مع فضيلة المراقب العام محمد رياض الشقفة

رياض الشقفة:

لم نسمع من تركيا إلا تصريحات..

ونريد أفعالا أقلها الاعتراف بالمجلس الوطني

وطرد السفير السوري

فضيلة المراقب العام

محمد رياض الشقفة

الشرق الأوسط

تجهد حركة «الإخوان المسلمين» في إبعاد تهمة «التطرف» التي تقول إن النظام يلصقها بها ويستعملها كـ«فزاعة» لإخافة الآخرين وقطع الطريق على الإخوان. ويؤكد مراقبها العام رياض الشقفة أن الإخوان حركة «تنبذ العنف» وتطالب بدولة مدنية في سوريا وبأنها ستخضع لنتائج العملية الديمقراطية، معتبرا أنه «حتى الغرب بدأ يكتشف الآن أن التخويف من الإخوان كان فبركة». ورأى أن «الغرب يريد الآن أن يسمع الرأي في الإخوان من الإخوان أنفسهم بعد كان يسمع الرأي من الآخرين». لكنه نفى وجود حوار مع الولايات المتحدة حتى الآن، متحدثا عن حوار غير مباشر مع الاتحاد الأوروبي.

وأكد الشقفة في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» في مقر إقامته في اسطنبول: «إن حركة الإخوان لم تختلف عن الثمانينات»، معتبرا أن أحداث حماه «كانت استثناء»، قائلا: «ما جرى كان عدوانا من النظام علينا. لم نكن من افتعل العنف، كانت مرحلة استثنائية اعتدي فيها علينا وجرى ما جرى من أحداث». وشدد على عدم واقعية «المخاوف لدى الأقليات من وصول الإسلاميين إلى السلطة»، طالبا من البطريرك الماروني بشارة الراعي أن «يقرأ التاريخ حتى يعرف كيف أن المسلمين متسامحون مع بقية الطوائف».

وأكد الشقفة أنه لا وجود تنظيميا للإخوان في سوريا، قائلا: «لا وجود لنا على الأرض تنظيميا. نحن فقط داعمون. قد يكون أنصارنا مشاركين مع الناس، نحن جزء من هذا الحراك، لكننا لا نتواجد تنظيميا على الأرض. مؤكدا أن التحذير من وصول الإخوان إلى السلطة هو «من فبركات النظام وكل الأنظمة الديكتاتورية الذين يحاولون إرضاء الغرب بإخافته بالإسلاميين. مؤكدا أن الإخوان مع دولة مدنية يكون فيها أي مواطن جزءا من المجتمع مهما يكن دينه، وله حقوقه وعليه واجباته، وله حريته في ممارسة شعائره. كاشفا عن اتفاق داخل الإخوان، مفاده أنه حتى لو نالوا الأكثرية في المستقبل وحق لهم أن يحكموا وحدهم، فلن يفعلوا بل سيتشاركون مع الجميع حتى يشعر كل واحد أنه يشارك في الحكم. وفيما يأتي نص الحوار:

*1 كيف تنظرون إلى مجريات الأمور في سوريا؟

- أنا متفائل جدا بأن الانتفاضة السورية سوف تصل إلى أهدافها، وقناعتي هذه نابعة من إصرار الشعب السوري. الشباب لن يعودوا إلى بيوتهم إلا بعد تحقيق ما يصبون إليه. فالشعب مصر، رغم كل القتل والقمع على عدم التراجع لأن «الرجعة فجعة»، فالرجوع لن ينتج إلا زيادة في القتل والتنكيل والإرهاب الذي يمارسه هذا النظام. أملنا هو الاستمرار في المظاهرات السلمية، ونؤكد على كلمة السلمية.

2* ما هي خططكم لإسقاط النظام؟ نحو 7 أشهر مرت الآن ولم تحققوا ما تصبون إليه؟

- هناك بعض المؤشرات، كالانشقاقات التي تحصل في الجيش. في الجيش شرفاء كثر، وكلما زاد القمع زاد ظهورهم. وأنا أتوقع أن تزداد تلك الانشقاقات مع استمرار القمع. لسنا نحن من فجر هذه الثورة، فالشعب هو من فعل، وإصراره سيسقط النظام إن شاء الله.

3* أنتم، الإخوان المسلمين، كنتم العنوان الرئيسي الذي حمله النظام مسؤولية التحركات..

