سفينة المجتمع السوري القديمة ،غرقت .. فمن يصنع الجديدة ؟ وكيف ؟

جرت سنة الله ، في الأمم السابقة : أن ينجّي النبيّ ، ومَن آمن معه ، ويُهلك الكافرين !

أما المسلمون ، فينطبق عليهم ، حديث السفينة ( عن النعمان بن بشير، رضي الله عنهما ،عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قال: «مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا؛ كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ, فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا, وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا, فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِن الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ, فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا, فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا, وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا»  !  رواه البخاري       وسفينة المجتمع السوري ، غرقت ؛ بكثرة الأخطاء والخطايا، فهل ثمّة سفينة أخرى، لأهل الشام؟

 أجل ، لا بدّ منها ، باختيار الناس ، أو باضطرارهم ! لكنها لن تكون ، كالسفينة القديمة ، التي أغرقتها الفوضى، ومزّقتها معاول التدمير! إنها سفينة جديدة ، تُصنع الآن، وصُنّاعها الأقوياء، هم الغرباء ، الذين تحكّموا بالقديمة ، فمزّقوها !

فهل ينوون صناعة الجديدة ، مثل القديمة !؟ هيهات .. هذا محال ؛ لأسباب عدّة :

أوّلها : ركّاب السفينة القديمة ، توزّعوا ، بين : المقابر، والبحار، والمنافي ، والسجون .. وهذا، كلّه ، يجعل صناعة مثلها ، مستحيلة ، كاستحالة إعادتها إلى قيد الحياة !

وثانيها : أنّ صُنّاع السفينة الجديدة ، لن يصنعوها كالقديمة ، حتّى لو استطاعوا ؛ لأنهم دمّروا القديمة ، عن عمد وإصرار؛ لأسباب كثيرة ، وأهداف متعدّدة ! ومُدمّروها : ليسوا على شاكلة واحدة ، ولا يجمعهم هدف واحد ؛ فلكلّ منهم هدف ، غير هدف الآخر! مع إدراك ، أن مدمّري القديمة ، ليسوا غرباء ، جميعاً ؛ بل اشترك الكثيرون ، من أبناء البلاد ، في التدمير، كلّ على طريقته ، وحسب هدفه ! وإن كان الكثيرون منهم ، شاركوا في التدمير، دون أهداف واضحة، لديهم ؛ لأنهم أدوات ، لصنع أهدافِ غيرهم ، أو لأنهم غير مؤهلين ، لرسم أهداف لهم ، أو لأن هدفهم الوحيد ، هو التدمير.. ولاشيء ، وراء ذلك !

أمّا الغرباء ، الذين دمّروا السفينة القديمة، فمعروفون : بأسمائهم ، أو أسماء دوَلهم ، أوأسماء منظّماتهم ! وهم ، مايزالون يمارسون ، عملية التدمير، لسورية القديمة ، من وراء البحار، أو من أمامها ، أو من فوقها !

فما شأن البقيّة الباقية ، من ركّاب السفينة القديمة !؟

هنا بيت القصيد ، أو مربط الفرس !

ركّاب السفينة القديمة ، كانوا تجمّعا بشرياً ، هُلامياً ، فيه سلبيات البشر، جميعاً ، وكثير من إيجابياتهم !

وسفينة المجتمع - كأيّة سفينة - لابدّ لها ، من بحّارة ورُبّان !

فإذا جاء بحّارة ، كبحّارة السفينة القديمة ، لقيادة السفينة الجديدة ، وعلى رأسهم ربّان ، كربّان القديمة ، أو من طرازه ؛ فعلى السفينة الجديدة ، وركّابها ، السلام !

وإذا استلم دفة القيادة ، في السفينة الجديدة ، ربّان ، من طراز مختلف ، وبحّارة ، من نمط مميّز، من أبناء البلاد .. فريّما ، ولعلّ ، وعسى !

وهذا ماينبغي ، أن تفكّر فيه ، النخَب المخلصة ، الواعية .. الباقية ، من ركّاب السفينة القديمة، الباقين فيها !

فإذا فكّرت ، بنفسها ، لنفسها – أيْ : لمجتمعها وسفينتها - فعسى أن تنجز شيئاً ، تقي به نفسها، وأهلها ،وبلادها .. من مصير، كمصير السفينة القديمة ، وركّابها !

وإذا تَرَكت الآخرين ، يفكّرون عنها ، وهي تعلم ، أنهم يفكّرون ، بها ، ولها ؛ لتدميرها ، وتدمير بلادها .. فهي تتحمّل مايجري : لها ، ولأهلها ، وسفينتها ! كما تحمل وزر ذلك ، عند ربّها ، يوم تلقاه !

وسبحان القائل : بل الإنسانُ على نفسِه بَصيرةٌ ولوألقى مَعاذيرَه !

وسوم: العدد 785