فتحي عثمان والتقارب الإيراني العربي

فتحي عثمان:

دعاوى التقارب الإيراني تسير باتجاه تشييع العرب

المشروع الإيراني لا يقل خطراً عن المشروع الصهيوني

فتحي عثمان: دعاوى التقارب الإيراني تسير باتجاه تشييع العرب

محمد حميدة - القاهرة

توارى بعيداً عن الانظار عامين متكاملين ظل خلالهما يعمل في صمت وتكتم شديدين، حتى اختار هذا التوقيت للافراج عنه، وليثير موجة جدل كبيرة على الساحتين المحلية والدولية بواحد من أجرأ الكتب على الاطلاق "شاهنامة .. إرث الشيعة المزيف " .. اعتبره النقاد الكتاب الأكثر أهمية على الإطلاق من حيث الموضوع و طبيعة المعلومات الواردة فيه و الأسرار التي يكشف بعضها للمرة الأولى وأيضا توقيته الذي يتزامن مع موجة التمدد الشيعي التي تشهدها دول الشرق الاوسط والاطماع الإيرانية وتوقيته ايضا المتزامن مع حالة التوتر التي تصاعدت بين إيران ومصر بسبب فيلم "إعدام فرعون " الإيراني، ذلك الفيلم الذي اتهمه المصريون بانه يشكك في وطنية الرئيس الراحل انور السادات.

فقد جرت العادة من المراقبين والمحللين والأخصائيين في حديثهم عن طموحات إيران النووية وخطر مشروعها النووي على المنطقة وعن طموحاتها في المنطقة العربية والإسلامية بشكلٍ عام ان نجدهم ينأون بأنفسهم ـ رغبة أو رهبة ـ عن ذكر الحقيقة يحومون ويطوفون حولها واحيانا يشيرون إليها من طرف بعيد وخفي .. يحتاج إلى أخصائي آخر يُفسر ويُحلل مراده وكلماته لكن الباحث الاسلامي "فتحي عثمان" تجاوز كل الخطوط الحمراء وكل الممنوعات المفروضة على إيران ومشروعها الخطر وطموحاتها في المنطقة العربية ولذا كان من الضروري اللقاء به وكان معه هذا الحوار :

ماذا تقصد بعنوان الكتاب " شاهنامة .. إرث الشيعة المزيف "؟

"الشهنامة" هي ملحمة شعرية وضعها الشاعر الفارسي "أبو القاسم الفردوسي بتكليف ملكي بقصد تحقير العرب وتمجيد الفرس وملوكهم ورفع مكانة اللغة والتراث الفارسي والحط من منزلة العرب والمسلمين الذين دمروا الإمبراطورية الفارسية وتقع في حوالي 60 ألف بيت شعري، جمعها في فترة تتراوح بين 30 و40 سنة على أن لا يرد فيها أي كلمة عربية. حيث صب جل غضبه على العرب واصفا إياهم بأبشع الأوصاف التي من اقلها " الحفاة الرعاة، أكلة الجراد، الغزاة " وغيرها من النعوت و الأوصاف الشائنة الأخرى. كما جاء فيها المثل الشهير الذي يردده الإيرانيون:

"سكع اسفهان آبا يخ ميخرد، عرب در بي يابان ملخ مي خوراد" وتعنى:

"الكلب الاصفهاني يشرب الماء البارد، و العربي يأكل الجراد في الصحراء"

وقد قامت الحوزة الدينية بالترويج لهذا العمل بطبعها على قرص ( سي دي ) مدته ساعتان يتضمن ترجمة باللغات الإنكليزية والفرنسية والعربية للشاهنامه مع نبذة تاريخية عن حياة الفردوسي وصور عن قبره وتقوم الحوزة بصرف الملايين على إنتاجه وتوزيعه بالمجان من قبل المراكز الثقافية والسفارات الإيرانية المنتشرة في أكثر من مئة وعشرين دولة.