- لا وجود لنا على الأرض تنظيميا. نحن فقط داعمون. قد يكون أنصارنا مشاركين مع الناس نحن جزء من هذا الحراك، لكننا لا نتواجد تنظيميا على الأرض. وكل ما نقوم به هو الدعم السياسي والمعنوي والإعلامي، ونقوم بالدعاء، وأحيانا بعض الدعم اللوجستي. فالناس التي تنتفض على النظام بحاجة إلى من يشد أزرها. هناك آلاف الشهداء والمعتقلين والمهجرين، وعوائلهم بحاجة إلى الدعم لكي يعيشوا وترتفع معنوياتهم. لا يوجد أكثر من هذا. فلا تنظيم لدينا في الداخل لكي ننظم ونقود وما إلى هنالك.

4* المقربون من النظام يحذرون من وصولكم إلى السلطة، فهل هم محقون في ذلك؟

- هذا من فبركات النظام وكل الأنظمة الديكتاتورية الذين يحاولون إرضاء الغرب بإخافته بالإسلاميين. وهذه الفبركات انتهى دورها ولم تعد تنطلي على احد. نحن منذ عام 2004 أصدرنا برنامجا سياسيا حول كيفية الحكم في سوريا وأي بلد آخر. نحن مع دولة مدنية يكون فيها أي مواطن جزءا من المجتمع مهما يكن دينه، وله حقوقه وعليه واجباته، وله حريته في ممارسة شعائره. وحتى لو أخذنا الأكثرية في المستقبل وحق لنا أن نحكم لوحدنا، لن نفعل، بل سنتشارك مع الجميع حتى يشعر كل واحد أنه يشارك في الحكم، وهذا متفق عليه. حتى الغرب بدأ يكتشف الآن أن التخويف من الإخوان كان فبركة. الغرب يريد الآن أن يسمع الرأي في الإخوان من الإخوان أنفسهم. في البدء كان يسمع الرأي من الآخرين والآن يريد الغرب أن يسمع من الإخوان مباشرة.

5* تقول إن موضوع الحكم متفق عليه، مع من؟

- هذا متفق عليه من داخل الإخوان. نحن الفزاعة، وهذه الفزاعة رأيها أن لا تقصي أحدا، وأن تتعامل مع جميع المواطنين على نفس السوية. هذا رأي الإخوان الذين يخوفون الناس منهم وبهم.

* 6هل من اتصالات مع الولايات المتحدة أو دول الغرب الأخرى؟

- لا يوجد اتصالات مع الولايات المتحدة أو حوار حتى اليوم. هناك حوار يجري مع الغرب من ضمن جمعية سويسرية للحوار الإنساني. هذه الجمعية تعمل على الحوار بين الإخوان والغرب. وقد طلبت هذه الجمعية من كل فريق من الإخوان حول العالم إرسال مندوب. وقد فعلنا. وتجري هذه الجمعية حوارات حول فكر الغرب والإخوان. لكن لا يوجد اتصالات مباشرة مع الغرب.

7* ما الذي اختلف في الإخوان منذ أحداث الثمانينات وحتى اليوم؟

- حركة الإخوان لم تختلف، أحداث الثمانينات حالة استثنائية. الإخوان منذ إنشائها على يد الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله، هي حركة منفتحة على المجتمع. في العهود الديمقراطية شاركت في الانتخابات ودخلت في المجالس النيابية. موضوع الديمقراطية أصيل عندنا. أكثر من ذلك، في حماه اذكر أن قائمة الإخوان المسلمين كان فيها شخص مسيحي يدعى إيلي نصور كان ينزل في القائمة دائما. ما جرى في الثمانينات كان عدوانا من النظام علينا. لم نكن من افتعل العنف، كانت مرحلة استثنائية اعتدي فيها علينا وجرى ما جرى من أحداث. الآن نحن كما كان منشئ الحركة منفتحون على دولة مدنية، وملتزمون العملية الديمقراطية أي نقبل بنتائج الانتخابات، وننبذ العنف.

8* أتقول أن وثيقة عام 2004 ليست انعطافة في تاريخ الإخوان؟

- ليست انعطافة، بل تأكيد. قد لا تكون هناك دراسات جديدة حول هذا الموضوع، لكن مؤسس الحركة كانت لديه كتابات كثيرة في هذا الموضوع.

