السقوط ليس فلسفة ، لكنّ كل ساقط ، يُفلسفُ سقوطَه ، بطريقته !

قد ينطبق المثل السيّء ، أيّ مَثل سيّء ، على الحالة ، التي يُساق ، لتسويغها ! لكن ، عندما يصبح فلسفة عامّة، يصبح مشكلة حقيقية ، للناس ؛ لأن الأصل ، أن الناس يتنافسون ، في فعل الخير، ويتسابقون إلى المَكرمات، التي ترفع أصحابها- في نظر أنفسهم، ونظر الناس- ! والمؤمنون يتنافسون ، في البذل والتضحية ؛ طلباً لثواب الله ، وجنّته ، يوم القيامة !

وحين يصبح السقوط فلسفة ، تُربّى عليها الأجيال ، تسقط الأمّة ، أفراداً ومجتمعات ، وتنطبق عليها الأحاديث النبوية الشريفة :

مِثلُ ماوردَ ، في معنى الوهن ، الذي يصيب الأمّة ، في مرحلة ما ، أنّه : حُبّ الدنيا ، وكراهية الموت !

ومثلُ ماورد ، في الحديث الشريف : إذا هابت أمّتي ، أن تقول ، للظالم : ياظالم .. فقد تُودِّعَ منها !

فلسفة الهزيمة :

وقد ورد فيها أقوال كثيرة ، تسوّغ الهزيمة ، بل تزيّنها ، للناس ، قبل حدوثها ؛ بما يجعلها مبدأ ، في نظر الكثيرين ، الذين يتلمّسون المبادئ ، التي تسوّغ لهم ، ضعفهم ، أوجبنهم ؛ ممّا يجعل الشجاعة ، حالة شاذّة ، ويجعل الشجعان ، أناساً أغبياء ، أو متهوّرين ، يضحّون بأنفسهم ، عبثاً ، بلا جدوى :  

ألفُ كَلمة (جبان) ولا قول: (الله يرحمه ) !

وعلى غرار هذا : العَينُ ماتقابلُ مخرزاً !

ومثل هذا وذاك ، الأمثالُ الكثيرة ، التي تردّدها ألسنة الجبناء ، باستمرار ، وكأنها تقدّم حِكماً بليغة ، أو جواهر نفيسة :   

ألفُ أمّ تبكي ، ولا أمّي ـ الهزيمةُ : ثُلثا المَرجلة !

فلسفة الخنوع للظلم :

 يَدٌ ماتُصفّق وحدها ـ زهرةٌ ماتُشكّل ربيعاً ـ امشِ الحيطَ الحيطَ ، وقلْ ، ياربّ ، السُترة !

فلسفة البخل :

 خبّيءْ قرشَك الأبيض ، لليوم الأسود !

وهكذا ! ولو استعرض المرء ، أمثلة السقوط ، بأنواعها ، لوجدها كثيرة ، جدّاً ! أمّا أمثلة النُبل والسمُوّ ، والتضحية والبذل .. فلها نفوس غيرُ هذه النفوس ، وهمم غيرهذه الهمَم ، وقلوب مختلفة ، عن هذه القلوب !

وبهذا وذاك ، يتفاوت الناس .. لا بأشكالهم ، ولا بأنسابهم ، ولا بضخامة أجسادهم !

وصدقَ مَن قال :

وسوم: العدد 796