نفهم ان الكتاب يطعن في الشعب الفارسي ؟

لا يطعن الكتاب في الشعب الفارسي، محل ثناء الرسول صلى الله عليه وسلم بل يفند افتراءات المتسلطين على مقدرات الشعب الفارسي وعلومه وتاريخه الفكري إلى اليوم ، الطغمة الحاكمة التي لا هم لها سوى أحلام الامبراطورية، مهما تبدلت الوجوه، وتعاقبت الأزمنة .. ويستعرض الكتاب تاريخ ونشأة فرق التشيع وغيرها من الفرق التي عصفت بالأمة الإسلامية في مهد نشأتها و تاريخ اعادة إقامة الإمبراطورية الفارسية في العصر الحديث عبر مراحلها الثلاث .. الدولة الصفوية ثم البهلوية ثم المرحلة الأهم والأخطر حاليا وهي الدولة التي تتجاوز حدود إيران لكل أرض العالمين الموعودة بمشارقها ومغاربها.

وما الرسالة التي تقصدها اذن من وراء الكتاب ؟

التحذير والتوعية من خطر داهم يستهدف الامة العربية لا يقل عن الخطر الأميركي او الصهيوني انه الخطر الشيعي والمشروع الإيراني الذي يستهدف تفتيت الامة الاسلامية، الخطر قائم ويجب تكاتف المجتمعات السنية بمؤسساتها والياتها للتصدي له.

ولكن الشيعة مذهب إسلامي مثل السنة والاولى بالمحاربة المشروع الصهيوني ونظيره الاميركي مثلا ؟

الشيعة منظومة دينية اقتصادية وعسكرية بالغة التعقيد والدقة والتنظيم لا تأتمر سوى لمرجعياتها الدينية الفارسية في مدينة "قم". ولا هم لهم إلا خيانة أوطانهم التي يتواجدون فيها وكراهية اخوانهم المسلمين من مخالفيهم ، والسعي إلى تقويض أمن مجتمعاتهم واستقرارها الاقتصادي بتصدير الأخماس من كل مال تطاله ايديهم خارج تلك الأوطان مباشرة إلى المرجعيات ، ونشر الفتن بشتى أنواعها، بل ويمتد نشاط تلك الجماعات إلى تخزين السلاح لحين الحاجة، وعندها لن يكون موجها إلا إلى المجتمعات نفسها التي هم مواطنوها، والتي أصبحوا فيها طابورا خامسا فارسيا ينتظر اللحظة الحاسمة لهدم كيان الأمة كلها، ولابد من الاشارة الى حقيقة مهمة هي ان المشروع الإيراني ليس بمعزل عن المشروع الصهيوني .

تقصد ان هناك تعاونا بين إيران وأميركا وإسرائيل لا يعكس الخطابات الاعلامية العدائية بينهما ؟

نعم هناك تعاون حثيث وعلاقات سريّة بين الدول الثلاث. والعلاقة بين إسرائيل وإيران ليست صدامية او متناقضة، و نتحدى من يدّعي عكس ذلك، والتعاون كبير وخطر جدا لا يقتصر على التعاون العسكري والتكنولوجي والصناعي ولا ينحصر على بداية الثورة الإيرانية حيث باعت اسرائيل اطنانا من الأسلحة والمعدات لإيران بل يمتد على طول الفترة منذ ذلك الوقت وحتى اليوم كما ان الأهداف الإيرانية تتقابل مع اهداف المشروع الصهيونية والاهداف واحدة تقريبا، ولا ادل في الوقت الحالي من تلاقي اهداف الصهاينة والصفويين في تدمير العراق. فقد طالبوا بانسحاب الولايات المتّحدة من العراق و في الوقت نفسه ساعدوها على احتلاله و احتلال أفغانستان!!. هذه التناقضات ان دلّت على شيء فهي تدل على انّ تصريحات العداء لأميركا و اسرائيل قائمة على مصالح و ليس مبادئ.

اذن كيف نفهم ونفسر هذا التجاذب والتذبذب في العلاقات الأميركية والإيرانية ؟ .. يقول بعض المحللين ان أميركا ومعها حلفاءها من دول الغرب يريدون ضرب إيران وممارسة مزيد من الضغط عليها، ولا يريدون .. لماذا؟!

يرجع ذلك الى أن إيران حليف وفيّ لأميركا ودول الغرب وعندما تكون الهجمة باتجاه العالم المسلم السني كما حصل في العراق وأفغانستان ستكون الى جوارهم لذا وليس من الحكمة التفريط فيها بسهولة كما أن إيران بتركيبتها الطائفية تعتبرعنصر توتر في المنطقة وهو ما يستدعي من دول المنطقة الضعيفة أن ترمي بنفسها وثرواتها وقرارها السياسي في حضن أميركا ودول الغرب .. ليحموها من البعبع الإيراني وفي ذلك مكسب ظاهر لأميركا .. لذا من صالحها أن تبقي على عنصر التوتر هذا وأن تُطيل من أمده ليستمر الابتزاز ويستمر وجود القواعد الأميركية العسكرية في المنطقة!