9* يقال إن الأقليات في سوريا ستكون في خطر في حال وصول الإسلاميين فيها إلى السلطة؟

- الطوائف الأخرى، هم شركاؤنا في الوطن. كما ذكرت سابقا عن النائب ايلي نصور الذي انتخب في حماه، علما أن حماه منذ الأساس هي مدينة متدينة حتى إنه كان يقال إن أعضاء حزب البعث فيها هم «إخوان مسلمين»، بمعنى أن التدين كان طاغيا فيها. لكني لم أكن أشعر أيام الديمقراطيات أن جاري كان مسيحيا. والدي كان شيخ الشافعية في حماه، وقد تعرفت على مطران حماه في منزلنا. كان يزورنا في عيدنا ونزوره في أعيادهم. من أوجد الشرخ هو هذا النظام، وأنا أظن أنه لو حكم الإسلاميون ستعود روح التسامح إلى المجتمع. ومنذ فترة قريبة عقدنا في القاهرة ندوة شارك فيها مسيحيون وعلويون، وأصدرنا بيانا مشتركا لهذه الغاية نؤكد فيه على التعايش بين الطوائف وأننا كلنا أبناء وطن واحد لا تفرقة بيننا.

* 10لكن هناك مخاوف وهذا ما عبر عنه المسيحيون، وتحديدا البطريرك الماروني بشارة الراعي وبطريرك الروم الأرثوذكس أغناطيوس الرابع هزيم!

– أنا أطلب من البطريرك الراعي أن يقرأ التاريخ حتى يعرف كيف أن المسلمين متسامحون مع بقية الطوائف. هذا النظام هو من كرس الطائفية.

11* ألا ترى أن مخاوف الطوائف الأخرى مبررة؟

- ليست مبررة. النظام يريد أن يخيف الآخرين لقطع الطريق على الإخوان.

12* لماذا برأيكم يتخذ المسيحيون هذا الموقف؟

- لا أعرف، هذا ما يجب أن يسألوا عنه. لو جرى بيننا حوار لقلنا لهم إنه ليس هناك ما يبرر هذه المخاوف. وأتمنى أن يجري بيننا حوار. فارس الخوري كان أهم رؤساء الوزراء في سوريا وقد كان رئيسا للحكومة 3 مرات. ولأنه كان كفوءا، فقد قدمه المسلمون عليهم في السلطة.

* 13ما هي دقة ما يشاع عن انقسامات وخلافات في داخل الإخوان؟

- لا يوجد انقسامات. الخلاف في الرأي طبيعي في كل الأحزاب والتنظيمات. لكن في نهاية المطاف المرجعية هي مجلس الشورى وما يقرره نسير عليه جميعا.

14* ما هي طبيعة العلاقة بين الإخوان في سوريا وبقية التنظيمات الإخوانية؟

- هي علاقة تكامل وتشاور وتنسيق وتبادل الأفكار، لكن لا يوجد بيننا روابط تنظيمية.

15* وماذا عن العلاقة مع تركيا التي يقال إنكم حصانها الأسود؟

- نحن لسنا حصانا لأحد. قرارنا مستقل، ونتعاون مع الجميع ومنفتحون عليهم. هناك حوارات بيننا وبين الأتراك، ينصحوننا ونضعهم في صورة أوضاعنا لا أكثر. لا أحد يستطيع أن يلزمنا برأي ومرجعنا الوحيد مجلس الشورى، وهم لم يحاولوا أن يفرضوا علينا شيئا.

* 16ما الذي تستطيع تركيا أن تقوم به بالنسبة للوضع السوري؟

- نحن نستمع إلى تصريحات رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان بأن النظام في سوريا فقد شرعيته وبأن الوضع في سوريا قضية داخلية. لكننا لم نر بعد شيئا على أرض الواقع. نتمنى على الأتراك القيام بنشاط دبلوماسي لتأمين الدعم للشعب السوري. ونتمنى أن تقوم تركيا بالعمل على عزل هذا النظام، فلا يجوز أن يبقى نظام يقتل شعبه ممثلا في المجتمع الدولي كأي نظام آخر. يجب على الدول أن تسحب سفراءها وتعزل هذا النظام حتى يتوقف عن عمليات القتل. بقاء الدول متفرجة وإطلاق تصريحات ليس لها أي ترجمة على أرض الواقع أمر لم يعد مقبولا.

* 17ما هو وضع المعارضة السورية الآن بعد إنشاء المجلس الوطني؟

- هذا المجلس كان مطلبا وطنيا داخليا، ومطلبا دوليا أيضا. الشعب السوري كان يلح على المعارضة للتوحد، والمطلوب من المجلس الوطني أن يتحرك لدعم الثورة في العالم بقوة. كانت الوفود السورية التي تذهب إلى دول العالم تواجه بنداء واحد هو «اتفقوا وتوحدوا» الآن وقد فعلنا هذا، سنرى مصداقية الدول التي كانت تطالب بوحدة المعارضة.

* 18ما هو المطلوب من هذه الدول؟

- أن تعترف أولا بالمجلس الوطني، فهذا من شأنه أن يرفع معنويات الشعب ويؤثر على معنويات النظام سلبا.

