مع حمزة كيونغ

أستاذ دراسات الشرق الأوسط بجامعة شوسيان الكورية:

«عالمية الإسلام» لا تعني انفراد حضارته بالعالم

حمزة كيونغ:

امتلاك العالم الإسلامي لفضائيات تخاطب الآخر بلغته ضرورة لمواجهة الإسلاموفوبيا

حمزة كيونغ

محمد خليل

طالب الدكتور حمزة كيونغ أستاذ دراسات الشرق الأوسط بجامعة شوسيان في كوريا الجنوبية المؤسسات الدينية الكبرى في العالم الإسلامي، وعلى رأسها الأزهر بامتلاك فضائيات تخاطب الآخر بلغته، لتصحيح كثير من المفاهيم الخاطئة عن الإسلام، التي تعمل على ترسيخ ظاهرة «الإسلاموفوبيا» خاصة في العالم الغربي.

وقال الدكتور كيونغ في مقابلة مع «الشرق الأوسط» على هامش مشاركته في المؤتمر الذي نظمته الرابطة العالمية لخريجي الأزهر مؤخرا بالقاهرة تحت شعار «الأزهر والغرب.. ضوابط الحوار وحدوده»: «إن المسلمين في كوريا بحاجة لدعم العالم الإسلامي خاصة وأنهم ينعمون بالحرية الدينية في إقامة شعائرهم». وتطرق الدكتور كيونغ في حديثه إلى أحوال المسلمين في كوريا والمشكلات التي يواجهونها وفى الحوار التالي نتعرف على المزيد من آرائه:

* كيف تقيم مستقبل الإسلام في كوريا الجنوبية؟

ـ مستقبل الإسلام في كوريا يبشر بكل خير، وليس من قبيل المبالغة إذا قلنا إن الدعوة الإسلامية في كوريا الجنوبية تتقدم وتزدهر حيث تتزايد أعداد المسلمين بصورة كبيرة سواء في العاصمة (سيول) أو في المناطق المحيطة بها، رغم أن تعداد مسلمي كوريا لم يتجاوز 20 ألفا من جملة 40 مليون كوري. وعندما كانت بعض الدول العربية والإسلامية تقدم لنا الدعم شهد الإسلام طفرة هائلة من حيث معتنقيه من أبناء كوريا إذ وصل عدد من يدخل في الإسلام سنويا قرابة ألف شخص، لكن أخذ هذا العدد في التناقص منذ الثمانينات حيث بلغ عدد معتنقي الإسلام سنويا نحو 250 شخصا، ويوجد لدينا عدة مشاريع تحتاج الدعم من العالم الإسلامي لتنفيذها، كمشروع إنشاء مدارس إسلامية تدرس لأبناء المسلمين في كوريا الدين الإسلامي وعلوم الإسلام، فضلا عن مشروع إنشاء مركز إسلامي ثقافي في قلب العاصمة سيول، ومشروع إنشاء وإعداد أئمة ودعاة كوريين يتولون نشر الدعوة الإسلامية الصحيحة لأبناء الشعب الكوري من المسلمين، ومشروع المنظمة الخيرية للعمال الأجانب، ومشروع تأسيس مكتبة إسلامية كبرى، ومشروع إنشاء إذاعة إسلامية باللغة الكورية على الإنترنت للدفاع عن الإسلام، وتشكيل لجنة خاصة لترجمة معاني القران الكريم إلى اللغة الكورية، وتحتاج هذه المشروعات التي اقترحها المركز الإسلامي بسيول لدعم كبير من المؤسسات الإسلامية الكبرى في العالم الإسلامي لكي يتم إنجازها.

* واجه المسلمون في أقطار العالم المختلفة مشكلات عديدة خلال السنوات الماضية.. فكيف كانت أوضاع المسلمين في كوريا؟

