حوار مع الروائي المصري أيمن سليمان

clip_image002_f05e0.jpg

الروائي أيمن سليمان

clip_image004_ee181.jpg

أيمن سليمان عبد الملاك مبدع شاب من صعيد مصر الشقيقة، يدخل الساحة الأدبية بباكورته الروائية "ألم النبي" بخطوات ثابتة، تعلن عن ولادة روائي له صوته الخاص يبحث عن أفق أوسع للتعبير عن أفكاره بحرية مطلقة. حول تجربته في عالم الكتابة الروائية وتشابكها مع يومياته كان لنا معه هذا الحوار:

أولا من هو أيمن سليمان الإنسان؟

أيمن سليمان، من مواليد عام 1992، ولدت في مدينة أبوتيج بمحافظة أسيوط بجمهورية مصر العربية، كانت المرحلة الابتدائية في تعليمي في مدرسة الراهبات الفرنسيسكان، وهي مدرسة جيدة جداً من حيث التربية. وبعد الفصل الخامس الابتدائي دخلت ما يدعى بالمدارس الحكومية في المرحلتين الإعدادية والثانوية. وبعدهم التحقت بالمعهد الفني الصحي الذي وفر لي وظيفة حكومية بعد التخرج كأخصائي تحاليل طبية.

بمن تأثرت في بداياتك الأدبية محليا وعالميا؟

كنت في عائلة مسيحية، ولكن قراءتي هذه لم تكن شيء طبيعي، حيث أني في عمر السابعة عشر تقريباً كنت على دراية كبيرة بسفر المزامير وأيوب وبعض الأسفار الشعرية القديرة جداً لغوياً وبلاغياً، ومن هنا كانت البداية ثم بعد ذلك الموضوع اختلف عندما قرأت في الثانية والعشرين من عمري بعض الروايات من باب المتعة ولكن كانت هذه الروايات بالصدفة البحتة هي "عزازيل، ومنافي الرب، والفيل الأزرق، ولا سكاكين في مطابخ هذه المدينة" ولم أكن أعلم وقتها ما هي "البوكر" الأمر كان محض صدفة بحتة.

ما سر اختيارك لكتابة الرواية في بداية مشوارك دون غيرها من الأجناس الأدبية الأخرى؟

الحقيقة أن رضاعتي وفطامي الأدبي كان على الرواية وحكاية القصص، والأمر جاء لي ليس في البداية أبداً لأني في بداياتي كنت أكتب شعراً، بل وشعراً حلواً، ولكني كنت على الدوام أتخلص منه لأني لم أجد أي أحد مهتم بأي كلمة مما أكتبها فكنت أكتب الشعر كنوع من فض المشاعر ومن ثم أتخلص من المشاعر والشعر معاً في سلة المهملات، ثم بعدما بدأت قراءة الروايات فطنت لكوني أمتلك الملكة للكتابة ولكني في الحقيقة لم أكن اعلم أني أستطيع أو لدي موهبة لكتابة القصص وحتى الآن أنا مصدوم من كوني قاص وروائي.

لماذا اخترت "ألم النبي" عنوانا لروايتك الأولى الصادرة عن دار المصري للنشر والتوزيع في العام 2015، وما هو مدلول هذه التسمية عندك؟

في الحقيقة "ألم النبي" لم أستطع أن أجد اسم له مدلول أكثر من ذلك للرواية وخصوصاً أن الرواية ذهبت بي درباً نحو النبوة الإنسانية البعيدة تماماً عن نبوة الدين والعقائد، بمعنى أبسط وأوضح أن الكل إنسان ولكن ليس الكل له نفس الدين، الكل يتشابه في الصفات البشرية ولكن ليس الكل يتشابه في العقيدة ولذلك النبوة الإنسانية تختلف في نوعها عن النبوة الإلهية الرسولية، وهذا هو لب الرواية.

هل يمكن أن نقول أن "ألم النبي" رواية دينية كرواية "ألم ذلك الحسين عليه السلام" للمبدع العراقي كمال السيد؟

الشق الإنساني هو المقصد والشق الديني هو الوسيلة.

كم كانت ذاتك حاضرة فيها أثناء عملية الكتابة؟

سؤال رائع، لا أنكر أن مقصدي الأساسي من كتابة الروايات جزء منه أن أعبر عن ذاتي، وفي هذه الرواية كانت شخصية "رحيم" هي أقرب شخصية لم تتعبني لأني ببساطة قلت ما أفكر أنا فيه، أما الباقين فكان التقمص هو مشكلتي ولذلك وجدت صعوبة كبيرة جداً في الأمر نفسياً ولم أكن أعلم أن الموضوع بهذه الصعوبة.

كيف استقبل القراء والنقاد رواية "ألم النبي"؟

الانطباع العام جيد جداً من القراء، ولم يصلني رأي نقاد بصورة مباشرة ولكن في المجمل ما يهمني هو رأي القراء وليس رأي أحد آخر.

ماذا عن حالة الكتابة عند أيمن سليمان بشكل عام؟

سؤال صعب، لأن حالتي صعبة بالفعل في أيام ترتيب الحبكة وتوليف الخيال بالواقع بالقصة نفسها، أصير شبه مريض نفسي، والكوابيس لا تفارقني وغالباً ألعن الكتابة وألعن نفسي، الموضوع صعب وكئيب جداً ولا أحبه على المستوى الشخصي. بالطبع أحب أراء القراء والحوارات الصحفية وحفلات التوقيع ولكن عندما يأتي وقت كتابة رواية فعقلي يتقمص الرواية جداً وهذا غالباً يظهر في الكتابة لمن قرأوا لي.

