود خليل مدير عام الإذاعة حاليا جانبا من هذه المرحلة الصعبة وما الذي تغير بعد ثورة 25 من يناير 2011 في هذا الحوار. 

·       نود التعرف على إذاعة القرآن الكريم منذ نشأتها، والهدف من إطلاقها؟

ـ إذاعة القرآن الكريم هي أعظم وأسبق خدمة إعلامية للإعلام الإسلامي في المنطقة العربية، بل والعالم الإسلامى، ونشأت هذه المحطة الإذاعية في 25 مارس عام 1964، وعلى الرغم من الظروف الخاصة التي سبقت نشأتها، حيث كان الرئيس جمال عبد الناصر يقود ما يشبه حرب الاستئصال لتيار الإخوان المسلمين، وكانت إذاعة القرآن في ذلك الوقت بمثابة عوامة له، لتعويض فشله السياسي على حساب دغدغة المشاعر الدينية لبسطاء الناس.

إلا إن الله عز وجل أراد أن تكون إذاعة القرآن الكريم مثل الصندوق الذي يحمل موسى عليه السلام إلى فرعون وملأه ليكون لهم عدواً وحزناً وهم لا يشعرون، حيث انتقلت في الوقت الوجيز من مجرد بث المصحف المرتل والمجود، فيما كان يطلق عليه في ذلك الوقت اسم "محطة المصحف"، إلى التطور فيما يخص رسالة القرآن الكريم، بشرح كلماته وقصصه وأسباب النزول، إلى الإعجاز القرآني إلي السنة النبوية بشمولها وكمالها، إلى الرسالة الحضارية المستحقة للإسلام ورسالته.

الوضع الذى وصل بها الآن إلى أن تحتل المرتبة الأولى على الدوام في استفتاءات الرأى والاستماع، الذي تقوم به منظمة الإذاعات العربية واتحاد الإذاعة والتليفزيون في مصر، حتى في البحوث الخاصة بجمهور الصفوة وأهل الرأي.

·       إلى أي درجة في تقديرك أثرت إذاعة القرآن في وجدان الشعب المصري؟

ـ من فضل الله عز وجل أن رسالة الإسلام إنما هي عقيدة وشريعة وأخلاق وعمل، يتفاعل ذلك كله لينتج حضارة ومدنية راقية في أرض الله عز وجل، وفي العهود الماضية ـ السابق والأسبق ـ كانت الأنظمة المغروسة في قلب المنطقة من قبل أعدائها، تعمل جاهدة على سلخ المنطقة بأكملها من هذا الإسلام الحضاري الفاعل والمؤثر في دنيا الناس، وطرح نماذج مشوهة أو مجزوءة أو ميتة أو سطحية للدعوة الإسلامية لملء الفراغ وشغل الناس.

ولكن بحمد الله تعالى كانت رحمة الله أسبق، وكلمة الله أصدق في وجود فريق من أكثر الناس وعياً وأعلاهم ثقافة وأكثرهم ولاءاً لدين الله عز وجل الشامل الكامل، كانت قد أتت بهم رحمة الله إلى إذاعة القرآن الكريم، وتعاهدنا فيما بيننا منذ أكثر من ربع قرن أننا إن لم نستطيع قول الحق فلن نقول الباطل أبداً، وبحمد الله وفى بهذا العهد معظم العاملين بإذاعة القرآن الكريم.

وجدير بالذكر أن إذاعة القرآن الكريم يعمل بها ثمانية من الحاصلين على درجة الدكتوراه في الفقه الإسلامي والشريعة والأدب الإنجليزي، والإدارة والنحو والصرف والتاريخ والحضارة والقانون الدولي، وهذه المجموعة تعتبر من رحمه الله التي أوجدها في هذا المكان في الأيام النحسات التي مضت، والتي أرادوا منها أن تكون إذاعة القرآن مجرد مقرأة معدومة الأثر أو قزم إعلامي باهت التأثير.

·       هل كانت تتعرض الإذاعة لضغوط في خريطة البرامج, أو أثناء التنفيذ قبل الثورة؟

ـ نعم.. فقد كان النظام السابق صورة كريهة لأسوأ نظم الحكم في العالم أجمع، حيث كان صورة فجة للعمالة التي يؤديها بعناد مستهجن, وكان صفوت الشريف المتحكم الأول في رسالة الاعلام المصري "صحافة, اذاعة, تليفزيون" وفي إحدى هذه الهجمات قام بخط يده بشطب 14 برنامجا من خريطة إذاعة القرآن في صيف عام 1996، بحجة أنها تدخل في الشئون السياسية والاقتصادية للبلد، ولعله قد يهول أي قارئ أن يعلم أن إذاعة القرآن التي تقوم بهذه الرسالة على مدى ما يقارب الخمسين عاما حتى الآن إنما هي عبارة عن غرفتين من الخشب، فى إحدى مساقط النور داخل مبنى الإذاعة بماسبيرو، في الوقت الذي تضخم فيه الهيكل الإداري لوزارة الإعلام، حتى صار دولة داخل الدولة، ومن هنا فإن التدخل بشأن رسالة إذاعة القرآن الكريم يراد به التحجيم، وبعضه يراد به الخنق حتى الموت، ولم تختلف سياسة الدولة أبداً عن هذا التوجه، رغم اختلاف وزراء الإعلام على مدى الثلاثين عاما الأخيرة.