ـ المسلمون في كوريا شأنهم شأن الأقليات المسلمة الأخرى في العالم، يواجهون تحديات كثيرة، منها على سبيل المثال غياب الدور الحكومي في إقامة علاقات بيننا نحن المسلمين وبين البلدان العربية والإسلامية، رغم أننا لم نواجه مشكلات في الداخل مطلقا فيما يتعلق بالسماح لنا بإقامة شعائرنا الإسلامية كما نريد. كذلك من ضمن المشكلات الخطيرة التي تواجه المسلمين في كوريا مشكلة التعليم، فوضع التعليم الإسلامي في كوريا ليس مرضيا بالمرة، إذ لا يوجد تعليم ديني في المدارس الكورية الحكومية ومن هنا لا بد من التركيز على التعليم الإسلامي عن طريق المدارس الكورية ولا بد من مساعدة الدول العربية والإسلامية لإخوانهم في كوريا من أجل إنشاء ولو مدرسة إسلامية واحدة. كما يعاني المسلمون لدينا من مشكلة نقص الدعاة المؤهلين، خاصة في ظل وجود ديانات أخرى كالبوذية والكنفوشيوسية والمسيحية وهى الديانات الأكثر انتشارا في كوريا التي يرصد لها أتباعها ميزانيات ضخمة للترويج لها، في المقابل تواجهنا كمسلمين مشكلات مالية كبيرة للإنفاق على الدعوة وإنشاء مدارس ومساجد ومراكز البث وغير ذلك من الوسائل. لذلك أرى أن أكثر التحديات التي تواجهنا خطورة هي مشكلة الدعم المالي.

* هل هناك آثار أو مظاهر تدل على وجود ظاهرة الخوف من الإسلام (الإسلاموفوبيا) في كوريا؟

ـ لا يوجد في كوريا أية مظاهر تدل على وجود للإسلاموفوبيا، كما هو حادث في الغرب، لكن ربما يوجد تشويه لصورة الإسلام وحقائقه وهذا شيء طبيعي ونحن نعرفه ونتوقعه ونعالجه ونحتاج من المؤسسات الإسلامية الكبرى في العالم الإسلامي ـ وعلى رأسها الأزهر ـ أن يقدموا لنا يد العون للقيام بهذه المهمة فضلا عن تبصير المسلمين الكوريين أنفسهم بالإسلام الصحيح، لأن بعض الذين يعتنقون الإسلام للأسف لا يفرقون على سبيل المثال بين شرب الخمر وشرب القهوة أو الشاي.

* لكن هل لديكم تفسير لانتشار ظاهرة العداء للإسلام والمسلمين في الغرب (الإسلاموفوبيا)، وكيف يمكن التصدي لها؟

ـ ظاهرة الخوف من الإسلام التي تنتشر في الغرب بشدة في وقتنا الحالي لها أسبابها المتعددة ومنها الكتابات المسيئة للإسلام، وانتشار المفاهيم المغلوطة عن الإسلام التي تروج لها بعض وسائل الإعلام الغربية، وغير ذلك من الأحداث الإرهابية التي تقع في بلدان إسلامية أو غير إسلامية ويتورط فيها بعض المنتسبين للإسلام التي يعمل الإعلام الغربي على تضخيمها بغرض إلصاق التهم الشائنة بالمسلمين والإسلام.

* وما هو دورنا نحن المسلمين إزاء معالجة وتصحيح هذا الوضع؟

 ـ يجب أن يكون لدى المسلمين وسائل إعلام قوية تقرع الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان، وهذا الدور يجب أن تتولاه منظمة المؤتمر الإسلامي، بالتعاون مع المؤسسات الدينية الكبرى في العالم الإسلامي وعلى رأسها الأزهر، وذلك يكون بامتلاك قنوات فضائية تخاطب الآخر بلغته، وتفتح حوارا ثقافيا وحضاريا يؤكد احترام خصوصيات الآخرين. ويبين أن الإسلام دين عالمي ودين رحمة وتسامح لإزالة المخاوف الراسخة في الوجدان الغربي. وعلينا أن نؤكد للغرب أن «العالمية الإسلامية» لا تعني من وجهة النظر الإسلامية انفراد الحضارة الإسلامية بالعالم، وإلغاءها «لحضارة الآخر» بل إنها تعني التفاعل والتدافع والتسابق مع الآخر، مع تأكيد أن التعددية الحضارية والتنوع الثقافي واحترام حق الاختلاف بين الشعوب والأمم والقبائل، وفى الألوان والأجناس والأعراق والأديان والثقافات.. فالتعريف بالإسلام والدفاع عنه يجب أن يكون رسالة جميع المسلمين ومؤسساتهم، ولقد نجحت المؤسسات الإسلامية في هذا المجال إلى حد كبير نسبيا، لكن لا يزال المشوار طويلا ويحتاج إلى مزيد من الجهد والتنسيق، فالذي نراه اليوم على الصعيد العالمي مجرد موجة شرسة من سوء فهم الإسلام ما زالت منتشرة على المستوى الدولي، وذلك بسبب التفوق الإعلامي لخصوم الإسلام والمسلمين.