مع شاهر أحمد نصر

أسئلة سقطت من "مدونة وطن"

شاهر أحمد نصر

السادة الكرام في هيئة تحرير "مدونة وطن"

أشكركم على جهودكم القيمة، ومشروعكم الوطني القيم والنبيل... وأود التنويه إلى أنّه سقط من النص المنشور بتاريخ 14/3/2012 تحت عنوان (الأدب هارمونيا الحياة) أجوبة على السؤالين التاليين:

((* تكتب الأدب وفي المضمون رسالة تكتبها بالحبر السري، فلمن هي موجهة وما هو مفادها؟

ـ قد تكون الحياة هي من صقل هذه الميزة في تفكيري، ومواقفي... عشت وتربيت في أسرة فقيرة تحبّ العلم، تنبذ الظلم، والاستغلال، عمل والدي الفلاح البسيط في بيروت عاملاً عادياً، وكان هاجسه أن يتعلم أبناؤه، وأذكر أنّه كان يصطحب معه الكتب من بيروت لنقرأها... وكانت أمي تسهر معنا، ونحن نقرأ، وكأنّها تشعر بالسعادة الغامرة عندما ترى أبناءها يلتهمون الكتب على ضوء السراج، ومن ثم على ضوء النواسة (الفانوس) نمرة 2... كنت نحيلاً، ولعل محبّتي للكتاب هي التي ساعدتني على البقاء حياً... عمل في مدرستنا مدرسٌ ضليعٌ باللغة العربية، كان له الفضل في نشر الفكر التنويري في منطقتنا، فتعرفت إلى "المادية الديالكتيكية"، وبدأت بقراءة "رأس المال" لماركس، وتتالت القراءات الجادة، ومن يتعرف إلى الماركسية صغيراً تطغى عليه طوال حياته... اجتمعت كل هذه العوامل لأجد نفسي منذ نعومة أظفاري في صفوف الحزب الشيوعي، ودفعت ثمناً لذلك... لكنني ومع نمو الوصولية والانتهازية والفساد، شعرت أنني وصلت إلى طريق مسدود، ففضلت أن أخدم مجتمعي مستقلاً، على التلوث بأمراض الوصولية والانتهازية التي شملت الأحزاب الرسمية... عزّز مجمل هذا الخط المنهج النقدي المعارض لدي؛ وأصبحت وكثيرين ممن يقفون معارضين للفساد، وللبنية السائدة نُصنّف كأعداء، مع كل ما يحمل هذا التصنيف من مخاطر، وحرمان من أبسط الحقوق، كأن تحرم في القرن الواحد والعشرين من الاشتراك بخط هاتفي، على سبيل المثال... وزاد موقفي هذا من اهتمامي في البحث عن أسباب وصولنا إلى طريق مسدود، وتمخضت أبحاثي عن كتاب "الدولة والمجتمع المدني" الذي قدّم له مشكوراً الدكتور "طيب التيزيني"، الذي ورأيت فيه أننا في أمس الحاجة للإصلاح، والتغيير، وبناء الدولة المدنية الديمقراطية، بدلاً من حالة الطوارئ التي تسود لعقود وعقود، لتحمي الفساد، وتنشر الخوف الذي يتناقل من جيل إلى جيل، لدرجة أنني بتّ أخشى من أن يستوطن الخوف في جينات العربي... 

من يشعر باستمرار أنّه ملاحق، ومطلوب، ويُعامل كعدو، ولا يستطيع الصمت، وإن باح بالحقيقة بأسلوب مباشر يعرّض نفسه لما يفوق طاقته، يجد في "الحبر السري" الذي تتحدثون عنه، وسيلة للتعبير عن رأيه... وبقي ذلك القلم، و"الحبر السري، ـ وكما جاء في رسالة وجهتها إلى البعثيين في مؤتمرهم العاشر، ونشرت في موقعي الفرعي في "الحوار المتمدن" العدد: 1169 - 2005 / 4 / 16 ـ "يحيي الأصوات التي تقول: لقد تعرضنا للسجن، وللضرب، والاعتداءات، وطردنا من العمل، ورمي بنا في الشوارع، وفصلنا من المدارس، وتعرضنا وأسرنا وأبنائنا، الذين دفعوا ثمن عدم خضوعهم للضغط للانتماء إلى أحزاب الحكومة، للتمييز والقهر.. وعلى الرغم من كل ذلك نتجاوز والكثيرين الجراح، ونتقدم برؤيتنا (علانية، و"بالحبر السري" لأبناء وطننا في مختلف مواقعهم) للخروج والوطن من ذلك الوضع العصيب، علّ هذه الآراء والرؤية تجد من يسمعها؛ إلاّ أنّ الردود كانت أقرب إلى الغطرسة، و"سبق السيف العزل".

* هل اقتصر إنتاجكم في المجال الفكري على كتاب الدولة والمجتمع المدني؟

ـ وجدت من واجبي نشر كتاب عن ثورة أكتوبر عرفاناً بالجميل لهذه الثورة، وللشعب الروسي البطل الذي فجرها، فنشرت كتاب "من خفايا ثورة أكتوبر"، واستتبعت ذلك بنشر كتاب "بحوث في الاقتصاد السياسي" الذي أفردت فيه باباً خاصاً لـ"رأس المال" والاقتصاد السياسي الماركسي... ولم يسلم هذا الكتاب من مقص الرقيب... كما أنّ الرقابة في وزارة الإعلام، و"القيادة القطرية لحزب البعث"، بدمشق منعت كتابي "السلطة العلمانية والمعارضة"، والذي تقدمت بمخطوطه إلى وزارة الإعلام في بداية آذار 2010، فلم تتم الموافقة على النشر، ولم يعيدوا المخطوط إليّ، على الرغم من طلبي من اتحاد الكتاب العرب التوسط لإعادة المخطوط، دون جدوى، بدعوى أنّه في "القيادة القطرية".))

كنت أتمنى لو اتسعت رحابة صدر "مودنة وطن" لنشر هذه الأفكار التي قد تبدو شخصية، إنما أعتقد أنّ لها بعداً عاماً، وتعبر عن بعض جذور الأزمة التي وصلت البلاد إليها، والتي لا يمكن تجاوزها من غير معالجة أسبابها البنيوية.

مع التمنيات الصادقة بدوام النجاح