ان أميركا بحاجة الى بعبع ترخي له الحبل وقتما تشاء وتلجمه وقتما تشاء، كما أن إيران بحكم دوافعها الطائفية الدينية الخطرة تلعب دوراً مهماً في تقسيم المجتمع الواحد إلى مجتمعين بل ومجتمعات .. حتى المناسبات العامة التي تجمع الأمة؛ كالأعياد .. فإن إيران ـ بحكم نفوذها الجديد في المنطقة ـ تفرقها إلى مناسبات وأوقات عدة ومختلفة فنصف الأمة يعيّد في يوم والنصف الآخر يُعيِّد في يومٍ آخر وهذا التفرق في الكلمة .. وعلى جميع المستويات .. مطلب أميركي غربي يساعدها على التدخل في شؤون المنطقة.

كما أن ضرب إيران من قبل أميركا وحلفائها .. قد يدفع إيران إلى تحريض عملائها ودبابيرها الكامنة في المنطقة والتي تنتظر أمراً من ساسة وآيات قم وطهران .. وهذا ما يؤذي أميركا جداً .. ويفسد عليها مخططاتها كما ان إيران سوق نفطية كبيرة والاعتداء عليها يربك الاقتصاد العالمي.

وما هي سياسة إيران من وجهة نظرك وهل تعتقد انها ناجحة في تحقيق أهدافها ؟

سياسة النظام الإيراني تقوم على محورين الأول هو العمل المكثف على نشر مذهب التشيع في المنطقة والثاني: تطوير برنامجها النووي تنفيذاً لوصية إمامهم الخميني! و إيران تمارس دورين متناقضين: دور العميل لأميركا وحلفائها ؛عندما تكون ضحية هذه العمالة المسلمين السنة، كما حصل في أفغانستان والعراق ودور الند الذي يسعى إلى مصالحه وبسط نفوذ التشيع في المنطقة .. وإن أدى به هذا الطموح إلى نوع مواجهة مع من تعامل معهم من أجل ضرب العالم السني .. كما حصل في أفغانستان والعراق؛ أي أن حتى في الجانب الذي تظهر فيه كعميل فمن أجل تسخير واستخدام الطرف الأميركي الغربي في بسط نفوذها في المنطقة ونشر التشيع وثقافة ولاية الفقيه المطلقة.

وماذا تفسر التقارب الإيراني من الشعوب العربية ؟

ان إيران لا تريد من هذا التقارب العربي سوى شيء واحد وهو أن يُسمح لها بأن تنشط في المجتمعات العربية لنشر المذهب الشيعي .. أو على الأقل ألا يواجهوا أي معارضة لنشاطاتها التشييعية في المجتمعات العربية من قبل السلطات الحاكمة لعلمهم أن تشييع المنطقة هي الخطوة الأساس والأهم نحو بسط أي نفوذ سياسي أو اقتصادي أو عسكري لاحق! .

يقول البعض إنه ليس هناك ما يدعو الى الخوف من مشروع إيران فقد سبق ان اعلنت مرارا وتكرارا ان المنطقة العربية لن تكون هدفا لاسلحة وقنابل قم وطهران، كيف ترى ذلك ؟

هذا غير صحيح .. لابد ان نتخوف من مشروع إيران النووي فما صرح به ساسة وآيات طهران مؤخراً لبعض حكام وشعوب المنطقة من أنهم لن يكونوا هدفاً لا يكفي ..لماذا؟! لأن التقية يتدين بها الشيعة .. فمن لا تقيَّة له عندهم لا دين له وبالتالي كيف نستطيع أن نميز بين ما يقولونه كذباً وبين ما يقولونه صدقاً ؟ ان قلوبهم عامرة بالحقد والكراهية للإسلام وأهله وكيف بعد ذلك يريدوننا أن نصدقهم أو نطمئن أن مشروعهم النووي العسكري لن يستخدم ضد المسلمين ؟!