·       هل كانت السلطة تمارس أي ضغوط على العاملين بالإذاعة؟

ـ من المعروف أن إعلام السادات ومبارك كان إعلاماً فاقداً للأهلية والمصداقية معاً، وبالتالي فإنهم كثيراً ما كانوا يلجأون إلى إذاعة القرآن الكريم لتمرير بعض الرسائل، ولكن كما قلت فإننا كنا نتعامل مع هذه الضغوط بحرفية عالية ووعي وفطنة، حتى لا نفقد نحن الآخرين أهليتنا وصدقيتنا معهم، وذلك في حدود الوعي السياسي والشرعي، ولكن بحمد الله لم نتورط معهم في موقف واحد نلوم أنفسنا عليه، ولكن أسوأ الضغوط كانت فيما يخص تقدير الميزانيات لأداء الرسالة، حيث لا تعدو أن تكون ميزانية إذاعة القرآن الكريم في العام كله أقل من تكلفة حلقتين لمسلسل تليفزيون تافه.

نعم كانت الثورة المصرية فتحاً من الله عز وجل في كل المجالات، خاصة في الإعلام الذي يعتبره المستبدون والطغاة هو لسانهم الناطق بأفكهم وضلالهم، لتظل شعوبهم مقهورة، وبفضل الله فإن الثورة المصرية قد خرج بها العملاق من القمقم في الشارع السياسي والإعلام والاقتصاد والجامعة وكل مظاهر الحياة المصرية, الأمر الذي استدعى أن تتواصل إذاعة القرآن مع الجماهير مباشرةً دون حارس بوابة، ونحن الآن نقدم فترتين مفتوحتين يومياً، على مدى ساعتين صباحا ومساءً، للتواصل الحي مع الجماهير في شتى شئون الحياة، سياسياً واقتصادياً وتعليمياً ودينياً .. إلخ، كما نتحدث بكل وضوح في فقه الإمرة والأمير، والسياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية، وكذلك نقوم ببث عربي مشترك مع إذاعات إسلامية أخرى، في السعودية وتونس والأردن، في قضايا جامعة للمستقبل العربي الجديد، وهذا البث نقدمه على الهواء مباشرة.

·       هل تشعر أن الإذاعة الآن أصبحت تتجاوب مع الأهداف التي قامت من أجلها؟

ـ نعم.. هذا يتم الآن إلى حد كبير، خاصة في شمول وعالمية الدعوة الإسلامية، والمستقبل بمشيئة الله يحمل تطوراً أكثر ريادة وقيادة، تنفيذاً لأهداف ثورة 25 يناير، ورغبات وطموح ومطالب الشعب المسلم الغيور, كما أننا نقدم بعض مسلسلات الدارما الحقيقية، في تطور جديد لشكل ومضمون الخدمة البرامجية.

·       هل هناك تغير حدث في برامج الإذاعة بعد الثورة؟

ـ لم يحدث أي تغيير إداري أو مالي بشأن إذاعة القرآن الكريم بصفة خاصة، ولكن حدثت بعض التغييرات لاتحاد الإذاعة والتليفزيون ككل، في ظل مطالب بعض الفئات بإعادة النظر في الخلل الانفاقي، الذي كان سائداً من قبل، فالمسألة لا تعدو أن تكون إعادة توزيع، ولكنها خطوة جيدة على كل حال في سبيل الإصلاح، ولكن الإصلاح المنشود يجب أن يكون إصلاحا جذريا في الهياكل والسياسات والمحتوى والأهداف، بما يحقق أهداف الثورة، ويلبي طموحات المستقبل.

·       هل هناك خطة لتطوير البرامج الإذاعية في الفترة القادمة؟

ـ نعم هناك خطة للبث بلغات أجنبية, خاصة لغات الشعوب الإسلامية في أفريقيا وآسيا، كما أن هناك خطة لتطوير إذاعة القرآن إلكترونيا، لتحقيق التواصل التفاعلي مع الجماهير، وهناك أفق جديد بدأت إذاعة القرآن تتحرك فيه منذ فترة، والقادم سوف يحمل بإذن الله كل الخير لمصر وأمتنا العربية والإسلامية، والله الموفق والمستعان.

د. محمود خليل في سطور

·       تخرج في كلية الإعلام جامعة القاهرة عام 1982.

·       حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه فى تخصص الإعلام بتقدير ممتاز.

·       حصل على ليسانس أصول الدين قسم التفسير وعلوم القرآن من جامعة الأزهر الشريف.

·       يعمل الآن مديرا عاما لإذاعة القرآن الكريم بمصر، ومقررا للجنة الفنون والآداب بأمانة التقيف السياسي بحزب الحرية والعدالة.

·       صدر له 7 دواوين شعر.