كونك صعيدي، هل لهذا المكان أثر كبير على تحفيز مخيلتك للكتابة؟ وهل سنقرأ لك قريبا رواية عن الحياة في صعيد مصر؟ 

بالطبع نعم الحياة هنا في الصعيد تعتمد فيها تماماً على نفسك من الصغر ليس هنا حُلم وطموح المدينة، ليس هنا الدعم أبداً، ولذلك أنا كبرت على أن أحقق كل شيء بنفسي لا أعتمد على أحد، وربما ذلك صعب في البداية حيث تكره الوضع أن لا أحد يفهمك ولا يفهم طموحك سواء أهل أو مجتمع محيط، ولكنه أفضل على المدى الطويل حيث أني صرت ناقداً ومعلماً وداعماً ومحفزاً وقارئاً وكاتباً بذاتي. ولذلك حينما أرسلت ملف الرواية لم أتوقع أبداً أن الرواية ستقبل وفيما بعد عندما سافرت لأمضي العقد لم أكن أعرف شيء عن المجتمع الثقافي وأن هناك كتاب كثر، ولكن مدير النشر ومحرر الدار قالوا لي أني جيد بالنسبة لمن هم في عمري من أبناء المدينة. وربما يرجع ذلك لبنياني الشخصي الثقيل الناتج من صعوبة الصعيد ولذلك قبلوا المجازفة مع عمل أول لكاتب صغير في السن ومجرد شاب.

ما هي القضية الرئيسة للمبدع أيمن سليمان؟ وإلى ماذا تطمح كتاباتك مستقبلا؟

"اللي يخاف من العفريت يطلعله" هذا مثل مصري مشهور، دوماً في كتابتي أبحث عن الموت لا هو من يبحث عني وربما في ذاتي بهذه الطريقة أقول له ها أنا ذا، وبالتالي لن يخرج لي لأني لا أخافه.

ما هي نظرتك إلى الأجناس الأدبية الأخرى كالقصة والشعر والمسرح؟ وهل لك تجارب معينة لم تصدر ورقيا أو الكترونيا بعد؟

الشعر هو بداياتي وعشقي، وحتى الآن إلهامي عادة يكون من شعر الكاتب الفرنسي "شارل بودلير"، كلما شعرت أني نضبت وأشعر بفقدان الفكرة من عقلي أذهب لبودلير أفتح أي قصيدة بالصدفة وحتى الأن لم يخذلني أبداً في إلهامي. أما القصة القصيرة فهي أدب سهل جداً وممتع لأبعد حد، ولا أتفق لمن يهولون من تعب القصة القصيرة لأن لي تجربة جيدة جداً معها اسمها "الكلاب لا تموت" ستنشر في معرض القاهرة الدولي عام 2017 عن دار أكتب. ولأني كتبت الرواية والقصة القصيرة أقول وأنا مغمض العينين أن فن القصة القصيرة مثل تصميم الأزياء في متعته وعرضه، أما الرواية فهي مثل بناء برج خليفة في الإمارات من حيث الدقة والجمال والمجهود والتكلفة. بالنسبة لي، لا أمتلك أعمال في الدرج، الكل تعاقدت عليه مع دور نشر كبيرة، وهذا شيء عظيم جداً لمن هو في عمري ولا أخجل من أن أشهر امتناني بهذا.

كيف تنظر إلى حركة السرد في مصر اليوم؟

حركة السرد في مصر لها ثقل الآن في حيز مصر ولكن للأسف الظروف الاقتصادية، جعلت الناس تهمل القراءة الأدبية، الكل يهتم بالقراءة السياسية والاقتصادية وللأسف من مصادر واهية وليست مصادر موثوقة. ولكن من حيث الأدباء المصريين، فأرى أن هناك منافسة ضروس وليست فقط شرسة، وخصوصاً بين شباب وكبار الأدباء، حيث في الأدب السن يتنحى جانباً والإبداع يحكم.

ما هو جديدك؟

بإذن الله في يناير مع بدء فاعليات معرض القاهرة الدولي للكتاب 2017 سيتم نشر رواية لي باسم

 "إنها أنثى ولا تقتل" عن دار إبداع للنشر.

 وأيضاً مجموعة قصصية باسم

"الكلاب لا تموت" عن دار أكتب للنشر.

ما هي رسالتك لكل روائي شاب لا يزال في خطواته الأولى في عالم الإبداع؟

الحقيقة لا أعلم كيف أجاوب على هذا السؤال، لأني أشعر أني أنا هذا الروائي الشاب الذي يزال في خطواته الأولى. فكلما كتبت تطورت وكلما تطورت فهمت أن أمامي الكثير حتى أصل للجودة المطلقة، التطور الذي أجتاز به يجعلني أشعر أني أصغر وأن أمامي أكثر كي أتعلم، فكما تعلم في كثرة المعرفة الإنسان يفهم أنه أصغر من كل المعرفة أكثر وأكثر.

كلمة ختامية للقارئ؟

إن كنت تحب الجنون فأهلاً بك في كتاباتي، أوعدك ستجن أكثر وهذا جيد لك، أنا أعلم ذلك، وشكرا لك أستاذ عبد القادر كعبان على إتاحة هذه الفرصة الرائعة للتواصل مع القارئ الجزائري والعربي عموما.

وسوم: العدد 696