19* تريدون الاعتراف بالمجلس ممثلا شرعيا ووحيدا؟

- نعم، ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب السوري. فهذه الدول تقول إن النظام فقد شرعيته، فمن إذن يمثل الشعب فيه؟ لنضرب مثلا تركيا، كونها الجارة وأقرب الناس إلى سوريا. أردوغان قال أكثر من مرة إن النظام فقد شرعيته. نحن نقول للأتراك إننا فعلنا ما علينا بتوحيد المعارضة وننتظر منهم خطوات إيجابية أقلها الاعتراف.

* 20الاعتراف بما يعنيه من طرد السفراء؟

- نعم، فتح مكتب شرعي للمجلس وإقفال السفارة السورية. وكل ما من شأنه أن يثبت أن المجلس هو من يمثل وأن النظام فقد شرعيته، حتى يتوقف عن القتل.

21* لماذا غابت «هيئة التنسيق» عن المجلس الوطني؟

- لقد دعيت هيئة التنسيق إلى المجلس، لكنهم لم يحضروا. هم معارضة، ونحن نحترم رأيهم. الخلاف بيننا وبينهم هو أنهم يرون ضرورة إبقاء الحوار مفتوحا مع النظام. أما نحن في الإخوان وفي المجلس الوطني، فنرى أن هذا النظام لم يعد يصلح للحوار. إنه فاقد للشرعية، وحتى للأخلاق والمبادئ. هم ما زالت أيديهم ممدودة للحوار مع النظام رغم رفضه لهم. النظام يجري الحوار مع نفسه فقط.

22*هناك من اتهمكم في المجلس بأنكم تتلقون تمويلا أميركيا..

- تعودنا على هذه الاتهامات والفبركات من أبواق النظام، أما أن يستخدمها بعض المعارضين، فهذه قضية تلفت النظر. نحن لا نباع ولا نشترى وتمويلنا من ذواتنا، ومن رجال الأعمال المؤيدين. هذه اتهامات لا نقف عندها ولا نلقي إليها بالا. ونتمنى على المعارضين الذين يلقون بها إذا كانوا صادقين مع أنفسهم أن يتجنبوا اتهام الآخرين من دون دليل.

* 23رفعتم شعار «الحماية الدولية»، فكيف يمكن أن يترجم هذا المطلب على أرض الواقع، في حين أنكم تصرحون برفض التدخل العسكري الخارجي؟

- الأمر يحتاج إلى مختصين، ويجب أن يحال الموضوع إلى لجان قانونية مختصة لبحث كيفية تعامل المجتمع الدولي مع نظام يقتل شعبه.

24* لا يبدو أن هناك أملا كبيرا في مساعدة من الخارج، في ظل الموقف الروسي والصيني؟

- نحن ما زلنا في بداية الطريق. ننتظر من الدول الأخرى المصداقية بالاعتراف بهذا المجلس لأنه سيكون ضربة قاسية للنظام. سنشكل وفودا تجوب العالم كله تطرح قضية الشعب السوري وتطلب الاعتراف.

25* ما حجم التجاوب العربي معكم؟

- إلى الآن لا تجاوب. هناك بعض التصريحات التي نقدرها كتصريح الملك عبد الله والتصريحات القطرية. لكن إلى الآن لم يتلق الشعب السوري الدعم من أحد.

* 26تتحدثون عن سلمية الثورة، لكن هناك من في المعارضة من يطالب بالثورة المسلحة باعتبارها الدرب الوحيدة لإسقاط النظام؟

- نحن نصر على سلمية الثورة. السلمية أكثر جدوى، فتسليح الثورة من شأنه أن يؤدي إلى حرب أهلية ويسقط ضحايا كثرا، كما قد يؤدي إلى تدخل خارجي لا نريده. ونحن نظن أنه إذا كان العالم صادقا ومنسجما مع مبادئه ومارس ضغوطا حقيقية على النظام فسيؤدي إلى إسقاط النظام إن شاء الله.

27* وما هو دور «الجيش السوري الحر» إذا؟

- الجنود الذين انشقوا عن الجيش النظامي يدافعون عن أنفسهم بمواجهة هذا الجيش. دفاع المنشقين عن أنفسهم حق مشروع، لكن أن يشارك الشعب أمر غير مقبول. لقد سألتنا مجموعات من الشباب المتظاهرين عما إذا كان عليهم الالتحاق بالمنشقين، فأجبناهم بالنفي. ونحن نحذر الناس من الانسياق وراء العمل العسكري.