عاشق مصر يتحدث إلى أهلها

عبد العزيز الشرقاوي

رحالة كوردي يوصي أهل مصر بها خيراً

عبد العزيز الشرقاوي \النمسا

لا شعب يعشق وطنه في العالم مثل الشعب المصري في عشقه لوطنه...(بدل رفو)

بهذه الكلمة المؤثرة بدأ الشاعر والاديب والصحفي الرحال الكوردي حواره معي حول مصر وكيف رآها لأول مرة ثم بعد ذلك عشقها عشقاً كبيراً.

فبدل رفو جاب العالم من شرقه وغربه بحثاً عن قيم الانسانية الرابطة لكل البشر، فمن قرى الكورد في جمهورية اسيا الوسطى (كازاخستان)حتى قرى وجبال الثورة المكسيكية وكهوف(زاباتا)الشهيرة، ومن قرى الامازيغ في المغرب حتى القاهرة وجنوب سيناء في مصر مروراً بالهند وجزر الادرياتيك، ثم الى جزيرة (إلبا) والتي تعد المنفى الاول لنابليون بونابرت..وحتى زياراته ومشاهداته القيمة لكبريات متاحف العالم ـ باريس، استوكهولم، فينا، جراتس، فلورنسا، ريكا، متاحف الماتا، بون ومراكش والقاهرة ودمشق،ومشاهداته وانطباعاته عن شعوب دول العالم التي تتخطى العشرات وكان همه الاول في ترحاله ورحلاته هو الشعوب وكيفية التلاحم والترابط والتقاليد الانسانية العليا حتى انه يريد ان ينشأ سياحة جديدة يتمناها وهي(سياحة الشعوب).لقد زار مصر عدة مرات واصبح مفتونا بها لدرجة انه في احدى لقاءاته التليفزيونية لاحد القنوات الفضائية الكوردية وجهت له المذيعة سؤالاً عن افضل الشعوب المتعلقة ببلادها وعندها حب جارف لوطنها ففاجأ المذيعة والمشاهدين بإجابته البديهية بأن الشعب المصري هو اكثر شعوب العالم حباً لوطنها،لدرجة ان هذا الحب ينعكس على الزائر لمصر او السائح وخاصة عندما ينشد السلام الوطني المصري:بلادي بلادي بلادي لك حبي وفؤادي،للدرجة التي يقشعر بها جسد الزائر بل يفيض الدمع من مقلتيه اجلالاً لهذا الحب الاثير والملاحظ.

ولهذا كان اللقاء مع هذا المبدع والرحال منذ صباه والمقيم في النمسا منذ اكثر من 23 عاماً واصبح علامة ادبية بارزة في اقليم ستيريا بالنمسا ضرورة لأن مصر لا تنسى محبيها وعاشقيها.فضلاً انه باختلاطه بشعوب كثيرة ويعرف عدة لغات منها العربية والروسية والالمانية بالاضافة الى لغته الام(الكوردية) لذا فان لكل كلمة ينطقها مدلولها الخاص واهميتها لانها لم تاتي من قبل انسان عابر او رؤية سطحية عابرة بل تاتي من متعمق في علم الشعوب وهذا انعكاس لما يحويه هذا الرحال الذي لم اتكلم معه من خلال لغاته التي يجيدها او اشعاره ،او مجده الشخصي الذي تجلي في ترجمة سيرته الذاتيه واصدار كتاب عنه باللغة الالمانية من احدى شهيرات الادب النمساوي الحديث الاديبة(انجيبورك اورتنر)حتى انه فوجئ بأن رئيس دولة النمسا السيد (د.هاينز فيشر) يبعث برسالة تهنئة وتقدير على هذا العمل الجاد ،مما جعل نفاذ الطبعة الاولى من هذا الكتاب بعد عدة اسابيع .فرؤيته لمصر تختلف كثيراً عن اي شخص اخر وصرخته للشعب المصري صادرة من شخص يعشق مصر وتحتل مكانة كبيرة في قلبه ولا تستهويه الاحداث الجارية في مصر الان ويرى بان هذا البلد بخير واكبر بكثير مما يظن شعبها لانه والى الان بالرغم من الحب الكبير للمصريين لبلدهم فلن يقدروا لمصر قدرها ولم يوفوها حقها لذا يوصي بل يستصرخ شعبها خيراً ببلاده فهي من وجهة نظره الثاقبة هي الحضارة والثقافة قائلا: مصر التي تعلمنا منها كل الفنون والاداب والفنون المعمارية المختلفة التي ورثتها من تعدد الثقافات التي حلت بها ويرى بان رحلته الى القاهرة ضمن اكثر من 30 رحلة تعد من امتع الرحلات التي قام بها بالرغم من كل الاوجه السلبية التي يعاني منها الشرق عموماً،ويرى في نفسه انه كان ناقلاً بصدق صورة مصر عبر انسانها البسيط والذي يعيش في المقابر وكيف يمتزج الموت بالحياة من خلال مساكن الفقراء في هذه المقابر ولعلها كانت دهشته الكبرى بان هؤلاء الذي يحلون ضيوفاً ثقلاء على الاموات يعشقون وطنهم بشغف ملحوظ بالرغم من شظف العيش وعدم الاكتراث والاهتمام بهم.يقول بدل رفو:حينما زرت مصر ،زرت الانسان قبل كل شئ فزرت المسجد والكنيسة ورأيت انه لا توجد ما يسمى بالكلمة البغيضة(الفتنة الطائفية).فوجد بأن مصر هي للمصريين سواء كانوا مسلمون او اقباط وهذا سر عظمة مصر واردف قائلا:لقد وقفت طويلاً امام مسجد احمد بن طولون واتساعه الكبير وربما يذكرني بملوية سامراء في العراق..تناول الوجبات الشعبية في الاحياء الفقيرة من مصر المكتظة بالحياة ويرى ان منطقة مصر القديمة بذاتها من انسب المواقع العالمية التي تعبر عن تسامح وتقارب الديانات ويعتبر هذا المكان بانه مؤهل بأن يكون متحفاً مفتوحاً دينياً عالمياً ليس له مثيل فهو يجمع بين المسجد والكنيسة والكنيس ويجمع اطياف كثيرة من المصريين وعلى بعد خطوات من هذا المتحف المفتوح وعلى الضفة الاخرى كان هناك متحف اخر بحثت عنه طويلاً وتمنيت وانا في شبابي وصباي ان ازور هذا المقر وهو متحف سيدة الغناء العربي ام كلثوم كوكب الشرق ،التي المت العرب بصوتها وخلدت اسمها بمواقفها الوطنية وفنها الراقي البديع وتذكرت وقتها ايامي وايام المراهقة الفتية من رومانسية وشاعرية حالمة ويريد ان يوجه كلمته الاخيرة لشعب مصر العظيم اوصيكم ببلدكم خيراً والعمل ثم العمل من اجل مصر فهي ربان سفينة الانسانية كلها وليست للعرب فقط وهي فعلا ام الدنيا واختتم بدل رفو بأن رحلتي الى مصر دائماً تكون هي( رحلة العودة الى الروح).